شرح الأصول الستة
للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
الحمد لله حمدًا يليقُ
بجلاله وعظيم سُلطانه، والشكرُ له على سابغ إنعامه وجميل إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له شهادةً تُوصِلُ إلى جنته ورضوانه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا
عبدُ الله ورسولُه جاهدَ في الله حق جهاده حتى أقام الدين على أركانه، صلّى الله وسلَّم
وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما
بعد،
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن هذه ستة أصول عظيمة مفيدة من كلام
الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله , قد أبان فيها مسائل اشتبهت على كثير من
الناس فخلطوا الحق بالباطل وزخرفوه, ولكن أهل العلم الراسخين بينوا ولا يزالون يبينون
الحق بدليله ليتبعه الناس.
الأصل الأول
إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له، وبيان ضده الذي هو الشرك بالله، وكون أكثر
القرآن في بيان هذا الأصل من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة، ثم لما صار على أكثر
الأمة ما صار أظهر لهم الشيطان الإخلاص في صورة تنقص الصالحين والتقصير في حقوقهم،
وأظهر لهم الشرك بالله في صورة محبة الصالحين وأتباعهم.
وبيان ذلك بأن يجب العبد أن يكون مخلصاً
لله تعالى في قصده , مخلصاً لله تعالى في محبته، مخلصاً لله تعالى في تعظيمه، مخلصاً
لله تعالى في ظاهره وباطنه لا يبتغي بعبادته إلا وجه الله تعالى والوصول إلى دار كرامته
, كما بين الله تعالى الإخلاص وأظهره بين ضده وهو الشرك فقال تعالى: {إن الله لا يغفر
أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [سورة النساء، الآية: 116] فالشرك – عباد الله-
على نوعين: النوع الأول: شرك أكبر مخرج عن الملة وهو: "كل شرك أطلقه الشارع وهو
مناف للتوحيد منافاة مطلقة, النوع الثاني: الشرك الأصغر وهو "جميع الاقوال والافعال
التي توصل الى الشرك كالحلف بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك.
الأصل الثاني
أمر الله بالاجتماع في الدين ونهى عن التفرق فيه، فيبين الله هذا بياناً شافياً
تفهمه العوام، ونهانا أن نكون كالذين تفرقوا واختلفوا قبلنا فهلكوا، وذكر أنه أمر المسلمين
بالاجتماع في الدين ونهاهم عن التفرق فيه، ويزيده وضوحاً ما وردت به السنة من العجب
العجاب في ذلك، ثم صار الأمر إلى أن الافتراق في أصول الدين وفروعه هو العلم والفقه
في الدين، وصار الاجتماع في الدين لا يقوله إلا زنديق أو مجنون.
قال تعالى في بيان وجوب الاجتماع : {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد
ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم} [سورة آل عمران، الآية: 105] فالواجب على المسلمين
جميعاً أن يكونوا أمة واحدة وأن لا يحصل بينهم
تفرق وتحزب وفرق وجماعات .
الأصل الثالث
أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لولاة
الأمر بامتثال ما أمروا به وترك ما نهوا عنه ولو كان من تأمر علينا عبداً حبشياً.
أما بيانه شرعاً قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي
الأمر منكم} وما ثبت في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:
"بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا
ويسرنا، وأثره علينا، وأن لا تنازع الأمر أهله، قال إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم
من الله فيه برهان) .
وصار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم والغيرة على دين الله وترك العمل
به ورأى كل فرد من أفراد الرعية نفسه أميراً أو بمنزلة الأمير المنابذ للأمير. فالواجب
علينا جميعاً -رعاة ورعية- أن نقوم بما أوجب الله علينا من التحاب والتعاون على البر
والتقوى، والاجتماع على المصالح..
