للعقلاء آية الشتاء
اَلْحَمْدُ للهِ اَلْمُتَفَضِّلِ بِاَلْجُوْدِ وَاَلْإِحْسَاْنِ ، وَاَلْمُنْعِمِ عَلَىْ عِبَاْدِهِ بِنِعَمٍ لَاْ يُحْصِيْهَاْ اَلْعَدُّ وَاَلْحُسْبَاْنُ ، أَنْزَلَ اَلْقُرَّآنَ } هُدَىً لِلْنَّاْسِ وَبَيِّنَاْتٍ مِنَ اَلْهُدَىْ وَاَلْفُرْقَاْنِ { .
أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، } يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ { .
وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، اَلْرَّحِيْمُ اَلْرَّحْمَنُ ، وَاَلْكَرِيْمُ اَلْمَنَّاْنُ . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِّيُهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، أَرْسَلَهُ لِلْإِنْسِ وَاَلْجَاْنِ ، وَخَتَمَ بِهِ اَلْكُتُبَ وَاَلْأَدْيَاْنَ ، صَلَىْ اللهُ عَلِيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَاَلْتَّاْبِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ مَاْ تَوَاْلَتِ اَلْأَزْمَاْنُ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ : } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِيْنَ أُوتُوا الْكِتَاْبَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوْا اللَّهَ { ، فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
مِنَ اَلْأُمُوْرِ اَلْمُفِيْدَةِ اَلْنَّاْفِعَةِ لِلْعَبْدِ فِيْ حَيَاْتِهِ ، اَلْتَّفَكُّرُ فِيْ عَجَاْئِبِ مَخْلُوْقَاْتِ اللهِ U ، وَاَلْتَّأَمُّلُ فِيْ عَظِيْمِ آيَاْتِهِ ، فَفِيْ ذَلِكَ زِيَاْدَةُ اَلْإِيْمَاْنِ ، وَقُوَّةُ اَلْصِّلَةِ بَاَلْرَّحِيْمِ اَلْرَّحْمَنِ ، يَقُوْلُ U : } إِنَّ فِيْ خَلْقِ اَلْسَّمَاْوَاْتِ وَاَلْأَرْضِ ، وَاَخْتِلَاْفِ اَلْلَّيْلِ وَاَلْنَّهَاْرِ ، لَآيَاْتٍ لِأُوْلِيْ اَلْأَلْبَاْبِ . اَلَّذِيْنَ يَذْكُرُوْنَ اَللَّهَ قِيَاْمَاً وَقُعُوْدَاً وَعَلَىْ جُنُوْبِهِمْ ، وَيَتَفَكَّرُوْنَ فِيْ خَلْقِ اَلْسَّمَاْوَاْتِ وَاَلْأَرْضِ ، رَبَّنَاْ مَاْ خَلَقْتَ هَذَاْ بَاْطِلَاً سُبْحَاْنَكَ ، فَقِنَاْ عَذَاْبَ اَلْنَّاْرِ { ، لَمَّاْ نَزَلَتْ هَذِهِ اَلْآيَاْت ، قَاْلَ اَلْنَّبِيُ e : (( لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اَلْلَّيْلَةَ آيَةٌ , وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَاْ وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيْهَا )) . فَاَلْتَّفَكُّرُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ فِيْ آيَاْتِ اللهِ U ، وَاَلْتَّأَمُّلُ فِيْ مَخْلُوْقَاْتِهِ ـ سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَىْ ـ أَمْرٌ مَطْلُوْبٌ ، لَعِظِيْمِ فَوَاْئِدِهِ ، وَثِمَاْرِ نَتَاْئِجِهِ ، وَلَاْ أَدَلُّ عَلَىْ ذَلِكَ ، مِمَّاْ يَخْتُمُ اللهُ U بِهِ قَوْلَهُ ، كُلَّمَاْ ذَكَّرَ بِآيَاْتِهِ . تأملوا ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ } إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ { ، } إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ { ، } إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ { ، } إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ { فَاَلَّذِيْنَ يَتَفَّكْرُوْنَ وَاَلَّذِيْنَ يَسْمَعُوْنَ وَاَلَّذِيْنَ يَعْقِلُوْنَ وَاَلْمُؤْمِنُوْنَ ، هُمُ اَلَّذِيْنَ تُأَثِّرُ بِهِمْ آيَاْتُ اللهِ U نَتِيْجَةَ تَفَكُّرِهِمْ . أَمَّاْ غَيْرُهُمْ ، فَلَاْ تَزِيْدُهُمْ آيَاْتُ اللهِ U ؛ إِلَّاْ إِعْرَاْضَاً وَكُفْرَاً وَعِنَاْدَاً ، يَقُوْلُ U : } وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ { أي وَكَمْ مِنْ آيَةٍ دَالَّةٍ عَلَىْ وَحْدَاْنِيَّةِ اللَّهِ U ، يُشَاهِدُونَهَا لَا يَتَفَكَّرُونَ بِهَا . فَهِيَ كَاْرِثَةُ اَلْكَوَاْرِثِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ أَنْ يُعْرِضَ اَلْمَرْءُ ، عَنِ اَلْتَّفَكُّرِ بِآيَاْتِ اللهِ U ، فِيْ وَقْتٍ يَكُوْنُ تَفَكُّرُهُ فِيْ حُطَاْمِ دُنْيَاً فَاْنِيَةٍ ، وَهَذِهِ مُشْكِلَةُ كَثِيْرٍ مِنَ اَلْنَّاْسِ ، اَلَّذِيْنَ يَحْصُلُوْنَ عَلَىْ أَعْلَاْ اَلْمَنَاْصِبِ ، وَيَصِلُوْنَ لَأَعْلَىْ اَلْمَرَاْتِبِ ، وَيَجْمَعُوْنَ كَثِيْرَاً مِنَ اَلْأَمْوَاْلِ ، وَيَفْقَهُوْنَ أَصْعَبَ أُمُوْرِ اَلْحَيَاْةِ ، وَلَكِنَّهُمْ يَدُوُرُوْنَ فِيْ أَمَاْكِنِهِمْ فِيْ جَاْنِبِ عِلَاْقَتِهِمْ مَعَ اللهِ U ، فَتَبَّاً لَهُمْ وَلِتَفَكِّرِهِمْ . } لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا ، وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا ، أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ، أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ { .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
وَمِنْ آيَاْتِ اَللهِ U ، اَلَّتِيْ تَسْتَحِقُ اَلْتَّأَمُّلَ وَاَلْتَّفَكُّرَ ، فَصْلُ اَلْشِّتَاْءِ ، وَهَذَاْ اَلْبَرْدُ اَلَّذِيْ نَعِيْشُهُ فِيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمَ ، فَهُوَ آيَةٌ مِنْ آيَاْتِ اَللهِ U ، وَعَلَاْمَةٌ وَاْضِحَةٌ تَدُلُّ عَلَىْ عَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ سُبْحَاْنَهُ ، فَبِاَلْأَمْسِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ كُنَّاْ نَبْحَثُ عَنْ مَاْ يُبَرِّدُ أَجْسَاْدَنَاْ ، وَاَلْيَوْمَ صِرْنَاْ نَبْحَثُ عَنْ مَاْ يُدْفِئُهَاْ ، اَلْشَّمْسُ اَلَّتِيْ كُنَّاْ نَتَقِيْ حَرَاْرَتَهَاْ ، صِرْنَاْ اَلَيَوْمَ نَتَلَذَّذُ بِسُخُوْنَتِهَاْ ، فَهَلْ أَثَّرَ ذَلِكَ فِيْ نُفُوْسِنَاْ ، وَأَحْدَثَ شَيْئَاً فِيْ عُقُوْلِنَاْ ، هَلْ زَاْدَ ذَلِكَ فِيْ إِيْمَاْنِنَاْ وَيَقِيْنِنَاْ وَتَصْدِيْقِنَاْ بِخَاْلِقِنَاْ ؟ أَمْ أَنَّنَاْ ـ وَاَلْعِيَاْذُ بِاَللهِ ـ كَاَلَّذِيْنَ يَنْسِبُوْنَ ذَلِكَ لِلْظَّوَاْهِرِ اَلْكَوْنِيَةِ ، وَاَلْعَوَاْمِلِ اَلْجُغْرَاْفِيَةِ ، اَلَّذِيْنَ يَصْدِقُ عَلَيْهِمْ قَوْلُ اللهِ U : } وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ { .
فَاَلْشِّتَاْءُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ بِمَاْ فِيْهِ مِنْ بَرْدٍ وَمَطَرٍ وَرَعْدٍ وَصَوَاْعِقٍ وَبَرْقٍ ، هُوَ آيَةٌ مِنْ آيَاْتِ اللهِ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ ، يَقُوْلُ U : } هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا ، وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ، وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ، وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ ، وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ { .
فَاَلْرَّعْدُ وَاَلْبَرْقُ وَاَلْمَطَرُ وَاَلْسَّحَاْبُ وَاَلْصَّوَاْعِقُ ، مِنْ آيَاْتِ اللهِ U ، اَلَّتِيْ تَدُلُّ عَلَىْ قُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ ، وَتُوْجِبُ تَوْحِيْدَهُ وَاَلْإِقْرَاْرَ بِوَحْدَاْنِيْتِهِ ، وَلِذَلِكَ ثَبَتَ فِيْ اَلْمُسْنَدِ ، وَسُنِنِ اِلْتِّرْمِذِيْ وَغَيْرِهِمَاْ عَنِ ابْنِ عَبَّاْسٍ ـ رضي الله عنهما ـ , قَاْلَ : أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى النَّبِيِّ e , فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِمِ ! نَسْأَلُكَ عَنْ أَشْيَاءَ ، إِنْ أَجَبْتَنَا فِيهَا اتَّبَعْنَاكَ , وَصَدَّقْنَاكَ وَآمَنَّا بِكَ . قَالَ : فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ , قَالُوا : اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ , فَسَأَلُوْهُ أَسْئِلَةً ، وَقَاْلُوْا فِيْ جُمْلَةِ أَسْئِلَتِهِمْ : َأَخْبِرْنَا عَنِ الرَّعْدِ مَا هُوَ ؟ قَالَ e : (( مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ ، مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ ، يَصْرِفُهُ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ )) , قَالُوا : فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ ؟ قَالَ e : (( زَجْرَةُ السَّحَابِ ، إِذَا زَجَرَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَيْثُ أَمَرَهُ اللهُ )) , قَاْلُوا : صَدَقْتَ .
فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ وَلْنَكُنْ مِنْ اَلَّذِيْنَ يَتَفَكَّرُوْنَ بَآيَاْتِ اللهِ ، وَيَنْتَفِعُوْنَ بِذَلِكَ قَرْبَاً وَطَاْعَةً وَمَحَبَّةً للهِ U ، أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَهْدِيْ ضَاْلَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
إِنَّ اَلْتَّفَكُّرَ فِيْ آيَاْتِ اللهِ U ، وَمِنْهَاْ آيَةُ اَلْشِّتَاْءِ ، يَحْتَاْجُ إِلَىْ عَمَلٍ ، فَلَاْ فَاْئِدَةَ مِنْ تَفَكُّرٍ لَاْ يُثْمِرُ عَمَلَاً ، يَقُوْلُ U : } وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ { وَيَقُوْلُ أَيْضَاً : } وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ ، مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ، فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا ، لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ { فَاَلْقُوْلُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ يَحْتَاْجُ إِلَىْ دَلِيْلٍ وَبُرْهَاْنٍ ، وَهُوَ اَلْعَمَل . فَمَعَ دُخُوْلِ هَذَاْ اَلْشِّتَاْءِ ، وَشُعُوْرِنَاْ بِهَذَاْ اَلْبَرْد ، يَنْبَغِيْ لَنَاْ أَنْ نَزْدَاْدَ إِيْمَاْنَاً بِرَبِّنَاْ ، وَيَقِيْنَاً بِخَاْلِقِنَاْ ، وَتَصْدِيْقَاً بِمَاْ أَمَاْمَنَاْ ، وَاَسْتِعْدَاْدَاً لِمَاْ يَنْتَظِرُنَاْ ، فَاَلْبَرْدُ اَلْشَّدِيْدُ مِنْ زَمْهَرِيْرِ جَهَنَّم ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ صَحِيْحِ اَلْإِسْنَاْدِ عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ t ، عَنِ النَّبِيِّ e قَالَ : (( اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا ، فَقَالَتْ : رَبِّ ، أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا ، فَنَفِّسْنِي ، فَأَذِنَ لَهَا فِي كُلِّ عَامٍ بِنَفَسَيْنِ ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْبَرْدِ ، مِنْ زَمْهَرِيرِ جَهَنَّمَ ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ ، مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ )) .
فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ وَلْنَتَذَكَّرَ وَنَحْنُ نَسْتَطِيْعُ تَدْفِئَةَ أَجْسَاْدِنَاْ وَوُقِاْيَتَهَاْ مِنْ هَذَاْ اَلْبَرْدِ ، إِخْوَاْنَاً لَنَاْ لَاْ يَسْتَطِيْعُوْنَ ذَلِكَ لِقِلَّةِ مَاْ فِيْ أَيْدِيْهِمْ ، وَلِفَقْرِهِمْ وَحَاْجَتِهِمْ ، وَكَمَاْ قَاْلَ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ )) وَلْيَكُنْ هَذَاْ اَلْشِّتَاْء ، وَسِيْلَةً لِلْوُصُوْلِ لِلْمَنَاْزِلِ اِلْعَاْلِيَةِ يَوْمَ اَلْقِيَاْمَةِ ، يَقُوْلُ عُمَرُ بِنُ اَلْخَطَّاْبِ t : اَلْشِّتَاْءُ غَنِيْمَةُ اَلْعَاْبِدِيْنَ ، وَمَعْنَىْ ذَلِكَ ، كَمَاْ قَاْلَ اَلْحَسَنُ اَلْبَصْرِيُ : نِعْمَ زَمَانُ المؤمِنِ اَلْشِّتَاْءُ لَيْلُهُ طَوُيْلٌ يَقُوْمُهُ ، وَنَهَاْرُهُ قَصِيْرٌ يَصُومُهُ .
أَسْأَلُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاً لِوَجْهِهِ خَاْلِصَاً ، وَرِزْقَاً وَاْسِعَاً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ .
اللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِيننا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا ، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا ، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنا ، وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ ، وَاجْعَلْ الموْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ ، اللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْوسنا تَقْوَاهَا ، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا ، اللَّهُمَّ إِنا نعُوذُ بِكَ مِنْ عِلم لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا . اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا خَطَايَانا ، وَعَمْدَنا وَجَهْلَنا ، وَهَزْلَنا ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِنا ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا مَا قَدَّمْنا ، وَمَا أَخَّرنا ، وَمَا أَسْرَرْنا وَمَا أَعْلَنَّا ، أَنْتَ المقَدِّمُ وَأَنْتَ المؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
اللّهُمّ أَنْتَ اللّهُ لَا إلَهَ إلّا أَنْتَ ، تَفْعَلُ مَاْ تَشَاْءُ وَمَاْ تُرِيدُ ، وَأَنْتَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيْدُ ، وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاءُ وَاَلْعَبِيْدُ ، اَلْلّهُمّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ ، اللّهُمّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَك وَانْشُرْ رَحْمَتَك وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيّت اللّهُمّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ ، اللّهُمّ أَغِثْنَاْ ، اللّهُمّ أَغِثْنَاْ ، اللّهُمّ أَغِثْنَاْ . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |