خطبة عيد الفطر 1432هـ
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله والله أكبر, الله أكبر ولله الحمد. الله أكبر كبيرا, والحمد لله كثيرا, وسبحان الله بكرةً وأصيلا.
أيها المسلمون:
اتقوا الله تعالى واشكروه على عموم نعمه, فقد تأذن الله سبحانه للشاكرين لنعمه بالزيادة، (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)، وإن من نعمة الله علينا أن أكمل لنا شهر الصيام والقيام, فنحمد الله على ذلك, ونسأله أن يتم نعمته علينا بالقبول, وأن يغفر لنا ما حصل منا من خطأ وتقصير.
عباد الله:
اليوم عيدنا أهل الإسلام يستحب فيه إظهار الفرح والسرور وإدخال الفرح على الأهل والأولاد حسب أوامر شرعنا المطهر و إذا احتسبت فيها الأجر انقلبت عاداتنا عبادات فلله الحمد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) وقال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)، وعلى هذا فإن السعيد في هذا اليوم, من اجتهد في شهر رمضان, فصام وقام وأشغل وقته فيما يقربه إلى الله, وانكف عن معصية الله.
أيها المسلم:
إن الواجب عليك أن تعتز بدينك وأن تعلم بأن الله أعزنا بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله, وما ذاك إلا لأن الإسلام أعظم نعمة أنعم الله بها علينا, فهو دين كامل في اعتقاداته وفي تشريعاته وفي أوامره ومنهياته وفي آدابه وأخلاقياته.
والواجب عليك أن تحافظ على عقيدتك السليمة فبقدر تحقيقك للتوحيد يحفظك الله (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ- أي بشرك- أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) فلا تعلق بغير الله لا برجل صالح ولا بكاهن ولا بساحر ولا تعلق بالماديات فإن الله النافع الضار ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وإذا أردتم يا عباد الله معرفة قدر نعمة لله علينا بالإسلام, فانظروا ما عليه أمم الكفر اليوم, وما عليه ما يسمى بالدول الراقية, وما تعيشه من تخبط في العقائد وفساد في الأخلاق, وضياع وهكذا كل من حُرِمَ نور الإسلام, ونور التوحيد والسنة, فإنه يتخبط في الظلام (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ).
أيها المسلم:
إيِّاك أن تكون ممن لا يعرف الله إلا في رمضان فبئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان ولا ينكفون عن المعاصي إلا في رمضان فاعتقد أن الله معك أينما كنت وأعظم قدر الله في قلبك (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ), وإن من علامة قبول عملك واستفادتك من شهر الصيام, الاستمرار على طاعة الله وتحسُّن الحال.
أيها المسلمون:
إن من أبرز صفات المؤمنين المحافظة على الصلاة مع الجماعة (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)، والبيوت هي المساجد. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (ولقد علمتنا وما يتخلف عنها إلا منافق أو مريض) فحافظ أيها المسلم على الصلاة مع الجماعة, وإياك وخصال المنافقين والتي من أبرزها التخلف عن الصلاة.
إن أعظم الحقوق بعد حق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم حق الوالدين (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، وقرن النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين بالشرك فقال عندما سئل عن الكبائر: (الشرك بالله وعقوق الوالدين وقول الزور).
عباد الله:
صلة الرحم حق واجب, من وصلها وصله الله, ومن قطعها قطعه الله. وقَطْعُها من أسباب لعنة الله ونزول عقوبته, قال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)، فاعقد العزم على العفو عمن ظلمك واكسر حاجز الشيطان فإن الواصل الحقيقي التي إذا قطعت رحمه وصلها.
أيها المسلم:
اجتنب كل ما يثير العداوة والبغضاء بينك وبين إخوانك المسلمين, واعلم أن الهجر والقطيعة إذا لم تكن لله فإنها من كبائر الذنوب, قال صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث, فمن هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار)، وقال صلى الله عليه وسلم: ( تعرض الأعمال على الله يوم الاثنين والخميس فيُغْفَر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا المتشاحنين يقول الله أَنظِروا هذين حتى يصطلحا).
أيها المسلمون:
أكل الربا جريمة كبيرة وحرب لله ورسوله, فإيِّاكم وكل معاملة يدخلها هذا الذنب العظيم
إنِّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصائص هذه الأمة التي تميزت بها عن غيرها من الأمم, فأحيوا هذه الشعيرة وقوموا بها كما أمركم الله: في بيوتكم, ومدارسكم, وأسواقكم, ومجالسكم, ولا تضيعوها, فإن تضييعها من أسباب نزول عقوبة الله.
أيها المسلمون:
تذكَّروا قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)، فألزموا أنفسكم تقوى الله, وأصلحوا من تعولون في بيوتكم من زوجات وبنين وبنات بداية بأهم الواجبات وهو التوحيد فهذا يعقوب عليه السلام عند موته اطمأن على عقيدة أبنائه وهم أنبياء (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ ....).
ومروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، ربوهم على البر والصلة وحسن الجوار, ومجالسة وحب العلماء والأخيار, وحذروهم من العقوق والقطيعة وأذية الناس. وطهروا بيوتكم من الوسائل التي تفسد عقيدة وأخلاق أولادكم من أغاني وصور محرمة وقنوات, وإياكم والتساهل في ذلك.
الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله والله أكبر, الله أكبر ولله الحمد.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه, والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله والله أكبر, الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلم:
اعلم أن هذا الدين محفوظ بحفظ الله وإن تكالب الأعداء ولكن لا بد أن نعلم بأن الإسلام يريد حَمَلَةً يحملونه لأن الله تعالى قال: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ)، أي: بالعلم والعمل.
إن دين الله لا ينتصر بأُناس متفرقين في مذاهبهم ومشاربهم, واتجاهاتهم, ونياتهم. ولا ينتصر بتكوين الأحزاب والجماعات, أو الإنقلابات, وسفك الدماء, وتحكيم العواطف. ولا ينتصر بشباب تافه قد أثرت فيه المدنية الغربية الكافرة, أو تربى على ما يعرض في القنوات الفضائية, أو حصر همه على الولاء والبراء للأندية الرياضية, أو امتلأ قلبه إعجاباً بالكفار حتى انعكس ذلك على لباسه وتصرفاته.
دينُ الله ينتصر بأناس أخلصوا دينهم لله, وساروا على منهج السلف الصالح وهو المنهج الذي كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم علماً وعملاً.
دين الله يريد أناساً يجعلون نصب أعينهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهدي الصحابة, يأخذون من هذه الأصول عقيدتهم وعبادتهم وأخلاقهم. يربون أنفسهم وغيرهم على ذلك.
دين الله يريد أناساً يلزمون أهل العلم وجماعة المسلمين وإمامهم. عند ذلك ينشأ جيل عظيم يقذف الرعب في قلوب الأعداء من مسيرة شهر ويأتيه النصر من عند الله. واللهُ تعالى قادر على إيجاد هذا الجيل, إذا لم نسْعَ لإيجاده، ولكنه سبحانه يبتلينا لينظر هل نعد العدة الإيمانية الصحيحة؟ أم أننا نركن إلى الدنيا ونتولى على أدبارنا (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ).
شباب المسلمين:
راقبوا الله واقدروا الله حق قدره فإن سهام الأعداء تقصدكم من خلال وسائل الاعلام المتنوعة فأقيموا حقيقة الشكر في أفعالكم كما أقمتموها بقلوبكم.
يا نساء المسلمين:
اتقين الله, وتذكرن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها, وحصنت فرجها, وأطاعت زوجها, قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ) فاتقينَ الله , وقرنَّ في بيوتكن ولا تبرجنَّ تبرج الجاهلية الأولى, وأقمنَ الصلاة في وقتها, وعليكنَّ بالصدقة وعليكنَّ بغض البصر وحفظ اللسان عن الغيبة والسب واللعن, واحذرنَ من الألبسة المخالفة للشرع والتي كثرت الدعاية لها عبر المجلات والفضائيات خصوصاً في أيام العيد والزواجات، وإياكنَّ والتساهل مع غير المحرم من سائق أو قريب أو جار أو صاحب متجر وإيّاكنّ والتساهل في أمر الحجاب الشرعي والذي يعتبر زينة المرأة المؤمنة وشعارها الظاهر الذي تتميز به عن غيرها من النساء.
ولا تغتري بالشعارات التي تدعو المرأة إلى كشف الحجاب والاختلاط بالرجال وقيادة المرأة للسيارات فإن وراء هذه الدعايات أناس باعوا دينهم بدنياهم وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ .
الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله والله أكبر, الله أكبر ولله الحمد.
اللهم كما بلغتنا وأنعمت علينا بصيام شهر رمضان وقيامه، فاللهم تقبل صيامنا وقيامنا، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا، اللهم تقبل صيامنا وقيامنا ولا تردنا خائبين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أعتق رقابنا من النار، اللهم أعتق رقابنا من النار، اللهم أعتق رقابنا ورقاب والدينا والمسلمين من النار يا رب العالمين اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين واحم حوزةَ الدين، وانصر عبادك المؤمنين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارحم المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم عليك بالظلمة المعتدين والكفرة الملحدين، الذين يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم شتتّ أمرهم وفرّق كلمتهم، وزلزل الأرض من تحت أقدامهم اللهم سلط عليهم منْ يسومهم سوء العذاب يا قوي يا متين، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوءٍ فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا له يا سميع الدعاء، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين لرضاك، واجعل عمله في رضاك، اللهم وفقه وإخوانه وأعوانه لما فيه صلاح العباد والبلاد، اللهم هيئ له البطانة الصالحة يا رب العالمين.
اللهم فرّج هم المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين وفك أسر المأسورين واشف برحمتك مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين يا أرحم الراحمين، اللهم أصلح أحوالنا وقلوبنا وأعمالنا وذرياتنا ، اللهم أصلح شباب المسلمين وفتياتهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مُضلين، اللهم وفق نسائنا ونساء المسلمين لكل خير، اللهم زينهن بزينة الإيمان، واحفظهن من التبرج والسفور وأعذهن من دعاة الضلالة والمجون، اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم، ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم أنت الله لا إله أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل غلينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا غيثا هنيئا مرئيا سحقا غدقا مجللا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين اللهم بنا من الضيق والظنك ملا نشكوه إلا إليك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا, يا مغيث أغثنا يا مغيث أغثنا يا مغيث أغثنا، ربنا تقبّل منّا إنك أنت السميع العليم، وتبّ علينا إنك أنت التواب الرحيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|