حكم تهنئة الكفار بأعيادهم ومناسباتهم الدينية
الحمد
لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد
كثر الكلام حول حكم تهنئة المسلم للكفار بأعيادهم الدينية، وأرى من الواجب بيان
الحق الذي يظهر لي في ذلك فأقول:
لا
تجوز تهنئة الكفار بأعيادهم لما في ذلك من المحاذير الكثيرة ومنها:
أولًا: أن
هذا فيه نوع موالاة لهم وقد نهينا عن موالاتهم في أدلة كثيرة من الكتاب والسنة
منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، [سورة المائدة: 15]، ومن الموالاة لهم
تهنئتهم؛ لأنها تنبئ عن محبتهم ومحبة دينهم؛ لأن الذي لا تحبه لا تهنيه، وقد قال
تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا
آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)[سورة
المجادلة: 23]، فإذا نهينا عن محبة الأقارب المحادين لله ورسوله فكيف بغيرهم.
ثانيًا: أن
هذا فيه رضى بأعيادهم وإقرار لهم عليها وتشجيع لهم، وكل واحد من هذه الأمور كافٍ
في تحريم تهنئتهم فكيف إذا اجتمعت في تهنئتهم.
والجواب
عن شبه المجيزين
1- وأما
من يقول إن المسلم يضطر إلى تهنئتهم إذا كان مقيمًا بينهم أو يتعلم منهم فنقول:
أولًا: لا
تجوز إقامة المسلم بين أظهر الكفار إلا لحاجة مباحة وتنتهي الإقامة بينهم بانتهاء
الحاجة مع تمسكه بدينه.
ثانيًا: هم
لا يجبرونه على ذلك ولا يكرهونه حتى يقال إن هذا من باب الضرورة ودفع الإكراه
والمسلم يعتز بدينه ولا يجامل فيه بل يقول: (لَكُمْ
دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)[سورة الكافرون:6].
2- وأما
من يقول كما أنهم يهنئوننا بأعيادنا فنحن نهنئهم بأعيادهم من باب رد الجميل. فنقول
إن أعيادنا حق وأعيادهم لا سيما البدعية باطلة فلا نقرهم عليها ولا نهنئهم بها.
3- وأما
الاستدلال بقوله تعالى: (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ
الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ
دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) [سورة
الممتحنة:8]، على جواز تهنئتهم بأعيادهم فنقول هذا استدلال في غير محله؛ لأن الآية
تعني بر هؤلاء والإحسان إليهم في الأمور المباحة، وتهنئتهم بأعيادهم ليست مباحة
فلا نبرهم بها.
4- وأما
قول: إن هذا من باب الدعوة إلى الله، فنقول: الدعوة إلى الله لا تكون فيما نهينا
عنه من موالاتهم بل تكون بما شرعه الله.
وصلى
الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
كتبه: صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
17-02-1433هـ |