نصيحة للآباء والطلبة بمناسبة العام الدراسي
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , ومن سيئات أعمالنا , من يهد الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم , وعلى آله وأصحابه , وبعد :
يقول الله عز وجل : { إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ {6}} يونس.
ويقول سبحانه : { يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ {44}} النور.
وهكذا تمضي السنين والشهور والأيام , فبالأمس كنا نوصي على أبنائنا , ونحث على حفظهم في الإجازة الصيفية , وها نحن اليوم نوصيهم بوصايا نحو عامهم الدراسي الجديد , حيث مضت هذه الأيام سريعاً .
أيها الشباب :
إن الأمم إذا افتخرت افتخرت بقوة شبابها وبصلاحهم , والمسلمون اليوم في شتى أقطار المعمورة يعلقون الآمال بكم , فكونوا عند حسن الظن بكم من الاستقامة على دين الله والنصح لأنفسكم ولأمتكم , فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يولي الشباب اهتماماً زائداً .
وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "يا غلام, إني أعلمك كلمات, احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله ".
وكان يقول لمعاذ بن جبل وهو رديفه على حمار : " أتدري ما حق الله على العباد وحق العباد على الله .." متفق عليه.
وقال لعمر بن سلمة: " يا غلام, سم الله, وكل بيمينك, وكل مما يليك " متفق عليه.
وعيّن أسامة بن زيد بن حارثة قائداً لجيش المسلمين, وهو شاب حدث, كل هذا وغيره يدل على اهتمامه عليه الصلاة والسلام بالشباب, لأنهم هم رجال المستقبل الذين سيتحملون الأعباء بعد آبائهم.
أيها الشباب:
إنكم في هذا العصر تتعرضون لتيارات فكرية وخلقية كثيرة تحملها وسائل الإعلام المختلفة عبر القنوات الفضائية وغيرها, كالمجلات, والكتب الهدامة التي تدعوا إلى كل رذيلة وتحذر من كل فضيلة, فإن لم تستمسكوا بحبل الله المتين وبالعروة الوثقى, فإنكم على خطر جسيم يهددكم صباح مساء.
أيها الشباب :
جدّوا في طلب العلم , وتوجوا العلم بالعمل الصالح , الذي يقربكم لمولاكم , واحفظوا أوقاتكم , واجعلوا أوقاتكم أغلى من الذهب والفضة على طلابها .
وأنتم أيها الآباء:
إني أذكركم ببعض مسؤولياتكم في بداية هذا العام الدراسي الجديد, فعليكم النصح لأبنائكم , وذلك بغرس العقيدة الصحيحة في عقولهم , وذلك من خلال حثهم على كتاب ربهم, وسنة نبيهم محمدٍ صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً, حثهم على الإخلاص والصدق , وحسن النية , لأن مراد الأعمال على صلاح النية , حثهم على مكارم الأخلاق , وتحذيرهم من سيئها, كونوا قدوة حسنة لهم , لأنهم ينشؤون على ما تعودونهم عليه , وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوَّده أبوه, حثوهم على مصاحبة الأخيار, وحذروهم من مصاحبة الأشرار.
قال عليه الصلاة والسلام : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ".
وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير .. " الحديث.
وقال الشاعر :
إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
أيها الآباء :
لقد حملكم الله عز وجل رعاية أولادكم , قال سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {6}}التحريم.
وقال عليه الصلاة والسلام: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل راع ومسئول عن رعيته والمرأة راعية ومسئولة عن رعيتها .. إلى أن قال عليه الصلاة والسلام , ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " متفق عليه .
أقول قولي هذا , واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه, إنه هو الغفور الرحيم.
|