لِلْطَّاْمِحِيْنَ لِمَكَاْنَةِ اَلْمُجَاْهِدِيْنَ الْحَمْدُ للهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : تَقْوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَصِيَّتُهُ لِعِبَادِهِ ، يَقُولُ جَلَّ جَلَالُهُ : ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ ، فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ – جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ . أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ : يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ *تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ، وَفِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ ، يَقُولُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : « تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَن خَرَجَ في سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي، وَإِيْمَانًا بِي، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي، فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ اَلجَنَّةَ، أَوْ أُرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ، أَوْ غَنِيمَةٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ، لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ، وَرِيحُهُ مِسْكٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى المُسْلِمِيْنَ مَاْ قَعَدْتُ خِلَاْفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِيْ سَبيلِ اللهِ أبَدًا، ولَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ، وَلَاْ يَجِدُونَ سَعَةً، ويَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَالَّذِيْ نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أنِّي أَغْزُو فِي سَبٍيْلِ اللهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ » . فَلِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مَنْزِلَةٌ عَالِيَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَمَكَانَةٌ سَامِيَةٌ كَرِيمَةٌ ، يَتَمَنَّاهَا كُلُّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ مُؤْمِنٍ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَلَكِنْ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا وَلَا يَبْلُغُهَا إِلَّا مَنْ صَدَقَ مَعَ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ ، وَفِي حَدِيثٍ فِي صَحِيْحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: دُلَّنِي علَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ، قَالَ : « لَا أَجِدُهُ »، قَالَ: « هَلْ تَسْتَطِيعُ إذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ ولَا تَفْتُرَ، وتَصُومَ ولَا تُفْطِرَ؟ » قَالَ: ومَن يَسْتَطِيعُ ذلكَ؟! . وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ أَجْرِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ تِلْكَ الْمَنْزِلَةَ الْمُتَمَيِّزَةَ ، وَيَصِلُ إِلَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ الْمُمَيَّزَةِ ، إِلَّا بِسَبَبِ صِدْقِهِ وَإِخْلَاصِهِ لِرَبِّهِ ، وَعَمَلِهِ بِمَا جَاءَ فِي كِتَابِهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ . فَعَمَلُ الْمُجَاهِدِ ـ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ـ عَمَلٌ عَظِيمٌ وَعِنْدَ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – عَمَلٌ كَرِيمٌ ، وَكُلُّ عَاقِلٍ يَتَمَنَّى أَنْ يَحْصُلَ عَلَى مَكَانَةٍ كَمَكَانَتِهِ ، وَمَنْزِلَةٍ عِنْدَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- كَمَنْزِلَتِهِ ، وَهُوَ يَسِيرُ عَلَى مَنْ صَدَقَ اللهَ فِي سَيْرِهِ وَسَرِيرَتِهِ ، يَقُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِن هَذِهِ اَلْأيَّام » ؛ يَعْنِي : أَيَّامَ الْعَشْرِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ : « وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ » ، يَقُولُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ - : وَاسْتِيعَابُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْعِبَادَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا ؛ أَفْضَلُ مِنْ جِهَادٍ لَمْ يَذْهَبْ فِيهِ نَفْسُهُ وَمَالُهُ . فَإِذَا اجْتَهَدْتَ - أَخِي الْمُسْلِمُ - فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الَّتِي نَحْنُ فِي بِدَايَتِهَا ، وَحَرَصْتَ عَلَى عَمَلِ الصَّالِحَاتِ فِيهَا ، فَقَدْ عَمِلْتَ عَمَلًا يُحِبُّهُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - ، وَأَجْرُكَ يُضَاعَفُ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ ، وَلَا أَفْضَلَ مِنْكَ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ ، فَأَنْفَقَ مَالَهُ فِي جِهَادِهِ ، وَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ رَبِّهِ ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا خَبَرُهُ ، أَيْ : لَمْ يَرْجِعْ بِنَفْسِهِ ، وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ خَلْفَهُ . أُجُورٌ عَظِيمَةٌ ـ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ـ وَلَكِنْ لَا يُوَفَّقُ إِلَيْهَا إِلَّا مُوَفَّقٌ ، وَلَا يُحْرَمُ مِنْهَا إِلَّا مَحْرُومٌ . أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ : ﴿إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ * وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ ، أَسْأَلُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ لَا يَجْعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْمُثَبَّطِيْنَ عَمَّا يُحِبُّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ . بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : الْغَفْلَةُ خَطَرٌ يُهَدِّدُ الْإِيمَانَ ، وَشَرٌّ يُودِي بِسَعَادَةِ الْإِنْسَانِ ، وَوَسِيلَةٌ مِنْ وَسَائِلِ الشَّيْطَانِ ، يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا ، وَمُحَاسَبَةُ النَّفْسِ عَنْهَا فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ، لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ ، يَقُولُ أَحَدُهُمْ : إِنِّي بُلِيتُ بِأَرْبَــــــــــعٍ مَـــــــــــــــــــــا سُلِّطُوا إِلَّا لأَجْلِ شَـــــــــــــــــقَاوَتِي وَعَــــــــــــــــنَائِي إِبلَيْسَ وَالدُّنْيَا وَنَفْسِي وَالْهَوَى كَيْفَ الْخَلاصُ وَكُلُّهُمْ أَعْدَائِي احْذَرْ ـ أخِي الْمُسْلِمُ ـ هَذِهِ الْأَرْبَعَ ، وَاحْرِصْ عَلَى اسْتِغْلَالِ هَذِهِ الْأَيَّامِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْكَ فِيهَا ، وَهِيَ يَسِيرَةٌ وَمُيَسَّرَةٌ وَللهِ الْحَمْدُ ، فَفِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ يَقُولُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : « مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمَ عِنْدَ اللهِ، وَلَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ؛ فَأَكثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ » . فَذِكْرُ اللهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ ؛ مِنْ أَجَلِّ الطَّاعَاتِ ، وَأَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ ، وَأَعْظَمُهُ وَأَجَلُّهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ، وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ . وَمِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يَنْبَغِي الْحِرْصُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ ؛ مَعَ مَا فَرَضَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - ؛ صَلَاةُ النَّوَافِلِ ، وَصَدَقَاتُ التَّطَوُّعِ ، وَصِيَامُ مَا يَتَيَسَّرُ مِنْ أَيَّامٍ ، وَخَاصَّةً صِيَامَ يَوْمِ عَرَفَةَ ، يَقُولُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ » . وَلَا شَكَّ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- أَنَّ تَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ ، وَالْبُعْدَ عَنِ الْمَعَاصِي وَحَذَرَ السَّيِّئَاتِ ؛ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَجْرُهُ عَظِيمٌ ، وَلَكِنَّهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَفْضَلُ وَأَعْظَمُ . أَيُّهَا الْإِخْوَةُ : قَدْ جَاْءَ اَلْتَّوْجِيْهُ مِنْ وُلُاْةِ أَمْرِنَاْ ـ حَفِظَهُمُ اَللهُ تَعَاْلَىْ ـ بِأَهَمِيَّةِ اَلْتَّنْبِيْهِ عَلَىْ مَنْ أَرَاْدَ أَنْ يَحُجَّ ، بِضَرُوْرَةِ اَلْتَّقَيُدِ بِاَلْتَّعْلِيْمَاْتِ وَاَلْتَّوْجِيْهَاْتِ ، اَلَّتِيْ وُضِعَتْ لِسَلَاْمَتِهِ وَسَلَاْمَةِ إِخْوَاْنِهِ مِنْ حُجَّاْجِ بَيْتِ اَللهِ اَلْحَرَاْمِ ، وَمِنْ ذَلِكَ مَاْ يَتَعَلَّقُ بِاَلْأُمُوْرِ اَلْصِّحْيَةِ ، لِأَنّ حِفْظَ اَلْنَّفْسِ مِنْ اَلْضُّرُوْرِيَاْتِ اَلَّتِيْ اِعْتَنَىْ بِهَاْ اَلْدِّيْنُ ، وَجَاْءَ بِاَلْحِفَاْظِ عَلَيْهَاْ شَرْعُ رَبِّ اَلْعَاْلَمِيْنَ ، وَحَيْثُ اِرْتِفَاْعِ اَلْحَرَاْرَةِ فِيْ اَلْمَشَاْعِرِ اَلْمُقَدَّسَةِ ِفيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمِ ، عَلَىْ اَلْحَاْجِّ أَنْ يُحَاْفِظَ عَلَىْ صِحَّتِهِ وَسَلَاْمَتِهِ ، بِتَوَّقِيْ حَرَاْرَةِ اَلْشَّمْسِ وَضَرَاْبَاْتِهَاْ اَلْمُمْرِضَةِ ، بِفِعْلِ اَلْاِحْتِرَاْزَاْتِ اَلْمَرْغُوْبَةِ ، وَفِعْلِ اَلْأَسْبَاْبِ اَلْشَّرْعِيَّةِ اَلْمَطْلُوْبَةِ . أَسْأَلُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا جَمِيعًا الْفِقْهَ فِي هَذَا الدِّينِ ، وَيَجْعَلَنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ لَا ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ ، وَيَمُنَّ عَلَيْنَا بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ أَجْمَعِينَ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْحَمَ ضَعْفَنَا ، وَأَنْ تَجْبُرَ كَسْرَنَا ، وَتُوَحِّدَ صَفَّنَا ، وَتُقَوِّيَ شَوْكَتَنَا ، وَتُؤَلِّفَ عَلَى طَاعَتِكَ وَمَحَبَّتِكَ قُلُوبَنَا ، اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا ، وَعَافِ مُبْتَلَانَا ، وَارْحَمْ مَوْتَانَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا أَمْنَنَا ، وَسَلِّمْ لَنَا وُلَاةَ أَمْرِنَا ، وَاجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ ، وَجَنِّبْنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنَها وَمَا بَطَنَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾. عِبَادَ اللهِ : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
|