استقبال شهر رمضان
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين , أما بعد :
أيها المؤمنون :
لقد أمرنا الله عز وجل بعبادته, قال تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إلا لِيَعْبُدُونِ {56}}الذاريات.
وقال تعالى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ {99}} الحجر.
وعملُ المؤمن, وعبادته لربه ليس لها منتهى إلا الموت؛ ولكن هناك بعض المواسم خصها الشارع بمزيدٍ فضل, فيجب على العاقل أن يغتنم هذه المواسم, حيث تضاعف فيها الحسنات , وتكفر السيئات ,
ومن المواسم العظيمة التي خصها الله عز وجل بمزايا عظيمة,
شهر رمضان المبارك .
قال تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} البقرة .
[ فيا له من موسم عظيم الشأن , وقد قارب حلوله عليكم ضيفاً مباركاً, ووافداً كريماً , فاستقبلوه بالغبطة والسرور , واشكروا الله إذ بلغكم إياه , واسألوه أن يعينكم على العمل الصالح فيه, واسألوه القبول ] الخطب المنبرية 1/75.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ببلوغ رمضان, وكان يقول: " اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان " 0
أيها المسلمون :
إنه لشهر عظيم [ يعظم الله فيه الأجر, وينزل المواهب , ويفتح أبواب الخير فيه لكل راغب , شهر الخيرات والبركات , شهر المنح والهبات , شهر محفوف بالرحمة والمغفرة والعتق من النار, أوله رحمة , وأوسطه مغفرة , وآخره عتق من النار , اشتهرت بفضله الأخبار , وتواتر فيه الآثار , ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين "()0
وروى الإمام أحمد والترمذي بسند جيد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال : " آمين , آمين , آمين
فقيل له يا رسول الله, ما كنت تصنع هذا, فقال: " قال لي جبريل: أرغم الله أنف عبد _أو بعّد_ دخل عليه رمضان فلم يغفر له, فقلت: آمين. ثم, قال: رغم أنف عبد _أو بعد_ أدرك والديه أو أحدهما لم يدخله الجنة, فقلت: آمين. ثم قال: رغم أنف عبد _أو بعد_ ذكرت عنده فلم يصل عليك, فقلت: آمين " ورواه ابن خزيمة وهذا لفظه.
أيها الناس :
لا يفوتكم هذا الأجر العظيم, فاحتسبوا واسألوا الله القبول , قال صلى الله عليه وسلم: " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ". ومعناه: إيماناً بالله واحتساباً للأجر والثواب .
واعلموا أن المسلم إذا صام الشهر وتجنب الكبائر, غفر الله ما بدر منه طيلة العام.
روى الإمام مسلم عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصلوات الخمس, والجمعة إلى الجمعة, ورمضان إلى رمضان, مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ".
أيها المسلمون :
استقبلوا شهركم بقلوب مقبلةٍ على الله عز وجل, محبة للطاعات وفعلها, وحثوا أبناءكم وخدمكم, وعمَّالكم المسلمين على الصيام .
وهنا أمر يجب التنبيه عليه , وهو أن بعض الشباب أو الشابات يبلغون ولا يصومون, وذلك راجع لجهلهم وتفريط أهلهم, فإذا كبر الواحد منهم أخذ يسأل ثم أعاد صيام ما فاته فشق عليه, وهو أمر يكثر في النساء حيث أن الفتاة ترى دم الحيض في سن مبكرة, وهو علامة على بلوغها, ولكنها لا تصوم, وهذا جهل في دين الله, فالواجب على راعي الأسرة أن يحث أهله على الصيام ويخبرهم بعلامات البلوغ, سواء كانوا من الذكور أو الإناث, وكذلك يحث الصبيان على الصيام حتى يتعودوا عليه 0
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {183}}البقرة0
|