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما
فيه من الآيات والذكر الحكيم ، واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله على سعة عطائه، والشكرُ له على جزيل آلائه، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته ووحدانيته وصفاته وأسمائه، وأشهد أن
سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسولُه رفعَ له ذِكرَه في أرضِه وسمائه، صلّى الله
وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه وأحِبَّائه، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم
تسليمًا كثيرًا إلى يوم لقائه. أما بعد:
فيا أيها الإخوة الأصل الرابع:
بيان العلم والعلماء، والفقه والفقهاء
المراد بالعلم هنا العلم الشرعي وهو: علم
ما أنزل الله على رسوله من البينات والهدى" والعلم الذي فيه المدح والثناء هو
علم الشرع (قل هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) ، إذا تبين ذلك فلابد من معرفة من هم العلماء حقا؟! العلماء هم الربانيون الذين يربون الناس على شريعة ربهم
حتى يتميز هؤلاء الربانيون عمن تشبه بهم وليس منهم، يتشبه بهم في المظهر والمنظر والمقال
والفعال، لكنه ليس منهم في النصيحة للخلق وإرادة الحق، فخيار ما عنده أن يلبس الحق
بالباطل ويصوغه بعبارات مزخرفة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، بل هو
البدع والضلالات الذي يظنه بعض الناس هو العلم والفقه وأن ما سواه لا يتفوه به إلا
زنديق أو مجنون. وكأنه يشير إلى أئمة أهل البدع المضلين وما أكثرهم الآن في القنوات
الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي الذين يلمزون أهل السنة بما هم بريئون منه ليصدوا
الناس عن الأخذ منهم
الأصل الخامس
بيان الله سبحانه لأوليائه وتفريقه بينهم وبين المتشبهين بهم من أعداء الله المنافقين
والفجار{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)
أولياء الله تعالى هم الذين آمنوا به واتقوه واستقاموا على دينه وهم من وصفهم الله تعالى بقوله:[ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
الذين آمنوا وكانوا يتقون ] فليس كل من يدعي الولاية يكون ولياً، وإلا لكان كل واحد
يدعيها، ولكن يوزن هذا المدعي للولاية بعمله، إن كان عمله الإيمان والتقوى فإنه ولي،
وإلا فليس بولي.
الأصل السادس
هذا الأصل السادس والأخير هو دعوة من الشيخ رحمه الله إلى تدبر كتاب الله عز وجل،
والإقبال على الانتفاع بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ينظر الإنسان في هذين
الأصلين العظيمين اللذين يضمن لمن أخذ بهما نجاة الدنيا والآخرة؛ فإن الإقبال على الكتاب
والسنة هو سبيل السلف الصالح، وهو طريقهم، فهذه الشبهة منعت كثيراً من الناس من الإقبال
على الكتاب السنة.
= فاللهم يا حي يا قيوم
يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد
الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد : اللهم أحينا على الإسلام والسُنة وأمتنا
على الإسلام والسُنة. اللهم اجعلنا من أنصار دينك ، وحُماةٍ لشريعتك ، ونسألك القيام
بحقك ، والغضب لحُرمتك ، ونعوذ بك من هيبة الناس أو الفقر إليهم - يا غني يا حميد ..
= اللهم ونسألك قلوبا سليمة
وألسن صادقة وأنفساً زكية ، ونسألك اللهم علما نافعا وعملا متقبلا وذرية طيبة وحياة
في عافية وتوبة قبل الموت وراحة بعد الموت يا أرحم الراحمين .
= اللهم ارحم المستضعفين
من المسلمين ، اللهم انج المستضعفين من المسلمين، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين
من المسلمين ، اللهم احقن دماء المسلمين، واحفظ عليهم دينهم وأمنهم وأعراضهم وأموالهم
يا رب العالمين، اللهم اكفنا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، اللهم ولّ على المسلمين
خيارهم واكفهم شرارهم يا رب العالمين، اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون
أهل دينك اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك, اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم
المجرمين يا قوي يا عزيز، اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك، وأيّدهم بتأييدك واجعلهم
من أنصار دينك يا ذا الجلال والإكرام، وارزقهم بطانة صالحة مصلحة، آمرة بالمعروف
ناهية عن المنكر، معظمة لشريعتك، اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا ونسائنا بسوء
اللهم فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين،
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات انك سميع
قريب مجيب الدعوات. اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله
رب العالمين .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ الوليد الشعبان تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129 |