حديث قدسي عظيم
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ إله الأولين والآخرين ، وخالق الخلق أجمعين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وصفيُّه وخليله ، وأمينه على وحيه ، ومبلِّغ الناس شرعه , ما ترك خيراً إلا دلَّ الأمة عليه ، ولا شراً إلا حذّرها منه ؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله، وتأملوا ما في كلام الله وكلام رسوله من الحكم والأحكام؛ فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وأنا أسمعكم حديثاً من كلام ربكم تبارك وتعالى، يخاطبكم فيه ربكم ويأمركم وينهاكم؛ رواه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ))، رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه.
كان السلف رضي الله عنهم يعظّمون شأن هذا الحديث، كان أبو إدريس الخولاني إذا حدّث بهذا الحديث جثى على ركبتيه.
وهذا الحديث عباد الله حوى فوائد جمة ومواعظ دقيقة يتعين علينا أن نتعلمها لنعمل بها فمن فوائده :
بيان رحمة الله بعباده وقربه لهم حيث ناداهم بأحب وأشرف الأنساب وهي العبودية فقال جل وعلا: ((يَا عِبَادِي)) وهذا مما يبعث السكينة في قلوب عباده المؤمنين ويدل على لطف الله بعباده، حيث بدأهم بالمناداة من غير سؤال منهم وبهذا يفرح المؤمنون.
ومنها أن الله عز وجل حرم الظلم بشتى صوره ومظاهره فحرمه على نفسه لكمال عدله عز وجل فقال: ((يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا))، فالظلم هو وضع الأشياء في غير موضعها، ولذلك كان الشرك بالله عز وجل هو أعظم الظلم ((إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) , وحرّم الله عز وجل الظلم بين العباد، فحرام على كل عبد أن يظلم غيره في عرضه أو في ماله أو غيرها، وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))، فالظلم حرام في ذاته حتى ظلم الكافر كما قال الله عز وجل: ((وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)) [المائدة:8].
وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ )).
ثم قال: ((كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ)). فالعباد كلهم مفتقرون إلى الله عز وجل في طلب الهداية , كيف لا وقد أمرنا سبحانه أن نستهديه في كل صلاة مفروضة خمس مرات يومياً كما في سورة الفاتحة فقال: ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ))، فلا يغتر الإنسان بما لديه من قدرات وذكاء، بل إنك تجد في الواقع المرير من هو مفرط في الذكاء بعيد عن الهداية، لكي تعلم علم اليقين أن الأمر بيد الله وحده .
ثم قال عز وجل: ((يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ )). الله عز وجل قادر على أن يهدي العباد بغير سؤال منهم، وأن يطعمهم بغير سؤال منهم، وأن يكسيهم بغير سؤال منهم , ولكنه عز وجل يحب من العباد أن يسألوه, وأن ينزلوا حوائجهم به عز وجل , لذا أحب الله عز وجل سؤال العباد له عز وجل، وتضرعهم إليه عز وجل، بل يبتلي الله عز وجل الناس بالبلايا والرزايا حتى يتضرعوا إليه عز وجل، كما قال تعالى: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)) [الأنعام:42].
وانظر إلى السر البديع كيف قدم ربنا جل وعلا الضلالة والهدى على الجوع والطعام، والعري واللباس , مما يشعرنا بالاهتمام بالهداية أكثر من اهتمامنا بطعامنا ولباسنا، وأن ندرك خطر الضلال أكثر من إدراكنا خطر الجوع والعري .
وفي قوله: ((فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ)) فائدة جليلة وهي أن الله يقسم الأرزاق بين عباده بين جائع وغني وأن المؤمن إذا علم ذلك خرج من قلبه الحسد لإخوانه المسلمين لعلمه أن الرزاق جل وعلا هو المتصرف بقسمتها . فعلام يحزن الإنسان إن فاته نصيبه؟!
وبعد أن ذكر العري الحسي من طعام ولباس ناسب أن يذكر بعدها العري المعنوي وهي الذنوب فقال: ((إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا))، فدلت على عظيم علم الله سبحانه وتعالى الذي لا تخفى عليه خافية ، إذ إنه يحصي جميع خطايا بني آدم. وأيضاً دلت على حلم الله سبحانه وتعالى الذي يرى خطايا بني آدم ولا يعاجلهم بالعقوبة.
ثم قال عز وجل: ((يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي)) فشأن الله عز وجل أعلى وأغلى من أن يتضرر بمعاصي العباد، أو، ينتفع بطاعاتهم، بل العباد أنفسهم هم الذين ينتفعون بطاعاتهم وهم أنفسهم يتضررون بمعاصيهم، والله غني حميد.
وقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ)) [فاطر:15-16].
فالله عز وجل يحب من العباد أن يعرفوه ويحبوه ويخافوه ويتقوه ويطيعوه، ويحب منهم أن يعلموا أنه لا يغفر الذنوب غيره عز وجل، مع أنه عز وجل غني عنهم وعن طاعتهم، ثم بيّن الله عز وجل ذلك بقوله: ((يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا)). يَمُنُّ الله عز وجل بكمال ملكه، فملكه عز وجل لا يزيد بطاعة الخلق، ولو كانوا كلهم بررة أتقياء قلوبهم على قلب اتقى رجل منهم، ولا ينقص ملكه بمعصية العاصين، ولو كان الجن والإنس كلهم عصاة فجرة قلوبهم على قلب أفجر رجل منهم فإنه سبحانه الغني بذاته عمن سواه، وله الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله.
وتأمل - عبد الله - كيف أن الله نسب التقوى والفجور في الحديث للقلب، مما يدل على أنه محلها، فليهتم المؤمن بقلبه وليعمره بطاعة الله وليبعد عن معاصي القلب فإنها أشد وأنكى .
ثم قال عز وجل: ((يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ)) يَمُنّ الله عز وجل بتمام قدرته، وكمال أسمائه وصفاته، وكمال غناه، فلو أن الأولين، والآخرين الإنس والجن اجتمعوا في مكان واحد، وقاموا واجتهدوا في إنزال الحوائج والرغائب بالله عز وجل، فمِن كمال قدرته وكمال سمعه وبصره أنه يسمع الجميع في وقت واحد، على اختلاف لغاتهم ولهجاتهم وحوائجهم، لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه كثرة المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين، ومِن كمال قدرته عز وجل يحقق مطالب الجميع في وقت واحد، لا يشغله إجابة داع عن داع آخر، ومن كمال غناه عز وجل لا ينقص مع ذلك ما عند الله عز وجل إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، فيا بؤسا للقانطين من رحمته، ويا بؤسا للزاهدين في عطائه، والمخيط إذا أدخل البحر لا ينقص منه شيئا، كذلك ما عند الله عز وجل كما قال تعالى: ((مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ)) [النحل:96].
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا تُغِيضُهَا نَفَقَةٌ - أي لا تنقصها نفقة - ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، أَفَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ رَبُّكُمْ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يُغِضْ - أي لم ينقص - مَا فِي يَمِينِهِ)).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على توفيقه وامتنانه، والشكر له على إحسانه وإنعامه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه أفضلُ رسله وخاتمُ أنبيائه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم لقائه، أما بعد:
ثم قال عز وجل في آخر الحديث: ((يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ))، يَمُنّ الله عز جل له الحمد والمنة على كل نعمة على عباده بكمال عدله فيقول: ((إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ)) كما قال تعالى: ((يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ)) [المجادلة:6].
فالله عز وجل لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون، فيحصي الله عز وجل على العباد أعمالهم ثم يوفيهم إياها بالجزاء عليها , وقد يكون هذا في الدنيا قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورا في القلب، وسعة في الرزق، ومودة في قلوب الخلق، وإن للسيئة ظلمة في الوجه، وسوادا في القلب، وضيقا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق.
وأما توفية الأعمال فيوم القيامة ينال المحسن جزاء إحسانه كاملا، والمسيء جزاء إساءته أو يعفو الله عز وجل، قال تعالى: ((وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) [آل عمران:185].
ثم قال عز وجل: ((فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ))، فلو وجد العبد في نفسه طاعة الله عز وجل فليحمد الله عز وجل، فما أطيع إلا بفضله ورحمته، وما عصي إلا بعدله، وحكمته، كل نعمة منه فضل، وكل نقمة منه عدل، فلا يستطيع أحد أن يطيع الله عز وجل إلا بمعونة الله عز وجل وتوفيقه كان السلف رضي الله عنه يجتهدون في الطاعات ويخافون من المعاصي حتى لا يلوموا أنفسهم يوم القيامة. كان عامر بن عبد قيس يقول: ( والله لأجتهدن، ثم والله لأجتهدن، فإن نجوت فبرحمة الله، وإلا لم أَلُمْ نفسي).
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضى، ونسألك القصد في الفقر والغـنى، ونسألك نعيمًا لا ينفد ونسألك قرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضى بعد القضاء ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة ولا فـتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعـلنا هداة مهتدين يا أرحم الراحمين .
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلِّغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همِّنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا. اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، وإذا أردت بقوم فتنة فتوفنا إليك، ونحن غير مفتونين، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك. اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم آمنّا في الأوطان والدور، واصرف عنا الفتن والشرور، اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم أنصارا لدينك واجزهم خير الجزاء على ما يقومون به من خدمة للإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اكفنا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، اللهم ولّ على المسلمين خيارهم واكفهم شرارهم يا رب العالمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، واحفظ عليهم دينهم وأمنهم وأعراضهم وأموالهم يا رب العالمين، اللهم قاتل كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أهل دينك اللهم خالف بين كلمتهم وألق في قلوبهم الرعب وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك, اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات، ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ وليد الشعبان تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=129 |