حاجة العبيد إلى اسم الله الحميد
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله تعالى، واعلموا أن اسم الله عز وجل: (الحميد)، تكرر في القران الكريم سبعة عشر مرة، منها قول الله تعالى في سورة فاطر:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾، وقال تعالى في سورة لقمان: ﴿ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾
ومعنى اسم الله (الحميد) أي الذي له الحمد كله, المحمود في ذاته وصفاته وأفعاله وأقداره وأسمائه وصفاته, فالحمد أوسع الصفات وأعم المدائح وأعظم الثناء لأن جميع أسماء الله حمد وصفاته حمد وأفعاله حمد فله من الأسماء أحسنها ومن الصفات أكملها وأحسنها.
واعلموا عباد الله أن الحمد على نوعين :
حمدٌ على إحسانه إلى عباده وهو من الشكر , وحمدٌ لما يستحقه هو بنفسه من نعوت كماله نعوت كماله قال تعالى: ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
أما حمده سبحانه على إحسانه إلى عباده فلأن النعمة موجبةٌ لحمد المنعِم جل وعلا , والنعم كلها من الله فلله الحمد شكرا وتفضلا وفضلا من الله الكريم ، له الحمد في كرمه وإحسانه، وله الحمد على عطائه وبلائه ، وله الحمد على رزقه ، وله الحمد على اﻹسلام وله الحمد على العقل ، والحمد لله على المال وله الحمد على اﻷهل ، وله الحمد على الصحة والعافية ، وله الحمد على كل ما انعم علينا من نعم ، فنعم الله لا تعد ولا تحصى .
أما حمده سبحانه لِما له من الأسماء والصفات ولِما يستحقه من كمال النعوت فأمر متواتر فإنه سبحانه قد حمد نفسه في كتابه على ربوبيته للعالمين وحمد نفسه على تفرده بالألوهية (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ).
وقد بدأ الله تعالى القران الكريم بالحمد فقال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، والإنسان المؤمن يشكر الله في كل صلاة على ما انعم الله عليه من النعم وتفضل عليه من فضائل.
والحمد أيضا من ألزم لوازم المؤمن لذلك قال عليه الصلاة والسلام: (عجباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ إِنْ أَصَابَهُ مَا يُحِبُّ حَمِدَ اللَّهَ وَكَانَ لَهُ خَيْرٌ وَإِنْ أَصَابَهُ مَا يَكْرَهُ فَصَبَرَ كَانَ لَهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ أَمْرُهُ كُلُّهُ لَهُ خَيْرٌ إِلا الْمُؤْمِنُ)
أيها الناس هناك آثار مترتبة عند فهم اسم الله الحميد :
= فمنها الإيمان بأن الله جل ثناؤه هو المستحق للحمد على الإطلاق لا إله غيره ولا رب لنا سواه كما قال سبحانه عن نفسه (الحمد لله رب العالمين).
=ومنها أنه تذكير للمؤمن بالكم الهائل من النعم من رب كله محمود , فهو حميد بأقواله وأفعاله وصفاته.
=ومنها تعظيم الله في القلب والتقرب بالحب والعمل من الله عز وجل .
=ومنها دوام شكر المؤمن لربه وان يكون شاكرا حامدا لله عز وجل على كل نعمه فإن أصابه خير قال الحمد لله وإن أصابه شر -كما يظن - فيقول الحمد لله على كل حال وكل أمر المؤمن خير.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ؛ أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، وأَشْهدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهَ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشهدُ أَنَّ مُحمَّداً عَبدُ اللهِ ورَسولُهُ ، صَلَى اللهُ عَليْهِ وسلَّمَ تَسلِيمًا كَثِيرًا. أما بعد :
عباد الله: ومن الآثار المترتبة على معرفة اسم الله الحميد:
= أن من عرف ربه الحميد استغنى واكتفى بحمد ربه وثنائه عليه فلا تجده منتظرا لثناء الناس وشكرهم وحمدهم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وبعد عباد الله: فهذا اسم مبارك من أسماء الله وكل أسمائه مباركة تجعل العبد يهتم بعمل الصالحات حتى يحمده الله فإذا حمده الله فليس لمنتهاه حد.
كان أحد السلف أقرع الرأس، أبرص البدن، أعمى العينين، مشلول القدمين واليدين، وكان يقول: "الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً ممن خلق وفضلني تفضيلاً"، فَمَرّ بِهِ رجل فقال له: مِمَّ عافاك ؟ أعمى وأبرص وأقرع ومشلول. فَمِمَّ عافاك ؟ فقال: "ويحك يا رجل ! جَعَلَ لي لساناً ذاكراً ، وقلباً شاكراً، وبَدَناً على البلاء صابراً !".
= اللهم لك الحمد على الإسلام، ولك الحمد على الإيمان ، ولك الحمد على التوحيد والسنة والقرآن ، ولك الحمد على الأمن والأمان، ولك الحمد على تتابع الفضل والإحسان، فاللهم أوزعنا أن نشكر نعمتك التي أنعمت بها علينا، اللهم أوزعنا أن نشكر نعمك التي أنعمت بها علينا،اللهم أوزعنا أن نشكر نعمك التي أنعمت بها علينا، اللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، يا ذا الجلال والإكرام.
= اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا ، و إذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تشمت بنا أعداء و لا حاسدين ، اللهم إنا نسألك من كل خير خزائنه بيدك ، ونعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك .
= اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى وألّف بين قلوبهم ووحد صفوفهم وارزقهم العمل بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
= اللهم انتصر لعبادك المستضعفين في كل مكان، اللهم احقن دمائهم وصن أعراضهم وتولّ أمرهم وسدد رميهم وعجّل بنصرهم وفرّج كربهم وانصرهم على القوم الظالمين، اللهم عليك بأعداء الدين من الكفرة المجرمين والطغاة الملحدين الذين قتلوا العباد وسعوا في الأرض بالتخريب والتقتيل وأنواع الفساد اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك يا رب العالمين، اللهم شتت شملهم وفرق جمعهم واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم وأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز، اللهم أصلح أحوالنا ونياتنا وذرياتنا واختم بالصالحات أعمالنا وبلغنا فيما يرضيك آمالنا. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ الوليد الشعبان تجدها هنا :
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129 |