لِلْعُقُلَاْءِ زِيَاْرَةُ سَلْمَاْنَ لِأَبِيْ اَلْدَّرْدَاْءِ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ
وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا
وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ
يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ
لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. } يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ { . } يَاأَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا
زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ
الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيبًا {
. } يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا { .
أَمَّا بَعْدُ :
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ،
وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ e، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ،
وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
فِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ
عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ t؛ قَالَ: آخَرُ مَا آخَى رَسُولُ اللَّهِ e بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا
الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً -أَيْ لَاْبِسَةً ثِيَاْبَ
اَلْبِذْلَةِ وَهِيَ اَلْمِهْنَةِ أَيْ تَاْرِكَةً لِبَاْسَ اَلْزِّيْنَةِ- فَقَالَ:
مَا شَأْنُكِ مُتَبَذِّلَةً؟ قَالَتْ: إِنَّ أَخَاكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ لَيْسَتْ
لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا -أَيْ وَمِنْهَاْ زِيْنَةُ اَلْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَاْ
وَهُوَ لَاْ يَأْبَهُ لِذَلِكَ- قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ؛
قَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ؛ فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أَنَا
بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، قَالَ: فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ؛ ذَهَبَ
أَبُو الدَّرْدَاءِ لِيَقُومَ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ
ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ لَهُ: نَمْ، فَنَامَ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ؛
قَالَ لَهُ سَلْمَانُ: قُمِ الْآنَ، فَقَامَا فَصَلَّيَا، فَقَالَ سَلْمَانُ:
إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِضَيْفِكَ
عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ
حَقَّهُ. فَأَتَيَا النَّبِيَّ e فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: (( صَدَقَ سَلْمَانُ )).
يَقُوْلُ اَلْشَّاْطِبِيُّ
فِيْ اِعْتِصَاْمِهِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ جَمَعَ التَّنْبِيهَ عَلَى حَقِّ
الْأَهْلِ بِالْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ وَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَالضَّيْفِ
بِالْخِدْمَةِ وَالتَّأْنِيسِ وَالْمُؤَاكَلَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْوَلَدِ
بِالْقِيَامِ عَلَيْهِمْ بِالِاكْتِسَابِ وَالْخِدْمَةِ، وَالنَّفْسِ بِتَرْكِ
إِدْخَالِ الْمَشَقَّاتِ عَلَيْهَا، وَحَقِّ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ بِجَمِيعِ مَا
تَقَدَّمَ وَبِوَظَائِفَ أُخَرَ فَرَائِضَ وَنَوَافِلَ آكَدَ مِمَّا هُوَ فِيهِ،
وَالْوَاجِبُ أَنْ يُعْطِي لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
أَعْطِ لِكُلِّ ذِيْ
حَقٍّ حَقَّهُ، اَلَّذِيْ قَاْلَهُ سَلْمَاْنُ t، وَصَدَّقَهُ اَلْنَّبِيُّ e، هُوَ مَاْ يَحْتَاْجُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ يُرِيْدُ رَاْحَةَ
اَلْدُّنْيَاْ وَسَعَاْدَةَ اَلْآخِرَةِ، وَمَعَ اَلْأَسَفِ يَوْجُدُ بَيْنَنَاْ
مَنْ لَاْ يُعْطِيْ لِكُلِّ ذِيْ حَقٍ حَقَّهُ، وَلْنَبْدَئَ بِمَاْ بَدَأَ فِيْهِ
اَلْحَدِيْثُ: إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، أَيْ: لَاْبُدَّ أَنْ تَأْخُذَ
قِسْطَاً مِنْ اَلْرَّاْحَةِ، فَنَفْسُ اَلْإِنْسَاْنِ هِيَ مَطِيَّتُهُ.
وَلِذَلِكَ عُمُرُ بِنُ عَبْدِ اَلْعَزِيْزِ لَمَّاْ وُلِّيَ اَلْخِلَاْفَةَ وَكَاْنَ
نَاْئِمَاً فِيْ اَلْقَيْلُوْلَةِ جَاْءَهُ اِبْنُهُ عَبْدُ اَلْمَلِكْ وَكَاْنَ شَاْبَاً
صَغِيْرَاً، وَقَاْلَ لَهُ: يَاْ أَبَتِ كَيْفَ تَنَاْمُ وَاَلْمَظَاْلِمُ مَاْ
رُدَّتْ إِلَىْ أَهْلِهَاْ؟ يَعْنِيْ: اَلْمَظَاْلِمَ اَلْسَّاْبِقَةَ مِنْ قَبْلِ
أَنْ يَحْكُمَ، فَإِنِّيْ وَاَللهِ يَاْ أَبَتِ لَاْ أُبَاْلِيْ لَوْ غُلَيَتْ بِيْ
وَبِكَ اَلْقُدُوْرُ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ، فَقَاْلَ لَهُ: يَاْ بُنِيَّ إِنَّ نَفْسِيْ
مَطِيَّتِيْ، أَيْ: لَوْ أَنِّيْ أَجْهَدْتُ نَفْسِيْ وَمَنْ مَعِيَ فَإِنَّهُ عَمَّاْ
قَلِيْلٍ سَنَنْقَطِعُ، وَلكِنْ شَيْئَاً فَشِيْئَاً .
