للبصير العمى الخطير
اَلْحَمْدُ للهِ ، اَلْعَلِيْمِ اَلْقَدِيْرِ ، وَاَلْسَّمِيْعِ
اَلْبَصِيْرِ ، } يَعْلَمُ
مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ
، وِعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، } خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ
وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ { . وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ،
وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، } اللَّهُ
رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ، وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ
مِنْ قِطْمِيرٍ { ، وَأَشْهَدُ أَنْ
مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، وَصَفِّيُهُ وَخَلِيْلُهُ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ
خَلْقِهِ، اَلْبَشِيْرُ اَلْنَّذِيْرُ، وَاَلْسِّرَاْجُ اَلْمُنِيْرُ، صَلَّىْ اللهُ عَلِيْهِ، وَعَلَىْ آلِهِ
وِأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ
اللهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U وَصِيْتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ
اَلْقَاْئِلُ فِيْ كِتَاْبِهِ : }
وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ
وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { فَلْنَتَّقِ اللهَ
- أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ - جَعَلَنِيْ اللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ
اَلْمُتَّقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ
:
يَقُوْلُ - تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ - : }
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ، فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ
يَعْقِلُونَ بِهَا ، أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ، فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى
الْأَبْصَارُ ، وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ { ، فَفِيْ هَذِهِ اَلآيَةِ
اَلْكَرِيْمَةِ اَلْعَظِيْمَةِ ، يُبَيِّنُ U أَنْ اَلْعَمَىْ يَنْقَسِمُ إِلَىْ قِسْمَيْنِ ،
عَمَىْ قَلْبٍ وَعَمَىْ عَيْنِيْنِ ، فَقَدْ يَكُوْنُ اَلْإِنْسَاْنُ لَاْ
يُبْصِرُ بِعَيْنِيْهِ ، أَعْمَىً كَفِيْفَاً ، وَلَكِنَّهُ يُبْصِرُ بِقَلْبِهِ ،
وَقَدْ يَكُوْنُ عَكْسَ ذَلِكَ ، عَيْنَاْهُ سَلِيْمَتَاْنِ يُبْصِرُ بِهِمَاْ
كُلَّ شَيْء يُشَاْهِدَهُ أَمَاْمَهُ ، وَلَكِنَّ قَلْبَهُ أَعْمَىً لَاْ يُبْصِرُ
كَثِيْرَاً مِنَ اَلْأُمُوْرِ اَلَّتِيْ فِيْهَاْ نَجَاْتُهُ وَسَعَاْدَتُهُ ،
فَيُوْقِعُهُ قَلْبُهُ اَلْأَعْمَىْ فِيْ أُمُوْرٍ فَيْهَاْ شَقَاْؤُهُ
وَتَعَاْسَتُهُ ، بَلْ وَعِقَاْبُهُ وَعَذَاْبُهُ ، وَمِنْ هَذَاْ اَلْنَّوْعِ ،
مَا ذَكَرَ اللهُ U فِيْ هَذِهِ اَلْآيَةِ
اَلْكَرِيْمَةِ : }
فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ ، وَلَكِنْ تَعْمَى
الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ { .
كَمْ مِـنْ ضَرِيْرٍ مُبْصِرٍ مُتَوَهِّجٍ
يُعْطِيْ وَيُعْطِيْ، وَاَلمَدَىْ
وَهَّاْبُ
وَتَرَىْ أُلُوْفَ اَلمُبْصِرِيْنَ
بِلَاْ هُدَىً
لَكَأَنَّمَاْ فَـوْقَ اَلْعُيُوْنِ
حِجَـــاْبُ
فَاَلْمُشْكِلَةُ وَاَلْكَاْرِثَةُ وَاَلْمُصِيْبَةُ وَاَلْعَيْبُ - أَخِيْ
اَلْمُسْلِم - أَنْ تَكُوْنَ أَعْمَىْ قَلْبٍ، لَاْ تُبْصِرُ مَاْ فَيْهِ طِيْبُ
حَيَاْتِكَ فِيْ اَلْدُّنْيَاْ ، وَنَجَاْتُكَ يَوْمَ اَلْقِيَاْمَةِ،
وَعَيْنَاْكَ سَلِيْمَتَاْنِ تُبْصِرَاْنِ حَتَّىْ مَاْ يَضُرُكَ فِيْ دُنْيَاْكَ
وَآخِرَتِكَ ، وَكَمْ مِنْ كَفِيْفٍ لَاْ تَبْصِرُ عَيْنَاْهُ ، وَلَكِنَّهُ
خَلَّدَ ذِكْرَهُ ، وَبَقَىْ أَثَرُهُ ، بِسَبَبِ سَلَاْمَةِ قَلْبِهِ مِنَ
اَلْعَمَىْ :
وَكَـــمْ إِمَاْمٍ لَنَاْ قَـدْ كَاْنَ ذَاْ ضَرَرٍ
فِيْ أَوْلِ اِلْعُمْرِ
أَوْ فِيْ آخِـرِ اِلْعُمْرِ
كَاْنَ اِبْنُ عَبَاْسٍ أَعْمَىْ وَهُوَ عَاْلِمُنَاْ
وَتَرْجُمَاْنُ اَلْهُدَىْ
فَاَسْأَلْ عَنِ اِلْقَمَرِ
قَتَاْدَةُ وَ عَطَاءٌ سَــاْدَةُ اَلْنُّجُبِ
وَاَلْتِّرْمِذِيُ اَلَّذِيْ قَدْ سَـــاْدَ فِيْ
اَلْأَثَرِ
وَاَلْعَكْبَرِيُ وَ أَبُوْ حَيَاْنَ وَ اَلْذَّهَبِيْ
وَ اَلْشَّاْطِبِيُ
اَلَّذِيْ قَدْ جَاْءَ بِاَلْدُّرَرِ
وَذُوْ اَلْمُصَنَّفِ فَاَنْظَرْ فِيْ مُصَنَّفِهِ
لَهُوَ اَبْنُ حَنْبَلَ كَمْ يَلْتَذُّ بِاَلْسَّفَرِ
وَاَنْظُرْ لِبَاْزِ اَلْتُّقَىْ وَاَلْعِلْمِ تُبْصِرُهُ
بِدُوْنِ عَيْنِيْنِ قَدْ أَرْبَىْ عَلَىْ اَلْبَشِرِ
وَقَبْلَهُ اِبْنُ حُمِيْدٍ فَاْرِسٍ بَطَلٍ
مَضَىْ
وَسِيْرَتُهُ مِنْ أَطْيَبِ اِلْسِّيَرِ
وَقَبْلَهُمْ شَيْخُهُمْ مُفْتِيِ اِلْدِّيَاْرِ فَهُمْ
مَثْلُ اَلْنُّجُوْمِ
وَذَاْكَ اَلْشِّيْخُ كَاَلْقَمَرِ
أَئَمَّةٌ صَبَرُوْا بِاَلْعِلْمِ وَاَشْتَهَرُوْا
مَاْ رَدَّهُمْ ضَرَرٌ عَنْ قِمَّةِ اِلْظَّفَرِ
اَلْطُّيْبُ مَعْدَنُهُمْ وَاَلْنَّصْحُ دَيْدَنُهُمْ
نِعْمَ اَلْرِّجَاْلِ فَهُمْ
فَخْرٌ لِمُفْتَخِرِ
فَاَلْمُصِيْبَةُ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - فِيْ عَمَىْ اَلْقَلْبِ،
وَأَمَّاْ عَمَىْ اَلْبَصَرِ ، فَقَدْ يَكُوْنُ نِعْمَةٌ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ
اللهِ U، لَاْ سِيَّمَاْ إِذَاْ صَبَرَ
وَاَحْتَسَبَ مَنِ اِبْتُلِيَ بِهِ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَاْلِكٍ t قَاْلَ
سَمِعْتُ اَلْنَّبِيَّ e يَقُوْلُ: (( إِنَّ اَللَّهَ قَاْلَ: إِذَاْ اَبْتَلَيْتُ
عَبْدِىْ بِحَبِيْبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَاْ اَلْجَنَّةَ ))
اَلْحَبِيْبَتَاْنِ: اَلْعَيْنَاْنِ، يَقُوْلُ صَاْحِبُ فَتْحِ اَلْبَاْرِيْ: وَاَلْمُرَاْدُ
بِاَلْحَبِيْبَتَيْنِ اَلْمَحْبُوبَتَاْنِ، لِأَنَّهُمَاْ أَحَبّ أَعْضَاْءِ اَلْإِنْسَاْنِ
إِلَيْهِ ، لِمَاْ يَحْصُلُ لَهُ بِفَقْدِهِمَاْ مِنْ الْأَسَفِ عَلَىْ فَوَاْتِ
رُؤْيَةِ مَاْ يُرِيدُ رُؤْيَتَهُ مِنْ خَيْرٍ فَيُسَرُّ بِهِ ، أَوْ شَرٍّ
فَيَجْتَنِبَهُ .
فَعَمَىْ اَلْبَصَرِ قَدْ يَكُوْنُ نِعَمَةً - أيها الإخوة - وَسَبَبَاً
مِنْ أَسْبَاْبِ دُخُوْلِ اَلْجَنَّةِ ، وَلَكِنْ عَمَىْ اَلْقَلْبِ ، مُصُيْبَةُ
اَلْمَصَاْئِبِ ، وَكَاْرِثَةُ اَلْكَوَاْرِثِ ، يَقُوْلُ مُجَاْهِدٌ : لِكُلِ عَيْنٍ
أَرْبَعُ أَعْيُنٍ ، يَعْنِيْ لِكُلِ إِنْسَاْنٍ أَرْبَعُ أَعْيُنٍ ، عَيْنَاْنِ فِيْ
رَأْسِهِ لِدُنْيَاْهُ ، وَعَيْنَاْنِ فِيْ قَلْبِهِ لَآخِرَتِهِ ، فَإِنْ عَمَيَتْ
عَيْنَاْ رَأْسِهِ ، وَأَبْصَرَتْ عَيْنَاْ قَلْبِهِ ، فَلَمْ يَضُرُّهُ عَمَاْهُ
شَيْئَاً، وَإِنْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاْ رَأَسِهِ وَعَمِيْتْ عَيْنَاْ قَلْبِهِ ، فَلَمْ
يَنْفَعْهُ نَظَرُهُ شَيْئَاً! فَمُصِيْبَةُ اَلْمَرْءِ ـ أيها الإخوة ـ بِعَمَىْ
قَلْبِهِ ، يَقُولُ U : }
وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى
الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
{ فَاَلْضَّلَاْلُ وَاَلْفَسَاْدُ وَاَلاِنْحِرَاْفُ ،
وَمِنْ ثّمَّ اَلْهَلَاْكُ ؛ مَآلُ عُمْيِ اَلْقُلُوْبِ ، }
وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى
وَأَضَلُّ سَبِيلًا { .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ
:
فَعَمَىْ اَلْقَلْبِ أَمْرٌ خَطِيْرٌ ، يَجِبُ حَذَرُهُ ، وَتَفَقُّدُ
اَلْقَلْبِ مِنَ اَلْإِصَاْبَةِ بِهِ ، وَحَذَرُ أَسْبَاْبِهِ ، وَمِنْ
أَبْرَزِهَاْ وَأَخْطَرِهَاْ ، اَلْتَّعَرُّضُ لِلْفِتَنِ ، اَلَّتِيْ تَكْثُرُ
آخِرَ اَلْزَّمَاْنِ ، كَمَاْ اَخْبَرَ اَلْنَّبِيُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( سَتَكُونُ فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ
الْمُظْلِمِ )) فَهَذِهِ اَلْفِتَنُ ، وَاَلْتَّعَرُّضُ لَهَاْ ، وَعَدَمُ
حَذَرِهَاْ ، أَمْرٌ يَتَسَبَّبُ فِيْ عَمَىْ اَلْقَلْبِ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ
اَلْصَّحِيْحِ يَقُوْلُ e : (( تُعْرَضُ اَلْفِتَنُ عَلَىْ اَلْقُلُوْبِ كَاَلْحَصِيرِ
عُوْدَاً عُوْدَاً ، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَاْ نُكِتَ فِيْهِ نُكتَةٌ سَوْدَاءُ
، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ
عَلى قلبَيْنِ عَلى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ
السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا ، كالكوْزِ مُجَخِّيًا
، لا يَعْرِفُ مَعْرُوْفا وَلا يُنْكِرُ مُنْكرًا ، إلَّاْ مَاْ أُشْرِبَ مِنْ
هَوَاْهُ )) . فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ - وَلْنَحْرِصْ
عَلَىْ سَلَاْمَةِ قُلُوْبِنَاْ اَلَّتِيْ فِيْ صُدُوْرِنَاْ ، فَأَمَاْمَنَاْ
يَوْمٌ يَقُوْلُ U عَنْهُ: }
يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى
اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ { .
بَاْرَكَ اللهُ لِيْ وَلَكُمْ
بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ فَيْهِ مِنَ
اَلآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ
اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرِ
اَلْرَّحِيْمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ،
وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ
إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ
أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى
اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً
.
أَيُّهَاْ
اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ :
إِنَّ عَمَىْ اَلْقَلْبِ دَاْءٌ خَطِيْرٌ، يُؤَدِّيْ إِلَىْ مَرَضِهِ
وَقَسْوَتِهِ ، وَيُوْدِيْ بِحَيَاْتِهِ وَسَلَاْمَتِهِ، بَلْ يَمْتَدُ ضَرَرُهُ
وَخَطَرُهُ، إِلَىْ فَسَاْدِ جَوَاْرِحَ وَأَعْضَاْءِ صَاْحِبِهِ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ، يَقُوْلُ e: (( أَلَا
إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا
فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ )) . فَفَسَاْدُ
اَلْجَوَاْرِحِ ، مِنْ أُذُنٍ وَعَيْنٍ وَلِسَاْنٍ وَبَطْنٍ وَفَرْجٍ وَيَدٍ
وَرِجْلٍ ، يَدُلُّ عَلَىْ أَنَّ هُنَاْكَ مُشْكِلَةٌ فِيْ اَلْقَلْبِ ، فَحَرِيٌ
بِكَ - أَخِيْ اَلْمُسْلِمُ - أَنْ تَتَفَقَّدَ قَلْبَكَ ، وَخَاْصَةً عَنْدَمَاْ
تَرَىْ فَسَاْدَاً فِيْ جَاْرِحَةٍ مِنْ جَوَاْرِحِكَ ، لَكَيْ لَاْ تَزِلَّ
وَتَضَلَّ ، كَمَاْ زَلَّ وَضَلَّ غَيْرُكَ مِمَّنْ عَمِيَتْ قُلُوْبُهُمْ
اَلَّتِيْ فِيْ صُدُوْرِهِمْ ، فَصَاْرُوْا لَاْ يَعْرِفُوْنَ مَعْرُوْفَاً وَلَاْ
يُنْكِرُوْنَ مُنْكَرَاً ، بَلْ صَاْرَ اَلْمَعْرُوْفُ مُنْكَرَاً ،
وَاَلْمُنْكَرُ مَعْرُوْفَاً عَنْدَ بَعْضِهِمْ ، نَسْأَلُ اللهَ اَلْسَّلَاْمَةَ
وَاَلْعَاْفِيَةَ .
اَسْأَلُ اللهَ U أَنْ يُفَرِّجَ
هَمَّ اَلْمَهْمُوْمِيْنَ مِنْ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَيُنَفِّسَ كُرَبَ
اَلْمَكْرُوْبِيْنَ، وَيَقْضِيْ اَلْدَّيْنَ عَنِ اَلْمَدِيْنِيْنَ، وَأَنْ
يَجْعَلنَاْ جَمِيْعَاً هُدَاْةً مُهْتَدِيْنَ، لَاْ ضَاْلِيْنَ وَلَاْ
مُضِلِّيْنَ ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ . اَللَّهُمَّ إِنَاْ نَسْأَلُكَ
اَلْهُدَىْ ، وَاَلْتُّقَىْ ، وَاَلْعَفَاْفَ وَاَلْغِنَىْ ، اَللَّهُمَّ
أَحْيِنَاْ سُعَدَاْءَ ، وَتَوَفَّنَاْ شُهَدَاْءَ ، وَاحْشُرْنَاْ فِيْ زُمْرَةِ
اَلْأَتْقِيَاْءِ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
اَللَّهُمَّ إِنَاْ نَسْأَلُكُ
اَلْجَنَّةَ وَمَاْ قَرَّبَ إِلَيْهَاْ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ ، وَنَعُوْذُ بِكَ
مِنْ اَلْنَّاْرِ ، وَمَاْ قَرَّبَ إِلَيْهَاْ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ ، اَللَّهُمَّ
أَجِرْنَاْ مِنْ اَلْنّاْرِ ، وَأَدْخِلْنَاْ اَلْجَنَّةَ مَعَ اَلْأَبْرَاْرِ ،
وَبَيِّضْ وُجُوْهَنَاْ ، يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوْهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوْهٌ .
اللّهُمّ أَنْتَ اللّهُ لَا إلَهَ إلّا
أَنْتَ ، تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ ، اللّهُمّ لَا إلّا إلَه إلّا أَنْتَ ، أَنْتَ
الْغَنِيّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَاْ
تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ ، اللّهُمّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَك
وَانْشُرْ رَحْمَتَك وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيّت اللّهُمّ اسْقِنَا غَيْثًا
مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ
:
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ
يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ
وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون.
وللمزيد من الخطب
السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|