أَعْمَاْلُكُمْ وَتَحْدِيْدُ أَحْوَاْلِكُم
الْحَمْدُ للهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ، يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ، وَمَا كَانَ لِلْإِنْسَانِ فِي الْخَلْقِ تَخْيِيرٌ ،نَحْمَدُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْحَمْدَ الْكَثِيرَ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْبَشِيرُ النَّذِيرُ، وَالسِّرَاجُ الْمُنِيرُ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا مَا تَرَدَّدَ نَفَسٌ بَيْنَ شَهِيقٍ وَزَفِيرٍ.
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِيَّتُهُ لِعِبَادِهِ ، وَخَيْرُ زَادٍ يَتَزَوَّدُ بِهِ الْمَرْءُ فِي حَيَاتِهِ لِمَعَادِهِ ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عِبَادَهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ بِأَنَّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذَا الْكَوْنِ سُنَنًا ثَابِتَةً لَا تَتَغَيَّرُ ، وَحَقَائِقَ وَاضِحَةً لَا تَتَزَلْزَلُ ، كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً﴾، وَمِنْ هَذِهِ السُّنَنِ ، أَنَّ هَذِهِ الْحَيَاةَ لَا تَدُومُ عَلَى حَالٍ ، وَلَا يَقَرُّ لَهَا قَرَارٌ ، وَلَا تَبْقَى عَلَى وَضْعٍ مُعَيَّنٍ ، إِنَّمَا هِيَ سَرِيعَةُ التَّقَلُّبِ ، كَثِيرَةٌ التَّحَوُّلِ ، قَالَ عَنْهَا أَحَدُهُمْ :
حَسَّنْتَ ظَنَّكَ بِالْأَيَّامِ إِذْ حَسُنَتْ
وَلَمْ تَخَفْ سُوءَ مَا يَأْتِي بِهِ الْقَدَرُ
وَسَالَمـــــَتْكَ اللَّــــــيَالِي فَاغْـــــــــتَرَرْتَ بِهَا
وَعِنْدَ صَفْوِ اللَّيَالِي يَحْدُثُ الْكَدَرُ
هَذِهِ هِيَ حَقِيقَةُ الْحَيَاةِ ، مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءَتْهُ أَزْمَانٌ ، فَقْرٌ يَأْتِي بَعْدَهُ غِنًى ، وَغِنًى يَأْتِي بَعْدَهُ فَقْرٌ ، عِزٌّ يَأْتِي بَعْدَهُ ذُلٌّ ، وَذُلٌّ يَأْتِي بَعْدَهُ عِزٌّ ، سَعَادَةٌ يَخْلُفُهَا شَقَاءٌ ، وَشَقَاءٌ تَخْلُفُهُ سَعَادَةٌ ، عَافِيَةٌ يَحُلُّ مَكَانَهَا مَرَضٌ ، وَمَرَضٌ تَحُلُّ مَكَانَهُ عَافِيَةٌ ، فَسُبْحَانَ مَنْ يُغَيِّرُ وَلَا يَتَغَيَّرُ : ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ . هُوَ سُبْحَانَهُ الْمُتَصَرِّفُ فِي هَذَا الْوُجُودِ ، يُعَامِلُ النَّاسَ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ : ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ، مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ . ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ﴾.
وَمِمَّا لَاشَكَّ فِيهِ ـ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ـ أَنَّ تَغْيِيرَ الْحَالِ لَهُ صِلَةٌ بِالْإِيمَانِ ، فَإِذَا غَيَّرَ النَّاسُ إِيمَانَهُمْ غَيَّرَ اللهُ أَحْوَالَهُمْ ، فَقَدْ يُبَدِّلُهُمْ بَدَلَ الْأَمْنِ خَوْفًا ، وَبَدَلَ الرِّزْقِ جُوعًا ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ : ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ فَإِذَا تَغَيَّرَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ ، فَصَارُوا إِلَى الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي ، وَلَمْ يُقَدِّرُوا نِعَمَ اللهِ عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّهُ يُغَيِّرُ هَذِهِ النِّعَمَ ، وَتَأَمَّلُوا ـ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ـ مَاذَا قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ فِي الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ مُبَاشَرَةً قَالَ : ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ يَعْنِي : يَصْنَعُ بِهِمْ كَمَا صَنَعَ بِآلِ فِرْعَوْنَ وَأَمْثَالِهِمْ ، أَهْلَكَهُمْ بِسَبَبِ ذُنُوبِهِمْ .﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ﴾ .
