لِلْمُشْتَاْقِيْنَ لِرَحْمَةِ أَرْحَمِ
اَلْرَّاْحِمِيْنَ
} الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ { ، } لَهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ وَعَظِيْمِ
سُلْطَاْنِهِ ؛ } مَا مِنْ دَابَّةٍ
إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ
إِلَهَ إِلَّاْ هُوَ سُبْحَاْنَهُ ؛ } اللَّهُ الْمَلِكُ
الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ { ، وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ
مِنْ خَلْقِهِ ، عَلَيْهِ أَفْضَلُ اَلْصَّلَاْةِ وَأَتَمُّ اَلْتَّسْلِيْمُ ،
وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَمَنْ سَاْرَ عَلَىْ نَهْجِهِ إِلَىْ يَوْمِ
اَلْدِّيْنِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
تَقْوَىْ اَللهِ U، وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ، فَهُوَ اَلْقَاْئِلُ
فِيْ كِتَاْبِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ {، فَاتَّقُوا اللَّهَ - عِبَادَ اللَّهِ - جَعَلَنِيْ اَللهُ
وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
يَقُوْلُ U فِيْ سُوْرَةِ اَلْرُّوْمِ: } اللَّهُ
الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ
كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ
فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ،
وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ
لَمُبْلِسِينَ { يَقُوْلُ اِبْنُ سِعْدِيٍّ -رَحِمَهُ اَللهُ- فِيْ تَفْسِيْرِهِ:
يُخْبِرُ تَعَاْلَىْ عَنْ كَمَاْلِ قُدْرَتِهِ، وَتَمَاْمِ نِعْمَتِهِ؛ أَنَّهُ } يُرْسِلُ
الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا { مِنْ اَلْأَرْضِ، } فَيَبْسُطُهُ
فِي السَّمَاءِ {
أَيْ: يَمُدُّهُ وَيُوَسِّعُهُ } كَيْفَ يَشَاءُ { أَيْ: عَلَىْ أَيِّ حَاْلَةٍ أَرَاْدَهَاْ مِنْ ذَلِكَ ،ثُمَّ } يَجْعَلُهُ
{ أَيْ: ذَلِكَ اَلْسَّحَاْبُ اَلْوَاْسِعُ } كِسَفًا { أَيْ: سَحَاْبَاً ثَخِيْنَاً قَدْ طَبَّقَ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ.
} فَتَرَى
الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ { أَيْ: اَلْسَّحَاْبَ نِقَطَاً صِغَاْرَاً مُتَفَرِّقَةً، لَاْ
تَنْزِلُ جَمِيْعَاً فَتُفْسِدُ مَاْ أَتَتْ عَلَيْهِ. } فَإِذَا
أَصَابَ بِهِ { بِذَلِكَ اَلْمَطَرِ } مَنْ يَشَاءُ
مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ { يُبَشِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً بِنُزُوْلِهِ ، وَذَلِكَ لِشِدَّةِ
حَاْجَتِهِمْ ، وَضُرُوْرَتِهِمْ إِلَيْهِ ، فَلِهَذَاْ قَاْلَ: } وَإِنْ
كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ { أَيْ: آيِسِيْنَ قَاْنِطِيْنَ لِتَأَخُّرِ وَقْتِ مَجِيْئِهِ ،
أَيْ : فَلَمَاْ نَزَلَ فِيْ تِلْكَ اَلْحَاْلِ صَاْرَ لَهُ مَوْقِعٌ عَظِيْمٌ
عِنْدَهُمْ وَفَرَحٌ وَاَسْتِبْشَاْرٌ.
