عدوان الرافضة يزيدنا وعيا ولحمة
21/ 01/ 1441هـ
إِنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ
من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا
هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ
ورسولُهُ (( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ))، أما بعد : فإن خير الكلام
كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة
بدعة ، وكل بدعة ضلالة .
أيها
الناس: يقول العظيم سبحانه: ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)) لقد اختار ربنا تبارك
وتعالى مكة لتكون بلده الحرام ومحضن بيته العتيق ومهبط وحية ومتنزل كتابه، واختار المدينة
لتكون مهاجرَ خاتمِ رسوله صلى الله عليه وسلم واختار جزيرة العرب لتكون منطلق دعوة
الإسلام ودولته، ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ)). واختار جل جلاله الدولة
السعودية لتحكم جزيرة العرب وبلاد الحرمين في القرون الثلاثة الأخيرة، فأقام ولاتها
دولتهم على حكم الإسلام ومناصرة دعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب، دستورهم الكتابُ
والسنةُ، ورايتهم حماية جناب التوحيد والسنة، ونبذ الشرك والبدعة، محافظين على أصول
الإسلام وقيمه العظام، حتى قال الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله نقلاً عن بعض مؤرخي
دعوة ابن عبدالوهاب: (إن التاريخ الإسلامي بعد عهد الرسالة والراشدين لم يشهد التزاما
بأحكام الإسلام كما شهدته الجزيرة العربية في ظل الدولة السعودية التي أيدت هذه الدعوة
ودفعت بها، ولا تزال هذه البلاد ولله الحمد تنعم بثمرات هذه الدعوة أمنا واستقرارا
ورغدا في العيش, وبعدا عن البدع والخرافات) اهـ عباد الله: ورزق الله
الدولة السعودية في عهدها الثالث الذي نعيشه، رزقها الله رزقا لم تكن تحتسبه، رزقها
الله من باطن الأرض ما جعل لها مكانة وتأثيراً في اقتصاد العالم، فجعلها مصدراً رئيسا
من مصادر إمداد الطاقة الدولي. فاجتمع لدولتنا القوةُ
الاقتصادية والمكانةُ الدينية، والفضل والمنة لله وحده أولاً وآخرا، ثم للولاة الذين
أجرى الله هذا الخير العظيم على أيديهم، وقد قال الله تعالى: ((جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ
الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ)) أي "بالقيام بتعظيم هذا البيت يقوم
دين الناس وتقوم دنياهم بالعطايا الجزيلة والإحسان الكثير" قاله ابن سعدي. عباد الله: وهذه القوة وهذا التميز،
ولا شك يغيظان الكفار أعداء الإسلام، ((إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ)) ولما
ضرب الله المثل للصحابة بقوة إيمانهم وتمسكهم بالدين ونصرتهم لنبيهم واجتماعهم عليه،
قال تعالى: ((لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ)). فلا عجب يا عباد الله
أن تغيظ قوة هذه الدولة الكفار، ولا عجب أن تكون هدفا لمخططاتهم، ولا غرابة أن يجتمع
الأعداء لإسقاطها وإضعافها وإزالة تميزها وإيقاف صعودها، حتى لا يقوى الإسلام بقوتها،
يريدون ليطفئوا نور الإسلام، ويأبى الله إلا أن يتم نوره. عباد الله: من فضل الله على دولتنا
هذا النفط الذي جعل كثيراً من الدول الكافرة العدوة تتسابق إلى تحسين العلاقة معها
لتحقق مصلحتها الاقتصادية. لكن المجوس الرافضة
الصفويين لهم شأن آخر مع دولة الإسلام والسنة، فهم يحلمون بإقامة دولة الرفض الكبرى
في بلاد الحرمين وما جاورها، ويسعون بتصدير ثورتهم وبكل قواهم إلى تحقيق هذا الحلم
الشيطاني، ولهم في تأريخ الأمة سجل أسود من الخيانات والتسبب بالنكبات في حوادث مؤلمة،
وفي زماننا الحاضر لا يكاد يخلوا أسبوع من خيانات الرافضة وغدرهم بالأمة المسلمة، وآخرها
استهدافهم المشين الخائن لمصافي النفط في شرق بلادنا بقصف صاروخي غادر. لذا سأقف
وإياكم مع هذا الحدث وقفات: الوقفة الأولى: عداوة الرافضة لأهل
السنة عداوة شديدة غليظة، فهم من الذين أشركوا الذين قال الله تعالى فيهم: ((لَتَجِدَنَّ
أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا))
وهم أعوان وإخوان لليهود في العداوة لأهل الإسلام والسنة. وعدوانهم علينا ما يزيدنا
إلا يقينا وإيمانا وتسليما بسنن ربنا الكونية والشرعية، كما حصل للنبي والمؤمنين لما
رأوا الأحزاب ((وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا
اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا
وَتَسْلِيمًا))، ويزيدنا وعياً ويقظة وقوة ولحمة في حماية بلادنا. والعجب العجاب ممن ينتسب
لأهل السنة ويغالط في خطر وعدوان الرافضة على أهل السنة، رغم أن الأحداث والأيام والإعلام
قد فضحت عداوتهم بما لا عذر معه للغافل المتغافل، فـ ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
خُذُوا حِذْرَكُمْ)) واعرفوا أعداءكم، ولا يغررن بكم الإعلام الفاجر. الثانية: إن كنا نريد حفظ أنفسنا
وبلادنا من خطر عدونا المحدق بنا، فعلينا عباد الله أن نحفظ الله ليحفظنا ويحفظ بلادنا،
قال صلى الله عليه وسلم: (احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ)