فَالذُّنُوبُ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ لَهَا صِلَةٌ وَثِيقَةٌ بِمَا يَحُلُّ بِالنَّاسِ وَمَا يَحْصُلُ لَهُمْ ، وَلِذَلِكَ عِنْدَمَا حَدَثَ الزِّلْزَالُ بِالْمَدِينَةِ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – ، قَامَ خَطِيبًا فِي النَّاسِ وَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، مَا كَانَتْ هَذِهِ الزَّلْزَلَةُ إِلَّا عَلَى شَيْءٍ أَحْدَثْتُمُوهُ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَئِنْ عَادَتْ لَا أُسَاكِنُكُمْ فِيهَا أَبَدًا ، فَجَعَلَ عُمَرُ هَذَا الزِّلْزَالَ بِسَبَبِ ذُنُوبِهِمْ ، وَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَتُوبُوا إِلَى اللهِ وَإِلَّا رَحَلَ وَتَرَكَهُمْ ، وَتَرَكَ الْمَدِينَةَ لَهُمْ .
فَأَعْمَالُ الْمُسْلِمِ تَكُونُ سَبَبًا فِي أَحْوَالِهِ ، حَتَّى الشَّوْكَةُ إِذَا اشْتَاكَهَا ، الشَّوْكَةُ لِلْمُؤْمِنِ كَفَّارَةٌ ، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يَقُولُ أَحَدُ السَّلَفِ ـ رَحِمَهُمُ اللهُ ـ : وَاللهِ إِنِّي أَعْصِي اللهَ ثُمَّ أَجِدُ ذَلِكَ فِي خُلُقِ زَوْجَتِي وَدَابَّتِي .
مِنْ قِلَّةِ ذُنُوبِهِمْ ، كَانُوا يَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ تُصِيبُهُمُ الْمَصَائِبُ ، أَمَّا نَحْنُ ، حِينَمَا كَثُرَتِ الذُّنُوبُ فَصَدَقَ عَلَيْنَا قَوْلُ الْقَائِلِ :
كَثُرَتِ الضِّبَاءُ عَـــــــــــــلَى خِرَاشٍ
فَمَـــــــــا يَدْرِي خِرَاشٌ مَا يَصِيدُ
خِلَافَاتٌ أُسَرِيَّةٌ ، مَشَاكِلُ زَوْجِيَّةٌ ، أَمْرَاضٌ مُتَنَوِّعَةٌ ، فَقْرٌ وَعِوَزٌ وَحَاجَةٌ ، دِيُونٌ مُتَرَاكِمَةٌ ، هُمُومٌ لَازِمَةٌ ، وَمَعَ ذَلِكَ نَحْنُ فِي غَفْلَةٍ ، بَلْ مِنَّا مَنْ هُوَ مُسْتَمِرٌّ يَعْصِي اللهَ ، وَيَفْعَلُ مَا يُغْضِبُ اللهَ .
مَنْ مِنَّا - أَيُّهَا الإِخْوَةُ - مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ جَلَسَ يُحَاسِبُ نَفْسَهُ ، وَيَتَذَكَّرُ ذُنُوبَهُ وَمَعَاصِيَهِ ؟
مَنْ مِنَّا - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ ، أَخَذَ يَسْتَغْفِرُ اللهَ ، وَضَاعَفَ جُهْدَهُ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ ، لِيُتْبِعَ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ لِتَمْحُهَا .
نَعَمْ ، إِخْوَتِي فِي اللهِ ، يُوجَدُ مَنْ يَزْدَادُ عِصْيَانًا وَفُجُورًا كُلَّمَا ازْدَادَتْ مَصَائِبُهُ ، فَيُضِيفُ إِلَى مُصِيبَتِهِ مَصَائِبَ ، وَهَذَا وَاقِعٌ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ، وَإِلَيْكُمْ بَعْضَ الْأَمْثِلَةِ : مِنَ النَّاسِ مَنْ إِذَا مَرِضَ ذَهَبَ إِلَى الْكُهَّانِ وَالْمُشَعْوِذِينَ .وَمِنَ النَّاسِ مَنْ إِذَا أَرْهَقَتْهُ الدُّيُونُ أَكَلَ الرِّبَا .وَمِنَ النَّاسِ مَنْ إِذَا احْتَاجَ سَرَقَ .وَمِنَ النَّاسِ مَنْ إِذَا ضَاقَ صَدْرُهُ ، جَلَسَ يَتَفَرَّجُ عَلَى الْكَاسِيَاتِ الْعَارِيَاتِ ، وَيَسْتَمِعُ الْأَغَانِيَ ، وَيُتَابِعُ الْقَنَوَاتِ ، أَوْ يُدَخِّنُ أَعَزَّكُمُ اللهُ . وَهُنَاكَ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ ، وَلَكِنَّ الشَّاهِدَ أَنَّ هَذِهِ الطُّرُقَ الَّتِي يَحُلُّ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ مَشَاكِلَهُمْ طُرُقٌ خَاطِئَةٌ ؛ لِأَنَّ الشَّوْكَ لَا يُجْنَى مِنْهُ الْعِنَبُ . أَعُوذُ بِاللهِ مَنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ :
﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ، بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ :
إِنَّ لِلْبُعْدِ عَنْ دِينِ اللهِ نَتَائِجَ وَخِيمَةً ، وَعَوَاقِبَ أَلِيمَةً ، وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ لَنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ ، يَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ ، عِنْدَ تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي ؛ أَيْ : خَالَفَ أَمْرِي ، وَمَا أَنْزَلْتُهُ عَلَى رَسُولِي ، أَعْرَضَ عَنْهُ وَتَنَاسَاهُ ، وَأَخَذَ مِنْ غَيْرِهِ هُدَاهُ ، فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ، أَيْ : ضَنْكًا فِي الدُّنْيَا ، فَلَا طُمَأْنِينَةَ لَهُ ، وَلَا انْشِرَاحَ لِصَدْرِهِ ، بَلْ صَدْرُهُ ضَيِّقٌ حَرَجٌ لِضَلَالِهِ وَإِنْ تَنَعَّمَ ظَاهِرُهُ وَلَبِسَ مَا شَاءَ وَأَكَلَ مَا شَاءَ ، وَسَكَنَ حَيْثُ شَاءَ ، فَإِنَّ قَلْبَهُ مَا لَمْ يَخْلُصْ إِلَى الْيَقِينِ وَالْهُدَى فَهُوَ فِي قَلَقٍ وَحَيْرَةٍ وَشَكٍّ فَلَا يَزَالُ فِي رِيبَةٍ وَتَرَدُّدٍ ، فَهَذَا ضَنْكُ الْمَعِيشَةِ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
وَلِكَيْ نُدْرِكَ مَاذَا تَفْعَلُ الْمَعَاصِي بِأَصْحَابِهَا ، نَتَأَمَّلُ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قَالَ : « يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ : لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا ، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا ، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ » .
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ بِفِعْلِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ ، أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لِي وَلَكُمْ عِلْمًا نَافِعًا وَعَمَلًا لِوَجْهِهِ خَالِصًا وَسَلَامَةً دَائِمَةً ، إِنَّهُ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ وَالنَّارِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا سُعَدَاءَ وَتَوَفَّنَا شُهَدَاءَ وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْأَتْقِيَاءِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَغْفِرَةَ ذُنُوبِنَا ، وَسَتْرَ عُيُوبِنَا ، وَصَلَاحَ قُلُوبِنَا ، وَسَلَامَةَ صُدُورِنَا ، وَعِفَّةَ نُفُوسِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِزَّ الْإِسْلَامِ وَنَصْرَ الْمُسْلِمِينَ ، وَذُلَّ الشِّرْكِ وَالْمُشْرِكِينَ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَعْدَائِكَ أَعْدَاءِ الدِّينِ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالْيَهُودِ الْمُعْتَدِينَ ، وَبِالنَّصَارَى الْحَاقِدِينَ ، وَبِكُلِّ مَنْ عَادَىَ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ .
اللَّهُمَّ أَرِنَا بِأَعْدَائِنَا عَجَائِبَ قُدْرَتِكَ ، وَفُجَاءَةَ نِقْمَتِكَ ، وَأَلِيمَ عَذَابِكَ ، وَبَأْسَكَ الَّذِي لَا يُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ .
اللَّهُمَّ اجْمَعْ كَلِمَتَنَا ، وَقَوِّ شَوْكَتَنَا ، وَوَحِّدْ صَفَّنَا ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ يَا رَبَّ الْعَالِمينَ .
﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾.
عِبَادَ اللهِ :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ .فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ،وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ،وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120