المطالب الخيّرات في أسباب البركات
الحمد لله، تباركَ في ذاته وباركَ من شاءَ من خلقه، ولا يُوفِي
قدرَه بشرٌ، ولا ينفكُّ مخلوقٌ عما قدّر، هو الأول؛ فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس
بعده شيء، وهو الظاهر؛ فليس فوقه شيء، وهو الباطن؛ فليس دونه شيء، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله -صلى الله عليه وعلى
آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً- إلى يوم لقائه، أما بعد:
عباد
الله: فإنه ينبغي للمسـلم أن يسعى جاهداً في الأسباب التي ينال بها بركة العُمر
والعلم والعمل، وبركة المال والولد والأهل؛ فيصبح بذلك سعيداً ومسعداً، صالحاً
ومصلحاً، حياً وميْتاً.
فمن
الأسباب الشرعية الجالبة للبركة:
أولاً؛
تقوى الله في السر والعلن؛ فبعض الناس يتقي الله في العلن وإذا خلا بمحارم الله
انتهكها؛ فبالتقوى -يا عبدالله- يبارك لك وتفتح أبواب الخيرات والبركات، قال تعالى: )وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ
الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون).
ثانياً:
تعلّم القرآن وتدبره، قال تعالى: )كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ( فكلام ربنا بركة علينا، ورحمة بنا، وشفاءً
وعلماً وهُدى لنا.
ففي
القران خير كثير، وعلم غزير، فيه كل هدى من ضلالة، وشفاء من داء، ونور يستضاء به
في الظلمات، وكل حكم يحتاج إليه المكلفون، وفيه من الأدلة القطعية على كل مطلوب،
ما كان به أجل كتاب طرق العالم منذ أنشأه الله.
ثالثاً:
ومن أسباب حصول البركة؛ اتباع السُنة في كل شيء، في الملبس والمأكل والمدخل
والمخرج؛ فسُنة النبي -صلى الله عليه وسلم- تجعل العبد مباركاً أينما كان. قال
ابن القيِّم رحمه الله: "ولا يحبك الله إلا إذا اتبعت حبيبه ظاهراً وباطناً، وصدَّقته
خبراً، وأطعته أمراً، وأجبته دعوةً، وآثرته طوعاً، وفنيت عن حكم غيره بحكمه، وعن
محبة غيره من الخلق بمحبته، وعن طاعة غيره بطاعته، وإن لم يكن ذلك فلا تتعنَّ،
وارجع من حيث شئت، فالتمس نوراً فلست على شيء.
رابعاً:
الدعاء؛ فإنه ينبغي للمسلم أن يُكثر من الدعاء بالبركة في ماله ووقته وزوجته
وأولاده وسائر شؤونه؛ وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيراً ما يسأل الله تعالى
البركة لنفسه ولأصحابه: "اللَّهُمَ
قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي، وَبَارِكْ لي فِيهِ، وَاخْلُفْ عَلَيَّ كُلَّ
غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ". فقوله ( وبارك لي فيه) وزدني
في رزقي، واجعله نامياً، وخيراً دائماً من الحلال الطيب.
خامساً:
ومن أسباب حصول البركة؛ صلة الرحم وزيارة الأقارب، فهي توسِّع في الأرزاق، وتزيد
في الأعمار، وتبارك في الأوقات؛ يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-:"مَن أحبَّ أن يُبسَط
له في رِزقه وينسَأ له أثره فليصِل رحمه"
رواه البخاري.
وما
يُدريك أيها الشاكي من قلة البركة في عُمره ووقته ورزقه أن ذلك بسبب قطيعتك
لأرحامك وجفوتك؛ فإن من قطع رَحِمَه قطعه الله، ومن وصلها وصله الله.
سادساً:
ومن أسباب حصول البركة؛ الصدق في المعاملة من بيع وشراء وتجارة وشراكة، جاء في
الصحيحين: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
"الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ
يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ
كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا".
أقول
ما تسمعون، واستغفر الله لي ولكم فاستغفروا إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة
الثانية
الحمد لله رب الأرباب ومسبب الأسباب وخالق خلقه من تراب وأشهد أن
لا إله إلا الله العزيز الوهاب وأشهد أن
محمداً عبده ورسوله خير من دعا ربه وأناب صلى الله عليه وعلى آله والأصحاب أما بعد :
سادساً:
ومن أسباب حصول البركة؛ التبكير بالأعمـال والتجـارات وطلب العلم وغير ذلك
وقضـاؤها أول النهار، قال -عليه الصلاة والسلام-:
"اللهم بارك لأمتي في بكورها" (رواه أحمد، وصححه
الألباني وَكانَ صلى الله عليه وسلم إذا بَعثَ سريَّةً أو جيشًا بَعثَهُم من
أوَّلِ النَّهارِ. وَكانَ صخرٌ وهو الصحابي الجليل: صخر بن وداعة الغامدي رجلًا
تاجرًا، وَكانَ يَبعثُ تجارتَهُ من أوَّلِ النَّهارِ فأثرَى وَكَثُرَ مالُه. وفيه:
التَّرغيبُ في العَملِ بسُنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبما أَوْصى
بِه، وأنَّ ذلِكَ سَبَبٌ للبَرَكة.
و-أيضاً-
من الأسباب الشرعية الجالبة للبركة وهي كثيرة: إنفاق المال وإخراج الزكاة، وأخذ
المال بسخاوة نفس من غير شره ولا إلحاح في المسألة، والرضى والقناعة بما قسم الله،
وصلاة الاستخارة، كل هذه من أسباب البركة في العُمر والعلم، والمال والأهل.
ثم
صلوا وسلموا ....
اللهم بارك لنا في أعمارنا، وبارك لنا في أعمالنا، اللهم وبارك
لنا في أزواجنا وذرياتنا، اللهم بارك لنا في أموالنا وفي أوقاتنا، اللهم وبارك لنا
في صحتنا وعافيتنا، واجعلنا مبارَكِين أينما كنّا. اللهم أصلح
قلوبنا وأعمالنا وأحوالنا ، اللهم حببّ إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا وكره إلينا
الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، اللهم اكفنا والمسلمين شر الأشرار
وكيد الفجار، اللهم ولّ على المسلمين خيارهم واكفهم شرارهم يا رب العالمين، اللهم
وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم من أنصار دينك يا ذا الجلال
والإكرام، اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا بسوء اللهم فأشغله في نفسه واجعل كيده في
نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا
وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات انك سميع قريب
مجيب الدعوات. اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب
العالمين .
ولـلمزيد من خطب الشيخ الوليد الشعبان تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129
|