الاعتبار بمن مضى
الحمد لله القائل: {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً } آل عمران:103
والصلاة والسلام على رسوله, ونبيه محمد القائل : " ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي ومتفرقين فجمعكم الله بي " صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين,.أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله, ومن تقوى الله التذكير بنعم الله إذا غُفِلَ عنها أو جُهِلَتْ لأن بعض الناشئين لا يقرأ التاريخ, ولا يوجد عنده من يذكِّره بالماضي.
أيها الشباب: أيها المسلمون:
لقد مر على بلادنا فترات عصيبة من تفرق الكلمة وشتات الأمر, والاقتتال, والنهب, والسلب, فكان الرجل لا يسير إلا بالليل, ويختفي في النهار خوفاً على نفسه وماله, ويسلب الرجل الرجل ويفخر بذلك، ذئاب جائعة, وأسود كاسرة, شريعة غائبة، يأكل القوي الضعيف, حتى هيأ الله لهذه البلاد دعوة مباركة, قادها الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب, وناصرة الأمير محمد بن سعود رحمهما الله جميعاً, فنبذا الشرك، وأزيلت معالمه, وقمعت البدعة وخذل أهلها, ورفعت رايات السنة, وعلا شأنها ففرح بذلك كل موحد سني, واغتاظ كل مشرك وبدعي, فجمع الله الشمل بعد الشتات, وتوحدت البلاد بعد الفرقة, وحل الأمن مكان الخوف, والرخاء بعد الجوع، والسلم بعد الحروب الطاحنة بين القبائل والعشائر, فأصبحت البلاد مناراً لأهل السنة , ومرجعاً لهم في جميع أقطار الأرض, وما تنعم به من صفاء معتقد, وحسن عباده, وسلامة منهج هو ثمار تلك الدعوة الإصلاحية التي نسير على منوالها, لأنها أسست على البر والتقوى, على الكتاب والسنة, ومنهج السلف الصالح, لذلك كتب الله لها البقاء, وستبقى إن شاء الله ما تمسك أهلها بها.
ولكن! أيها الناس: إن هذه العقيدة الصافية والمنهج القويم لا يُرضِي أهل الفرقة والشتات, ولا من في قلوبهم مرض ولا المرجفون في الأقطار, فضلاً عن الكفرة والمشركين : { وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ } الأنفال, رقم الآية :119
حاولوا في القديم والحديث التشكيك في هذه الدعوة وأهلها, ووصموها بكل قبيح { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {32}} التوبة.
فانتشرت هذه الدعوة في مشارق الأرض ومغاربها, وانتفع أهل الإسلام منها انتفاعاً بالغاً لأنها تدعوه إلى الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم, وسار عليه الصحابة والتابعون والسلف الصالح, فعمَّ نفعها, وصلحت عقائد كثيرة بسبب انتشارها, وعلا شأنها وشأن المتمسكين بها, فاشكروا الله المنعم المتفضل, واسألوه الثبات عليها , وادعوا لها وادفعوا عنها بما تستطيعون من إبطال شبه المبطلين, ونفي تحريف الغالين, وبيان زيغ الزائغين، ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يضرس بأنياب ويوطأ بميسم .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { الم {1} اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ {2} نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {3} مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ {4} إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء {5} هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {6} هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ {7} رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ {8}} آل عمران.
اللهم انفعنا بهدي كتابك وسنة رسولك, وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم0 |