لِلْرَّعِيْلِ اَلْاِسْتِعْدَاْدُ لِلْرَّحِيْلِ
الْحَمْدُ للهِ ، ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ، الْحَلِيمِ الْعَظِيمِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ، الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْقَيُّومِ الَّذِي لَا يَنَامُ، أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ ﴾ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ سَيِّدُ الْأَنَامِ ، وَالدَّاعِي إِلَى دَارِ السَّلَامِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْكِرَامِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ . أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ ، فَاتَّقُوا اللهَ يَا عِبَادَ اللهِ ، وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ ؛ بِأَنَّ التَّقْوَى عَرَّفَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِأَنَّهَا الْخَوْفُ مِنَ الْجَلِيلِ ؛ أَيْ : مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالْعَمَلُ بِالتَّنْزِيلِ ؛ أَيِ : الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَالْقَنَاعَةُ بِالْقَلِيلِ ، وَالِاسْتِعْدَادُ لِيَوْمِ الرَّحِيلِ ؛ أَيِ : الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ بِمَا جَاءَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - هُوَ مَا نَحْتَاجُهُ لِنَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ ، إِذَا اسْتَعَدَّ الْمُسْلِمُ لِلْمَوْتِ ، وَأَيْقَنَ بِهِ وَآمَنَ بِمَا بَعْدَهُ ، وَتَوَقَّعَ وُقُوعَهُ بِأَيِّ لَحْظَةٍ ، خَافَ مِنَ الْجَلِيلِ ، وَعَمِلَ بِالتَّنْزِيلِ ، وَقَنِعَ بِالْقَلِيلِ ، أَمَّا إِذَا اسْتَبْعَدَ الْعَبْدُ الْمَوْتَ ، وَطَالَ أَمَلُهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا ، وَتَعَلَّقَ بِزَخَارِفِهَا ، وَأَصْبَحَ وَأَمْسَى وَهَمُّهُ حُطَامُهَا ، وَغَدَى وَرَاحَ مِنْ أَجْلِهَا ، فَإِنَّهُ يَكُونُ أَبْعَدَ النَّاسِ عَنِ التَّقْوَى ، وَقَدْ قِيلَ : مَنْ طَالَ أَمَلُهُ سَاءَ عَمَلُهُ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ . فَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، الْمُفِيدَةِ النَّافِعَةِ فِي الْآخِرَةِ ، أَمْرٌ مَطْلُوبٌ وَوَاجِبٌ لَا يُفَرِّطُ فِيهِ عَاقِلٌ ، وَلَا يَغَابُ عَنْ فِكْرٍ إِلَّا فِكْرَ غَافِلٍ ، وَمِنْ ذَلِكَ : مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ عَنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالْأَهَمُّ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ ، وَكُلُّ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ مُهِمَّةٌ ، وَلِذَلِكَ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ مِنْ دُعَائِهِ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ قَوْلَهُ : « اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ ». فَيَجِبُ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- اسْتِعْدَادًا لِلْمَوْتِ : مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ وتَفَقُّدُ وَضْعِهَا مَعَ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، الْإِخْلَاصُ وَالْمُتَابَعَةُ ، فَلَنْ يَقْبَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَيَّ عَمَلٍ عَمِلَهُ وَيَعْمَلُهُ الْعَبْدُ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ خَالِصًا لِوَجْهِهِ عَزَّ وَجَلَّ ، مُوَافِقًا لِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . تَفَقَّدْ أَعْمَالَكَ الَّتِي تَرْجُو ثَوَابَهَا عِنْدَ اللهِ يَا عَبْدَ اللهِ ، عَمِلْتَهَا لِمَنْ ، وَعَلَى طَرِيقَةِ مَنْ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ » أَيْ : غَيْرُ مَقْبُولٍ . وَمِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَجِبُ الْحِرْصُ عَلَيْهَا ، اسْتِعْدَادًا لِلْمَوْتِ ، وَخَاصَّةً فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ : الِاسْتِعْدَادُ لِلْحَجِّ ، تَأْدِيَةُ هَذَا الرُّكْنِ الْعَظِيمِ ، الَّذِي لَا يَكْمُلُ إِسْلَامُ الْمَرْءِ الْمُسْتَطِيعِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ إِلَّا بِهِ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ ، وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ لِمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا » . يَقُولُ الشَّيْخُ ابْنُ بَازٍ -رَحِمَهُ اللهُ- : فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ يَسْتَطِيعُ مَؤُونَةَ الْحَجِّ ، إِذَا كَانَ مُكَلَّفًا أَنْ يُبَادِرَ بِذَلِكَ وَأَلَّا يُؤَخِّرَهُ. وَمِنَ الْأَشْيَاءِ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- الَّتِي تَجِبُ مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ عَلَيْهَا اسْتِعْدَادًا لِلْمَوْتِ : الْعِبَادَاتُ الَّتِي قَصَّرَتْ فِيهَا ، أَوْ تَهَاوَنَتْ فِي شَأْنِهَا ، وَمِنْ ذَلِكَ الزَّكَاةُ ، فَقَدْ يَمُرُّ عَلَى الْإِنْسَانِ بَعْضُ الْوَقْتِ ، إِمَّا لِجَهْلِهِ وَإِمَّا لِعَدَمِ اهْتِمَامِهِ ، وَإِمَّا لِضَعْفٍ فِي إِيمَانِهِ ، فَلَا يُزَكِّي وَهُوَ مِنَ الَّذِينَ تَجِبُ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ ، وَقَدْ سُئِلَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِينَ - رَحِمَهُ اللهُ ـ عَنْ رَجُلٍ تَهَاوَنَ فِي الزَّكَاةِ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ ، وَقَدْ تَابَ ، فَمَاذَا يَفْعَلُ ؟ فَأَجَابَ فَضِيلَتُهُ بِقَوْلِهِ: الزَّكَاةُ عِبَادَةٌ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَحَقُّ أَهْلِ الزَّكَاةِ، فَإِذَا مَنَعَهَا الْإِنْسَانُ كَانَ مُنْتَهِكًا لِحَقَّيْنِ: حَقِّ اللهِ تَعَالَى، وَحَقِّ أَهْلِ الزَّكَاةِ، فَإِذَا تَابَ بَعْدَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ كَمَا جَاءَ فِي السُّؤَالِ، سَقَطَ عَنْهُ حَقُّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ : ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ . وَيَبْقَى الْحَقُّ الثَّانِي وَهُوَ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلزَّكَاةِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الزَّكَاةِ لِهَؤُلَاءِ، وَرُبَّمَا يَنَالُ ثَوَابَ الزَّكَاةِ مَعَ صِحَّةِ تَوْبَتِهِ ؛ لِأَنَّ فَضْلَ اللهِ وَاسِعٌ . وَمِثْلُ الزَّكَاةِ الصِّيَامُ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهِ اسْتِعْدَادًا لِلْمَوْتِ ، سَوَاءً كَانَ فَرْضًا أَمْ نَافِلَةً ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ صَامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا » يَوْمٌ فَقَطْ : يُبَاعَدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا، أَيْ : سَبْعِينَ سَنَةً ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا مَرَّ خَرِيفٌ انقَضَتْ سَنَةٌ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بُعْدِ النَّارِ عَنِ الصَّائِمِ الْمُحْتَسِبِ للهِ عَزَّ وجَلَّ . فَاتَّقُوا اللهَ يَا عِبَادَ اللهِ ، وَاسْتَعِدُّوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، وَخَاصَّةً أَرْكَانَ الْإِسْلَامِ الْخَمْسَةَ ، وَأَهَمُّهَا التَّوْحِيدُ ، تَحْقِيقُ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ . أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ : ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ . بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : وَمِنَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ التَّخَلُّصُ مِنْهَا اسْتِعْدَادًا لِلْمَوْتِ : حُقُوقُ النَّاسِ ؛ يَجِبُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا بِتَأْدِيَتِهَا لَهُمْ أَوْ بِطَلَبِ الْمُسَامَحَةِ مِنْ قِبَلِهِمْ ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟»، قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ ، فَقَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ » . فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، تَفَقَّدُوا أَوْضَاعَكُمْ وَأَحْوَالَكُمُ اسْتِعْدَادًا لِمَا أَمَامَكُمْ ، فَلَيْسَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ إِلَّا خُرُوجُ أَرْوَاحِكُمْ ، ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ . أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا جَمِيعًا الْفِقْهَ فِي الدِّينِ ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا كَافَّةً مِنَ الْهُدَاةِ الْمُهْتَدِينَ ، وَلَا يَجْعَلَنَا مِنَ الضَّالِّينَ الْمُضِلِّينَ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ سَلَامَةَ قُلُوبِنَا ، وَهِدَايَةَ نُفُوسِنَا ، وَصَلَاحَ أَحْوَالِنَا ، وَعَدَمَ انْحِرَافِ عُقُولِنَا ، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا مُسْلِمِينَ ، وَأَمِتْنَا مُؤْمِنِينَ ، وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الْمُتَّقِينَ ، الْمُخْلِصِينَ الْمُخْلَصِينَ ، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِهُدَاكَ ، وَاجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ ، وَجَنِّبْنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ . عِبَادَ اللهِ : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ .فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ،وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ،وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
|