فَإِعْطَاْءُ
اَلْنَّفْسِ مَاْ تَحْتَاْجُهُ مِنْ اَلْرَّاْحَةِ وَاَلْاِهْتِمَاْمِ
وَاَلْعِنَاْيَةِ، أَمْرٌ مَطْلُوْبٌ شَرْعَاً، وَلِذَلِكَ جَاْءَ فِيْ
اَلْحَدِيْثِ: إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا .
وَجَاْءَ فِيْ
اَلْحَدِيْثِ: وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، حَقُّ اَللهِ عَلَىْ عَبْدِهِ -
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - أَنْ يَعْبُدَهُ وَلَاْ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئَاً، كَمَاْ
جَاْءَ فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ t قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ e عَلَى حِمَارٍ, فَقَالَ لِي: (( يَا مُعَاذُ , أَتَدْرِي مَا حَقُّ
اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ , وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ )) ؟
قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: (( حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا
يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا, وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ
مَنْ لَاْ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا )). حَقُّ اَللهِ عَلَيْكَ - أَخِيْ
اَلْمُسْلِمِ - أَنْ تَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِكُلِّ مَاْ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاْهُ،
مِنْ اَلْأَقْوَاْلِ وَاَلْأَعْمَاْلِ اَلْظَاْهِرَةِ وَاَلْبَاْطِنَةِ، وَلَاْ شَكَّ
أَنَّكَ أَنْتَ اَلْمُسْتَفِيْدُ اَلْأَوَّلُ وَاَلْأَخِيْرُ مِنْ ذَلِكَ. إِذَاْ
قُمْتَ بِحَقِّ اَللهِ عَلَيْكَ، فَاَلْفَاْئِدَةُ تَرْجُعُ لِكَ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ
اَلْصَّحِيْحِ يَقُوْلُ e: (( إِنَّ اللَّهَ
قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ
إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا
يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ
كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ
الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي
لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ
شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ، تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ
وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ )) .
أَيُهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
يَقُوْلُ فِيْ
اَلْحَدِيْثِ: وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، حَقُّ اَلْضَّيْفِ إِكْرَاْمُهُ،
يَقُوْلُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ))، أَيْ : مَنْ كَاْنَ يُؤْمِنُ
إِيْمَاْناً كَاْمِلَاً : فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ. سُئِلَ اَلْأَوْزَاْعِيُّ: مَاْ
إِكْرَاْمُ اَلْضَّيْفُ؟ قَاْلَ: طَلَاْقَةُ اَلْوَجْهِ، وَطِيْبُ اَلْكَلَاْمِ،
وَهَذَاْ مَاْ نَحْتَاْجُهُ -أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - فِيْ هَذَاْ اَلْزَّمَاْنِ،
فَبَعْضُ اَلْنَّاْسِ يَتَكَلَّفُ لِأَضْيَاْفِهِ، إِلَىْ دَرَجَةِ اَلْتَّبْذِيْرِ
وَاَلْإِسْرَاْفِ، لِنَيْلِ مَدْحِ اَلْنَّاْسِ وَاَلْحُصُوْلِ عَلَىْ
ثَنَاْئِهِمْ، وَهَذَاْ لَاْ يَجُوْزُ شَرْعَاً، أَكْرِمْ ضَيْفَكَ حَسَبَ
اِسْتِطَاْعَتِكَ وَحَسَبَ حَاْجَةِ ضَيْفِكَ، وَإِمَّاْ إِنْ كَاْنَ مِنْ
اَلَّذِيْنَ يَعْتَبِرُوْنَ قِيَمَهُمْ بِمَاْ يُوْضَعُ لَهُمْ، فَاَللهُ U
يَقُوْلُ: } فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ
تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، ذَلِكَ
مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ
سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى { .
بَاْرَكَ اَللهُ لِيْ
وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ فِيْهِ
مِنْ اَلْآيَاْتِ وَالْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ
وَأَسْتَغْفِرُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ
اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ
إِحْسَاْنِهِ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ
تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ
الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ
وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ :
وَآخِرُ مَاْ قَاْلَهُ
سَلْمَاْنُ لِأَبِيْ اَلْدَّرْدَاْءِ -رَضِيَ اَللهُ عَنْهُمَاْ- وَشَهِدَ
اَلْنَّبِيُّ e بِصِدْقِهِ وِصِحَّتِهِ قَوْلُهُ: وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقَّاً،
وَاَلْمَقْصُوُدُ بِاَلْأَهْلِ هُنَاْ: اَلْزَّوْجَة، فَلِلْزَّوْجَةِ حَقٌ لَاْ
يَقِلُّ أَهَمِيَّةً عَنْ حَقِّ اَلْنَّفْسِ وَاَلْضَّيْفِ، بَلْ لَاْ يَقِلُّ أَهَمِيَّةً
عَنْ حَقِّ اَللهِ U ، بَلْ اَلْتَّقْصِيْرُ بِحَقِّ اَلْزَّوْجَةِ فِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَىْ
اَلْتَّقْصِيْرِ بِحَقِّ اَللهِ U، يَقُوْلُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( اِتَّقُوْا اَللهَ فِيْ اَلْنِّسَاْءِ،
فَإِنَّهُنَّ عَوَاْنٌ عِنْدَكُمْ، أَخَذْتُمُوْهُنَّ بِأَمَاْنَةِ اَللهِ وَاَسْتَحْلَلْتُمْ
فُرُوْجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اَللهِ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ
بِاَلْمَعْرُوْفِ )) .
