مُصِيبَةُ الدِّينِ وَأَعْيَادُ الْمُشْرِكِينَ
الْحَمْدُ للهِ ، الْعَالِمِ بِالظَّاهِرِ وَالْمَكْنُونِ ، الْمُنَزَّهِ عَنِ التَّكْيِيفِ وَالْمُقَدَّسِ عَنْ خَوَاطِرِ الظُّنُونِ ، أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى اللهِ تعالى وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ؛ فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ) ، فَلْنَتَّقِ اللهَ -أَحِبَّتِي فِي اللهِ- جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ .
أَبُنَيَّ إِنَّ مِنَ الرِّجَـــــــــــــــــــالِ بَهِيمَةً
فِي صُورَةِ الرَّجُلِ السَّمِيعِ الْمُبْصِرِ
فَطِنٌ بِكُلِّ رَزِيَّةٍ فِي مَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالِهِ
وَإِذَا أُصِيبَ بِدِينِهِ لَــــــــــــــــــــــــــــــــــمْ يَشْــعُرِ
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
فِي حَدِيثٍ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ : قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ لأَصْحَابِهِ : (( اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا ، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا ، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لا يَرْحَمُنَا )) .
وَالشَّاهِدُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صلى اللهُ عليه وسلم : (( وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا )) ، وَمَعْنَى ذَلِكَ : لَا تُصِبْنَا بِمَا يُنْقِصُ دِينَنَا؛ مِنِ اعْتِقَادٍ سَيِّئٍ ، وَأَكْلٍ لِلْحَرَامِ ، وَفُتُورٍ فِي الْعِبَادَةِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ . فَمُصِيبَةُ الدِّينِ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مِنَ الْمَصَائِبِ الْعِظَامِ الَّتِي يُصَابُ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ ، وَهِيَ الْمُصِيبَةُ الَّتِي يَسْتَحِيلُ تَعْوِيضُهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ تَعَالَى .
كُلُّ مُصِيبَةٍ غَيْرُ مُصِيبَةِ الدِّينِ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ تُتَدَارَكَ وَتُعَوَّضَ ، وَمِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ تَمُرَّ بِسَلَامٍ ، إِلَّا مُصِيبَةَ الدِّينِ؛ فَإِنَّهَا مُصِيبَةٌ لَا عِوَضَ لَهَا إِلَّا النَّارَ وَبِئْسَ الْقَرَارُ . ذَهَابُ الْمَالِ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مُصِيبَةٌ ، وَذَهَابُ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ مُصِيبَةٌ ، وَالْخَوْفُ بَعْدَ الْأَمْنِ مُصِيبَةٌ ، وَلَكِنَّهَا لَا شَيْءَ عِنْدَ مُصِيبَةِ الدِّينِ ، وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ ، لَوْ فَقَدَ الْإِنْسَانُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَزَوْجَهُ وَوَلَدَهُ ، أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يَفْقِدَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ دِينِهِ ، أَوْ يَرْتَكِبَ مُحَرَّمًا مِنْ مُحَرَّمَاتِهِ ، (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) .
مَصَائِبُ الدُّنْيَا -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ- لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى الْإِنْسَانِ وَسَلِمَ لَهُ دِينُهُ ، فَإِنَّهُ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِ ، أَمَّا -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ- إِذَا أُصِيبَ الْإِنْسَانُ بِدِينِهِ ، فَإِنَّهُ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ ، لَوْ دَانَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِزَخَارِفِهَا وَمَلَذَّاتِهَا ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ . وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ . يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ . مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ . هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ) ، سَلِمَ لَهُ مَالُهُ ، وَسَلِمَ لَهُ سُلْطَانُهُ وَجَاهُهُ ، وَلَكِنْ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ دِينُهُ ، وَالدَّلِيلُ أَنَّهُ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ ، وَالنَّتِيجَةُ : (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ . ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ . ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ . إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ . وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ . فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ ) .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
مُصِيبَةُ الدِّينِ الْخَطِيرَةُ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم يَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ وَالنَّجَاةَ مِنْهَا فِي أَكْثَرِ مَجَالِسِهِ ، وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ أَنْ يَحْذَرَهَا ، مِنْ عَلَامَاتِهَا وَالْأُمُورِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى إِصَابَةِ الْمُسْلِمِ بِهَا : تَبَلُّدُ الْإِحْسَاسِ ، وَخَاصَّةً عِنْدَ آيَاتِ اللهِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْكَوْنِيَّةِ ، فَالْمُصَابُ بِدِينِهِ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ آيَةٌ قُرْآنِيَّةٌ ، وَلَا يَتَأَثَّرُ مِنْ آيَةٍ كَوْنِيَّةٍ ، بَلْ لَا يَزِيدُهُ ذَلِكَ أَحْيَانًا مِنَ الدِّينِ إِلَّا بُعْدًا وَالْعِيَاذُ بِاللهِ ، وَلِذَلِكَ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- عَدَمُ التَّأَثُّرِ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ وَمُرَادِهِ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْخَطِيرَةِ الَّتِي تُصِيبُ الْقَلْبَ وَتُودِي بِسَلَامَتِهِ، وَتَتَسَبَّبُ فِي قَسْوَتِهِ وَغِلْظَتِهِ ، (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) . فَمَنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ قَسْوَةً ، وَعَدَمَ وُجُودِ أَثَرٍ لِآيَاتِ اللهِ ، عَلَيْهِ أَنْ يُبَادِرَ فِي الْبَحْثِ عَنْ عِلَاجٍ لِقَلْبِهِ ، وَأَنْفَعُ عِلَاجٍ لِقَسْوَةِ الْقَلْبِ وَبُعْدِهِ عَنِ التَّأَثُّرِ بِآيَاتِ خَالِقِهِ تعالى : تَدَبُّرُ كِتَابِ اللهِ ، وَحُضُورُ مَجَالِسِ ذِكْرِهِ الْمُوَافِقَةِ لِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى اللهُ عليه وسلم ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، وَالْحَذَرُ مِنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الْغَفْلَةِ وَجُلَسَاءِ السُّوءِ ، يَقُولُ تعالى : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ) .
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
يَحْتَفِي وَيَحْتَفِلُ الْمُشْرِكُونَ وَأَذْنَابُهُمْ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ بِبَعْضِ أَعْيَادِهِمُ الشِّرْكِيَّةِ وَالْبِدْعِيَّةِ ، وَمُشَارَكَتُهُمْ فِي هَذِهِ الْأَعْيَادِ يُعْتَبَرُ نَقْصًا فِي الدِّينِ ، وَدَلِيلًا عَلَى ضَعْفِ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ ، وَمَعْصِيَةً لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَمُخَالَفَةً لِسُنَّةِ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ .
وَمُشَارَكَةُ الْكُفَّارِ بِأَعْيَادِهِمْ وَعَادَاتِهِمْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَحَبَّتِهِمْ وَالْإِعْجَابِ بِهِمْ ، وَاللهُ U مُحَذِّرًا مِنْ ذَلِكَ يَقُولُ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) ، هَذَا نَهْيٌ مِنَ اللهِ تعالى -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- يَقْتَضِي عَدَمَ اتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَ وَبُغْضَهُمْ وَبُغْضَ عَادَاتِهِمْ وَأَعْيَادِهِمْ ، بَلْ حَتَّى أَشْكَالِهِمْ . وَهَذَا مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، يَقُولُ صلى اللهُ عليه وسلم : (( مَنْ َتَشَّبَهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ )) ، يَقُولُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- : مَنْ بَنَى بِأَرْضِ الْمُشْرِكِينَ ، وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَاتِهِمْ ، وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ خَسِرَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاحْذَرُوا مَا يُنْقِصُ دِينَكُمْ ، وَمِنْ ذَلِكَ مُشَارَكَةُ الْكُفَّارِ أَعْيَادَهُمْ ، وَمُشَابَهَتُهُمْ بِعَادَاتِهِمْ وَأَشْكَالِهِمْ ، فَالْأَمْرُ وَاللهِ خَطِيرٌ ، وَلِخُطُورَتِهِ يَقُولُ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : (( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ! الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ : فَمَنْ! )) . أَيْ : لَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُهُمْ .
هَذَا ، وَصَلُّوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمًا : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، يَقُولُ صلى اللهُ عليه وسلم : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِي التَّابِعِينَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُودِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ نَصْرَ الْإِسْلَامِ وَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ ، وَاجْعَلْ بَلَدَنَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ . اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا أَمْنَنَا ، وَوُلَاةَ أَمْرِنَا ، وَعُلَمَاءَنَا وَدُعَاتَنَا ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفِتَنَ ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا أَوْ أَرَادَ بِلَادَنَا أَوْ شَبَابَنَا أَوْ نِسَاءَنَا بِسُوءٍ ، اللَّهُمَّ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ سَبَبًا لِتَدْمِيرِهِ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ . ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) .
عِبَادَ اللهِ :
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) . فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .