للمحبين لرب العالمين
إِنَّ الْحَمْدَ لله ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوْذُ به مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ الله فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ . } يَا أَيُّهاَ الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ ، وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ { ، } يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ، وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَآءً ، وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَاْلأَرْحَامَ ، إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا { ، } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ، وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا { .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيْثِ كِتَابُ الله ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ ، هَدْيُ مُحَمَّدٍ r ، وَشَرَّ الْأُمُوْرِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَاْدَ اَللهِ :
أَخْبَرَ اَلْنَّبِيُ r ، فِيْ حَدِيْثٍ صَحَيْحٍ رَوَاْهُ اَلْبُخَاْرِيُ ـ رَحِمَهُ اَللهُ تَعَاْلَىْ ـ عَنْ رَجُلٍ، خَرَجَ بِمَاْلِهِ وَنَفْسِهِ، مُجَاْهِدَاً فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ U ، أَيْ لِإِعْلَاْءِ كَلِمَةِ اَللهِ، لَيْسَ لِلْوُصُوْلِ إِلَىْ مَنْصِبٍ، وَلَاْ لِلْحُصُوْلِ عَلَىْ مَاْلٍ ، وَلَاْ لِاِنْتِقَاْمٍ لِحَسَدٍ وَحِقْدٍ ، وَلَاْ لِنُصْرَةِ جَمَاْعَةٍ بَاْغِيَةٍ وَلَاْ لِحِزْبٍ . فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، عَنْ أَبِيْ مُوْسَىْ t، قَاْلَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ r ، عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً ـ أَيْ : لِيَشْتَهِرَ بَيْنَ اَلْنَّاْسِ بِاَلْشَّجَاْعَةِ ـ ، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً ـ أَيْ : إِنْتِصَاْرَاً لِقَبِيْلَتِهِ أَوْ جَمَاْعَتِهِ أَوْ حِزْبِهِ ـ ، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً ـ أَيْ : طَلَبَاً لِلْثَّنَاْءِ وَاَلْمَدْحِ مِنَ اَلْنَّاْسِ ، فَأَيُّ ذَلِكَ فِيْ سَبِيْلِ اَللَّهِ ، فَقَاْلَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) . فَذَاْكَ اَلْرَّجُل ، اَلَّذِيْ أَخْبَرَنَاْ عَنْهُ اَلْنَّبِيُ r ، خَرَجَ مُجَاْهِدَاً لِتَكُوْنَ كَلِمَةُ اَللَّهِ هِيَ اَلْعُلْيَاْ. فَقُتِلَ شَهِيْدَاً وَذَهَبَتْ أَمْوَاْلُهُ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ U. أَيْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَىْ أَهْلِهِ إِلَّاْ خَبَرُهُ ! فَيَاْ تُرَىْ كَمْ لَهُ مِنَ اَلْأَجْرِ عَنْدَ اَللهِ تَعَاْلَىْ ؟ يَقَوْلُ U ، مُخْبِرَاً عَنْ أَجْرِهِ ، وَمَاْذَاْ لَهُ عِنْدَهُ سُبْحَاْنَهُ: } لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ { ، فَاَلْخَيْرَاْتُ وَاَلْفَلَاْحُ، وَاَلْجَنَّاْتُ اَلَّتِيْ تَجْرِيْ مِنْ تَحْتِهَاْ اَلْأَنْهَاْرُ، وَاَلْفَوْزُ اَلْعَظِيْمُ، لِمَنْ جَاْهَدَ بِمَاْلِهِ وَنَفْسِهِ، فَكَيْفَ بِهِ إِذَاْ تَوَّجَ ذَلِكَ بِاَلْشَّهَاْدَةِ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ U ؟ كَيْفَ بِهِ إِذَاْ بَاْعَ نَفْسَهُ وَمَاْلَهُ عَلَىْ اَللهِ ـ سُبْحَاْنَهُ ـ يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ: } إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ، يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ، وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ، وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ، فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ ، وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ { ، وَيَقُوْلُ U: } وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ، بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ، وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ، أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ { ، وفِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : سَأَلْنَا عَبْدالله ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ هَذِه الآيةِ: قَالَ : أَمَا إِنّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: (( أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلّقَةٌ بِالعَرْشِ تَسْرَحُ مِنَ الجَنّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ، ثُمّ تَأْوِي إلَىَ تِلْكَ القَنَادِيلِ ، فَاطّلَعَ إلَيْهِمْ رَبّهُمُ اطّلاَعَةً ، فَقَالَ : هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئاً ؟ قَالُوا : أَيّ شَيْءٍ نَشْتَهِي ؟ وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الجَنّةِ حَيْثُ شِئْنَا ، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاَثَ مَرّاتٍ ، فَلَمّا رَأَوْا أَنّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا ، قَالُوا : يَا رَبّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتّىَ نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرّةً أُخْرَىَ ، فَلَمّا رَأَىَ أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا )) . وَفِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ آخَرَ ، يَقُوْلُ r : (( مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ ، لَهُ عِنْدَ الله خَيْرٌ ، يَسُرُّهُ أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا ، وَأنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، إِلاَّ الشَّهِيدَ ، لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا ، فَيُقْتَلَ مَرَّةً أخْرَى )) . وَفِيْ حَدِيْثٍ أَخْرَجَهُ سَعِيْدُ بِنُ مَنْصُوْرٍ وَاَلْبَيْهَقِيُ فِيْ شُعَبِ اَلْإِيْمَاْنِ ، عَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله r : (( إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ الله عَزَّ وَجَلَّ خِصَالاً : يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيْمَانِ ، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الحُورِ العِينِ ، وَيُجَارُ مِنْ عَذاب القَبْرِ ، وَيَأْمَنُ يَوْمَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الوَقَارِ ؛ اليَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إنْسَاناً مِنْ أَقَارِبهِ )) . أَرَأَيْتُمْ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ أَجْرَ وَثَوَاْبَ وَجَزَاْءَ ، مَنْ جَاْهَدَ بِمَاْلِهِ وَنَفْسِهِ فِيْ سَبِيْلِ رَبِّهِ ؟ فَاَلْمُسْلِمُ ، اَلَّذِيْ لَمْ يَعْرِفْ اَلْنِّفَاْقُ طَرِيْقَاً إِلَىْ قَلْبِهِ ، يَتَمَنَّىْ أَنْ لَوْ حَظِيَ بِهَذَاْ اَلْأَجْرِ اَلْعَظِيْمِ ، وَحَصُلَ عَلَىْ هَذَاْ اَلْثَّوَاْبِ اَلْجَزِيْلِ ، وَهُوَ وَاَللهِ لَيَسِيْر . يَسَّرَهُ اَلْكَرِيْمُ اَلْلَّطِيْفُ اَلْرَّحِيْمُ ، وَخَاْصَةً أَنَّنَاْ فِيْ أَيَّاْمٍ فَاْضِلَةٍ ، يُحُبُّ U اَلْعَمَلَ اَلْصَّاْلِحَ فِيْهَاْ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ r: (( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ )) يَعْنِي الْعَشْر الْأَوَائِل مِنْ ذِي الْحِجَّة ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ؟ قَالَ r : (( وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )) . فَاْللهُ سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَىْ ، يُحُبُّ أَنْ يَعْمَلَ عَبْدُهُ اَلْأَعْمَاْلَ اَلْصَّاْلِحَةَ فِيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْم، وَلَاْ أَحَّبُ إِلَيْهِ U ، مِنْ اَلْعَمَلِ اَلْصَّاْلِحِ فِيْهَاْ ، إِلَّاْ عَمَلَ ذَلِكَ اَلْرَّجُلِ، اَلَّذِيْ أَنْفَقَ مَاْلَهُ وَبَذَلَ رُوْحَهُ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ U ، فَيَنْبَغِيْ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَىْ اِسْتِغْلَاْلِ هَذِهِ اَلْمِنْحَةِ اَلْرَّبَّاْنِيَةِ اَلْكَرِيْمَةِ، وَاَلْمَكْرَمَةِ اَلْإِلَاْهِيَةِ اَلْعَظِيْمَةِ، بعَمَلِ اَلْصَّاْلِحَاْتِ، اَلَّتِيْ تُقَرِّبُهُ إِلَىْ اَللهِ ، وَيَنَاْلُ مِنْ خِلَاْلِهَاْ مَحَبَّتَهُ وَمَرْضَاْتَهُ. وَيَحْذَرُ أَنْ يَكُوْنَ مِنَ اَلَّذِيْنَ يُفَرِّطُوْنَ وَلَاْ يُبَاْلُوْنَ بِاَلْأَعْمَاْلِ اَلْصَّاْلِحَةِ، فِيْ مِثْلِ هَذِهِ اَلْأَيَّاْم، بِسَبَبِ ضَعْفِ إِيْمَاْنِهِم ، وَقِلَّةِ يَقِيْنِهِم بِمَاْ وَعَدَ رَبُّهُم U .
أَعُوْذُ بِاَللهِ مِنْ اَلْشَّيْطَاْنِ اَلْرَّجِيْمِ :
} وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ { بَاْرَكَ اللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ فَيْهِ مِنَ اَلآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرِ اَلْرَّحِيْمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون :
إِنَّ عَمَلَ اَلْصَّاْلِحَاْتِ فِيْ مِثْلِ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمِ ، كَمَاْ سَمِعْتُمْ فِيْ اَلْحَدِيْثِ، أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ اَلْمُجَاْهِدِ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ، اَلَّذِيْ يَرْجِعُ بِنَفْسِهِ وَمَاْلِهِ، فَحَرِيٌّ بِاْلمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَىْ عَمَلِ اَلْصَّاْلِحَاْتِ ، فِيْ مِثْلِ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمِ، وَمِنْ ذَلِكَ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ -: أَدَاْءُ مِنَاْسِكِ اَلْحَجِّ وَاَلْعُمْرَةِ، وَاَلْصَّلَاْةُ وَاَلْصِّيَاْمُ، وَخَاْصَةً صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ ، لِغَيْرِ اَلْحَاْجِ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُ r: (( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ، أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ )) .
وَمِنْ اَلْأَعْمَاْلِ اَلْصَّاْلِحَةِ-أيها الإخوة-: اَلْتَّكْبِيْرُ وَاَلْتَّحْمِيْدُ وَاَلْتَّهْلِيْلُ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ، يَقُوْلُ r: (( مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ)) يَقُوْلُ اَلْبُخَاْرِيُ : كَاْنَ اِبْنُ عُمَرَ وَأَبُوْ هُرَيْرَةَ رَضِيْ اللهُ عَنْهُمَاْ، يَخْرُجَاْنِ إِلَىْ اَلْسُّوْقِ فِيْ أَيَّاْمِ اَلْعَشْرِ يُكَبِّرَاْنِ وَيُكَبِّرُ اَلْنَّاْسُ بِتَكْبِيْرِهَمَاْ .
وَمِنْ اَلْأَعْمَاْلِ اَلْصَّاْلِحَةِ اَلَّتِيْ يَنْبَغِيْ اَلْحُرْصُ عَلَيْهَاْ فِيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمِ : اَلْصَّدَقَةُ وَاَلْإِنْفَاْقُ، وَمِنْ ذَلِكَ : بَذْلُ اَلْمَاْلِ لِلْأُضْحِيَةِ يَوْمَ اَلْعِيْد، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ ، اَلَّذِيْ رَوَاْهُ اِبْنُ مَاْجَهْ وَاَلْتِّرْمِذِيُ ، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : (( مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا ، أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا ، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا )) .
وَمِنْ اَلْأَعْمَاْلِ اَلْصَّاْلِحَةِ ، اَلَّتِيْ يَجِبُ عَلَىْ اَلْمُسْلِمِ، أَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهَاْ ، لَاْ سِيَّمَاْ لِمَنْ أَرَاْدَ اَلْحَجَ ، فِيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمِ : فِعْلُ مَاْ يَأْمُرُ بِهِ وَلِيُ اَلْأَمْرِ، يَقُوْلُ U : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ { ، وَمِنْ ذَلِكَ : اَلْحُصُوْلُ عَلَىْ تَصْرِيْحٍ لِلْحَجِ ، وَعَدَمُ إِدْخَاْلِ اَلْإِبْلِ إِلَىْ اَلْمَشَاْعِرِ اَلْمُقَدَّسَةِ وَمَاْ حَوْلَهَاْ، تَجَنُّبَاً لِاِنْتِقَاْلِ اَلْعَدْوَىْ، بِبَعْضِ اَلْأَمْرَاْضِ، وَاَنْتِشَاْرِهَاْ بَيْنَ اَلْحُجَاْجِ ، كَمَاْ أَفْتَىْ سَمَاْحَةُ اَلْمُفْتِىْ، رَئِيْسُ هَيْئَةِ كِبَاْرِ اَلْعُلَمَاْءِ .
فَاللهَ .. اللهَ، أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ، لِنَحْرِصْ عَلَىْ اَلْأَعْمَاْلِ اَلْصَّاْلِحَةِ، وَخَاْصَةً فِيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْم ، اَلَّتِيْ يُحُبُّ اللهُ U ، اَلْعَمَلَ اَلْصَّاْلِحَ فِيْهَاْ.
أَسْأَلُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاً صَاْلِحَاً ، وَرِزْقَاً وَاْسِعَاً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ .
اَللَّهُمَّ إِنَاْ نَسْأَلُكَ اَلْهُدَىْ ، وَاَلْتُّقَىْ ، وَاَلْعَفَاْفَ وَاَلْغِنَىْ ، اَللَّهُمَّ أَحْيِنَاْ سُعَدَاْءَ ، وَتَوَفَّنَاْ شُهَدَاْءَ ، وَاحْشُرْنَاْ فِيْ زُمْرَةِ اَلْأَتْقِيَاْءِ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
اَللَّهُمَّ إِنَاْ نَسْأَلُكُ اَلْجَنَّةَ وَمَاْ قَرَّبَ إِلَيْهَاْ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ ، وَنَعُوْذُ بِكَ مِنْ اَلْنَّاْرِ ، وَمَاْ قَرَّبَ إِلَيْهَاْ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ ، اَللَّهُمَّ أَجِرْنَاْ مِنْ اَلْنّاْرِ ، وَأَدْخِلْنَاْ اَلْجَنَّةَ مَعَ اَلْأَبْرَاْرِ ، وَبَيِّضْ وُجُوْهَنَاْ ، يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوْهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوْهٌ .
اَللَّهُمَّ يَمِّنْ كِتَاْبَنَاْ ، وَيَسِّرْ حِسَاْبَنَاْ ، وَاجْعَلْنَاْ مِنْ عِبَاْدِكَ اَلْفَاْئِزِيْنَ ، اَللَّهُمَّ آتِ نُفُوْسَنَاْ تَقْوَاْهَاْ ، وَزَكِّهَاْ أَنْتَ خَيْرُ مِنْ زَكَّاْهَاْ ، أَنْتَ وَلِيُّهَاْ وَمَوْلَاْهَاْ بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن .
اَلْلَّهُمَّ اِحْفَظْ وِلَاْةَ أَمْرِنَاْ ، وَرِجَاْلَ أَمْنِنَاْ وَجَيْشِنَاْ ، وَحُجَّاْجَ بَيْتِكَ يَاْرَبِّ اَلْعَاْلِمَيْنَ .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة عن موسم عشر ذي الحجة والحج تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=130
|