اِسْتِسْقَاْءُ يَوْمَ جُمُعَةٍ
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ
اَلْسَّمَيْعِ اَلْعَلِيْمِ ، اَلْخَبِيْرِ اَلْحَكِيْمِ ، } وَسِعَ
كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ
الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ {
، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ : } لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ
هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ { ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً
عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ،
عَلَيْهِ أَفْضَلُ اَلْصَّلَاْةِ وَأَتَمُّ اَلْتَّسْلِيْمِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
تَقْوَىْ اَللهِ U،
وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ، فَهُوَ اَلْقَاْئِلُ فِيْ كِتَاْبِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ
{ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ - عِبَادَ اللَّهِ -
جَعَلَنِيْ اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
إِنَّ للهِ U
خَزَاْئِنُ لَوْ اِجْتَمَعَ اَلْخَلْقُ جَمِيْعُهُمْ، ثُمَّ سَأَلَ كُلُّ وَاْحِدٍ
مِنْهُمْ مَسْأَلَةً وَأُعْطِيَ، مَاْ نَقَصَ مِمَّاْ عِنْدَهُ U شَيْئَاً. فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْقُدْسِيِّ، يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ:
(( يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ
أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمُ، اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ
وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ مَا سَأَلَ ، لَمْ
يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا )). فَاَللهُ سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَىْ،
لَاْ يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَمَهْمَاْ أَعْطَىْ فَإِنَّ عَطَاْءَهُ ، مَهْمَاْ كَاْنَ
مِقْدَاْرُهُ ، لَاْ يُنْقِصُ مِنْ خَزَاْئِنِهِ شَيْء .
فِيْ عَهْدِ اَلْنَّبِيِّ
e، حَصَلَ جَدْبٌ وَقَحْطٌ ، بِسَبَبِ تَأْخُرِ اَلْمَطَرِ، وَفِيْ
اَلْحَدِيْثِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t، أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ
الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللَّهِ e قَائِمٌ يَخْطُبُ, فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ
اللَّهِ e قَائِمًا, ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ,
هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ تَعَالَى
يُغِثْنَا, قَالَ : فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ e يَدَيْهِ
، ثُمَّ قَالَ : (( اللَّهُمَّ
أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا )) . قَالَ أَنَسٌ
: فَلا وَاَللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَاْ قَزَعَةٍ، وَمَا
بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلا دَار. قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ
وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ. فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ
انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ قَالَ: فَلا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا
الشَّمْسَ سَبْتًا .
قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ
رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ, وَرَسُولُ اللَّهِ e قَائِمٌ يَخْطُبُ, فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِما, فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ, هَلَكَتِ الأَمْوَالُ, وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ , فَادْعُ اللَّهَ أَنْ
يُمْسِكَهَا عَـنَّا. قَالَ : فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ e يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ((
اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ
وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ )) قَالَ: فَأَقْلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ .
إِنَّهَاْ رَحْمَةُ اَلْمُغِيْثِ،
يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ: } وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ
الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا، وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ
الْحَمِيدُ { ، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ
اَلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ، يَقُوْلُ e: ((جَعَلَ اللَّهُ
الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَنَزَّلَ
فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا, فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ، تَتَرَاحَمُ
الْخَلَائِقُ، حَتَّى تَرْفَعُ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ
أَنْ تُصِيبَهُ )) .
فَاَللهُ U
رَحِيْمٌ بِعِبَاْدِهِ، رَحِيْمٌ بِخَلْقِهِ، } إِنَّهُ
هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ {، فِيْ عَهْدِ عُمَرَ t، أَجْدَبَتِ اَلْأَرْضُ، فَخَرَجَ t وَمَعَهُ اَلْنَّاْسُ، وَمِنْ بَيْنِهِمْ عَمُّ اَلْنَّبِيِّ e
، فَدَعَاْ عُمُرُ وَكَاْنَ مِنْ دُعَاْئِهِ: اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ كُنَّاْ نَسْتَسْقِيْ
إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَاْ فَتَسْقِيْنَاْ، وَإِنَّاْ نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ
نَبِيِّنَاْ - أَيْ بُدَعَاْئِهِ - فَاَسْقِنَاْ ، فَسُقُوْا .
هَكَذَاْ -أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ-
اَلْاِسْتِجَاْبَةُ مِنْ اَللهِ U ، يَقُوْلُ سُبْحَاْنَهُ: } وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي
عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ { .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
هَذَاْ هُوَ كَلَاْمُ اَللهِ،
وَهَذَاْ هُوَ وَعْدُهُ U ، وَلَاْ يُمْكِنُ أَنْ يُخْلَفَ اَللهُ وَعْدَهُ، وَلَكِنْ إِنْ
كَاْنَ مِنْ خَلَلٍ ، فَهُوَ وَاَللهِ مِنَّاْ وَبِنَاْ نَحْنُ، يُرْوَىْ عَنْ مَاْلِكِ
بِنِ دِيْنَاْرٍ، أَنَّهُ قَاْلَ: أَصَاْبَ بَنِيْ إِسْرَاْئِيْلَ بَلَاْءٌ، فَخَرَجُوْا
مَخْرَجَاً، فَأَوْحَىْ اَللهُ U إِلَىْ نَبِيِّهِمْ: أَنْ أَخْبِرِهُمْ، أَنَّكُمْ تَخْرُجُوْنَ إِلَىْ
اَلْصَّعَيْدِ بِأَبْدَاْنٍ نَجِسَةٍ، وَتَرْفَعُوْنَ إِلَيَّ أَكُفَّاً قَدْ سَفَكْتُمْ
بِهَاْ اَلْدِّمَاْءَ، وَمَلَأْتُمْ بِهَاْ بُيُوْتِكُمْ مِنْ اَلْحَرَاْمِ، آلَاْنَ
اِشْتَدَّ غَضَبِيْ عَلَيْكُمْ ، وَلَنْ تَزْدَاْدُوْا مِنِّيْ إِلَّاْ بُعْدَاً .
فَلْنَحْذَرْ - أَيُّهَاْ
اَلْإِخْوَةُ- اَلْذُّنُوْبَ وَاَلْمَعَاْصِيْ، فَإِنَّهَاْ - وَاَللهِ- سَبَبٌ
فِيْ كُلِّ بَلَاْءٍ يَحُلُّ بِنَاْ، وَفِيْ مَجْتَمَعِنَاْ ، وَهَذِهِ هِيَ سُنَّةُ
اَللهِ فِيْ خَلْقِهِ .
اَلْذُّنُوْبُ هِيَ وَاَللهِ
سَبَبُ خَرَاْبِ اَلْدُّنْيَاْ، وَعَذَاْبِ اَلْآخِرَةِ، وَمَاْ شَقِيَ مَنْ شَقِي،
إِلَّاْ بِسَبَبِ ذُنُوْبِهِ وَمَعَاْصِيْهِ، يَقُوْلُ U } وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا
كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ { وَيَقُوْلُ جَلَّ جَلَاْلُهُ: } ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ، لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ
الَّذِي عَمِلُوا، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ { . فَاَلْذُّنُوْبُ لَهَاْ
شُؤْمٌ عَظِيْمٌ، وَخَطْبٌ جَسِيْمٌ، وَلَاْ نَجَاْةَ مِنْ شُؤْمِهَاْ، وَلَاْ سَلَاْمَةَ
مِنْ شَرِّهَاْ، إِلَّاْ بِتَرْكِهَاْ وَاَلْبُعْدِ عَنْهَاْ، وَاَلْتَّوْبَةِ مِنْهَاْ، يَقُوْلُ سُبْحَاْنُهُ: } ... إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا
بِقَوْمٍ، حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ
بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ ، وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ { .
فَلْنَتَّقِ اَللهَ -أَحِبَتِيْ
فِيْ اَللهِ- وَلْنَتُبْ إِلَيْهِ مِنْ ذُنُوْبِنَاْ وَمَعَاْصِيْنَاْ، وَكُلُّنَاْ
وَاَللهِ ذنُوُبٌ وَمَعَاْصِيْ، وَلْنَعْمَلْ عَلَىْ كَمَاْلِ إِيْمَاْنِنَاْ، وَلْنَحْرِصْ
عَلَىْ صِحَّةِ تَقْوَاْنَاْ، فَإِنَّ اَللهَ U يَقُوْلُ: } وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا
وَاتَّقَوْا، لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَلَكِنْ
كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ { وَيَقُوْلُ أَيْضَاً عَلَىْ لِسَاْنِ نَبِيِّهِe:} فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ
غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً، وَيُمْدِدْكُمْ
بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً { وَيَقُوْلُ أَيْضَاً: } وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا
عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً { .
بَارَكَ
اللَّهُ لِي وَلَكَمَ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا
فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا
وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ
هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
اَلْخُطْبَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ
اَلْحَمْدُ
لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنَهُ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ
وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ
لَاْشَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً
عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ
عَلَيْهِ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
اِعْلَمُوْا رَحِمَنِيْ
اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ، بِأَنَّ لِلْدُّعَاْءِ شَأْنٌ عَظِيْمٌ، مِنْهُ سُرْعَةُ اَلْفَرَجِ،
وَتَفْرِيْجُ اَلْكُرَبِ، وَيَكْفِيْ فِيْ ذَلِكَ قَوْلُ اَلْنَّبِيِّ e
فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ رَوَاْهُ اَلْتِّرْمِذِيُّ وَاَبْنُ مَاْجَه، وَاَبُوْ
دَاْوُدَ وَاَلْحَاْكِمُ، وَصَحَّحَهُ اَلْأَلْبَاْنِيُّ -رَحِمَهُمُ اَللهُ
جَمِيْعَاً - عَنْ سَلْمَاْنَ اَلْفَاْرِسِيِّ t أَنَّهُ e قَاْلَ : (( إِنَّ
رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيْمٌ يَسْتَحْيِيْ مِنْ عَبْدِهِ إِذَاْ رَفَعَ يَدِيْهِ إِلَيْهِ
بِدَعْوَةٍ أَنْ يَرُدَّهُمَاْ صِفْرَاً لَيْسَ فِيْهِمَاْ شَيْئٌ )).
فَاَجْتَهِدُوْا بِاَلْدُّعَاْءِ
-أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ- وَتَأَدَّبُوْا بِآدَاْبِهِ، وَمِنْهَاْ اَلْدُّعَاْءُ
مَعَ اَلْإِيْقَاْنِ بِاَلْإِجِاْبَةِ، يَقُوْلُe (( أُدْعُوْا
اَللهَ وَأَنْتُمْ مُوْقِنُوْنَ بِاَلْإِجَاْبَةِ، وَاَعْلَمُوْا بِأَنَّ اَللهَ لَاْ
يَسْتَجِيْبُ دُعَاْءً مِنْ قَلْبٍ غَاْفِلٍ لَاْهٍ )) وَاَلْحَدِيْثُ
صَحَّحَهُ اَلْأَلْبَاْنِيُّ .
وَمِنْ آدَاْبِ اَلْدُّعَاْءِ:
تَحَيَّنُ أَوْقَاْتِ اَلْإِجْاَبْةِ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ يَقُوْلُ e:
(( اَلْدُّعَاْءُ لَاْ يُرّدُّ بَيْنَ
اَلْآذَاْنِ وَاَلْإِقَاْمَةِ)) وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ
عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ t يَقُوْلُ e: (( إِنَّ فِيْ اَلْجُمُعَةِ
لَسَاْعَةٌ لَاْ يُوَاْفِقُهَاْ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اَللهَ فِيْهَاْ خَيْرَاً إِلَّاْ
أَعْطَاْهُ إِيَّاْهُ )) .
وَمِنْ آدَاْبِ اَلْدُّعَاْءِ
-إِخْوَتِيْ فِيْ اَللهِ- اَلْتَّخَلُّصُ مِنْ اَلْظُّلْمِ، وَرَدُّ اَلْمَظَاْلْمِ
إِلَىْ أَهْلِهَاْ، فَفِيْ اَلْإِحْيَاْءِ يَقُوْلُ سُفْيَاْنُ اَلْثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ
اَللهُ: بَلَغَنِيْ أَنَّ بَنِيْ إِسْرَاْئِيْلَ قُحُطُوْا سَبْعَ سِنِيْنَ، حَتَّىْ
أَكَلُوْا اَلْمَيْتَةَ مِنْ اَلْمَزَاْبِلِ، فَكَاْنُوْا يَخْرُجُوْنَ لِلْجَبَلِ
يَبْكُوْنَ، وَيَتَضَرَّعُوْنَ، فَأَوْحَىْ اَللهُ إِلَىْ أَنْبِيَاْئِهِمْ عَلَيْهِمُ
اَلْسَّلَاْمُ: لَوْ مَشَيْتُمْ إِلَيَّ بِأَقْدَاْمِكُمْ، حَتَّىْ تَحْفَىْ رُكَبُكُمْ،
وَتَبْلُغَ أَيْدِيْكُمُ عَنَاْنَ اَلْسَّمَاْءِ، وَتَكِلُّ أَلْسِنَتُكُمْ عَنْ اَلْدُّعَاْءِ، فَإِنَّيِ لَاْ أُجِيْبُ لَكُمْ دَاْعِيَاً، وَلَاْ أَرْحَمُ لَكُمْ بَاْكِيَاً،
حَتَّىْ تُرُدُّوْا اَلْمَظَاْلِمَ إِلَىْ أَهْلِهَاْ. فَفَعَلُوْا - أَيْ رَدُّوْا
اَلْمَظَاْلِمَ - فَمُطِرُوْا مِنْ يَوْمِهِمْ .
فَاللهَ .. اَللهَ .. اِجْتَهُدْوَا
بِاَلْدُّعَاْءِ وَتَأَدَّبُوْا بِآدَاْبِهِ ، وَاَعْلَمُوْا بِأَنَّ نَبِيَّكُمْ
اِسْتَسْقَىْ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ وَهُوَ يَخُطُبُ فَاَقْتَدُوْا بِنَبِيِّكُمْ ، وَاَسْأَلُوْا
رَبَّكُمْ لَعَلَّهُ سُبْحَاْنَهُ يُغِيْثُ اَلْبِلَاْدَ وَاَلْعِبَاْدَ .
فَاَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ
نَسْأَلُكَ وَأَنْتَ فِيْ عَلْيَاْئِكَ ، وَأَنْتَ اَللهُ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ أَنْتَ
، أَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاْءُ إِلَيْكَ ، وَأَنْتَ اَلْقَوُيُّ وَنَحْنُ
اَلْضُّعَفَاْءُ بَيْنَ يَدِيْكَ ، اَلْلُّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ بِكُلِّ اِسْمٍ
هُوَ لَكَ ، سَمَيَّتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِيْ كِتَاْبِكَ ، أَوْ
عَلَّمْتَهُ أَحَدَاً مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ اِسْتَأْثَرَّتَ بِهِ فِيْ عِلْمِ اَلْغَيْبِ
عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ اَلْقُرَّآنَ اَلْكَرِيْمَ رَبِيْعَ قُلُوْبِنَاْ ، وَنُوْرَ
صُدُوْرِنَاْ ، وَجَلَاْءَ أَحْزَاْنِنَاْ وَذَهَاْبَ هُمُوْمِنَاْ وَغُمُوْمِنَاْ
. اَلْلَّهُمَّ أَنْتَ اَلْمَلِكُ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ أَنْتَ ، أَنْتَ رَبُّنَاْ
وَنَحْنُ عَبِيْدُكَ ، ظَلَمْنَاْ أَنْفُسَنَاْ وَاَعْتَرَفْنَاْ بِذُنُوْبِنَاْ فَاَغْفِرْ
لَنَاْ ذُنُوْبَنَاْ جَمِيْعَاً ، إِنَّهُ لَاْ يَغْفِرُ اَلْذُّنُوْبَ إِلَّاْ أَنْتَ
، وَاَهْدِنَاْ اِلْلُّهُمَّ لِأَحْسَنَ اَلْأَخْلَاْقِ ، لَاْ يَهْدِيْ لِأَحْسِنِهَاْ
إِلَّاْ أَنْتَ ، وَاَصْرِفْ عَنَّاْ سَيِّئَهَاْ لَاْ يَصْرِفُ عَنَّاْ سَيِّئَهَاْ
إِلَّاْ أَنْتَ . لَبَيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَاَلْخَيْرُ كُلُّهُ فِيْ يَدِيْكَ ، وَاَلْشَّرُّ
لَيْسَ إِلَيْكَ ، نَحْنُ بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبَاْرَكْتَ وَتَعَاْلَيْتَ ، نَسْتَغْفِرُكَ
وَنَتُوْبُ إِلَيْكَ . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّاْرَاً
، فَأَرْسِلِ اَلْسَّمَاْءَ عَلَيْنَاْ مِدْرَاْرَاً . اَلْلَّهُمَّ اِسْقَنَاْ اَلْغَيْثَ
وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ
أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَاْ اَلْزَّرْعَ
، وَأَدِرَّ لَنَاْ اَلْضَّرْعَ ، وَاَسْقِنَاْ مِنْ بَرَكَاْتِ اَلْسَّمَاْءِ وَأَخْرِجْ
لَنَاْ مِنْ بَرَكَاْتِ اَلْأَرْضِ . اَلْلَّهُمَّ إِنْكَ أَنْتَ اَللهُ لَاْ إِلَهَ
إِلَّاْ أَنْتَ ، أَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاْءُ ، أَنْزِلْ عَلَيْنَاْ
اَلْغَيْثَ وَاَجْعَلْ مَاْ أَنْزَلْتَ قُوَّةً لَنَاْ عَلَىْ طَاْعَتِكَ ، وَمَتَاْعَاً
إِلَىْ حِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ
أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ اَسْقِنَاْ غَيْثَاً مُغِيْثَاً ، هَنِيْئَاً مَرِيْعَاً
، سَحَّاً غَدَقَاً ، عَاْجِلَاً غَيْرَ آجِلٍ ، نَاْفِعَاً غَيْرَ ضَاْرٍّ .
اَلْلَّهُمَّ اِسْقِ بِلَاْدَكَ
وَعِبَاْدَكَ وَبَهَاْئِمَكَ ، اَلْلَّهُمَّ اَرْحَمْ شُيُوْخَاً رُكَّعَاً ، وَأَطْفَاْلَاً
رُضَّعَاً ، وَبَهَاْئِمَ رُتَّعَاً ، اِنْزِلْ عَلَيْنَاْ اَلْغَيْثَ وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ
مِنْ اَلْآيِسِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ سُقْيَاْ رَحْمَةٍ لَاْ عَذَاْبٍ وَلَاْ هَدْمٍ
وَلَاْ غَرَقٍ .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى
وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا
تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |