اَلْضُّرُوْرٍيْ لِمَعْرِفَةِ اَلْسُّرُوْرِيْ
الْحَمْدُ للهِ فَتْحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْمُذْنِبِينَ ، وَوَعَدَ
بِحُسْنِ الْعَاقِبَةِ لِلصَّادِقِينَ، أَحْمَدُهُ وَأَشْكُرُهُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
وَأَسْتَغْفِرُهُ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ
الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
إِمَامُ الْمُتَّقِينَ ، وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ ، صَلَّى اللهُ وسلّمَ
وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ
بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
أُوصِيكُمْ
بِوَصِيَّةِ اللهِ لَكُمْ وَلِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ؛ تَقْوَى اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ : ]وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ[، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ ؛ بِأَنَّ وُجُودَ
الأَحْزَابِ وَالْجَمَاعَاتِ وَالْفِرَقِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي مُجْتَمَعَاتِهِمْ
، مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَفِي صَحِيحِ
ابْنِ مَاجَهْ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، يَقُولُ صَلَوَاتُ رَبِّي
وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : (( افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى
إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ.
وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ
فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ؛
لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ
وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ )) ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
مَنْ هُمْ ؟ ، قَالَ : (( الْجَمَاعَةُ )) .
تَأَمَّلْ أَخِي الْمُسْلِمُ! عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَهً ؛ سَتَفْتَرِقُ
أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا مِمَّا يَجْعَلُ الْمُسْلِمَ
الَّذِي يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ، يَضَعُ يَدَهُ عَلَى قَلْبِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ
فِي فِرْقَةٍ مِنْ هَذِهِ الْفِرَقِ الْهَالِكَةِ، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ
كَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، أَتْبَاعِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ
بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ وَأَسْكَنَهُ فَسِيحَ جَنَّاتِهِ ، وَوَالِدِينَا أَجْمَعِينَ
.
فَالْفِرَقُ الْهَالِكَةُ، عَلَامَتُهَا الْفَارِقَةُ؛ مُخَالَفَةُ مَا كَانَ
عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، وَمِنْ هَذِهِ
الْفِرَقِ الَّتِي يُخْشَى عَلَى الْمُجْتَمَعِ مِنْ أَفْكَارِهَا: فِرْقَةٌ تُعْرَفُ
بِالسُّرُورِيَّةِ ، وَلِيدَةُ جَمَاعَةِ الْإِخْوَانِ الْمُفْسِدِينَ، بَلْ هِيَ
أَشَدُّ خَطَرًا وَأَعْظَمُ ضَرَرًا مِنْهَا؛ لِأَنَّ أَفْرَادَهَا يَدَّعُونَ الْمَنْهَجَ
الصَّحِيحَ، وَيَتَظَاهَرُونَ بِالْعَقِيدَةِ السَّلِيمَةِ، وَيَتَسَتَّرُونَ بِمَنْ
هُمْ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ
، وَهُمْ مِنْهُمْ أَبْرِيَاءُ كَبَرَاءَةِ الذِّئْبِ مِنْ دَمِ يُوسُفَ عَلَيْهِ
وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
السُّرُورِيُّونَ فِي مُجْتَمَعِنَا -
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - أَتْبَاعُ مَنْهَجِ مُحَمَّدِ سُرُور زَيْن الْعَابِدِين ،
الْمُنْشَقِّ عَنْ جَمَاعَةِ الْإِخْوَانِ الْمُفْسِدِينَ ، يُمَكِّنُونَ بَعْضَ مَنْ
هُمْ عَلَى الْمَنْهَجِ الصَّحِيحِ ، لِإِلْقَاءِ الدُّرُوسِ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَعَنْ
طَرِيقِ بَعْضِ مَكَاتِبِهِمْ ، تَضْلِيلًا وَتَرْوِيجًا لِمَنْ هُمْ عَلَى مَنْهَجِهِمُ
السُّرُورِيِّ الْبَاطِلِ ، وَلَا يُسْتَغْرَبُ ذَلِكَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ مُؤَسِّسَهُمْ
فَعَلَ ذَلِكَ حِينَمَا قَدِمَ إِلَى هَذِهِ الْبِلَادِ مُعَلِّمًا، وَوَجَدَ النَّاسَ
مَعَ وُلَاةِ أَمْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْأُمَرَاءِ ، وَكَلِمَتَهُمْ وَاحِدَةً
، لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُظْهِرَ مَا عِنْدَهُ مِنِ انْحِرَافٍ وَضَلَالٍ عَنْ مَنْهَجِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، فَاسْتَخْدَمَ طَرِيقَةَ
الْمُنَافِقِينَ ، الَّذِينَ يُبْطِنُونَ مَا لَا يُظْهِرُونَ، فَتَظَاهَرَ أَنَّهُ
عَلَى مَنْهَجِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَمُهْتَمٌّ بِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ ، وَأَبْطَنَ
مَا يَحْمِل فِكْرُهُ وَمَنْهَجُهُ مِنْ بَاطِلٍ ، يَرْفُضُهُ مُجْتَمَعٌ إِسْلَامِيٌّ
مُتَمَاسِكٌ شِعَارُهُ : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ [ .
فَالتَّخَفِّي وَإِبْطَانُ مَا لَا يُظْهِرُ، مِنْ مَنْهَجِ السُّرُورِيِّينَ،
وَهَذَا مِمَّا يَزِيدُ فِي خَطَرِهِمْ، وَيُوجِبُ الْحَذَرَ مِنْهُمْ ، وَلَكِنْ
سُبْحَانَ اللهِ ، كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:
مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ .
وَمَهما تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَليقَةٍ
وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ
فَمِنْ مَنْهَجِهِمْ ، وَمِمَّا يُعْرَفُونَ بِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِمْ: إِخْفَاءُ
مَحَاسِنِ وُلَاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ. مَهْمَا فَعَلَ وُلَاةُ الْأَمْرِ مِنْ
شَيْءٍ يُشْكَرُونَ عَلَيْهِ، وَيُحْمَدُونَ مِنْ أَجْلِهِ، وَيَسْتَحِقُّونَ الثَّنَاءَ
بِسَبَبِهِ، فَإِنَّ السُّرُورِيَّ لَا يَعْتَرِفُ بِذَلِكَ أَبَدًا ، بَلْ يُخْفِيهِ
وَيَكْرَهُ إِظْهَارَهُ، بَلْ يَتَّهِمُهُمْ بِالتَّقْصِيرِ وَيُشَكِّكُ فِي نِيَّاتِهِمْ
وَمَقَاصِدِهِمْ، وَذَلِكَ لِيَكْرَهَهُمُ النَّاسُ وَيُسِيئُونَ الظَّنَّ بِوُلَاةِ
أَمْرِهِمْ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ
عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ
وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ )) ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ؟ فَقَالَ:
(( لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ )) . فَالسُّرُورِيُّ يُخْفِي مَحَاسِنَ وُلَاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، لِكَيْ
لَا يَتَحَقَّقَ مَا أَرَادَ النّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا
الْحَدِيثِ الشَّريِفِ .
وَمِمَّا يُعْرَفُ بِهِ السُّرُورِيُّونَ ، وَيَدُلُّ عَلَى مَنْهَجِهِمُ الْبَاطِلِ
: تَبَنِّي جِرَاحَاتِ الْمُسْلِمِينَ ، وَالرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ
الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ
وَالْحُمَّى )) ، فَجَعَلَ الْمُسْلِمِينَ
شَيْئًا وَاحِدًا، وَجَسَدًا وَاحِدًا، وَبِنَاءً وَاحِدًا، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ
يَتَرَاحَمُوا، وَأَنْ يَتَعَاطَفُوا، وَأَنْ يَتَنَاصَحُوا، وَأَنْ يَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ، وَأَنْ يَعْطِفَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا قَصْدَ
السُّرُورِيِّينَ مِنْ تَبَنِّي جِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ ، قَصْدُهُمْ إِيغَارُ صُدُورِ
الْمُسْلِمِينَ عَلَى وُلَاةِ أُمُورِهِمْ، وَحَثُّهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ،
وَعَدَمِ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لَهُمْ، وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مُسَاهَمَةِ
بَعْضِ السُّرُورِيِّينَ بِمَا يَقَعُ فِي بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ. وَمُحَاضَرَاتُهُمْ
وَنَدَوَاتُهُمْ وَخُطَبُهُمْ وَوَاقِعُ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ أَكْبَرُ شَاهِدٍ عَلَى
ذَلِكَ . فَهُمْ يَتَبَنَّوْنَ جِرَاحَاتِ الْمُسْلِمِينَ لِأَهْدَافٍ سَيِّئَةٍ وَغَايَاتٍ
خَبِيثَةٍ دَنِيئَةٍ ، وَإِنْ ظَهَرَ لِغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ نُصْرَةَ
الدِّينِ ، وَمُنَاصَرَةَ الْمُسْلِمِينَ .
