فَقْدُ الْفُضَلَاءِ مِنَ الدُّعَاةِ وَالْعُلَمَاءِ
الْحَمْدُ للهِ وَلِيِّ مَنِ اتَّقَاهُ ،
مَنِ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ كَفَاهُ ، وَمَنْ لَاذَ بِهِ وَقَاهُ . أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ
وَأَشْكُرُهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ
، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ وَمُصْطَفَاهُ
، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ، وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَتِهِ
وَاهْتَدَى بِهُدَاهُ .
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ ، يَقُولُ
عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ : }وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاعْلَمُوا -رَحِمَكُمُ
اللهُ- بِأَنَّ فَقْدَ الْفُضَلَاءِ مِنَ الدُّعَاةِ وَالْعُلَمَاءِ ؛مِنَ الْمَصَائِبِ
الْجِسَامِ وَالرَّزَايَا الْعِظَامِ ، الَّتِي تَحُلُّ بِالْأُمَّةِ عَامَّةً وَفِي
الْمُجْتَمَعِ خَاصَّةً ، لِأَنَّ فَقْدَ هَؤُلَاءِ فَقْدٌ لِمَا يَقُومُونَ بِهِ
مِنْ عِلْمٍ وَتَعْلِيمٍ وَدَعْوَةٍ وَنُصْحٍ وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ
مُنْكَرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، مِمَّا يُفِيدُ وَيَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا يَحْتَاجُونَهُ
لِسَعَادَتِهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ، يَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ
اللهُ-: لَمَّا كَانَ صَلَاحُ الْوُجُودِ بِالْعُلَمَاءِ ، وَلَوْلَاهُمْ كَانَ
النَّاسُ كَالْبَهَائِمِ بَلْ أَسْوَأُ حَالًا؛ كَانَ مَوْتُ الْعَالِمِ مُصِيبَةً
لَا يَجْبُرُهَا إِلَّا خَلَفُ غَيْرِهِ لَهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمُ
الَّذِينَ يَسُوسُونَ الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ وَالْمَمَالِكَ، فَمَوْتُهُمْ فَسَادٌ
لِنِظَامِ الْعَالَمِ ، وَلِهَذَا لَا يَزَالُ اللهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ
مِنْهُمْ خَالِفًا عَنْ سَالِفٍ يَحْفَظُ بِهِمْ دِينَهُ وَكِتَابَهُ وَعِبَادَهُ ،
وَتَأَمَّلْ إِذَا كَانَ فِي الْوُجُودِ رَجُلٌ قَدْ فَاقَ الْعَالَمَ فِي الْغِنَى
وَالْكَرَمِ، وَحَاجَتُهُمْ إِلَى مَا عِنْدَهُ شَدِيدَةٌ وَهُوَ مُحْسِنٌ إِلَيْهِمْ
بِكُلِّ مُمْكِنٍ ثُمَّ مَاتَ وَانْقَطَعَتْ عَنْهُمْ تِلْكَ الْمَادَّةُ، فَمَوْتُ
الْعَالِمِ أَعْظَمُ مُصِيبَةً مِنْ مَوْتِ مِثْلِ هَذَا بِكَثِيرٍ، وَمِثْلُ هَذَا
يَمُوتُ بِمَوْتِهِ أُمَمٌ وَخَلَائِقُ كَمَا قِيلِ:
تَعَلَّمْ مَا الــــــــــرَّزِيَّةُ فَقْدُ مَالٍ وَلَا
شَاةٌ تَمُوتُ وَلَا بَعِيرُ
وَلَكِنَّ الـــــــــرَّزِيَّةَ فَـــــــــــــــــقْدُ حُرٍّ يَمُوتُ بِمَوْتِهِ بَشَرٌ كَثِيرُ
فَفَقْدُ الْفُضَلَاءِ مِنَ الدُّعَاةِ وَالْعُلَمَاءِ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مُصِيبَةٌ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ، تُذَكِّرُنَا
بِمُصِيبَةِ فَقْدِ الْأُمَّةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي
الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَذْكُرْ مُصَابَهُ
بِي؛ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْمَصَائِبِ ))، يَقُولُ الْقُرْطُبِيُّ - رَحِمَهُ
اللهُ -: صَدَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّ الْمُصِيبَةَ
بِهِ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ يُصَابُ بِهَا الْمُسْلِمُ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ؛ انْقَطَعَ الْوَحْيُ، وَمَاتَتِ النُّبُوَّةُ، وَكَانَ أَوَّلَ ظُهُورِ
الشَّرِّ بِارْتِدَادِ الْعَرَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ أَوَّلَ انْقِطَاعٍ الْخَيْرِ
وَأَوَّلَ نُقْصَانِهِ.
