اِغْتِنَاْمُ اَلْأَجْرِ فِيْ اَلْعَشْرِ
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ ، الرَّؤُوفِ الْعَظِيمِ الْمَنَّانِ ، الْغَنِيِّ الْقَوِيِّ السُّلْطَانِ ، الْحَلِيمِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَن ، الْمُنْعِمِ عَلَىْ خَلْقِهِ بِجُودِهِ وَفَضْلِهِ ، الْمُتَصَرِّفِ بِكَوْنِهِ بِحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ . } وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ، وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ، يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {. أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ ، } لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ ، وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، } لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، الْبَشِيرُ النَّذِيرُ ، وَالسِّرَاجُ الْمُنِيرُ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ :
تَقْوَى اللَّهِ U ، وَصِيَّةُ اللَّهِ لِعِبَادِهِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ ، فَهُوَ الْقَائِلُ U مِنْ قَاْئِلٍ : } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { فَلْنَتَّقِ اَللَّهَ ـ أَحِبَّتِيْ فِيْ اَللَّهِ ـ جَعَلَنِي اَللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ .
أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ الْمُؤْمِنُونَ :
مِنْ فَضْلِ اللَّهِ U وَإِنْعَامِهِ وَجُوْدِهِ وَكَرَمِهِ عَلَى عِبَادِهِ ، أَنْ جَعْلَ لَهُمْ مَوَاسِمَ مُتَنَوِّعَةً، وَمُنَاسَبَاتٍ مُتَعَدِّدَةً، يَسْتَغِلُّونَ وُجُودَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ، لِيَسْتَعْمِلُوهَا بِمَا يُقَرِّبُهُمْ مِنْهُ جِلَّ جَلَالِهِ، لِيُكَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ، وَيَرْفَعَ لَهُمْ دَرَجَاتِهِمْ ، وَيَتَمَيَّزُوْنَ مِنْ خِلَالِهَا عَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْكُسَالَىْ وَالْغَافِلِينَ ، فَيَكُونُوا عَلَى صِلَةٍ دَائِمَةٍ بِهِ جِلَّ جَلَالِهِ .
وَمِنْ هَذِهِ الْمَوَاسِمِ الْكَرِيمَةِ ـ أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ ـ وَالْمُنَاسَبَاتِ الْمُتَمَيِّزَةِ الْعَظِيمَةِ ، الْأَيَّامُ الْعَشْرُ الْأَوَّلُ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، فَهِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا عَلَى الْإِطْلَاقِ ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ r : (( أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعُشْر )) أَيْ عَشَرَ ذِيْ اَلْحِجَّةِ ، وَلِفَضْلِهَا ـ أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ ـ وَعَظْمِ شَأْنِهَا وَمَكَانَتِهَا ، أَقْسَمَ اللَّهُ U بِهَا فِي كِتَابِهِ، وَالْعَظِيمُ لَا يُقَسِّمُ إِلَّا بِعَظِيمٍ ، يَقُولُ U : } وَالْفَجْرِ ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ { ، يَقُوْلُ اِبْنُ عَبَّاْسٍ ـ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُمَاْ ـ : } وَلَيالٍ عَشْرٍ { مِنْ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ .
فَالْعُشْرُ ـ أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ ـ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ لَيْسَتْ كَسَائِرِ الْأَيَّامِ، فَهِيَ ذَاتُ فَضْلٍ عَظِيمٍ، يَكْفِي فِي تَمَيُّزِهَا وَفَضْلِهَا وَعَظَمَتِهَا ، وَحِرْصِ اَلْمُسْلِمِ عَلَى اِسْتِغْلَالِهَا : أَنَّ اللَّهَ U يُحِبُّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِيهَا، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ )) ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: (( وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، وَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )) .
تَخَيَّلْ ـ أَخِي الْمُسْلِمِ ـ مِقْدَارَ مَحَبَّةِ اللَّهِ U لَكَ ، عِنْدَمَا تَخْرُجُ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِهِ U بِنَفْسِكَ، وَمَعَكَ كُلُّ مَا تَمْلِكُ مِنْ مَالِكٍ ، فَتَقْتُلَ شَهِيدًا ، وَلَا يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ إِلَّا خَبَرُكَ ! اَلْعَمَلُ الصَّالِحُ ، يُحِبُّهُ اللَّهُ U مِنْكَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ ، مَحَبَّةً لَا يَكُونُ أَفْضَلُ مِنْهَا عِنْدَهُ U وَلَا أَحَبُّ، إِلَّا ذَلِكَ الَّذِي أَنْفَقَ مَالَهُ وَنَفْسَهُ فِي سَبِيلِهِ تَعَالَى .
وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ ـ أَخِي الْمُسْلِمِ ـ عِنْدَمَا تَعْمَلُهُ ، فأَنْتَ الْمُسْتَفِيدُ أَوَّلًا وَآخِرًا يقول U : } مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ {، وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ الصَّحِيحِ يَقُولُ U : (( يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا )). فَإِنْ صَلَّيْتَ ، فَأَنْتَ الْمُسْتَفِيدُ، وَإِنْ صَمَتَ فَأَنْتَ الْمُسْتَفِيدُ، وَإِنْ تَصَدَّقَتَ فَأَنْتَ الْمُسْتَفِيدُ، وَإِنْ قَرَأَتَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، أَوْ ذَكَرْتَهُ U ، فَأَنْتَ الْمُسْتَفِيدُ. فَعَمَلُكَ الصَّالِحِ ، لَا يَزِيدُكَ إِلَّا رِفْعَةً وَمَكَانَةً وَمَنْزِلَةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : } مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ { .
أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ :
لَقَدْ أَدْرَكَ السَّلَفُ الصَّالِحُ ، أَهَمِّيَّةَ هَذِهِ الْعُشْرِ، فَقَدَرُوا لَهَا قَدْرَهَا ، وَعَظَّمُوا أَمْرَهَا، وَلَمْ يُفَرِّطُوا بِلَحْظَةٍ مِنْ لَحَظَاتِهَا، فَضْلًا عَنْ لَيَالِيهَا وَأَيَّامِهَا ، يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسِ رضي الله عنهما: كَانَ ابْنُ عُمَرَ ، وَأَبُو هريرة رضي الله عنهما يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ، يُكْبُرَانِ وَيَكْبُرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا . وَكَانَ سَعِيدُ بْنِ جُبَيْرِ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا دَخَلَتْ الْعُشْرُ الْأَوَّلُ ، مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، يَجْتَهِدُ اجْتِهَادًا مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : لَا تُطْفِئُوا سُرُجَكُمْ لَيَالِيَ الْعُشْرِ ، تُعْجِبُهُ الْعِبَادَةُ .
فَلَنَغْتَنِمْ ـ أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ ـ هَذِهِ الْأَيَّامِ ، بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، قَبْلَ فَوَاتِ الْأَوَانِ، وَرَحِيلِ الزَّمَانِ ، فَلَا نَدْرِي أَنُدْرِكُهَاْ عَاْمًا آخَرَ ، أَوْ تُدْرِكُنَا وَنَحْنُ تَحْتَ الثَّرَى ، كَغَيْرِنَا مِمَّنْ فَرَّطَ فِيهَا ، وَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ ، وَقَدِمَ إِلَى مَا قَدَّمَ ، يَتَمَنَّى الْحَسَنَةَ الْوَاحِدَةَ ، وَلَكِنْ كَمَاْ قَاْلَ تَعَاْلَىْ : } حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ، قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ، كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا، وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ، فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ، فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ، فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ، فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ { .
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ عَلى إحسَانِهِ ، والشُّكرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وامتِنَانِهِ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تعظِيماً لِشَأنِهِ ، وأشهدُ أنَّ مُحمَداً عبدُهُ ورسولُهُ ، الدَّاعِي إلى رضوانِهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلهِ وأصحابِهِ وسلّمَ تَسليماً كثيرا .
أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ الْمُؤْمِنُونَ :
وَمِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَيَّامِ الصِّيَامُ ، وَفِي الْحَدِيثِ اَلْصَّحِيْحِ يَقُولُ r: (( مَنْ صَامَ يَوْمًا فِيْ سَبِيلِ اللَّهِ، بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا )).
وَمِنْ اَلْصِّيَاْمِ فِيْ هَذِهِ اَلْعَشْر: صِيَامُ يَوْمِ عَرْفَة ، فَفِي الْحَدِيثِ اَلْصَّحِيْحِ يَقُولُ r: (( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ، أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ )) .
وَمِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْإِنْفَاقُ وَالصَّدَقَةُ لَاْ سِيَّمَا كِسْوَةَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، فَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ النَّبِيِّ r قَاْلَ: (( أَيُّمَاْ مُسْلِمٍ كَسَا مُسْلِمًا ثَوْبًا عَلَى عُرْيٍ، كَسَاهُ اَللَّهُ مِنْ خُضْرِ اَلْجَنَّةِ, وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ أَطْعَمَ مُسْلِمًا عَلَىْ جُوعٍ أَطْعَمَهُ اَللَّهُ مِنْ ثِمَارِ اَلْجَنَّةِ, وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ سَقَى مُسْلِمًا عَلَى ظَمَإٍ سَقَاهُ اَللَّهُ مِنْ اَلرَّحِيقِ اَلْمَخْتُومِ )) فَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ
وَمِنْ الْأَعْمَالِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ U، وَخَاصَّةً فِي آخَرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ، وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ : الْأُضْحِيَّةُ ، فَهِيَ شَعِيرَةٌ مِنْ أَهَمِّ شَعَائِرِ اَلْدِّينِ ، وَمَشْرُوعَةٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ هِيَ سَنَةٌ مُؤَكِّدَةٌ ، فَعَلَهَا النَّبِيُّ e، وَحَثَّ أُمَّتَهُ عَلَى فِعْلِهَا، وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ فِي وَقْتِهَا مِنْ الْحَيِّ عَنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَهُ أَنْ يُشْرِكَ فِي ثَوَابِهَا مِنْ شَاءَ مِنْ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ. وَعَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ -أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ- الْإِحْرَامُ عِنْدَ دُخُولِ شَهْرِ ذِيْ اَلْحِجَّةِ ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ e فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : (( مَنْ رَأَىْ هِلَالَ ذِيْ الْحِجَّةِ ، فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ )) .
أَسْأَلُهُ U أَنْ يُوَفِّقَنِي وَإِيَّاكُمْ لِهُدَاهُ ، وَأَنْ يَجْعَلَ عَمَلِيَّ وَعَمَلَكُمْ فِي رِضَاهُ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاً : } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، فَاَلْلَّهُمَّ صَلِيْ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ اَلْإِسْلَاْمِ وَعِزَّ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِيْ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ مَنْ أَرَاْدَ بِلَاْدَنَاْ بِسُوْءٍ ، اَلْلَّهُمَّ اَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاَجْعَلْ كَيْدَهُ فِيْ نَحْرِهِ ، وَاَجْعَلْ تَخْطِيْطَهُ وَتَدْبِيْرَهُ تَدْمِيْرَاً عَلَيْه . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ جُنُوْدِنَاْ عَلَىْ حُدُوْدِنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ اُنْصُرْهُمْ نَصْرَاً مُؤَزَّرَاْ . اَلْلَّهُمَّ كُنْ لَهُمْ عُوْنَاً وَظَهِيْرَاً ، وَوَلِيَّاً وَنَصِيْرَاً . اَلْلَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَهُمْ ، وَاَرْبِطْ عَلَىْ قُلُوْبِهِمْ ، وَقَوِّيْ عَزَاْئِمَهُمْ ، وَاَحْفَظْ اَرْوَاْحَهُمْ ، وَعَجِّلْ بِنَصْرِهِمْ ، وَرُدَّهُمْ إِلَىْ أَهْلِيْهِمْ رَدَّاً جَمِيْلَاً ، عَاْجِلَاً غَيْرَ آجِل ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة عن موسم الحج وعشر ذي الحجة تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=130
|