رسالة إلى رجال أمننا
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله في سركم وجهركم، وعظّموا أمره واحذروا نهيه .
عباد الله: فئة غالية على قلوبنا يسهرون حين ينام الناس ، ويتعبون حين يرتاح الناس، ويتعرضون للأخطار حين يأمن الناس، إنهم رجالُ أمننا البواسل وجنود بلادنا الأشاوس.
فيا رجال أمننا، هنيئًا لكم شرفُ خدمةِ دينكم وعقيدتكم وبلادكم ومقدّساتكم والذود عن حياضكم وأوطانكم ومقدّراتكم. وقلوبُنا معكم، والدعاء مبذولٌ لكم، والمجتمع بأسرِه مَدين لكم بالتقدير والعِرفان في حفظِ الأمن والأمان والسَّهَر على خدمة الآمنين. ومشاركة لهم في جهادهم ننوه بجهودهم في هذا المقام الكريم في هذه الساعة الكريمة المباركة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ لا يشكر الناس لا يشكر الله ".
سائلين الله أن يحميهم وأن يحفظهم وأن ينصرهم على عدوهم إنه سميع قريب.
إن هذه الكلمات رسالة إلى رجال أمننا حيثما كانوا، رسالة إلى مَنْ بذلوا أنفسهم للجهاد في سبيل الله وحراسة بلاد الإسلام، فهم والله المجاهدون حقاً: جهاد على التوحيد والسنة، جهاد على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا غدر فيه ولا ظلم ولا عدوان ولا افتيات على ولاة الأمر، إنه والله من أعظم العبادات وأجل القربات, فيه حفظاً للأنفس والأموال والأعراض وانتصاراً للمظلومين ورداً لكيد المفسدين (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)، قال مجاهد: (وَمَنْ أَحْيَاهَا): أي أنجاها من غرق أو من حرق أو هلكة . وقال سعيد بن جبير : من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعا. ومن حرّم دم مسلم فكأنما حرّم دماء الناس جميعا .
وهي رسالة كذلك إلى كلِّ مَنْ يُقيم على ثرى بلاد الحرمين لأننا جميعاً جنود لنصرة الدين، وكلنا رجال لحفظ أمن هذه البلاد فإن أمنها أمن للمسلمين كلهم، إذ كيف يقام الدين ويفد الحجيج إلى بيت الله الحرام إذا فُقد الأمن ؟
عباد الله : إن العاملين لنصرة هذا الدين كُثر -ولله الحمد والمنة- ومنهم جنود الإيمان وعسكر القرآن المرابطون على ثغور بلاد الحرمين، الساهرون على أمنها في القرى والبوادي، الذين هجروا أهليهم وأولادهم وأحبابهم وفارقوهم محبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ونصرة للدين وطاعة لأولي الأمر، فكم ينالهم من نصب وتعب، وكم يلاقون من المشاق والصعاب!
فاللهم اجزهم عن أمة محمد خير الجزاء وارفع درجاتهم في المهديين واكتب لهم أجر الشهداء الصادقين .
يا رجال أمننا نذكركم ونبشركم نصحا لكم ومحبة لما تقدمونه من جهود:
أولاً: اللهَ اللهَ في إحسان النية والقصد، قاتلوا بنية إعلاء كلمة الله ورابطوا لإعلاء كلمة الله حتى تفوزوا فوزا عظيماً .
ثانياً يا رجال أمننا: خذوا الفتوى ممن أهل العلم الكبار المؤتمنون في دينهم وليست تؤخذ من كل ماهبّ ودبّ أمركم الله تعالى بسؤال أهل العلم (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).
ثالثا يا رجال أمننا: وعد النبي صلى الله عليه وسلم وبشر المرابطين لحماية المسلمين بالأجر الكبير وهاكم بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم التي صححها - الإمام الألباني رحمه الله- في فضل الرباط والجهاد في سبيل الله لتعلموا فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ ". وقال صلى الله عليه وسلم: "عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". وقال صلى الله عليه وسلم: "قِيَامُ سَاعَةٍ فِي الصَّفِّ لِلْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ سِتِّينَ سَنَةٍ". وقال صلى الله عليه وسلم: "رِبَاطُ شَهْرٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ دَهْرٍ، وَمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمِنَ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَغُدِيَ عَلَيْهِ بِرِزْقِهِ وَرِيحٍ مِنَ الْجَنَّةِ (أي: شُمِّم رائحتها)، وَيُجْرَى عَلَيْهِ أَجْرُ الْمُرَابِطِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ". وقال عليه الصلاة والسلام: "رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ". إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم.
الله أكبر!! إن كل نصب وتعب يتلاشى ويهون حين يسمع المؤمن الصادق مثل هذه الوعود الكريمة على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، فأبشروا أيها المرابطون لحراسة المسلمين ، وحماية دولة التوحيد والسنة ..
يا رجال أمننا: أنتم تحرسون بلاداً تضم بين جنباتها الحرمين الشريفين، أنتم حراس البيت العتيق، وأنتم الساهرون على أمن حجاج بيت الله الحرام كم يُدفع بكم عن أهل الإسلام من شرور ومكايد .
يا رجال أمننا: أنتم تحرسون بلاد تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتأمر بتحكيم الشريعة، وتحكمه بين المسلمين ولله الحمد .
أنتم يا رجال أمننا سلفيون بحمد الله تنصرون العقيدة الصحيحة التي قامت عليها هذه البلاد وتحاربون أهل الشرك والبدع ، وسلفكم في الجهاد من أجل هذه العقيدة ونصرتها والذب عنها بالنفس والمال -سلفكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان- كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم والإمامين المجددين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود ومن سار على طريقهما من الأخيار الأبرار من أهل هذه البلاد .
فهنيئاً لكم يا رجال أمننا فإن الله اختصكم من بين خلقِهِ لنصرةِ دينه والذب عن العقيدة في زمن اشتدت فيه غربة السنة وأهلها "فطوبى للغرباء" كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، والغرباء هم الذين يَصلُحون إذا فسد الناس، ويُصلِحون ما أفسد الناس من السنة، فأنتم والله مُصلِحون ، ساعون في حفظ بلاد المسلمين ودمائهم وأعراضهم .
نسأل الله لنا ولكم العافية والسلامة من كل بلاء وشر وفتنة ، وبارك الله في أعمالكم وحفظكم من كل سوء، وغفر الله لي ولكم وللمؤمنين ، إن ربي غفور رحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيّباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا . أما بعد:
رجال أمننا: إن للموت ساعة لا تتقدم ولا تتأخر، والموت في سبيل الله أمنية وشرف يتشوّف لها المسلم ولا يتهرب منها، والقتل على يد الخوارج خاصة فيه مزيد فضل وقد اختاره الله عز وجل لاثنين من الخلفاء الراشدين عثمان وعلي رضي الله عنهما، وهذه سمة الخوارج في كل زمان أنهم "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِيمَانِ ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ".
رجال أمننا: في قتل الخوارج يقول صلى الله عليه وسلم: "لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ" متفق عليه. وفي رواية لهما: "فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ، يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسُوا مِنْهُ فِي شَيْءٍ، مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ" رواه أبو داود .
عباد الله: ومِما يُثلج الصدر ويُبهج النفس ويُقر العين تلك الدعوات الصادقة من أفراد المجتمع رجالاً ونساءً صغاراً كباراً يَخصُّون بها رجال أمننا، وعبارات الشكر والتقدير عبر وسائل التواصل والإعلام تُشيد بجهود رجال أمننا، مما يجعل العدو يزداد غيظه ويموت قهراً على هذه الألفة بين أطراف المجتمع ولله الحمد. فكونوا معهم وتعاونوا على البر والتقوى والتبليغ عن كل مفسد ومخرب يريد الضرر في بلادنا كائناً من كان وهذا والله من أعظم الجهاد.
عباد الله: هذه البلاد محسودة حتى ممن يدعون الإسلام، حتى من جيرانها، بل ومن ((بعض)) أهلها - وإن كانوا قلة لا كثرهم الله - بلاد محسودة على ما أتاها من النعم على ما تنعم به من الأمن والاستقرار ورغد العيش، إنها محسودة والحاسد لا يهدأ له بال حتى يزيل النعمة من يد المحسود.
= اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام احفظ هذه البلاد، اللَّهُمَّ احفظ هذه البلاد، اللَّهُمَّ احفظ هذه البلاد آمنة مستقرة، احفظها من كل سوء ومكروه، ومن كل شر وفتنة يا رب العالمين، اللَّهُمَّ رد كيد الكائدين في نحورهم وكفنا شرورهم إنك على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ احفظ علينا أمننا وإيماننا واستقرارنا في أوطاننا ولا تسلط علينا ذنوبنا ما لا يخافك فينا ولا يرحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم احفظ رجال أمننا بحفظك، ومدهم بعونك وتوفيقك، وألف بين قلوبهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم ارحم من قتلوا منهم وتقبلهم في الشهداء يا أكرم الأكرمين، اللهم اجعل ما قدموه لدينهم ووطنهم وأمتهم في ميزان حسناتهم يا ذا الجلال والإكرام. اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا وأمننا بسوء اللهم فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، واحفظ عليهم دينهم وأمنهم وأعراضهم وأموالهم يا رب العالمين، اللهم اكفنا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، اللهم ولّ على المسلمين خيارهم واكفهم شرارهم يا رب العالمين، اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أهل دينك اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك, اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ وليد الشبعان تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129 |