لِلْمُشْتَاْقِ لِحَيَاْةٍ بِلَاْ طَلَاْقٍ
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، الْبَشِيرُ النَّذِيرُ ، وَالسِّرَاجُ الْمُنِيرُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، ﴿يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾ . أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : تَقْوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ ، وَخَيْرُ زَادٍ يَتَزَوَّدُ بِهِ الْعَبْدُ فِي حَيَاتِهِ لِمَعَادِهِ ، وَلِذَلِكَ حَثَّ عَلَيْهَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ فَقَالَ : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ ؛بِأَنَّ ظَاهِرَةَ الطَّلَاقِ ظَاهِرَةٌ خَطِيرَةٌ ، تُهَدِّدُ وَحْدَةَ الْمُجْتَمَعِ ، وَتُنْذِرُ بِتَفْرِيقِ بَعْضِ أُسَرِهِ ، صَارَ الطَّلَاقُ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- خَطَرًا دَاهِمًا ، يُهَدِّدُ كَثِيرًا مِنَ الْأُسَرِ ، وَهُوَ لَا شَكَّ مِمَّا يُحِبُّهُ الشَّيْطَانُ ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « إِنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عِلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ : ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ » . يَفْرَحُ الشَّيْطَانُ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - بِالطَّلَاقِ لِعِلْمِهِ بِمَا يُسَبِّبُهُ مِنْ تَعَدٍّ لِحُدُودِ اللهِ ، وَارْتِكَابٍ لِمَا حَرَّمَ اللهُ ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ تَمْزِيقٍ لِوَحْدَةٍ ، وَتَفْرِيقٍ لِأُسْرَةٍ ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَقِفَ مَعَ نَفْسِهِ ، وَلَا يَتَعَجَّلَ بِأَمْرِ الطَّلَاقِ . وَمِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الشَّيْطَانُ لِتَفْرِيقِ أُسَرِ الْمُسْلِمِينَ ، وَيَكُونُ بِسَبَبِهَا الطَّلَاقُ : هَذِهِ الْأَجْهِزَةُ الْخَبِيثَةُ ، هَذِهِ الْأَجْهِزَةُ الْفَاسِدَةُ ، الَّتِي تَعْرِضُ مَا تَسْتَحْسِنُهُ بَعْضُ النُّفُوسِ الْمَرِيضَةِ ، فَبَعْضُهُمْ يَأْتِيهِ الشَّيْطَانُ مِنْ بَابِ الْمِثَالِيَّةِ ، يُرِيدُ أَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ مِثَالِيَّةً فِي كُلِّ شُؤُونِ الْحَيَاةِ ، وَهِيَ تُرِيدُهُ كَذَلِكَ ، يُرِيدُهَا كَالَّتِي رَأَى فِي الْمُسَلْسَلِ ، كَلَامًا وَشَكْلًا وَتَضْحِيَةً ، وَهِيَ تُرِيدُهُ كَبَطَلِ الْفِلْمِ ، مَنْظَرًا وَحُبًّا وَغَزَلًا وَغَرَامًا ، فَتَضِيعُ الْعِشْرَةُ ضَحِيَّةَ مُمَثِّلِينَ ، هُمْ مِنْ أَفْشَلِ النَّاسِ فِي حَيَاتِهِمُ الْأُسَرِيَّةِ ، فَيَكُونُ الطَّلَاقُ ، وَالْعِيَاذُ بِاللهِ . وَبَعْضُهُمْ - أَيْضًا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- يَسْتَعْمِلُ الشَّيْطَانُ أَقَارِبَهُ ، فَيَتَدَخَّلُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ ، فَتَهِيجُ بِهِمْ عَوَاطِفُهُمْ ، وَيَتَصَرَّفُونَ تَصَرُّفَاتٍ هَوْجَاءَ ، لَا ِهَيَ مِنْ صَالِحِ الزَّوْجِ وَلَا الزَّوْجَةِ ، فَثَمَّ يَكُونُ الطَّلَاقُ ، وَكَثِيرٌ هُمُ الَّذِينَ عَافُوا زَوْجَاتِهِمْ بِسَبَبِ أَهْلِيهِنَّ ، وَكَثِيرٌ هُنَّ اللَّاتِي طَلَبْنُ الطَّلَاقَ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ بِسَبَبِ ضَغْطِ وَمُضَايَقَةِ أَهْلِ أَزْوَاجِهِنَّ . وَمِنْ وَسَائِلِ الشَّيْطَانِ لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ : وُجُودُ بَعْضِ الْمَشَاكِلِ الَّتِي لَوْ تَأَمَّلَهَا عَاقِلٌ لَوَجَدَهَا تَافِهَةً ، لَا تَسْتَدْعِي الطَّلَاقَ وَلَا بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، وَمِنَ الْوَاجِبِ عَلَى الْأَزْوَاجِ أَنْ يَتَعَامَلُوا مَعَهَا بِحِكْمَةٍ ، وَلَا تَؤَثِّرُ فِيهِمْ وَلَا فِي عَلَاقَاتِهِمُ الْأُسَرِيَّةِ ، وَأُسْوَتُهُمْ فِي ذَلِكَ نَبِيُّهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَع النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ». ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حتَّى أُتِيَ بصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ. نَعَمْ عِبَادَ اللهِ : إِنَّهُ اَلْتَّعَاْمُلُ مَعَ اَلْأُمُوْرِ بِحِكْمَةٍ ، بَلْ هُوَ اَلْحِلْمُ وَالصَّفْحُ وَالْإِحْسَانُ الَّذِي قَالَ اللهُ عَنْهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ ، بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : إِنَّ لِظَاهِرَةِ الطَّلَاقِ بَعْضَ الْحُلُولِ ، مِنْهَا : عَدَمُ الْعَجَلَةِ فِي الْأُمُورِ : فَإِنَّ الْعَجَلَةَ مَذْمُومَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي عَمَلِ الْخَيْرِ، وَكَثِيرٌ هُمُ الَّذِينَ نَدِمُوا عَلَى طَلَاقِهِمْ لِزَوْجَاتِهِمْ ، فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا لَا مُتَهَوِّرًا ، وَالرَّجُلُ هُوَ الْمَسْؤُولُ ، لِأَنَّ الْقَرَارَ بِيَدِهِ ، سَوَاءً الْيَوْمَ أَوْ غَدًا ، فِلِمَ الْعَجَلَةُ؟! وَمِنَ الْحُلُولِ أَيْضًا : إِرْجَاعُ الْأُمُورِ إِلَى أَهْلِهَا وَاسْتِشَارَتُهُمْ ، فَهَذِهِ عَادَةُ عُقَلَاءِ النَّاسِ ، فَأَنْتَ تَسْتَشِيرُ فِي شِرَاءِ قِطْعَةِ أَرْضٍ أَصْحَابَ الْعِقَارِ وَالْمُهْتَمِّينَ بِذَلِكَ ، فَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ تَقْصِدَ طَلَبَةَ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ وَتَشْرَحَ لَهُمْ مَا أَنْتَ فِيهِ ، وَالْحَقُّ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ . وَمِنَ الْحُلُولِ : أَنَّ مَا نَزَلَ بِكَ مِنَ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ وَالْمَشَاكِلِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الِابْتِلَاءَاتِ الَّتِي يَجِبُ الصَّبْرُ عَلَيْهَا وَاحْتِسَابُ الْأَجْرِ فِيهَا ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِنْ خَطَايَاهُ » . وَمِنَ الْحُلُولِ : تَطْهِيرُ الْقَلْبِ مِنَ الْحِقْدِ وَالْكَرَاهِيَةِ : فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَجْعَلُ عَلَى عَيْنَيْكَ غِشَاوَةً تَجْعَلُ فِكْرَكَ مَشْلُولاً، وَالشَّيْطَانُ يَفْرَحُ بِذَلِكَ النَّصِيبِ مِنْكَ، فَاحْذَرْ أَنْ تَبْنِيَ مَصِيرَ حَيَاةٍ زَوْجِيَّةٍ عَلَى حِقْدٍ أَوْ كَرَاهِيَةٍ أَوِ انْتِصَارٍ لِلنَّفْسِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا » . وَمِنَ الْحُلُولِ : الْعَدْلُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا﴾ ، وَقَالَ فِي شَأْنِ الْأَعْدَاءِ وَالْخُصَمَاءِ : ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ ، وَمِنَ الْعَدْلِ : ذِكْرُ حَسَنَاتِ الزَّوْجَةِ طُوَالَ الشُّهُورِ وَالسَّنَوَاتِ الَّتِي مَضَتْ . وَتَصَيُّدُ الْهَفَوَاتِ وَالزَّلاَّتِ لَيْسَ مِنْ عَادَاتِ الْكُرَمَاءِ . وَمِنَ الْحُلُولِ : عَدَمُ تَنَاسِي أَوْ إِغْفَالِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ الْجَلِيلَةِ وَالْخِدْمَاتِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي تُقَدِّمُهَا لَكَ الزَّوْجَةُ ، وَمِنْهَا: إِعْفَافُكَ وَصِيَانَةُ حَاجَاتِكَ النَّفْسِيَّةِ وَالْعَاطِفِيَّةِ، وَتَقْدِيمُ أَكْلِكَ وَشُرْبِكَ، وَنَظَافَةُ مَلْبَسِكَ، وَتَرْبِيَةُ أَبْنَائِكَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « لَا يَفْرَكُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ سَخِطَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ». فَقَدْ يَجِدُ الرَّجُلُ زَوْجَةً ؛ لَكِنَّهَا صَعْبَةُ الْمِرَاسِ فَيُعْجِبُهُ دِينُهَا وَعَفَافُهَا ، وَآخَرُ قَدْ يَجِدُ بَعْضَ الصِّفَاتِ وَتَنْقُصُ أُخْرَى، وَهَكَذَا أَنْتَ أَيْضًا تُوجَدُ فِيكَ بَعْضُ الصِّفَاتِ وَتَنْقُصُكَ أُخْرَى، فَلَا تَنْشُدُ الْكَمَالَ فِي غَيْرِكَ دُونَ النَّظَرِ إِلَى حَالِكَ. أَلَا وَصَلُّوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلً عَلِيمًا : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ». فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِي التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .اللَّهُمَّ انْصُرِ الْإِسْلَامَ وَأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ ، وَاجْعَلْ بَلَدَنَا هَذَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا ، وَاسْتَعْمِلْ عَلَيْنَا خِيَارَنَا ، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِي عَهْدِ مَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾. عِبَادَ اللهِ :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا: http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|