أسباب ضعف الإيمان
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أنه لا إله إلا الله, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ {102}} آل عمران.
{ َا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً{1}}النساء.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً {71}}الأحزاب.
عباد الله: يتساءل الناس هذه الأيام عن سبب ضعف المسلمين, وتسلط أعداء الله عليهم, وخاصة شرذمة اليهود الذين يسومون إخواننا المسلمين_أهل فلسطين_ يسومونهم سوء العذاب, قتلٌ, وتشريدٌ, وهدمُ, وترمِيلٌ, وانتهاكٌ حرماتٍ, والعالمُ_ أعني عالم الكفر _ والمسلمون مذهولون!! سببُ هذه الأحداث المؤلمة.
أقول: لو تأملنا حال أمة الإسلام هذه الأيام؛ وقبل ذلك, لعرفنا أن ما أصابنا فبسبب ذنوبنا من ذلك إعراض المسلمين عن الإسلام تحكيماً وتطبيقاً إلا من رحم الله, حيث تحكم غالبُ الدول الإسلامية بالقوانين الوضعية, بل سمعنا أن المسلمين في بعض الأحيان يتحاكمون إلى النصارى .
ومن ذلك الفساد العريض الذي اجتاح بلاد الإسلام؛ فالشرك, والبدع, والخرافة, والضلال, والربا, والخمور, والنساء, والملاهي, والغناء, والتبرج, والسفور, وفتح دور البغاء في بعضها, أما الخمور فحدث ولا حرج.
{ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ {44} } الأنعام.
ومن ذلك أن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معطلة في غالب الدول الإسلامية إلا ما رحم ربي, فشابهوا اليهود لعنهم الله, الذين قال الله عنهم: {ُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ {78} كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ{79}}المائدة .
وسلبت خيرتهم التي فضلوا بها على الناس : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } آل عمران:110.
ومن ذلك انخراط شبابهم في المعاصي, والشباب هم عماد الأمم بعد الله, حيث دس لهم أعداء الله الدسائس فأفسدوا أخلاقهم، بل ربما أفسدوا دينهم الذي هو عصمة أمرهم, فأصبحوا بين ثقافتين غربية وإسلامية, والإسلام لم يحرم عليهم الطيبات والاستفادة من مخترعات العصر وتحويلها لما يصلح دينهم ودنياهم ولكنهم تذبذبوا بين ذلك فسقطوا من أعين الكفار, وعلموا أن أمة هذا شبابها هينة سهلة.
ومن ذلك الخلافات الداخلية بين أهل الإسلام, حيث يُوجِد أهل الكفر بينهم العداوات والشحناء والبغضاء, فربما هجمت دولة مسلمة على أخرى, والمستفيد الكفرة .
ومن ذلك أن أهل الإسلام حولوا مخترعات العصر وعلومه للهو واللعب والرقص والمجون والمسابقات الرياضية والغنائية والمسرحية, وأهل الكفر يتسابقون في إنتاج السلام والقوة المادية, فلما استيقظوا أو كادوا يستيقظون إذا الأعداء يحيطون بهم من كل حدب وصوب, وهم سامدون.
ومن ذلك اغترارهم بحضارة الغرب الزائفة, المتمثلة في التحلل الخلقي والفساد, وعرض المرأة في سوق النخاسة, فتشبه بعض المسلمين بهم, ظناً منهم أن ذلك من الحضارة, وإذا هم يخربون بيوتهم بأيديهم.
ومن ذلك تكاسلهم عن العمل, وعدم الانضباط فيه, لذلك لجأ بعض تجار المسلمين ورجال الأعمال لاستقدام الكفرة لحرصهم على العمل وأدائه على أكمل وجه, وتركوا أبناء جلدتهم لاحتقارهم للعمل وتفريطهم فيه .
أيها الناس: إنها مآسي يطول تعدادها, ولكن!! تكفي اللبيب إشارةٌ.
عباد الله: اتقوا الله واعرفوا الخلل الذي أصبتم بسببه فأصلحوه, واعرفوا الداء فداووه, وتمسكوا بدينكم الذي أعزكم الله به ولا تستبدلوه, نشئوا عليه الصغير, وليعمل به الكبير .
قدموه على ما يفنى, وراجعوا أنفسكم ومواطن الخلل, واعلموا أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده, والعاقبة للمتقين, أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم .
وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم. |