وقال تعالى: ((فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ))، نحفظ الله
في دينه بالاستقامة على التوحيد والسنة، فشرط التمكين في آية التمكين ((يَعْبُدُونَنِي
لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)) وقبل ذلك الإيمان والعمل الصالح، ، فنكون مستعدين للأعداء
بقوة الإيمان فالله تعالى يقول: ((وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ))
ومن أعظم أنواع القوة: قوة الإيمان، فإذا كنا مؤمنين حقاً فالله سيدفع عنا: ((إِنَّ
اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا))، ولنُكَثِّر سواد الصالحين بإصلاح أنفسنا،
فبالصالحين المصلحين يحفظ الباقين. الثالثة:
يا عباد الله، لا تتركوا الدعاء لبلادكم ولا تتوقفوا عنه، ولا تحقروه،
ولا تقولوا دعونا ولم يستجب لنا، فلعل ما يصرفه الله عنا وعن بلادنا من البلايا والنكبات
هو بسبب دعوات دعوناها نظن أن الله لم يستجب لنا فيها، وقد استجابها فصرف عنا من السوء
مثلها، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فلن تضيع دعوات المؤمنين في ختام خطب الجمعة
وفي قنوت رمضان، ولن تضيع الدعوات الفردية والجماعية، ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ)). اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك وجميع
سخطك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين.. الخطبة الثانية : الحمد لله على تتابع الفضل والإحسان ، الحمد لله على الإسلام، الحمد
لله على الإيمان ، الحمد لله على التوحيد والسنة والقرآن ، الحمد لله على الأمن والأمان
وصلاح الشان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمدًا عبده
ورسوله قدوة أهل الإيمان ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . أما بعد : الرابعة
من الوقفات: أن دولة الإسلام السعودية تواجه حروباً شرسة متنوعة،
سياسية، واقتصادية، وإعلامية، وأخلاقية قيمية، وحرباً عسكرية، يتقاسم فيها أعداؤها
الأدوار. وواجبنا نحو دولة الإسلام
في مثل هذه الظروف أن نواليها ونقويها، ونحفظ الخير الذي فيها، وننشر محاسنها، ونحسن
الظن بولاتها، ونتغاضى عن أخطائها وتقصيرها، أو على الأقل ألا نضخمها، وندعو لولاتها
بالصلاح والتوفيق والإعانة والتسديد، فقوة هذه الدولة قوة لأهل الإسلام، وعزها عز لهم،
وضعفها ضعف لهم، وبالْمقابل نحذر من معاداتها، والاصطفاف مع أعدائها. ومن تقويتنا لها وزيادتنا
لهيبتها أن نلزم الجماعة والسمع والطاعة في المعروف، ونحرص على اجتماع الكلمة ووحدة
الصف، ففي الاجتماع قوة، و «يد الله مع الجماعة» و «الجماعة رحمة، والفرقة عذاب» الخامسة: ليس من المنهج الحق
ولا مما يرضي الرب، تخويف الناس بقدوم الحرب استناداً لظنون وتحليلات، فالله تعالى
ذم هذه الصورة فقال على سبيل الإنكار: ((وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ
أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ
مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)) فلا تلقوا الرعب في
نفوس الضعفاء والصغار والنساء بتناقل أخبار تخوف باشتعال الحروب، واتركوا الأمر لأهله،
واتركوا عباد الله يطمئنون في عبادتهم. اللهم عونك ونصرك وتأييدك لدولة الإسلام والسنة، اللهم أعزها وأعز بها
الإسلام والسنة يا قوي يا عزيز. اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا وجماعتنا واستقرارنا ، اللهم احفظ بلادنا
من شر الأشر وكيد الفجار، اللهم آمنّا في أوطاننا ودورنا ، اللهم أصلح أئمتنا وولاة
أمورنا, اللهم وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وبصّرهم بأعدائهم والمتربصين
بهم يا ذا الجلال والإكرام. اللهم ادفع عن بلادنا مضلات الفتن ، اللهم من أراد بلادنا وبلاد المسلمين
بسوء وفتنة فاجعل كيده في نحره يا قوي يا متين . اللهم انصر جُندنا المرابطين، اللهم سدد رميهم واربط على قلوبهم وثبت
أقدامهم وأنزل عليهم النصر من عندك يا قوي يا متين، اللهم من مات منهم فتقبله في الشهداء
يا رب العالمين ، ومن أصيب فألبسه ثياب الصحة والعافية يا لطيف يا رحيم . اللهم يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم أعز السنة وأهلها في كل
مكان اللهم قو أهل السنة وكن لهم عوناً ونصيراً ومؤيداً وظهيراً . اللهم كن لهم ولا
تكن عليهم وأعنهم ولا تعن عليهم وامكر لهم ولا تمكر عليهم . اللهم ارحم ضعفهم وتولَّ
أمرهم واجبر كسرهم وعجّل بفرجهم ونفّس كربهم، اللهم أحقن دماءهم واستر عوراتهم وآمن
روعاتهم وأطعم جائعهم واكسِ عاريَهم واحمل فقيرهم وثبت أقدامهم يا أرحم الراحمين .
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، ربنا لا
تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ، ربنا اغفر لنا ولوالدينا
وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك قريب مجيب الدعوات.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ صلاح العريفي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=121
|