ثلاث وصايا نبوية
الحمدُ لله جَزيلِ العطايَا، واسِعِ الجُود،
أحمدُه – سبحانه – وهو بكلِّ لِسانٍ محمُود، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا
شريكَ له شهادةً خالِصةً مُبرَّأةً مِن الشكِّ والجُحُود، وأشهدُ أن نبيَّنا
محمدًا عبدُ الله ورسولُه صاحِبُ المقامِ المحمُود، والحَوضِ المورُود، صلَّى الله
وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلِهِ وأصحابِه أشِدَّاءُ على الكفَّار رُحماءُ بينهم،
هم الرُّكَّعُ السُّجُود، والتابِعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّمَ تسليمًا
كثيرًا إلى اليوم المشهُود.
أما بعد فاتقوا
الله تعالى، واعلموا أن المسلم لا يزال يتقلب في نعم الله الدينية والدنيوية،
والتنافس الحق واللازم هو التنافس في الخيرات والقرب من رب الأرض والسموات، وإليكم
يا عباد الله هذه الهدية النبوية من سيد البشرية , افرحوا بها واعملوا بها تكونوا
من الفائزين بعون الله فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أَوْصَانِي خَلِيلِي
صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ،
وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ" مُتَّفَقٌ عليه.
وصية عظيمة
وكسب كريم , وصيته صلّى الله عليه وسلم وخطابه لواحد من أمته خطاب للأمة كلها، ما
لم يدل دليل على الخصوصية مع أن هذه الوصية أوصاها لاثنين من الصحابة غير أبي
هريرة وهما (أبو ذر وأبو الدرداء رضي الله عن الجميع)
فهذه الوصايا
الثلاث، من آكد نوافل الصلاة والصيام. ونحن حديثو عهد بموسم مبارك : شهر رمضان جعلني
الله وإياكم فيه من المقبولين الفائزين.
فتأملوها
يارعاكم الله: فأولها صيام ثلاثة أيام من كل شهر والأفضل فيها أن تكون الثلاثة
أيام هي أيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، كما ورد في بعض الأحاديث
أو صامها غيرها من الأيام في الشهر فحسن أيضا، حيث أنه ورد أن صيام ثلاثة أيام من
كل شهر: يعدل صيام السنة؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها. وصيام الثلاث من كل شهر يعدل
صيام الشهر كله.والشريعة مبناها على اليسر والسهولة. وجانب الفضل فيها غالب. وهذا العمل يسير على من يسره الله عليه، لا يشق على الإنسان ولا يمنعه القيام بشيء من مهماته، ومع ذلك ففيه هذا الفضل العظيم؛ لأن العمل كلما كان أطوع للرب وأنفع للعبد، كان أفضل مما ليس كذلك. وفي خصوص صيام
ثلاثة أيام من الشهر قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها: (أَلا أُخْبِرُكُمْ بِمَا
يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ صَوْمُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْر) رواه
النسائي وصححه الألباني, ووحَرَ الصدر أي غشه وحقده وغيظه، ولقد استعاذ النبي صلى
الله عليه وسلم من فتنة الصدر. رواه النسائي وهو صحيح فاجتهدوا في المحافظة عليها، وقد ثبت الحثّ على تخصيص ستة من شوال (من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر) كما في هذه الأيام، وصيام يوم عرفة (أحتسب على الله أن يكفر سنة ماضية وسنة باقية)، وصيام العاشر من المحرم (يكفر سنة ماضية)، وصيام الاثنين والخميس وهذا من فضل الله ورحمته بنا فله الحمد والمنة أولا وآخرا، ظاهرا وباطنا.
وثاني الوصايا
في الحديث: صلاة الضحى فإنه قد تكاثرت الأحاديث الصحيحة في فضلها، فمنها ما في
صحيح مسلم (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) -وهي ولد الناقة- فتبرك من شدة الحر
وهو أفضل وقتها -إذا اشتد الحر-، ويستحب المداومة عليها لهذا الحديث وغيره إلا لمن
له عادة من صلاة الليل، فإذا تركها أحياناً فلا بأس. وقد أخبر رسول الله صلّى الله
عليه وسلم "إنه يصبح على كل آدمي كل يوم ثلاثمائة وستون صدقة، فكل تسبيحة
صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن المنكر
صدقة. ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى" قال العلماء: أقل صلاة الضحى
ركعتان، وأكثرها ثمان، وركعتا الضحى وقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح أي من نحو ثلث
ساعة بعد طلوع الشمس إلى قبيل الزوال أي إلى ما قبل الزوال بنحو عشر دقائق كل هذا
وقت لركعتي الضحى.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني
وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ؛ أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم
ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة
الثانية
الحمد
لله على آلائِه، والشكرُ له على نعمائِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له جلَّ في عليائِه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه خيرتُه من خلقِه
وصفيُّه من أوليائِه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه وأصفِيائِه،
والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ ما تنزَّلَ أمرُه بين أرضِه وسمائِه، وسلَّم
تسليمًا كثيرًا مزيدًا إلى يوم لقائِه. أما بعد:
وأما ثالث الوصايا
النبوية قوله: (وأن أوتر قبل أن أنام) هذا لمن يخشى أن لا يقوم من آخر الليل الذي
يخشى ألا يقوم من آخر الليل نقول: أوتر قبل أن تنام احتط لنفسك، أما الذي يطمع أن
يقوم من آخر الليل فليجعل وتره من آخر الليل وهذا أفضل حيث يوافق نزول الرب جل
جلاله إلى سماء الدنيا نزولا يليق بجلاله وعظمته هكذا جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما الوتر: فإنه سنة
مؤكدة، حثّ عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وداوم عليه حضراً وسفراً.
وأقله: ركعة واحدة، وإن
شاءَ بثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع، أو إحدى عشر ركعة. وله أن يسردها بسلام واحد،
وله أن يسلم من كل ركعتين وهو أفضل.
ووقت الوتر من صلاة
العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر والأفضل آخر الليل لمن طمع أن يقوم آخره، وإلا
أوتَرَ أوله كما في هذا الحديث.
اللهم أعنا
على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
يا عليم ، اللهم فقهنا في دينك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا
نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا،
وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين
واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تشمت بنا أعداء و لا حاسدين
، اللهم إنا نسألك من كل خير خزائنه بيدك ، ونعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك .
اللهم
إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك
القصد في الفقر والغـنى، ونسألك نعيمًا لا ينفد ونسألك قرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضا
بعد القضاء ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق
إلى لقائك، في غير ضراء مضرة ولا فـتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعـلنا
هداة مهتدين يا أرحم الراحمين .
اللهم
اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلِّغنا به جنتك ،
ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا
ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر
همِّنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.
اللهم
إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم إنا
نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك. اللهم إنا نعوذ
بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، ربنا لا
تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، ربنا آتنا في
الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين .
.
وللمزيد من
الخطب السابقة للشيخ الوليد الشعبان تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129 |