التقرب إلى الله بالنوافل

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله, واعلموا أن خير الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي محمد, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.

عباد الله: التقرب إلى الله بالنوافل من أفضل الأعمال الموجبة لمحبته سبحانه وتعالى, وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يقول الله عز وجل: من تقرب إلي شبراً تقربت منه ذرعاً, ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً, ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ".

وهذا هو الشاهد من الحديث؛ حيث وجبت محبة الله لمن تقرب إليه بالنوافل, ومن النوافل التي يتقرب إلى الله بها, الإكثار من ذكره سبحانه وتعالى, وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قال: سبحان الله وبحمده مئة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".

وقال عليه الصلاة والسلام: " كلمتان خفيفتان على اللسان, ثقيلتان في الميزان, حبيبتان إلى الرحمن, سبحان الله وبحمده, سبحان الله العظيم ".

والأحاديث في فضل الذكر والاستغفار والدعاء والتضرع كثيرة.

كذلك يتقرب إلى الله عز وجل بنوافل الصلاة؛ كركعتي الضحى, وقيام الليل, والوتر, مع محافظته على رواتب الصلوات .

عباد الله: ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة الأوابين حين ترمض الفصال " .

وقال: " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " رواه مسلم.

وقال: " من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة بني له بهن بيتاً في الجنة " رواه مسلم.

وعن ربيعة بن مالك الأسلمي _ رضي الله عنه_ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سلْ. فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة, فقال: أو غير ذلك, فقلت هو ذاك, قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود" رواه مسلم.

وقال عليه الصلاة والسلام : " يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة, فكل تسبيحة صدقة, وكل تهليلة صدقة, وكل تحميدة صدقة, وكل تكبيرة صدقة, وأمر بالمعروف صدقة, ونهي عن المنكر صدقة, ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى " رواه مسلم .

الخطبة الثانية

ويتقرب إلى الله بنوافل الصدقة؛ لأن الصدقة برهان على الإيمان, والصدقة تطفئ غضب الرب, والصدقة جنة يستجن بها المرء, والصدقة تقي مصارع السوء, ويداوى المرض بالصدقة, والصدقة على القريب صلة وصدقة .

ومن النوافل التي يتقرب بها إلى الله عز وجل, صوم النافلة, كالاثنين والخميس, وأيام البيض, والأيام التي رتب الشارع الأجور على صومها.

وقد قال عليه الصلاة والسلام:" الصوم جنة", وفي رواية لمسلم:" الصيام جنة".

وقال: " من صام يوماً في سبيل الله بَعَّدَ الله النار عن وجهه سبعين خريفاً "

متفق عليه.

وقال لأبي هريرة : " وصم من الشهر ثلاثة أيام " متفق عليه .

ويتقرب إلى الله بنافلة الحج والعمرة والزيارة, قال عليه الصلاة والسلام: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة. مساجد: المسجد الحرام, ومسجدي هذا, والمسجد الأقصى " متفق عليه .

وقال : " صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه".

رواه ابن ماجه والإمام أحمد وغيره.

عباد الله: تقربوا إلى ربكم بفعل مراضيه, واجتناب مساخطه, واحذروا الغفلة فإنها داء قاتل.

أعوذ باله من الشيطان الرجيم : { أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ {59} وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ {60} وَأَنتُمْ سَامِدُونَ {61}}النجم.

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسنة سيد المرسلين, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.