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
مِنْ خِلَاْلِ هَذِهِ
اَلْآيَاْتِ، وَتَفْسِيْرِ اِبْنِ سِعْدِيٍ لَهَاْ، يَتَبَيَّنُ لَنَاْ كَيْفَ
يَتَكَوَّنُ اَلْمَطَرُ، وَقُدْرَةُ اَللهِ سُبْحَاْنَهُ عَلَىْ مَنْحِهِ
وَمَنْعِهِ ، وَحَاْلُ اَلْمُؤْمِنِ عِنْدَ نَزُوْلِهِ ، وَهَذَاْ اَلْأَمْرُ -
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - يَنْبَغِيْ أَنْ يُوْضَعَ فِيْ اَلْاِعْتِبَاْرِ،
وَخَاْصَةً فِيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمِ ، اَلَّتِيْ نَسْتَقْبِلُ فِيْهَاْ مَوْسِمَ
اَلْأَمْطَاْرِ بِإِذْنِ اَللهِ تَعَاْلَىْ. وَفِيْهَاْ تَشْتَاْقُ نُفُوْسُ
اَلْمُؤْمِنِيْنَ لِرَحْمَةِ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
قَدْ ذَكَرَ
سُبْحَاْنَهُ فِيْ كِتَاْبِهِ اَلْمَطَرَ اَلْنَّاْفِعَ بِاَسْمِ اَلْغَيْثِ ،
وَبَيَّنَ أَنَّهُ هُوَ اَلَّذِيْ يُنَزِّلُهُ، فَقَاْلَ تَعَاْلَىْ: } وَهُوَ
الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا ، وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ،
وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ {، فَاَلْغَيْثُ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - بِيَدِ اَلْمُغِيْثِ
سُبْحَاْنَهُ؛ } إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ
عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ، وَمَا
تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ
تَمُوتُ ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {، يَقُوْلُ اِبْنُ سِعْدِيٍّ - رَحِمَهُ اَللهُ - فِيْ
تَفْسِيْرِهِ: وَهَذِهِ اَلْأُمُوْرُ اَلْخَمْسَةُ، مِنْ اَلْأُمُوْرِ اَلَّتِيْ
طُوُىَّ عِلْمُهَاْ عَنْ جَمِيْعِ اَلْمَخْلُوْقَاْتِ، فَلَاْ يَعْلَمُهَاْ
نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَاْ مَلَكٌ مَقَرَّبٌ، فَضْلَاً عَنْ غَيْرِهِمَاْ .
فَاَلْغَيْثُ بِإِرَاْدَةِ
اَللهِ سُبْحَاْنَهُ، وَلِمَاْ يَعْمُلُهْ اَلْنَّاْسُ دَوْرٌ فِيْ مَنْحِهِ وَمَنْعِهِ
، كَمَاْ قَاْلَ تَعَاْلَىْ: } وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ
الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا ، لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ ، وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ { . وَكَمَاْ قَاْلَ U عَلَىْ لِسَاْنِ نَبِيِّهِ نَوْحٍ - عَلَيْهِ وَعَلَىْ نَبِيِّنَاْ
اَلْصَّلَاْةُ وَاَلْسَّلَاْمُ- } فَقُلْتُ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ
مِدْرَارًا ، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ
وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ، مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا {، فَبِاِلْإِيْمَاْنِ وَاَلْتَّقْوَىْ، يَفْتَحُ اَللهُ بَرَكَاْتِ
اَلْسَّمَاْءِ وَاَلْأَرْضِ ، وَبِاَلْاِسْتِغْفَاْرِ يُرْسِلُ سُبْحَاْنَهُ
اَلْسَّمَاْءَ مِدْرَاْرَاً، وَبِاَلْنِّفَاْقِ وَاَلْفُسُوْقِ، وَاَلْغَفْلَةِ
وَعَدَمِ اَلْخَوْفِ مِنْ اَللهِ ، يُمْنَعُ اَلْقَطْرُ مِنْ اَلْسَّمَاْء،
وَلَوْلَاْ اَلْبَهَاْئِمُ مَاْ تَنْزِلُ قَطْرَةٌ مِنْ اَلْسَّمَاْءِ عَلَىْ
اَلْأَرْضِ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُّ e فِيْ حَدِيْثٍ رَوَاْهُ اِبْنُ مَاْجَه فِيْ
سُنَنِهِ، وَحَسَّنَهُ اَلْأَلْبَاْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:
أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ e فَقَالَ : (( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ؛ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ
بِهِنَّ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ : لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ
فِي قَوْمٍ قَطُّ ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ،
وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا،
وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ ،
وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا
زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا
الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ
رَسُولِهِ ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ،
فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ
بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ
اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ )). نَعُوْذُ بِاَللهِ مِمَّاْ تَعَوَّذَ
مِنْهُ رَسُوْلُهُ e،
إِذَاْ تَلَاْعَبَ اَلْقَوْمُ بِاَلْمِكْيَاْلِ وَاَلْمِيْزَاْن، وَصَاْرُوْا مِنْ
اَلْمُطَفِّفِيْنَ } اَلَّذِينَ إِذَا
اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ
يُخْسِرُونَ {
عَاْقَبَهُمُ اَللهُ U
بِثَلَاْثِ عُقُوْبَاْتٍ: اَلْأُوْلَىْ : مَنْعُ اَلْمَطَرِ أَوْ نُدْرَتِهِ.
اَلْثَّاْنِيَةُ: شِدَّةُ اَلْمَؤُوْنَةِ، أَيْ غَلَاْءُ اَلْمَعِيْشَةِ
وَاَرْتِفَاْعُ اَلْأَسْعَاْرِ وَضِيْقُ اَلْعَيْشِ. وَاَلْثَّاْلِثَةُ :
تَسْلِيْطُ اَلْحُكَّاْمِ بِمَاْ يَجُوْرُ عَلَيْهِمْ ، وَيُكَلِّفُهُمْ بِمَاْ
لَاْ قِدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ . فَلْنَتَّقِ اَللهَ - أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ -
وَلْنَحْرِصْ عَلَىْ مَاْ يُرْضِيْ اَللهَ U ، وَمَاْ تُنَاْلُ مِنْ خَلَاْلِهِ رَحْمَتُهُ .
أَعُوْذُ بِاَللهِ مِنْ اَلْشَّيْطَاْنِ اَلْرَّجِيْمِ :
} وَلَوْ
بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ، وَلَكِنْ
يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ، إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ، وَهُوَ الَّذِي
يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا ، وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ، وَهُوَ
الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ، وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمَا
بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ ، وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ،
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ ، فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ، وَيَعْفُو
عَنْ كَثِيرٍ { .
بَاْرَكَ
اَللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ
بِمَاْ فِيْهِ مِنْ اَلْآيَاْتِ وَالْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ
هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ
اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ
للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ
تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ
الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ
وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ :
فِيْ عَهْدِ
اَلْنَّبِيِّ e،
حَصَلَ جَدْبٌ وَقَحْطٌ ، بِسَبَبِ تَأْخُّرِ اَلْمَطَر، فَدَخَلَ رَجُلٌ
وَاَلْنَّبِيُّ e
يَخْطُبُ خُطْبَةَ اَلْجُمُعَةِ، فَوَقَفَ أَمَاْمَهُ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَاْلَ:
يَاْ رَسُوْلَ اَللَّهِ هَلَكَتِ اَلْأَمْوَاْلُ وَاَنْقَطَعْتِ اَلْسُّبُلُ ،
فَاَدْعُ اَللَّهَ يُغِيْثُنَاْ . فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ e يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ : (( اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا
اللَّهُمَّ أَغِثْنَا )). قَالَ أَنَسٌ رَاْوُيْ اَلْحَدِيْثِ : وَلَا
وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةً - يَعْنِيْ
حَتَّىْ اَلْغَيْمَةِ اَلْصَّغِيْرَةِ لَاْتُوْجَدُ فِيْ اَلْسَّمَاْءِ ،
اَلْسَّمَاْءُ صَاْفِيَةٌ - يَقُوْلُ
أَنَسٌ: وَمَاْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ - سَلْعٌ
جَبَلٌ قُرْبَ اَلْمَدِيْنَةِ - قَالَ أَنَسٌ : فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ
سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ
أَمْطَرَتْ ، فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا- وفي رواية :
فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ
الْجِبَالِ ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ
يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ .
ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي
الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ e قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ
يُمْسِكْهَا عَنَّا . قَالَ : فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ e يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ : (( اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا ،
اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ
الشَّجَرِ )) . قَالَ : فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنِ
السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ، فَأَقْلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ،
وَصَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ - أَيْ مِثْلَ اَلْحُفْرَةِ
اَلْمُسْتَدِيْرَةِ اَلْوَاْسِعَةِ - وَسَالَ الْوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا ، وَلَمْ
يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ . هَكَذَاَ - أَيُّهَاْ
اَلْإِخْوَةُ - اَلْاِسْتِجَاْبَةُ مِنْ اَللهِ U ، يَقُوْلُ سُبْحَاْنَهُ: } وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي
عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ { .
اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ
اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِيْ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ ،
وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ
. اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ وَأَنْتَ فِيْ عَلْيَاْئِكَ ، وَأَنْتَ
اَلْغَنِيُّ وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاْءُ إِلَيْكَ ، أَنْ تُغِيْثَ قُلُوْبَنَاْ
بِاَلْإِيْمَاْنِ ، وَبِلَاْدَنَاْ بِاَلْأَمْطَاْرِ ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ،
اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ أَسْقِنَاْ
اَلْغَيْثَ وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ اَسْقِنَاْ
غَيْثَاً مُغِيْثَاً هَنِيْئَاً مَرِيْعَاً سَحَّاً غَدَقَاً مُجَلِّلَاً
نَاْفِعَاً غَيْرَ ضَاْرٍ ، عَاْجِلَاً غَيْرَ آجِلٍ ، غَيْثَاً تُغِيْثُ بِهِ
اَلْبِلَاْدَ وَاَلْعِبَاْدَ ، اَلْلَّهُمَّ اَسْقِ بِلَاْدَكَ وَعِبَاْدَكَ
وَبَهَاْئِمَكَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ . } رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
عِبَاْدَ اَللهِ : } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ
العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|