خطبة جمعة عن / المرض والنضرة الشرعية
إن الحمد لله نحمد وستعينه ...........................................
أيها الإخوة المسلمون : في هذه الأيام في وقت النقلة من فصل الصيف إلى فصل الشتاء تكثر إصابة الناس بأمراض معلومة من حمى وزكام ونحو ذلك , وفي الحقيقة أن الكثير من الناس يخفى عليه ما يتعلق في المرض من الجهة الشرعية ولعله – أيها الإخوة – يكون حديثنا اليوم عن المرض من بعض زواياه الكثيرة , فالأمراض التي تصيب الإنسان كثيرة ومتنوعة وتختلف قوة وضعفا , فمنها الدائمة الذي لا يرجى برؤها, ومنها الوقتية التي يتعافى الإنسان منها بعد فترة بعد تناول الدواء المناسب , وبعضها لا يؤثر على نشاط الإنسان ولا تعيقه عن مواصلة سعيه في الأرض , وبعضها تلزم الإنسان الفراش وتقعده عن السعي في مصالحة , وبعضها تورد الإنسان حفر المنايا والقبور , وهذه سنة الله في خلقه , لا تستقيم الحياة إلا بوجود الأضداد , ولا تستقيم الحياة لأحد على نمط واحد أبدا , مرض وصحة , غنى وفقر , تعب وراحة , سعادة وشقاء , وهكذا هي الحياة كلها . المرض – أيها الإخوة – ليس محبوبا على إطلاقه , كما انه ليس مكروها على إطلاقه , فلا شك ان المرض يضر بالإنسان فتكرهه النفوس وتسعى في معالجته فليس الصحيح كالسقيم , المرض يمنع الانسان عن القيام بكثير من الاعمال التي يقوم بها لو كان صحيحا معافى حتى أنه يمنع الانسان من التعبد لله على الوجه الاكمل والتزود من الطاعات وفعل الخيرات ولذلك فقد جاء في الحديث : وخذ من صحتك لسقمك . الامر الذي يحسن بنا أن نعلمه – أيها الاخوة – هو ما ورذ من النصوص الشرعية في فضل الاصابة بالامراض وما ينتج عن ذلك من تكفير للسيئات ورفعة للدرجات , وكذلك ما هو موقف المسلم من المرض , وكذلك ماهو العلاج الشرعي للامراض , فلاحاديث الواردة في فضل الاصابة بالامراض كثيرة جدا منها : ما روى البخاري مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه } والوصب: المرض. ومنها عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حطّ الله به من سيئاته كما تحط الشجرة ورقها } [متفق عليه 0 ومنها ما روى مسلم عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب فقال: { مالك يا أم السائب تزفزفين؟ }، قالت: الحمى لا بارك الله فيها. فقال: { لا تسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد 0 ومنها ما رواه أبو داود عن أم العلاء رضي الله عنها قالت: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة فقال: { أبشري يا أم العلاء، فإن مرض المسلم يذهب الله به الخطايا، كما تذهب النار خبث الذهب والفضة ) ومنها ما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة0 ومنها ما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة }
فهذه الاحاديث – أيها الاخوة – وغيرها الكثير تبعث عند المؤمن روح التفائل لحصول الاجر من الله واحتساب المرض , كما أنها تدل على عظم أجر المريض عند الله إن هو صبر واحتسب وقابل ما يصيبه بالتسليم والرضا وعدم الجزع والتضجر والتسخط وأخذ بالأسباب المشروعة في العلاج . إن في المرض - ايها الاخوة – فوائد كثيرة للانسان عموما وللمسلم خصوصا فمن تلك الفوائد أن المرض والبلاء يبين للإنسان كم هو ضعيف مهما بلغت قوته، فيذكره ذلك الشعور الذي يحس به عند مرضه بربه الغني الذي كمل في غناه ، القوي الذي كمل في قوته، فليلجأ إلى مولاه بعد أن كان غافلاً عنه ، ويترك مبارزته بالمعاصي بعد أن كان خائضاً فيها. ومن الفوائد أيضا أن المرض يريك – أيها المسلم - نعم الله عليك كما لم ترها من قبل ، ففي حال المرض يشعر الإنسان شعوراً حقيقياً بنعمة الصحة ، ويشعر أيضاً بغبطته في هذه النعمة التي أنعم الله بها عليه سنين طويلة ، وهو مع ذلك لم يؤد حق الشكر فيها ، ومن ثم يعاهد ربه فيما يستقبل من أمره أن يكون شاكراً على النعماء ، صابراً على الضراء فتتحسن حاله مع ربه ويصحح مساره في الحياة , ويعلم أن الذي آتاه المرض سيأتيه بما هو أشد من ذلك متلى ما أراد ذلك , بل قادر على أن يأتيه بالموت في أي لحظة متى ما جاء اجله ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) فعلى كل مسلم ألا يكره المرض لذاته ولا يسبه , فربما صحت الأجسام بالعلل . (والله غالب على أمره ولكن أثرا الناس لا يعلمون ) بارك الله لي ولكم ......................
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا كثيرا ...................................
أيها الاخوة المسلمون : اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
عباد الله : جاء في الحديث ما من داء إلا وله دواء علم ذلك من علمه وجهله من جهله إلا داء الهرم والموت . ولذلك نجد نبينا محمد صلى الله عليه تداوى وأمر بالتداوي وأرشد الى أشياء من الدواء , وهذا كله لا ينافي التوكل على اله والاعتماد عليه في كل صغير وكبير , بل قد قال الله تعالى في كتابه العزيز ( وننزل من القرآن ما شفاء ورحمة للمؤمنين ....) وقال سبحانه عن العسل ( يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ...) وقد وردة نصوص كثيرة من الكتاب والسنة يحسن بالمسلم أن يعلمها ويعمل بها إذا أصيب بمرض من الامراض يقرئها على نفسه أو يرقي بها غيره فمن ذلك : قوله تعالى : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ ) وقوله : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) وقول سبحانه : ( وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ … ) وقوله عز وجل : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ … ) وقوله تعالى : ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ )
ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً. وقوله صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص لما اشتكى إليه وجعاً يجده في جسده فقال له صلى الله عليه وسلم: ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثاً … وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر 0 ومن ذلك ما روى أبو داود عن أبي الدر داء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اشتكى منكم شيئاً أو اشتكاه أخ له فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك ، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء ، اجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا , أنت رب الطيبين أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ.
وينبغي أن يَقرأ المريض على نفسه الفاتحة، وقل هو اللّه أحد، والمعوّذتين وينفث في يديه ويقول ( أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ) سبع مرات , إن كان سقرء على احد أو على نفسه 0 ويقول ( بسم الله أرقي نفسي , أو أرقيك من كل شر يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك .
6 - وضع اليد على المكان المؤلم من الجسم ثم يقول: ( بسم الله ) [ثلاثاً] ثم يقول: ( أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ) [سبعاً].
ويقول : ( أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون . ويقول أيضا : ( أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة . ويقول : ( بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ) ثلاثاً
كل ذلك وغيره – أيها الاخوة – من ارقى الشرعية نافع بإذن الله , فارقوا أنفسكم وأهليكم وأبنائكم , وانفعوا من تستطيعون نفعه , فقد قال صلى الله عليه وسلم : من استطاع ان ينفع أخاه فلينفه 0 وقال عليه الصلاة والسلام : خير الناس لأنفعهم للناس 0
ألا وصلوا وسلموا .................. |