وَمِمَّا يُعْرَفُ بِهِ أَتْبَاعُ السُّرُورِيِّ فِي مُجْتَمَعِنَا : التَّقْلِيلُ
مِنْ شَأْنِ الْعُلَمَاءِ الْكِبَارِ، كَابْنِ بَازٍ وَابْنِ عُثَيْمِينَ وَالْفَوْزَانِ
وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُحَذِّرُونَ مِنْهُمْ وَمِنْ مَنْهَجِهِمْ،
يُقَلِّلُونَ مِنْ شَأْنِ هَؤُلَاءِ، تَقْلِيلًا مِنَ الْحَقِّ الَّذِي يَحْمِلُونَهُ
، لَا يُرِيدُونَ النَّاسَ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُمْ أَوْ يَأْخُذُوا بِفَتَاوَاهُمْ؛
لِأَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ ، تَبَيَّنَ زَيْفُهُمْ وَفَسَادُ مَنْهَجِهِمْ ،
وَلِذَلِكَ يَتَّهِمُونَ كِبَارَ الْعُلَمَاءِ بِعَدَمِ فِقْهِهِمْ لِلْوَاقِعِ، وَأَنَّهُمْ
عُلَمَاءُ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ ، وَأَنَّهُمْ عُلَمَاءُ سُلْطَانٍ، بَلْ يَتَّهِمُوْنَ
عُلَمَاْءَنَاْ بِاَلْسُّكُوْتِ عَنْ مُنْكَرَاْتِ اَلْمُجْتَمَعِ، لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّنَاْ
فِيْ هَذَاْ اَلْمُجْتَمَعِ نَكْرَهُ اَلْمُنْكَرَ، وَلَاْ تَقْبَلُهُ نُفُوْسُنَاْ
، فَيُحَاْوُلُوْنَ اِسْتِغْلَاْلَ ذَلِكَ ، لِنَكْرَهَ وُلُاْةَ أَمْرِنَاْ وَعُلَماَءَنَاْ
، وَاَلْدَّلِيْلُ عَلَىْ أَنَّ غَيْرَتَهُمْ عَلَىْ اَلْمُنْكَرِ، لَاْ لِوُجُوْدِهِ،
إِنَّمَاْ لِمَنْهَجِهِمْ اَلْبَاْطِل، وَتَحْقِيْقِ أَهْدَاْفِهِمْ اَلْسُّرُوْرِيَّةِ؛
سُكُوْتُهُمْ عَنْ مُنْكَرَاْتٍ أَعْظَمَ مُمَّاْ يُنْكِرُوْنَ ، لَأَنَّهَاْ لَاْ
تَخْدِمُ فِكْرَهُمْ اَلْخَاْرِجِيَّ اَلْضَّاْلَ .
فَاَتَّقُوْا اَللهَ عِبَاْدَ اَللهِ ، وَاَحْذَرُوْا هَذِهِ اَلْفِرْقَةَ اَلْخَبِيْثَةَ
، كُوْنُوْا يَدَاً وَاْحِدَةً مَعَ عُلَمَاْئِكُمْ ، وَمَنْ وَلَّاْهُ اَللهُ أَمْرَكُمْ
، وَكَمَاْ قَاْلَ تَعَاْلَىْ : ] وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ [ .
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي
وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ
قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ
هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى
تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
وَمِمَّا يُعْرَفُ بِهِ السُّرُورِيُّونَ وَيَدُلُّ عَلَى مَنْهَجِهِمُ الْبَاطِلِ:
رَفْعُ شَأْنِ مَنْ يَسِيرُ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ، وَيَعْمَلُ بِمَنْهَجِ فِرْقَتِهِم، فَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ فَهُوَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ، وَالْعَالِمُ الزَّاهِدُ، وَالدَّاعِيَةُ
الْمُجَاهِدُ ، وَمَنْ لَا يَخْشَى فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ
مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَنْخَدِعُ بِهَا جَهَلَةُ النَّاسِ، وَهُوَ وَهْمُ يَصْدُقُ
عَلَيْهِمْ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
مِمَّا يُزَهِّــــــــدُنِي
فِي أَرْضِ أَنْدَلُــــــــــــــسٍ
تَلْقِيبُ مُعْتَمِدٍ فِـــــــــــــــــيهَا وَمُعْتَضِـــــــــــــــدِ
أَلْقَابُ مَمْلَكَةٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا
كَالْهِرِّ يَحْكِي انْتِفَاخًا صَوْلَةَ الْأَسَدِ
وَمِنْ أَبْرَزِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمْ وَعَلَى مَنْهَجِهِمُ الْبَاطِلِ ، وَفِرْقَتِهِمُ
الضَّالَّةِ: اتِّهَامُ مَنْ يُحَذِّرُ مِنْهُمْ بِالْجَامِيَّةِ وَأَذْنَابِ السُّلْطَةِ
وَالْجَوَاسِيسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَنْطَلِي عَلَى جَهَلَةِ النَّاسِ .
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاحْرِصُوا عَلَى مَا يُرْضِي اللهَ عَزَّ
وَجَلَّ ، أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَمَنْ وَلَّاهُ اللهُ أَمْرَكُمْ
، وَاحْذَرُوا الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَتَمَسَّكُوا بِمَا كَانَ عَلَيْهِ نَبِيُّكُمْ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً أَمَامَ مَنْ يُرِيدُ
تَفْرِيقَ صَفِّكُمْ، وَتَمْزِيقَ وَحْدَتِكُمْ .
أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَحْفَظَ لَنَا
عَقِيدَتَنَا وَدِينَنَا وَأَمْنَنَا وَوُلَاةَ أَمْرِنَا ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ
.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا أَوْ أَرَادَ بِلَادَنَا بِسُوءٍ ،
اللَّهُمَّ اشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ
سَبَبًا لِتَدْمِيرِهِ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ . اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الْغَلَاءَ
وَالْوَبَاءَ وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَّلَازِلَ وَالْمِحَنَ ، وَسُوءَ الْفِتَنِ
، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، عَنْ بَلَدِنَا هَذَا خَاصَّةً وَعَنْ سَائِرِ
بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً . اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا ، وَاسْتَعْمِلْ
عَلَيْنَا خِيَارَنَا ، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِي عَهْدِ مَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ
وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ] رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [.
عِبَادَ اللهِ :
] إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [ . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ
عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ
مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |