أهمية
الولاء والبراء في الإسلام
الحمدُ
لله الملك الديان، الكريم المنان، أحمدُ ربي وأشكرُه على نعمِه التي لا يُحيطُ بها
سِواه إنس ولا جان، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، له المُلك وله
الحمدُ الرحيمُ الرحمن. وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه
المخصُوصُ بجوامِعِ الكلِم وكمال البيَان، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك
محمدٍ، وعلى آله وصحبِه والتابِعين لهم بإحسانٍ. أما بعد:
فاتَّقُوا اللهَ
تعالى يغفِر لكم، ويجمَع لكم الخيرَ في حياتِكم، وبعد مماتِكم..
واعلموا أن الولاء
والبراء ركن من أركان العقيدة ، وشرط من شروط الإيمان ، تغافل عنه كثير من الناس
وأهمله البعض فاختلطت الأمور وكثر المفرطون .
ومعنى الولاء: هو
حُب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم .
والبراء: هو بُغض من
خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرين والمشركين والمنافقين
والمبتدعين والفساق .
فكل مؤمن موحد ملتزم
للأوامر والنواهي الشرعية ، تجب محبته وموالاته ونصرته . وكل من كان خلاف ذلك وجب
التقرب إلى الله تعالى ببغضه ومعاداته وجهاده بالقلب واللسان بحسب القدرة والإمكان، قال تعالى: ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) .
أيها المؤمنون : إن
عقيدة الولاء والبراء يرددها المسلم يوميا مرات كثيرة، كلما ردد كلمة
الإخلاص:"لا إله إلا الله"؛ لأنها تعني البراء من كل ما يعبد من دون
الله. وهذه الكلمة مزقت كل رابطة، وأهدرت كل وشيجة، إلا وشيجة العقيدة.
اعلموا أن تكفير من كفره الله ورسوله صلى الله
عليه وسلم يجب أن تكون عقيدة راسخة في قلب كل مؤمن ومؤمنة فتكفير اليهود والنصارى
–مثلا - أمر مجمع عليه والآيات في القرآن
كثيرة جدا بل لا يجوز حتى الشك في كفرهم
أو تصحيح مذهبهم لأن هذا من نواقض الاسلام
عافانا الله واياكم.
فمن الآيات التي جاءت
بوجوب البراءة من الكفار عموما وعدم مودتهم قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ
بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الممتحنة: 1].
وهناك آيات خصت
اليهود والنصارى:
﴿ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
﴾ [المائدة: 51].
وأخرى خصت القرابة إذا كانوا على الكفر:
﴿ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ
اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ
فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾. وغيرها كثير وكثير .
الولاء والبراء أوثق
عرى الإيمان وهو من أعمال القلوب لكن تظهر مقتضياته على اللسان والجوارح ، قال -
عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : ( من أحب لله وأبغض لله ، وأعطى لله
ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ) [ أخرجه أبو داود ]
ومنزلة عقيدة الولاء
والبراء من الشرع عظيمة جدا , وبيانها :
أولاً : أنها جزء من
معنى شهادة أن لا إله إلا الله , فإن معناها البراء من كل ما يُعبد من دون
الله .
ثانيًا : أنها شرط في
الإيمان ، كما قال تعالى : ( ترى كثيرًا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم
أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما
أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرًا منهم فاسقون ) .
ثالثًا : أن هذه
العقيدة أوثق عرى الإيمان ، لما روى أحمد في مسنده عن البراء بن عازب - رضي الله
عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أوثق عرى الإيمان الحب في
الله والبغض في الله ) .
رابعًا : أنها سبب
لتذوق حلاوة الإيمان ولذة اليقين ، لما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان :
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ...الحديث [ متفق عليه ] .
خامسًا : أنها الصلة
التي يقوم على أساسها المجتمع المسلم ( إنما المؤمنون إخوة ) .
سادسًا : أنه بتحقيق
هذه العقيدة تنال ولاية الله ، لما روى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : ( من
أحب في الله وأبغض في الله ، ووالى في الله وعادى في الله ، فإنما تنال ولاية الله
بذلك ) .
سابعًا : أن عدم
تحقيق هذه العقيدة قد يدخل في الكفر ، قال تعالى : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم )
.
ثامنًا : أن كثرة
ورودها في الكتاب والسنة يدل على أهميتها .
وقال شيخ الإسلام ابن
تيمية : ( إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا لله ، ولا يبغض
إلا لله ، ولا يواد إلا لله ، ولا يُعادي إلا لله ، وأن يحب ما أحبه الله ، ويبغض
ما أبغضه الله ) .
بارك
الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ
الحكيم، ونفعَنا بهَديِ سيِّد المُرسَلين وقَولِه القَويم، أقولُ هذا القول،
وأستغفرُ الله لي ولكم وللمُسلمين، فاستغفِرُوه، إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة
الثانية
الحمد
لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله إله
الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله النبي الأمين، اللهم صل
وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه الأنبياء المرسلين وآله وصحبه أجمعين، أما بعد فيا
عباد الله :-
ومن صور موالاة
الكفار أمور شتى ، منها :
1- التشبه بهم في
اللباس والكلام .
2- الإقامة في بلادهم
– من غير حاجة - وعدم الانتقال منها إلى بلاد المسلمين لأجل الفرار بالدين
3- السفر إلى بلادهم
لغرض النزهة ومتعة النفس .
4- التسمي بأسمائهم .
5- مشاركتهم في
أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها .
6- مدحهم والإشادة
بما هم عليه من المدنية والحضارة ، والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون النظر إلى
عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد .
7- الاستغفار لهم
والترحم عليهم .
وهذه الموالاة منها
ماهو كفر وردة ومنها ما هو دون ذلك .
قال أبو الوفاء بن
عقيل : ( إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان ، فلا تنظر إلى زحامهم في
أبواب الجوامع ، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك ، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء
الشريعة ) اهـ . وما أكثره في هذا الزمان !!!
اللهم
صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك
حميدٌ مجيد، اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما بارَكتَ على إبراهيم وعلى
آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
اللهم
اغفِرَ لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا، وما أسرَرنا وما أعلنَّا، وما أنت أعلمُ به
منَّا، انت المُقدِّم وأنت المُؤخِّرُ، لا إله إلا أنت.
اللهم
إنا نسألُك الجنَّة وما قرَّبَ إليها مِن قولٍ أو عملٍ، ونعوذُ بك من النارِ وما
قرَّبَ إليها مِن قولٍ أو عملٍ برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم
طهِّر قلوبَنا مِن النِّفاق، وأعمالَنا مِن الرِّياء، وأعيُننَا مِن الخيانة يا ذا
الجلال والإكرام. اللهم أعِنَّا على ذِكرِك وشُكرِك وحُسن عبادتِك، اللهم أعِنَّا
على ذِكرِك وشُكرِك وحُسن عبادتِك يا رب العالمين. اللهم لا تكِلنا إلى أنفُسِنا
طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأنَنا كلَّه.
اللهم
وفِّق ولي أمرنا لما تُحبُّ وترضَى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك،
وأعِنه على كل خيرٍ يا رب العالمين، وسدِّد آراءَه، اللهم وفِّقه ووفِّق بِطانتَه
لما تُحبُّ وترضَى برحمتِك يا أرحم الراحمين، اللهم ارزُقه الصحةَ والعافِيةَ، إنك
على كل شيءٍ قدير. اللهم احفَظ بلادَنا، اللهم احفَظ بلادَنا وحُدودَنا مِن كل
شرٍّ ومكرُوهٍ يا رب العالمين، اللهم عليك يا ذا الجلال والإكرام بمَن كادَ
للإسلام والمُسلمين برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم
أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك أنزل علينا الغيث ولا
تجعلنا من القانطين. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثا مغيثا، سحا
طبقاً، عاجلاً غير آجل، تسقي به البلاد وتنفع به العباد، وتجعله زاداً للحاضر
والباد يا ذا الجلال والإكرام .اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين
وللمزيد من
الخطب السابقة للشيخ الوليد الشعبان تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129
|