أحكام الحيض
الحمد لله الذي خلق فسوى, وقدر فهدى, له الحمد في الآخرة والأولى, أحمده على إحسانه, وأشكره على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وسلم, وعلى آله وأصحابه تسليماً كثيراً أما بعد: عباد الله: اتقوا الله حق التقوى وتزودوا من صالح الأعمال فإن أجسامكم على النار لا تقوى .
أيها الناس:
النساء شقائق الرجال, هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وخوطبْنَ في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وخصصهن الشرع بأحكام تخصهن دون الرجال, وجبلهن على أمور, وكتب عليهن شيئاً دون الرجال, فمن ذلك ما يصيبهن من حيض, وهذا الأمر رتب عليه الشارع أحكاماً عظيمة. قال تعالى:{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {222} }البقرة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم, عندما بكت عائشة لما رأت الحيض وهي حاجة: " هذا شيء كتبه الله على بنات آدم ".
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( ابتداء الحيض كان على حواء بعد أن أهبطت من الجنة) رواه الحاكم
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ( كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعاً فكانت المرأة تتشرف للرجل فألقى الله عليهن الحيض ومنعهن المساجد) أخرجه عبد الرزاق.
وكتب الله الحيض على بنات آدم لحكمة يعلمها سبحانه تعالى, منها براءة رحمها من الحمل, ومنها تغذية الولد بعد حملها, ومنها الاعتداد به كما أمر الله عز وجل , ومنها تخلص جسمها من الأذى, ومنها ما لا نعلمه ويعلمه العليم الحكيم.
عباد الله: والحيض له أحكام, فمن أحكامه أنه يحرم إتيان الحائض لقوله سبحانه: { فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ } البقرة , رقم الآية:222.
فجماع الحائض حرام, ومن جامع حائضاً فعليه التوبة والتكفير بدينار لقوله صلى الله عليه وسلمفي الذي يأتي امرأته وهي حائض: " يتصدق بدينار ".
رواه الخمسة.
وتحل مباشرة الحائض, وتقبيلها, والنوم معها, لقوله صلى الله عليه وسلم: " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " رواه مسلم.
ولما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنه أنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر ويباشرني وأنا حائض ) متفق عليه.
وإذا حاضت, حرم عليها الصوم والصلاة, فإذا طهرت, قضت الصوم دون الصلاة. لقول عائشة_ رضي الله عنها_: ( كنا نؤمر بقضاء الصوم, ولا نؤمر بقضاء الصلاة) رواه مسلم.
ومنها: أن الحائض يحرم عليها الطواف بالبيت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " اصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي بالبيت " متفق عليه.
وتمنع الحائض من دخول المسجد, للحديث المتقدم, ولورود بعض الآثار عن الصحابة يمنعها من دخول المسجد.
وتقرأ الحائض القرآن غير أنها لا تمسه, وإن احتاجت إلى مسه أخذته بعلاقته.
ويحرم طلاق الحائض لما في الصحيحين من حديث ابن عمر أنه قال : ( طلقت امرأتي وهي حائض, فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم, فقال:" مره فليراجعها حتى تطهر, ثم تحيض, ثم تطه,ر ثم إن شاء طلق, وإن شاء أمسك").
والحائض تأتي بجميع الأذكار والأدعية والأوراد, لأن بعض النساء إذا حاضت تركت الصلاة وتركت وردها وأذكارها, وهذا خطأ تقع فيه غالب النساء فوجب تنبيههن لذلك.
والحيض لا يمنع المرأة من تعليم وتعلَّم العلوم النافعة والعلوم الشرعية.
أيها الناس: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " متفق عليه.
فتفقهوا في دينكم, واعرفوا أحكامه, حتى تكون عبادتكم له على بصيرة, وفقهوا النساء وعلموهن ما جهلن من أحكام تخصهن.
قالت عائشة : ( رحم الله نساء الأنصار, حياؤهن لم يمنعهن من التفقه في الدين) .
أقول ما تسمعون, وأستغفر الله لي ولكم, إنه هو الغفور الرحيم.
وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
رابط للخطبة منسقه بالورود http://www.alhmzany.com/upload/aln3esa-1234978951.rar
|