فضل الإسلام
إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. أمّا بعد،
أيها المسلمون: اتقوا اللهَ تعالى, واعْتَزُّوا بِدِينِكم الإسلام, فإنَّ اللهَ أعَزَّكُم بِه, فإن ابتغيتُم العزةَ بغيرِه أذلَّكُم الله, وما ذاكَ إلا لأن الإسلامَ أَعْظَمُ نِعْمَةٍ أنعمَ اللهُ بها علينا, فهو دينٌ كاملٌ في اعتقاداتِه وفي تشريعاتِه وفي أوامرِه ومنهياتِه, وفي آدابِه وأخلاقياتِه. وخَصائِصُ الإسلامِ ومِيزاتُه وفضائِلُه لا تُحْصَى, فلا يَليقُ بالمُؤمِنِ أن يَغْفَلَ عنها:
فَمِنْ خصائِصِ الإسلام: أَنه الدِّينُ الذي مِنْ أَجْلِهِ خُلِقَ الثَّقلان, فإنَّ الغايةَ مِن خَلْقِهِم مَحْصورةٌ في تَحْقيقِ الإسلام قَوْلاً واعتِقاداً وعَمَلاً. ولِذلِك صارت دَعْوةُ الرسُلِ واحدةً, كما قال تعالى: ( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ). وقال تعالى: ( وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ). وقال نوحٌ عليه السلامُ لِقَومِه: ( فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ). وأَخْبَرَ اللهُ تعالى عن موسى عليه السلامُ أنه قال لِقَومِه: ( وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ). ولما بُعِثَ محمدٌ صلى اللهُ عليهِ وسلم, دعا الناسَ أجمعين إلى ذلك, لأنَّ كُلَّ نبيٍّ كان يُبْعَثُ إلى قَومِهِ خاصة, إلا مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم, فإنه بُعِثَ إلى الناسِ كافَّة, كما قال تعالى: ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ ).
ومِنْ خصائِصِ الإسلام: أنه الدينُ الذي رَضِيَهُ اللهُ لِعِبادِه, فلا يَرْضَى دِينا سِواه, ولِذلِكَ أَكْمَلَه اللهُ تعالى, وحَفِظَهُ لِلأُمَّة وأَتَمَّ عليهم النِّعْمَة, فَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِهذا الدينَ فَلَنْ يَفوزَ بِرِضا اللهِ تعالى. قال تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا ).
ومِن خصائِصِ الإسلام: أنه الدِّينُ الذي لا يَنْجُو العبدُ في جميعِ مَراحِلِه الثلاثِ إلا به – الدنيا, والقبر, والآخرة - فَفِي الدنيا: هو دينُ الرُّسُلِ الذي يَكونُ بِه العَبْدُ مُسْلِماً, لَهُ ما لِلمُسْلِمين وعليهِ ما عَلَيهِم, وتَحْصُلُ بِه عِصْمَةُ النَّفسِ والمال. وفي القبر: يقالُ ما دينُك, فليس هناك حُرِّيَّةُ اعتقادٍ ودِين, فإمَّا أنْ يُجيبَ إذا كان مسلماً ومؤمنا باللهِ ورسولِه, ومات على ذلك, وإلا فإنه يُقالُ له: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ. وفي الآخرة: لا يَقْبَلُ اللهُ مِنَ الجنِّ والإنسِ إلا هذا الدِّين, وإلا فالخسارةُ الأَكيدة, والمآلُ النارُ وبِئْسَ القرار, كما قال تعالى: ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلامِ دِينا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْه وَهُوَ في الآخِرَةِ مِن الخاسِرِين ).
ومِنْ خَصائِصِ الإسلام: أن العَمَلَ الصالحَ المُسْتَوفِي لِلشُّروطِ لا يُقْبَلُ إلى مِن مسلم, حتى لو كانَ قليلاً. بِخِلافِ الكافِرِ فإنه لَو بَلَغَت أعمالُهُ أمثالَ الجِبال, فإنها لا تُقْبَلُ منه, ما لَمْ يَدْخُلْ إليها مِن بابِ الإسلام. ولذلكَ غَفَرَ اللهُ تعالى للرجُلِ الذي أزالَ غُصْنَ شَجَرٍ عن طَرِيقِ المسلمين كَيْ لا يُؤْذِيَهُم, وغَفَرَ لِلمَرأَةِ البَغِيِّ التي خُتِمَ لها بِسَقْيِ كَلْبٍ كادَ يَقْتُلُه العَطَش. وأمَّا الكُفارُ فقدْ أخْبَرَ اللهُ تعالى أنه لا يُقْبَلُ منهم مِلءُ الأرضِ ذهباً. وقالَ سبحانه في شأنِ المُنافقين: ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ).
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِين, وَالعَاقِبةُ للمُتّقِين, وَلا عُدوانَ إِلا عَلَى الظَّالِمين, وَأَشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشهدُ أَنَّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ, صَلَى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلّمَ تَسلِيماً كَثِيراً. أما بعد:
عباد الله: ومِنْ خصائِصِ الإسلام: أنَّ الساعةَ يَسْتَحيلُ أن تَقُومَ وعلى ظَهْرِ الأرضِ مًسِلِم. كرامَةً له بِسَبَبِ إيمانِه باللهِ ورسولِه. عن أنس بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( لا تقومُ الساعَةُ حتى لا يُقالَ في الأرضِ: اللهُ الله ) رواه مسلم. وفي روايةٍ لأحمد: ( حتى لا يُقالَ لا إله إلا الله ). وقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمٌ أَحْيَاءٌ، وَمَنْ يَتَّخِذُ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ ). وفي صحيح مسلم, عن عبدِالله بنِ عمْروٍ رضي اللهُ عنهما, عندما ذكَرَ المَسيحَ الدجال, وفيه: قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهَ عليهِ وسلم: ( ثُمَ يُرسِلُ اللهُ ريحاً باردةً مِن قِبَلِ الشام، فلا يَبْقَى على وجهِ الأرضِ أَحَدٌ في قَلْبِهِ مِثقالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أو إيمانٍ إلا قَبَضَتْهُ، حَتَّى لَوْ أنَّ أَحَدَكُم دَخَلَ في كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَت عليه حتى تَقْبِضَه ).
فاتقوا اللهَ أيها المسلمون, واعْرِفُوا لِدِينِكُم قَدْرَه, فإنَّ ما سَمِعْتُمُوه, إنما هو نَزْرٌ يَسِيرٌ مِنْ فضائِلِه التي لا تُحْصَى. واحْمَدُوا اللهَ الذي هداكم له, وابْذُلُوا أسبابَ الثباتِ عليه إلى أَنْ تَلْقَوا ربَّكم.
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، واجمع كلمتهم واجعل رايتهم واحدةً ، ولا تجعل لعدوهم منةً عليهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ألّف بين قلوب المؤمنين وأصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام ونجهم من الظلمات إلى النور وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم انصر جنودنا، اللهم انصر جنودنا، اللهم انصر جنودنا، اللهم اربط على قلوبهم وثبت أقدامهم وقوي عزائمهم واشف مرضاهم وتقبل موتاهم في الشهداء، اللهم احفظ لبلادنا أمنها، واحفظها ممن يكيد لها، وأصلح أهلها وحكامها يا أرحم الراحمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوةً ومتاعاً إلى حين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوةً ومتاعاً إلى حين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوةً ومتاعاً إلى حين، اللهم أغثنا، غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً، سحاً غدقاً، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللهم اسق بلادك وعبادك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحيي بلدك الميت، اللهم أنزل علينا من السماء ماء مباركاً تُغيث به البلاد والعباد وتعُمَّ به الحاضر والباد، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك من جميع ذنوبنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ أحمد العتيق تجدها هنا :
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=119 |