استغلال الإجازة بالأعمال النافعة
إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه.
أما بعد: عباد الله, اتقوا الله , وراقبوه في سركم وعلانيتكم , ويسركم وعسركم .
أيها الناس : يستقبل الأبناء هذه الأيام إجازة العام الدراسي, وهو فراغ طويل يلزم استغلاله , ونعمة من نعم الله يجب شكرها , ففي صحيح البخاري, من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ " .
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الفراغ من نعم الله على عبده, وهذا الفراغ يجب استغلاله بما يعود على الإنسان بنفع ديني أو نفع دنيوي.
فمن ذلك التحاق الأبناء بحلق العلم, والذكر, والقرآن, ليكونوا من خيار الناس الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه ".
وكذلك انضمامهم لحق العلم الموصلة إلى الجنة, فقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن طالب العلم سالك طريق الجنة بقوله:" من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة " رواه مسلم.
ولا بأس باستغلال الفراغ بتحصيل العلوم المعينة, والوسائل المفيدة, كالتحاقهم بالدورات التدريبية في جميع المجالات المباحة, والوسائل لها أحكام المقاصد.
ويشغل الفراغ بالعمل الدنيوي الذي يعود إليه بالنفع المالي, ليعف نفسه عن مسألة الناس.
والإسلام يحث على العمل وعلى التكسب في الوجوه المشروعة, قال النبي صلى الله عليه وسلم:" المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل الخير " رواه مسلم.
فقوة الإيمان, وقوة البدن, وقوة المال إلى غير من الأمور المحبوبة عند الله عز وجل, فيستغل وقت الفراغ بما ينفعه في دينه ودنياه.
وعلى ولاة الأمر وفقهم الله ورجال الأعمال, والموسرين, استقبال جموع الشباب في هذه الإجازة, وتهيئة الأعمال المناسبة لهم, حفظاً لهم من قرناء السوء, والأيدي السوداء.
وعلى رجال الدعوة والعلم والإصلاح استقبال الشباب, وتوجيههم الوجهة السليمة, والسير بهم على طريق السلف الصالح في العلم والعمل.
وعلى الآباء مراقبة أبنائهم, ومعرفة جلساتهم , ونصحهم والدعاء لهم , وتفقد أحوالهم ومجالستهم , وإسداء النصح لهم, واستقراء سيرة النبي صلى الله عليه وسلم معهم, والسفر للأماكن المباحة , وخير ما يسافر له ويشد إليه الرحل, المسجد الحرام, ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام :
" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام, ومسجدي هذا, والمسجد الأقصى " متفق عليه – خلصه الله من براثن اليهود -.
لأن الصلاة في المسجد الحرام عن مئة ألف صلاة , والصلاة في المسجد النبوي عن ألف صلاة .
أيها المسلمون, أيها الآباء: قوموا بحفظ رعيتكم, امتثالاً لأمر نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال : " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " متفق عليه .
فقوموا بالرعاية تفلحوا في الدارين.
قال الله عز وجل : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ {21}} الطور .
وقال سبحانه : {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ {23} سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ {24}}الرعد.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه, وسنة المرسلين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. |