فَفَقْدُ عُلَمَاءِ الدِّينِ، وَالدُّعَاةِ إِلَى شَرِيعَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
مُصِيبَةٌ تُذَكِّرُنَا بِمُصَابِ فَقْدِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، الَّتِي أَمَرَنَا صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أَنْ نَتَذَكَّرَهَا
عِنْدَ مَصَائِبِنَا، وَمِنْ ذَلِكَ فَقْدُ الْعُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ، وَخَاصَّةً
الْمَعْرُوفِينَ بِالدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ وَمُحَارَبَةِ الشِّرْكِ، وَنَشْرِ
السُّنَّةِ وَمُحَارَبَةِ الْبِدْعَةِ، وَالْحَثِّ عَلَى الِاجْتِمَاعِ وَالتَّحْذِيرِ
مِنَ الْفُرْقَةِ؛ فَمِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ وَأَشَدِّهَا مَوْتُ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ،
فَبِذَهَابِهِمْ يَنْقُصُ الْعِلْمُ وَالدَّعْوَةُ، وَتَتَبَدَّدُ قُوَى الْأُمَّةِ
وَتَضْعُفُ حَتَّى تُصْبِحَ فِي حَالَةٍ مُزْرِيَةٍ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَمُلَاحَظٌ:
الْأَرْضُ تَحْـيَا إِذَا
مَـــــــــــــا عَــاشَ عَالِـمُهَا
مَتَّى يَمُتْ عَالِمٌ فِيهَا يَمُتْ
طَرَفُ
كَالْأَرْضِ تَحْيَى إِذَا
مَا الْغَيْثُ حَلَّ بِهَا
وَإِنْ أَبَى عَــادَ فِي أَكْـنَافِهَا
التَّلَفُ
فَمَوْتُ الْعُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ أَهْلِ الْمَنْهَجِ الصَّحِيحِ وَالْعَقِيدَةِ
السَّلِيمَةِ، ثُلْمَةٌ وَظُلْمَةٌ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهَ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( إِنَّ اللَّهَ
لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ
يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا
اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ
فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا )).
فَمَوْتُ الرَّجُلِ مِنْ هَؤُلَاءِ يُعْتَبَرُ مُصِيبَةً لَا يُوجَدُ مِثْلُهَا
مُصِيبَةٌ إِلَّا مُصَابَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ
أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: إِنِّي أُخْبَرُ بِمَوْتِ الرَّجُلِ مِنْ
أَهْلِ السُّنَّةِ وَكَأَنِّي أَفْقِدُ بَعْضَ أَعْضَائِي. وَكَانَ أَيُّوبُ
يَبْلُغُهُ مَوْتُ الْفَتَى مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَيُرَى ذَلِكَ فِيهِ،
وَيَبْلُغُهُ مَوْتُ الرَّجُلِ يُذْكَرُ بِعِبَادَةٍ فَمَا يُرَى ذَلِكَ فِيهِ.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ:
إِنَّنَا فِي زَمَنٍ يَكْثُرُ فِيهِ أَهْلُ الْبِدَعِ وَالدُّعَاةُ إِلَى الْمَنَاهِجِ
الْبَاطِلَةِ، وَالْجَمَاعَاتُ الضَّالَّةُ، وَالْأَفْكَارُ الْمُنْحَرِفَةُ. وَأَهْلُ
الْعَقِيدَةِ السَّلِيمَةِ وَالْمَنْهَجِ الصَّحِيحِ قِلَّةٌ، فَمَوْتُ الْوَاحِدِ
مِنْهُمْ خَسَارَةٌ كَبِيرَةٌ، وَلِذَلِكَ يَجِبُ التَّرَؤُّفُ بِعُلَمَائِنَا وَدُعَاتِنَا،
نُعَامِلُهُمْ كَمَا كَانَ يُعَامِلُهُمْ أَسْلَافُنَا الصَّالِحُونَ، يَقُولُ سُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: إِذَا بَلَغَكَ عَنْ رَجُلٍ بِالْمَشْرِقِ وَآخَرَ بِالْمَغْرِبِ
فَابْعَثْ لَهُمَا بِالسَّلَامِ وَادْعُ لَهُمَا؛ مَا أَقَلَّ أَهْلَ السُّنَّةِ!.
وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطَ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ رَحِمَهُ
اللهُ: يَا يُوسُفُ إِذَا بَلَغَكَ عَنْ رَجُلٍ بِالْمَشْرِقِ صَاحِبِ سُنَّةٍ فَابْعَثْ
إِلَيْهِ بِالسَّلَامِ، وَإِذَا بَلَغَكَ عَنْ آخَرَ بِالْمَغْرِبِ صَاحِبِ سُنَّةٍ
فَابْعَثْ إِلَيْهِ بِالسَّلَامِ، فَقَدْ قَلَّ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
هَكَذَا - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - كَانَ يَنْظُرُ السَّلَفُ الصَّالِحُ لِأَهْلِ
الْعَقِيدَةِ السَّلِيمَةِ وَالْمَنْهَجِ الصَّحِيحِ، مَنْهَجِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، الَّذِي أَمَرَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ
عَلَيْهِ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ وَالْعَضِّ بِالنَّوَاجِذِ عَلَيْهِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ
الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ،
عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً وَجَلِتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَذَرَفَتْ
مِنْهَا الْعُيُونُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ
فَأَوْصِنَا، قَالَ: (( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ،
وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ
مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ
الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ
الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )).
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاعْرِفُوا لِأَهْلِ الْفَضْلِ
قَدْرَهُمْ، رَحِمَ اللهُ مَيِّتَهُمْ وَحَفِظَ حَيَّهُمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ،
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ
هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ
لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،
وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ:
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَقْدَ الْعُلَمَاءِ الْمُخْلَصِينَ، وَالدُّعَاةِ
النَّاصِحِينَ مُصِيبَةٌ عَظِيمَةٌ، فَرْحَةُ الُمْنَافِقِينَ وَأَهْلِ الْعَقَائِدِ
الْبَاطِلَةِ، وَالْمَنَاهِجِ الْمُنْحَرِفَةِ بِمَوْتِهِمْ، وَكَمَا قَالَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى: }إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ
تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا {، يَفْرَحُونَ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - لِأَنَّهُ إِذَا عُدِمَتِ
السُّنَّةُ وُجِدَتِ الْبِدْعَةُ، وَإِذَا انْحَسَرَ التَّوْحِيدُ انْتَشَرَ الشِّرْكُ،
وَإِذَا ضَاعَتِ الْوَحْدَةُ ظَهَرَتِ الْفُرْقَةُ، وَهَذَا مَا يُرِيدُهُ وَيَدْعُو
إِلَيْهِ الْمُبْتَدِعَةُ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ. وَلِذَلِكَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ
كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ تَمَنَّى مَوْتَ الْعَالِمِ السُّنِّيِّ مِمَّنْ يُرِيدُ
إِطْفَاءَ نُورِ اللهِ، فَعَنْ حَمَّادٍ قَالَ: حَضَرْتُ إِلَى أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ
وَهُوَ يُغَسِّلُ شُعَيْبَ بْنَ الْحَبْحَابِ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّ الَّذِينَ يَتَمَنَّوْنَ
مَوْتَ أَهْلِ السُّنَّةِ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ،
وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.
فَاتَّقُوا الله - عِبَادَ اللهِ -، وَاحْذَرُوا أَهْلَ الْفُرْقَةِ وَالْبِدْعَةِ،
وَاحْرِصُوا عَلَى الِاسْتِفَادَةِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، فَفَقْدُهُمْ
لَا يُعَوَّضُ، وَمَوْتُهُمْ مُصِيبَةٌ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ.
أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَحْفَظَ لَنَا عُلَمَاءَنَا
وَدُعَاتَنَا، اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ حَيًّا فَاحْفَظْهُ بِحِفْظِكَ، وَمَنْ
كَانَ مِنْهُمْ مَيِّتًا فَارْحَمْهُ رَحْمَةً وَاسِعَةً وَأَسْكِنْهُ فَسِيحَ جَنَّاتِكَ
يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي
الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ
فِي دِينِنَا وَدُنْيَانَا وَأَهْلِنَا وَمَالِنَا، اللَّهُمَّ اسْتُرْ
عَوْرَاتِنَا، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا، اللَّهُمَّ احْفَظْنَا مِنْ بَيْنِ
أَيْدِينَا، وَمِنْ خَلْفِنَا، وَعَنْ أَيْمَانِنَا، وَعَنْ شَمَائِلِنَا، وَمِنْ
فَوْقِنَا، وَنَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ نُغْتَالَ مِنْ تَحْتِنَا، يَا رَبَّ
الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ
وَالْغِنَى، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا سُعَدَاءَ وَأَمِتْنَا شُهَدَاءَ وَاحْشُرْنَا
فِي زُمْرَةِ الْأَتْقِيَاءِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. }رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{.
عِبَادَ اللهِ:
}إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ
ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{. فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ،
وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ،
وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا: http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|