اَلْمَرْأَةُ كَاَلْأَسِيْرِ
عِنْدَ زَوْجِهَاْ، وَهَذَاْ مَعْنَىْ عَوَاْنٍ عِنْدَكُمْ ، فَمَنْ أَهْمَلَ
حَقَّ زَوْجَتِهِ، فَوَاللهِ لَاْ خَيْرَ فِيْهِ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُّ e
فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: ((
خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ؛ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ))، أَيْنَ
اَلْخَيْرُ -أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ- مِمَّنْ يَقْضِيْ جُلَّ وَقْتِهِ بِاِسْتِرَاْحَتِهِ
، وَلَاْ يَعُوْدُ إِلَىْ بَيْتِهِ إِلَّاْ بِسَاْعَةٍ مُتَأَخِّرَةٍ مِنْ اَلْلَّيْلِ
، ثُمَّ يُلْقِيْ بِنَفْسِهِ جِيْفَةً تَعِبَاً لَاْ طَاْقَةَ لَهُ بِمَاْ تَحْتَاْجُهُ
زَوْجَتُهُ ، وَقَدْ يَتَعَذَّرَ اَلْكَذَّاْبُ بِكَثْرَةِ مَشَاْغِلِهِ،
قِدْوَتُهُ فِيْ ذَلِكَ مَنْ هُمْ عَلَىْ شَاْكِلَتِهِ وَأَكْثَرُ سُوْءَاً مِنْهُ
.
فَمِنْ حَقِّ
اَلْزَّوْجَةِ حُسْنُ اَلْعِشْرَةِ، يَقُوْلُ U: } وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ {،
وَيَقُوْلُ أَيْضَاً: }وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ{ فَتَقَّوَىْ اَللهِ U، وَاَلْنَّفَقَةُ وَاَلْكِسْوَةُ وَحُسْنُ اَلْعِشْرَةِ، وَعَمَلُ
مَاْ تُحِبُّ أَنْ تَعْمَلَهُ لَكَ زَوْجَتُكَ، حَقٌ وَاْجِبٌ عَلَيْكَ، يُلَخِّصُهُ
قَوْلُ سَلْمَاْنَ : وَلَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقَّاً .
فَاَتَّقُوْا اَللهَ -عِبَاْدُ
اَللهِ- وَاَحْرِصُوْا عَلَىْ اَلْقِيَاْمِ بِمَاْ أَوْجَبَ اَللهُ U
عَلَيْكُمْ ، وَأَعْطُوْا لِكُلِّ ذِيْ حَقٍ حَقَّهُ .
أَسْأَلُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ
عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَرِزْقَاً وَاْسِعَاً ، وَعَمَلَاً لَوُجْهِهِ خَاْلِصَاً
، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ، أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ
اَلْنَّذِيْرِ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ
اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاً: } إِنَّ اللَّهَ
وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ يَقُوْلُ e:
(( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً
وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ))، فَاَلْلَّهُمَّ صَلِ
وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ، وَعَلَىْ آلِهِ
وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ
وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ
اَلْدِّيْنِ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ
يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن. اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ عِزَّ
اَلْإِسْلَاْمِ وَنَصْرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ
وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ، وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ، وَاَجْعَلْ
بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ. اَلْلَّهُمَّ
إِنَّاْ نَسْأَلُكَ وَأَنْتَ فِيْ عَلْيَاْئِكَ، وَأَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاْءُ
إِلَيْكَ، أَنْ تُغِيْثَ قُلُوْبَنَاْ بِاَلْإِيْمَاْنِ، وَبِلَاْدَنَاْ بِاَلْأَمْطَاْرِ،
اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ
أَسْقِنَاْ اَلْغَيْثَ وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ، اَلْلَّهُمَّ اَسْقِنَاْ
غَيْثَاً مُغِيْثَاً هَنِيْئَاً مَرِيْعَاً سَحَّاً غَدَقَاً مُجَلِّلَاً نَاْفِعَاً
غَيْرَ ضَاْرٍ، عَاْجِلَاً غَيْرَ آجِلٍ، غَيْثَاً تُغِيْثُ بِهِ اَلْبِلَاْدَ وَاَلْعِبَاْدَ،
اَلْلَّهُمَّ اَسْقِ بِلَاْدَكَ وَعِبَاْدَكَ وَبَهَاْئِمَكَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ
أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ. } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ
العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |