تَحْرِيْمُ اَلْغِنَاْءِ وَفِتْنَةُ
اَلْنِّسَاْءِ
اَلْحَمْدُ
للهِ اَلْمُتَوَحِّدِ فِيْ جَلَاْلِ اَلْبَهَاْءِ
، اَلْمُتَعَاْلِيْ عَنْ اَلْزَّوَاْلِ وَاَلْفَنَاْءِ ، اَلْعَلِيْمِ بِجَمِيْعِ
اَلْأَشْيَاْءِ ، } وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي
الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ { . وَأَشْهَدُ أَنْ
لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، جَلَّ عَنْ اَلْاِبْتِدَاْءِ
وَاَلْاِنْتِهَاْءِ ، وَتَعَاْلَىْ عَنْ اَلْأَضْدَاْدِ وَاَلْأَنْدَاْدِ وَاَلْقُرَنَاْءِ
. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ
، صَلَّىْ اَللهُ وَسَلَّمَ وَبَاْرَكَ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ اَلْأَوْفِيَاْءِ
اَلْنُّجَبَاْءِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ :
تَقْوَىْ اَللهِ U، وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ، يَقُوْلُ U
فِيْ كِتَاْبِهِ : } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ
{ ، فَلْنَتَّقِ اَللهَ - أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ - جَعَلَنِيْ
اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
اَلْاِسْتِهَاْنَةُ بِشَيْءِ
مِنْ اَلْمُحَرَّمَاْتِ، وَعَدَمُ اَلْمُبَاْلَاْةِ بِبَعْضِ اَلْمُنْكَرَاْتِ ، قَضِيْةٌ
خَطِيْرَةٌ ، وَظَاْهِرَةٌ سَيِّئَةٌ ، يَجَبُ اَلْحَذَرُ مِنْهَاْ،
وَاَلْتَّحْذِيْرُ عَنْهَاْ، لِأَنَّهَاْ نَتَيْجَةٌ، مِنْ نَتَاْئِجِ ضَعْفِ اَلْإِيْمَاْنِ،
وَثَمَرَةٌ مُرَّةٌ مِنْ ثِمَاْرِ قِلَّةِ اَلْتَّقْوَىْ ، وَيَكْفِيْ فِيْ اَلْتَّحْذِيْرِ
مِنْهَاْ، وَاَلْتَّنْفِيْرِ عَنْهَاْ؛ قَوْلُ اَللهِ تَعَاْلَىْ : } وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً
وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ {
.
نَعْمْ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ
- اَلْاِسْتِهَاْنَةُ بِبَعْضِ اَلْمُحَرَّمَاْتِ ، ظَاْهِرَةٌ ؛ أُبْتُلِيَ بِهَاْ
بَعْضُ اَلْمُسْلِمِيْنَ، وَكَمَاْ قَاْلَ أَنَسٌ t فِيْ عَهْدِهِ: إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ
أَعْمَالًا، هِيَ أَدَقُّ فِي
أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ eمِنَ المُوبِقَاتِ.
يَعْنِي بِذَلِكَ المُهْلِكَاتِ. فَاَلْمُحَرَّمَاْتُ - مَهْمَاْ كَاْنَتْ - يَجِبُ
أَنْ لَاْ يُسْتَهَاْنُ بِهَاْ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
إِنَّ قَضِيَّةَ اَلْاِسْتِهَاْنَةِ
بِاَلْذُّنُوْبِ، اَلْمُتَرَتِّبَةِ عَلَىْ اِرْتِكَاْبِ اَلْمُحَرَّمَاْتِ ، لَيْسَتْ
مِنْ صِفَاْتِ اَلْمُؤْمِنِيْنَ، إِنَّمَاْ هِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاْتِ اَلْمُنَاْفِقِيْنَ،
فَاَلْمُنَاْفِقُ لَاْ يَهْتَمُّ لِذَنْبِهِ، اَلْذَّنْبُ عِنْدَهُ أَمْرٌ عَاْدِيٌ
، أَمَّاْ اَلْمُؤْمِنُ ، فَلَهُ نَظْرَةٌ أُخْرَىْ تُجَاْهَ اَلْذَّنْبِ، إِذَاْ
أَذْنَبَ اَلْمُؤْمِنُ، يَهْتَمُّ وَيَغْتَمُّ لِذَنْبِهِ، وَيُؤَنِّبُهُ ضَمِيْرُهُ
عَلَىْ اِرْتِكَاْبِهِ، حَتَّىْ يَتَخَلَّصَ مِنْهُ بِكَثْرَةِ اَلْاِسْتِغْفَاْرِ
وَمُبَاْدَرَةِ اَلْتَّوْبَةِ، فَفِيْ اَلْأَثَرِ عَنْ اِبْنِ مَسْعُوْدٍ t:
إِنَّ اَلْمُؤْمِنَ إِذَاْ أَذْنَبَ ذَنْبَاً، صَاْرَ عِنْدَهُ كَاَلْجَبَلِ فَوْقَ
رَأْسِهِ، وَإِنَّ اَلْمُنَاْفِقَ إِذَاْ أَذْنَبَ ذَنْبَاً، صَاْرَ عِنْدَهُ كَذُبَاْبٍ
وَقَعَ عَلَىْ أَنْفِهِ فَقَاْلَ بِهِ هَكَذَاْ ؛ أَيْ أَشَاْرَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ
فَطَاْرَ اَلْذُّبَاْبُ !
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ
:
وَمِنْ هَذِهِ اَلْذُّنُوْبِ،
اَلَّتِيْ صَاْرَ بَعْضُ اَلْنَّاْسِ يَسْتَهِيْنُ بِهَاْ، بَلْ مِنْهُمْ مَنْ لَاْ
يَرَىْ بَأْسًا بِاِقْتِرَاْفِهَاْ وَاَلْعِيَاْذُ بِاللَّهِ: سَمَاْعُ اَلْمَعَاْزِفِ
وَاَلْمُوْسِيْقَىْ! صَاْرَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، سَمَاْعُ آلَاْتِ اَلْلَّهْوِ؛
مِنْ اَلْمَأْلُوْفَاْتِ بَلْ بَعْضُهُمْ حَتَّىْ فِيْ بُيُوْتِ اَللهِ، بَلْ فِيْ
اَلْصَّلَاْةِ ؛ يُؤْذِيْ اَلْمُسْلِمِيْنَ اَلْخَاْشِعِيْنَ فِيْ أَصْوَاْتِ اَلْمُوسِيْقَىْ
.
أَحَدُهُمْ، لَمَّاْ نُصِحَ
عَنْ هَذِهِ اَلْكَبِيْرَةِ قَاْلَ: تَجَاْوَزْنَاْ مَرْحَلَةَ اَلْمُوْسِيْقَىْ! سُبْحَاْنَ
اَللَّهِ! إِلَىْ أَيْنَ تَجَاْوَزَتَ مَرْحَلَةَ اَلْمُوسِيقَى؟ ءَأُنْزِلَ
وَحْيٌ مِنْ اَلْسَّمَاْءِ؛ بِأَنَّ اَلْمُوْسِيْقَىْ صَاْرَتْ حَلَاْلًا ؟ أَمْ
أَنَّكَ أَدْمَنْتَهَاْ ، وَأَلِفْتَ آلَاتِ اَلْلَّهْوِ ، فَصَاْرَ اَلْمُنْكَرُ
عِنْدَكَ مَعْرُوفًا وَالْمَعْرُوفُ مُنْكِرًا !! أَيْنَ أَنْتَ مِنْ قَوْلِ
اَللهِ تَعَاْلَىْ : } وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ، لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، وَيَتَّخِذَهَا
هُزُوًا ، أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ { ، سُئِلَ اِبْنُ مَسْعُوْدٍ t، عَنْ لَهْوِ اَلْحَدِيْثِ ، فَقَاْلَ : وَاَللهِ اَلَّذِيْ لَاْ
إِلَهَ غَيْرُهُ، هُوَ اَلْغِنَاْء، وَاَللهِ اَلَّذِيْ لَاْ إِلَهَ غَيْرُهُ، هُوَ
اَلْغِنَاْء ،
وَاَللهِ
اَلَّذِيْ لَاْ إِلَهَ غَيْرُهُ ، هُوَ اَلْغِنَاْء .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
فِيْ صَحِيْحِ اَلْبُخَاْرِيِّ
يَقُولُ e: (( لَيَكُونَنَّ
مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ
وَالمَعَازِفَ )) اَلْحِرَ: اَلْزِّنَاْ، وَاَلْحَرِيرُ: نَوْعٌ مِنْ اَلْلِّبَاْسِ،
حَرَاْمٌ عَلَىْ اَلْرِّجَاْلِ، وَاَلْخَمْرُ: اَلْخَمْرُ اَلْمَعْرُوْفِ وَمَاْ
بِحُكْمِهِ، وَاَلْمَعَاْزِفُ: هِيَ آلَاْتُ اَلْلَّهْوِ بِأَنْوَاْعِهَا. وَفِيْ حَدِيْثٍ رَوَاْهُ اِبْنُ أَبِيْ
اَلْدُّنْيَاْ، فِيْ ذَمِّ اَلْمَلَاْهِيْ ، وَصَحَّحَهُ اَلْأَلْبَاْنِيُّ عَنْ
أَنَسٍ t ، يَقُوْلُ e: (( لَيَكُونَنَّ
فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَقَذْفٌ وَمَسْخٌ ؛ وَذَلِكَ إِذَا شَرِبُوا
الْخُمُورَ وَاتَّخَذُوا اَلْقَيْنَاْتِ وَضَرَبُوْا بِاَلْمَعَاْزِفِ )). فَاَلْمُوْسِيْقَىْ
حَرَاْمٌ، أَمَّاْ إِذَاْ صَاْحَبَهَاْ غِنَاْءٌ ، وَأَصْوَاْتٌ كَأَصْوَاْتِ اَلْنِّسَاْءِ، وَصُوَرٌ وَكَلِمَاْتُ حُبٍّ وَغَرَاْمٍ وَهِيَاْمٍ، وَوَصْفٌ لِمَحَاْسِنِ
اَلْرِّجَاْلِ أَوْ اَلْنِّسَاْءِ ، فَإِنَّ اَلْتَّحْرِيْمَ أَشَدُّ وَأَشَدُّ !
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
وَمِمَّاْ اِسْتَهَاْنِ
بِهِ بَعْضُ اَلْنَّاْسِ، وَهُوَ لَاْ يَقِلُّ خَطَرَاً عَنْ اَلْغِنَاْءِ،
مَاْيُسَمُّوْنَهُ بِاَلْأَنَاْشِيْدِ اَلإِسْلَاْمِيَّةِ أَوْ اَلْشَّيْلاْت،
وَهُوَ مَاْهُوَ إِلَّاْ أَغَاْنٍٍ مُحَجَبَةٍ، كَمَاْ قَاْلَ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ
حَذَّرَ مِنْهُ اَلْعُلَمَاْءُ ، يَقُوْلُ فَضِيْلَةُ اَلْشَّيْخِ صَاْلِحِ
اَلْفَوْزَاْن - عَضْوُ هَيْئَةِ كِبَاْرِ اَلْعُلَمَاْءِ ، وَاَلْلِّجْنَةِ اَلْدَّاْئِمَةِ
لِلْإِفْتَاْءِ-: أَنَّ اَلْأَنَاْشِيْدَ اَلْإِسْلَاْمِيَّةَ اَلْجَمَاْعِيَّةَ ،
بِدْعَةٌ وَفِتْنَةٌ، حَتَّىْ لَوْ كَاْنَتْ بِلَاْ دُفٍّ أَوْ مُؤَثِرٍ صَوْتِيٍ،
لَاْ نَعْلَمُ لَهَاْ أَصْلَاً، فَهَذِهِ مُحْدَثَةٌ، وَإِذَاْ نُسِبَتْ إِلَىْ اَلْإِسْلَاْمِ،
وَقِيْلَ اَلْأَنَاْشِيْدُ اَلْإِسْلَاْمِيَّةُ ، فَهَذَاْ مَعْنَاْهُ أَنَّ اَلْإِسْلَاْمَ
شَرَعَهَاْ، وَهَذَاْ لَاْ أَصْلَ لَهُ. إِلَىْ أَنْ قَاْلَ - حَفِظَهُ اَللهُ -: إِذَاْ لَمْ تُنْسَبْ اَلْأَنَاْشِيْدُ إِلَىْ اَلْإِسْلَاْمِ ، فَهِيَ مِنْ اَلْلَّهْوِ، وَإِذَاْ نُسِبَتْ إِلَىْ اَلْإِسْلَاْمِ ، فَهِيَ مِنْ اَلْبِدْعَةِ. وَقَدْ سُئلَ
عَنْ اَلْشِّيْلَاْتِ، فَقَاْلَ: اَلْشِّيْلَاْتُ أَشَدُّ أَنْوَاْعِ
اَلْأَغَاْنِي . فَاَلْأَنَاْشِيْدُ وَاَلْشِّيْلَاْتُ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ -
اَلَّتِيْ بُلِيَ بِهَاْ اَلْمُسْلِمُوْنَ، وَلَاْ يَجِدُ بَعْضُهُمْ حَرَجَاً
مِنْ سَمَاْعِهَاْ، نَتِيْجَةٌ مِنْ نَتَاْئِجِ اَلْاِسْتِهَاْنَةِ
بِاَلْمُحَرَّمَاْتِ وَعَدَمِ اَلْمُبَاْلَاْتِ بِاَلْمُنْكَرَاْتِ، وَإِلَّاْ
مَتَىْ أَجَاْزَ اَلْإِسْلَاْمُ ضَرْبَ اَلْرِّجَاْلِ لِلْدُّفُوْفِ، وَوَصْفَ
اَلْخُدُوْدِ وَاَلْقُدُوْدِ، وَاَلْرَّقْصَ كَاْلْمَجَاْنِيْنِ ، وَجُمَلَ
اَلْغَرَاْمِ وَاَلْهِيَاْمِ، وَاَلْفَخْرَ بِاَلْأَحْسَاْبِ وَاَلْأَنْسَاْبِ ،
وَاَلْمَدْحَ اَلْكَاْذِبَ ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ اَلْمُحَرَّمَاْتِ اَلَّتِيْ
لَاْ تَخْلُوْ مِنْهَاْ أُنْشُوْدَةٌ وَلَاْ شِيْلَةٌ .
فَاَتَّقُوْا اَللهَ -عِبَاْدَ اَللهِ- وَاَحْذَرُوْا مَاْ يُغْضِبُ اَللهَ U . أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ اَلْشَّيْطَاْنِ
اَلْرَّجِيْمِ :
} قُلْ لَا
يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ
فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ { .
بَارَكَ
اللَّهُ لِي وَلَكَمَ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا
فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا
وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ
هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
اَلْخُطْبَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ
اَلْحَمْدُ
لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنَهُ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ
وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ
لَاْشَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً
عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ
عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
وَمِنْ الْمُحَرَّمَاتِ
الَّتِي يَسْتَهِينُ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ، بَلْ بَعْضُهُمْ لَا يَرَى بِهَا
بَأْسًا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ: التَّهَاوُنُ فِي شَأْنِ النِّسَاءِ، سَوَاْءً
كَاْنَ قُوَاْمَةً أَوْ وُلَاْيَةً أَوْ اِخْتِلَاْطَاً، وَلَاْشَكَّ أَنَّ
لِلْنِّسَاْءِ، فِتْنَةٌ حَذَّرَ اَلْشَّرْعُ مِنْهَاْ، بَلْ فِتْنَةُ اَلْنِّسَاْءِ
فِيْ اَلْمُجْتَمَعِ، فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ، وَأَكْثَرُ الْمُنْكَرَاتِ، وَكَثِيرٌ مِنْ
الْمُخَالَفَاتِ ، تَحْدُثُ بِسَبَبِ فِتْنَةِ النِّسَاءِ ، وَلِهَذَا يَقُولُ
الرَّسُولُ e ، فِيْ حَدِيْثٍ رَوَاْهُ اَلْإِمَاْمُ مُسْلِمٌ
فِيْ صَحِيْحِهِ، عَنْ أَبِيْ سَعِيْدٍ اَلْخُدْرِيِّ، أنه e
قَاْلَ : (( إِنَّ الدُّنْيَا
حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ , وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا , فَيَنْظُرُ كَيْفَ
تَعْمَلُونَ؟ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا , وَاتَّقُوا النِّسَاءَ , فَإِنَّ أَوَّلَ
فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ , كَانَتْ فِي النِّسَاءِ )). فَاَلْنِّسَاْءُ
فِتْنَةٌ وَلَاْ يَشُكُّ فِيْ ذَلِكَ مُسْلِمٌ عَاْقِلٌ . وَاَلْاِسْتِهَاْنَةُ
بِشَأْنِ اَلْنِّسَاْءِ، لَهُ صُوَرٌ عِدَّةٌ ، مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ
: تَرْكُ اَلْحَبْلِ عَلَىْ اَلْغَاْرِبِ لِيَسْتَمِعْنَ اَلْأَغَاْنِي وَيُتَاْبِعْنَ
اَلْمُرَوِّجِيْنَ لَهَاْ ، وَيُعْجَبْنَ بِاَلْقَيْنَاْتِ وَأَشْبَاْهِهِنَّ .
وَكَذَلِكَ غَضُّ اَلْطَّرْفِ عَنْ اَلْمُرْأَةِ، لِتَتَّصِلَ بِاَلْرِّجَاْلِ اَلْأَجَانِبِ
، وَتَحَادُثَهُمْ وَتَخْضَعَ بِالْقَوْلِ لَهُمْ ، سَوَاءً كَانُوا بَاعَةً فِي
سُوقٍ ، أَوْ أُجَرَاءَ لِتَوْصِيلِ طَلَبَاتٍ أَوْ غَيْرَهُمْ .
وَمِنْهَا أَيْضًا:
تَرْكُ اَلْمَرْأَةِ تَرْكَبُ لِوَحْدِهَاْ مِنْ دُوْنِ مَحْرَمٍ، مَعَ رَجُلٍ
أَجْنَبِيٍّ عَنْهَا، يَخْلُو بِهَا وَيَتَحَدَّثُ مَعَهَا، بَلْ يُمَازِحُهَا وَيَتَّصِلُ
بِهَا وَتَتَّصِلُ بِهِ، وَالرَّسُولُ e يَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ: (( لَا يَخْلُونَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ،
إِلَّا كَانَ ثَالِثُهُمَا الشَّيْطَانِ )) قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ:
زَوْجَتِي، أَوْ ابْنَتِي، أَوْ أُخْتِي: ثِقَةٌ، نَقُولُ: نَعَمْ، وَلَكِنْ
هَذَا الَّذِي مَعَهَا، هَلْ هُوَ ثِقَةُ؟ هَلْ هُوَ ثِقَةٌ وَقَدْ خَلَاْ بِاِمْرَأَةٍ
لَاْ تَحُلُّ لَهُ؟ وَحَتَّى وَإِنْ كَانَ ثِقَةً؛ هَلْ تَثِقُ بِالشَّيْطَانِ؟
إِنْ قَالَ نَعَمْ ؛ فَهُوَ مَجْنُونٌ. فَعَلَى الْمُسْلِمِ -أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ-
أَنْ يَحْرِصَ عَلَىْ نِسَاْئِهِ، وَثَلَاْثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اَللَّهُ عَلَيْهِمُ
اَلْجَنَّةَ: مُدْمِنُ اَلْخَمْرِ ، وَاَلْعَاْقُّ وَاَلْدَّيُّوثُ اَلَّذِيْ
يُقِرُّ فِيْ أَهْلِهِ اَلْخَبَثَ .
وَكَمَاْ قَاْلَتْ فَاْطِمَةُ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَاْ : خَيْرٌ
لِلْمَرْأَةِ أَنْ لَاْ تَرَىْ اَلْرِّجَاْلَ ، وَلَاْ يَرَوْنَهَاْ.
أسْأَلُ
اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاْ خَاْلِصَاً ، وَسَلَاْمَةً
دَاْئِمَةً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ اَلْفِقْهَ
فِيْ اَلْدِّيْنِ ، وَاَلْتَّمَسُّكَ بِاَلْكِتَاْبِ اَلْمُبِيْنِ، وَاَلْعَمَلَ بِسُنَّةِ
خَاْتَمِ اَلْأَنْبِيَاْءِ وَإِمَاْمِ اَلْمُرْسَلِيْنَ بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ
اَلْرَّاْحِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ اَلْإِسْلَاْمِ
وَعِزَّ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ اِنْصُرَ اَلْإِسْلَاْمَ وَأَعَزَّ
اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ
آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ. اَلْلَّهُمَّ
اَحْفَظْ لَنَاْ أَمْنَنَاْ، وَوُلَاْةَ أَمْرِنَاْ ، وَعُلَمَاْءَنَاْ
وَدُعَاْتَنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ جَنِّبْنَاْ اَلْفِتَنَ ، مَاْ ظَهَرَ مِنْهَاْ
وَمَاْ بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ اَلْلَّهُمَّ مَنْ
أَرَاْدَنَاْ أَوْ أَرَاْدَ بِلَاْدَنَاْ أَوْ شَبَاْبَنَاْ أَوْ نِسَاْءَنَاْ
بِسُوْءٍ ، اَلْلَّهُمَّ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَاَجْعَلْ كَيْدَهُ فِيْ
نَحْرِهِ، وَاَجْعَلْ تَدْبِيْرَهُ سَبَبَاً لِتَدْمِيْرِهِ يَاْقَوُيَّ يَاْ
عَزِيْز. } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ
حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى
وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا
تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |