بمناسبة اليوم العالمي للمخدرات والإيدز
الحمد لله محصي خلقه عددا , عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا , أحمده حمدا كثيرا طيبا وأشكره شكرا دائما أبدا,لا اله إلا الله له مقاليد الأرض والسماء وهو الحكيم الخبير ,لا اله إلا الله يفعل ما يشاء وهو على كل شيء قدير .وأشهد أن محمد اعبده ورسوله أرسله إلى جميع العبيد,صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحابته الأتقياء ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا إلى يوم المزيد .
أما بعد عباد الله اتقوا الله جل وعلا حق التقوى.
أيها المسلمون:
إن كل ذي صنعة أخبر وأعلم بما صنع من غيره فيها,فهو يعرف عوارها ويعرف ما يصلحها ,ألا ترى الناس يقولون أعطي القوس باريها؟ فلا يرجع بالشيء إلا لمن كان به خبيرا (ولا ينبئك مثل خبير).
أيها الإخوة إذا علم هذا فالله جل وعلا أعلم بما يصلح ويصلح لخلقه من غيره ,فشرع لهم الشرع القويم ,وأرسل إليهم الرسول الكريم ، فما ترك خيرا إلا ودلهم عليه وأمرهم به,ولا شرا إلا وبينه لهم وحذرهم منه (رسلا مبشرين ومنذرين لأن لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.-إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا) فشرع الله من أوامر ونواهي ووعد وعيد. من عرف حكمة التشريع بالامتثال للأمر, والاجتناب للنهي,علم أن الخير كل الخير في شرع الله ,فكان به سعيدا,ولم يكن له غيره أنيسا.ونجا من المرهوب وفاز بالمرغوب,
ألا يا عبادا لله:
وان مما حذرا لله منه وبين خطره وأضراره,وحذر منه رسوله صلى الله عليه وسلم ,وأوقع العقوبة الرادعة على من فعله : فعل الفواحش من اللواط والزنا.
فقد نهى الله جل وعلا عن ذلك في محكم التنزيل فقال سبحانه : (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {32})
وقال تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ {2} الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {3})
وقال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَا مًا {68} يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا {69} إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {70})
قال العلماء رحمهم الله : هذا عذاب في الدنيا من كانا عازبين لم يتزوجا,فان كانا متزوجين أو قد تزوجا في العمر مرة فإنهما يرجمان بالحجارة إلى أن يموتا ,كذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم فان لم يستوف القصاص منهما في الدنيا وماتا من غير توبة فإنهما يعذبان في تنور من نار.
ففي صحيح البخاري في حديث منام النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه سمرة بن جندب وفيه أنه صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل و ميكائيل قال: فانطلقنا فأتينا على مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع,فيه لغط وأصوات ,قال: فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة فإذا يأتهم لهب من أسفل منهم ,فإذا أتاهم ذلك اللهب ضو ضوا –أي صاحوا من شدة حره – قلت:من هؤلاء يا جبرائيل ؟ قال : هؤلاء الزناة والزواني يعني من الرجال والنساء فهذا عذابهم إلى يوم القيامة,
وأما اللواط فقد قص الله علينا قصة قوم لوط في مواضع من كتابه وبين ما أنزل بهم من العقوبة العاجلة. فقال تعالى: فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا
حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ{82} مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ
ثم حذر من يفعل مثل فعلهم أن يحل بهم ما حل بهم فقال تعالى:وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ {83}
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:أخوف ما أخاف عليكم عمل قوم لوط,ولعن من فعل فعلهم ثلاثا فقال: لعن الله من عمل عمل قوم لوط, لعن الله من عمل عمل قوم لوط, لعن الله من عمل عمل قوم لوط.
وأمر بانزال العقوبة منهم فقال صلى الله عليه وسلم :من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
وأجمع العلماء على قتله واختلفوا في كيفية ذلك. فمنهم من قال يرمي من أعلى شاهق في البلد,ومنهم من قال:يحرق بالنار, ومنهم من قال: يقتل بالسيف وهذا اختلاف لا يؤثر فالمهم أنه يقتل .
أيها الإخوة:
ما حرم الله هذه الفواحش إلا لما يعود على الفرد والمجتمع من المصالح الدينية والدنيوية,ولا أدل على ذلك من انتشار الأمراض الفتاكة في بلاد الإباحية والرزيلة من جراء فعلهم لهذه الفواحش وبعدهم عن تعاليم الإسلام السمحة.
فمن هذه الأمراض الذي أعيا الطب والأطباء عن وجود علاج له منذ ما يزيد على عشرين عاما من ظهوره (مرض الإيدز) فان الوصول لعلاج ناجح ضده لا يزال أملا بعيدا.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: ما ظهرت الفاحشة في قوم قط إلا ظهرت فيهم الأمراض التي لم تكن في أسلافهم من قبل .
أيها لإخوة:
إن هذا المرض المزمن لا يمكن الاحتياط منها الا بتخفيف منابع الرزيلة والحيلولة دون وقوعها فان أساس حصوله وانتشاره بعد العالم عن الأخذ بتعاليم الإسلام السمحة ولقد عم هذا المرض جميع أنحاء العالم دون استثناء فقد ذهب ضحيته ملايين البشر وما يزال يفتك في الناس وينتقل من شخص إلى آخر حتى قال بعض الأطباء لقد أصابت العدوي في مدة تزيد قليلا على عشر سنوات ما بين ثمانية عشر مليون من سكان العالم ويتسع نطاقه حاليا بمعدل يقارب 5000 حالة عدوى جديد في كل يوم.وتقدر منظمة الصحة العالمية أن عدد المصابين في عام ألفين ميلادي سوف يصل من ثلاثين إلى أربعين مليون حاله.
وأنه في خلال التسعينات سوف يفقد من عشرة إلى خمسة عشر مليون من الأطفال أمهاتهم بسبب الإيدز.
و كانت الإحصائيات في العام الماضي للمصابين بمرض الإيدز في دول الخليج حوالي عشرين ألف حاله.
ولا تستغربوا إن وجد هنا أو هناك أناس مصابين به بهذا الوباء.
أيها لإخوة:
إن هذا المقام لبس مقام التوسع في نقل الإحصائيات في التحذير من خطر هذا المرض العضال.
ولا يهمنا هذا بقدر ما يهمنا من معرفة أسباب انتشار هذا الوباء وأخذ الحيطة منه بكل الوسائل .
نعم أيها الإخوة:
أسباب انتشاره بممارسة الزنا واللواط مع المصابين فيه وتناول المخدرات ، ومن وسائل نقله استعمال ما يستعمله المصاب من أدوات وآلات ، ومنها أن الحشرات تنقله من شخص لآخر، وكذلك بزيارة المريض المصاب به وبرذاذ العطاس، والسعال وبالمخالطة بالأماكن المزدحمة كالمواصلات العامة ومحلات البيع والشراء ،وعن طريق نقل الدم من شخص مصاب به إلى شخص سليم، وغير ذلك من الوسائل.
فليتنبه الذين يذهبون إلى بلاد الإباحية لممارسة الرذيلة وتناول المخدرات ويخالطون الناس فقد يصابون وهم لا يشعرون ،و فينتقل الوباء إلى أسرهم والى مجتمعاتهم ويتسيبون في قتل الأبرياء . ولقد ذكر الأطباء أنه ينتقل عن طريق سماعة الهاتف حينما يستعملها شخص مصاب فيعقبه شخص سليم فيصاب بالعدوى.
أيها لإخوة :
انه من العجب في هؤلاء أن يخوفوا بنصوص الوعيد من الكتاب والسنة فلا ينز جروا ، ويخوفوا بغيرها فينتهوا فلا يتركوها تعبدا لله وإنما حفاظا على أنفسهم وخوفا عليها.
فيا عباد الله افعلوا الأوامر رجاء لثوابها، واتركوا الزواجر خوفا من عواقبها فتعبدوا الله بأفعالكم واحتسبوا الأجر من بارئكم لعلكم تفلحون .
اللهم أصلح أحوالنا وجنبنا الرذائل والفواحش
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {135} أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ {136} بارك الله لي ولكم................................ |