ثمرات الأخوة في الدين
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله, صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً 0
عباد الله: اعلموا أن الله جعلكم أخوة في الدين, حيث قال سبحانه: { إنما المؤمنون إخوة }.
وهذه الأخوة تدل على كمال ديننا وشموله, فالمؤمن أخو المؤمن, دون اعتبار للجنس, والبلد, والون, والزمان, والمكان, فإذا وجدت من ءامن بالله, ورسوله, فهو أخوك في الدين,
ولكن لهذه الأخوة لوازم وثمرات!
فمن لوازم الأخوة في الدين:
أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك, ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه والدعاء لهم"متفق عليه.
ومن لوازم الأخوة:
محبة المؤمنين قاطبة, وأخص الناس بالمحبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال تعالى:{ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{10}}الحشر.
ومن لوازم الأخوة:
أن تحفظ أخاك المؤمن في عرضه وماله وأهله ودينه ودنياه, قال تعالى: { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ }الحجرات. الآية:12.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع أخيه وكونوا عباد الله أخوانا"رواه مسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" رواه مسلم.
ومن لوازم الأخوة:
نصر المؤمن ظالماً أو مظلوماً قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أنصر أخاك ظالما أو مظلوماً قيل يا رسول الله أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً قال تحجره عن ظلمه" متفق عليه.
ومن لوازم الإخوة:
النصيحة لأخيك المؤمن لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الدين النصيحة" رواه مسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام مخبراً عن حال المؤمن : "وإذا استنصحك فانصح له"
وكان عليه الصلاة والسلام يبايع الصحابة على النصح لكل مسلم.
ومن لوازم الأخوة:
توثيق الروابط والصلات بين المؤمنين, قال النبي صلى الله عليه وسلم:" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشيك بين أصابعه" متفق عليه
ومن لوازم الأخوة:
التراحم والتعاطف والتألم لمصائب إخوانك المؤمنين, قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" متفق عليه
ومن لوازم الأخوة:
ألا يهجر المؤمن أخاه فوق ثلاث, قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" متفق عليه.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ {102} وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {103}}آل عمران.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, إنه كريم ملك بر رؤوف رحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه, والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وبعد:
فلِمَا للأخوة الدينية من آثار حسنة؛ جاءت الشريعة بكل ما يقوي هذه الرابطة, التي هي أقوى من روابط النسب, فجاءت بالسلام وبِرَدّه, وتشميت العاطس, وكف الأذى, وإماطته عن الطريق, وترك الهجر.
وجاءت بطلاقة الوجه, وبسطه لأخيك المسلم, وجاءت بعيادة المرضى, واتباع الجنائز, وإجابة الدعوة, وإعانة الصانع, والصناعة للأخرق, وحمل الرجل على دابته أو حمل متاعه, والتيسير على المعسر, وتفريج الكرب, والستر على المسلم, واحترام الجار, وإقراء الضيف, ونصر المظلوم, وردع الظالم, وتعليم الجاهل, وهداية الأعمى الطريق.
كل هذا وغيره من محاسن شريعتنا الغراء؛ لتكون الروابط والصلات قوية بين أهل الإسلام وإخوة الدين.
أيها المسلمون:
إن الروابط القومية, والشعارات الحزبية, لتتهافت أمام الإخوة الإسلامية, لأنها مبنية على أسس قوية أما ما سواها من الشعارات فهي سراب بقيعة يحسبها الظمآن ماءً, حتى إذا حاءها لم يجدها شيئاً.
عباد الله:
قوّوا صلاتكم الدينية, وتعاونوا على البر والتقوى, وكونوا عباد الله إخوانا, واحذروا ما يفسد عليكم هذه الأخوة أو ما يقوض بناءها.
اللهم صل على نبينا ورسولنا محمد, وعلى آله وأصحابه وأتباعه, اللهم أعز الإسلام والمسلمين, وأذل الشرك والمشركين, ودمر أعداءك أعداء الدين, اللهم ومن أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله في نفسه, واجعل كيده في نحره, اللهم انصر دينك, وأعل كلمتك, ربنا آتنا من لدنك رحمة, وهيئ لنا من أمرنا رشداً وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
|