لِلْكِرَاْمِ مَاْ يَنْبَغِيْ فِيْ هِذِهِ اَلْأَيَّاْم الْحَمْدُ للهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ، صَاحِبِ الْفَضْلِ وَالْجُودِ وَالْإِنْعَامِ . أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ ، جَعَلَ الْحَجَّ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ ، وَوَسِيلَةً لِلتَّطْهِيرِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ ﴾ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَفْضَلُ مَنْ صَلَّى وَزَكَّى وَصَامَ ، وَحَجَّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْكِرَامِ . أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : تَقْوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَصِيَّتُهُ لِعِبَادِهِ ، يَقُولُ جَلَّ جَلَالُهُ : ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ ، فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَاعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ- بِأَنَّ الْيَوْمَ هُوَ الْيَوْمُ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ ذِي الْقِعْدَةِ ، وَذَلِكَ يَعْنِي أَنَّنَا بَعْدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، نَسْتَقْبِلُ شَهْرَ ذِي الْحِجَّةِ ، أَحَدَ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، يَقُولُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : « إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والْمُحَرَّمُ، ورَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ » . ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ ، أَيْ : لَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ بِالْقِتَالِ ، وَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ بِارْتِكَابِ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ . فَنَحْنُ ـ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ـ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ وَنَسْتَقْبِلُ شَهْرًا حَرَامًا ، ظُلْمُ النَّفْسِ فِيهِمَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ شَرْعًا ، وَمِنْ ذَلِكَ تَرْكُ الطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ وَارْتِكَابُ الْمَعَاصِي وَاقْتِرَافُ السَّيِّئَاتِ ، وَمِنْ أَهَمِّ الطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ فِي مَا نَسْتَقْبِلُ مِنْ أَيَّامٍ : الْحَجُّ وَالْأُضْحِيَةُ وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ وَعَرَفَةُ وَعِيدُ الْأَضْحَى . فَالْحَجُّ يَنْبَغِي لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ أَنْ يُبَادِرَ إِلَيْهِ وَيَحْذَرَ تَأْجِيلَهُ وَالتَّسْوِيفَ فِيهِ ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : « أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ فَحُجُّوا » ، يَقُولُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ وَأَسْكَنَهُ وَوَالِدِينَا فَسِيحَ جَنَّاتِهِ : فَالْأَصْلُ فِي الْأَوَامِرِ أَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ ، إِلَّا إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى التَّرَاخِي . وَفِي حَدِيثٍ حَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- يَقُولُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : « مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ وَتَضِلُّ الرَّاحِلَةُ وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ » ، فَتَأْدِيَةُ فَرِيضَةِ الْحَجِّ ؛ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ في الْحُسْبَانِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ ، لَا يَكْمُلُ إِسْلَامُ الْمَرْءِ الْمُسْتَطِيعِ وَلَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ ، وَهِيَ مِنَ الْفُرَصِ الَّتِي تُغْفَرُ بِهَا الذُّنُوبُ وَيُنَالُ بِسَبَبِهَا الْقُرَبُ مِنْ عَلَّامِ الْغُيُوبِ سُبْحَانَهُ ، يَقُولُ - عَزَّ وَجَلَّ - : ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : « بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالْحَجِّ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ » ، وَيَقُولُ أَيْضًا فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ آخَرَ : « مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمَ ولَدَتْهُ أُمُّهُ » ، فَالْحَجُّ وَالِاسْتِعْدَادُ لَهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فُرْصَةٌ . وَكَذَلِكَ ـ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ـ الِاسْتِعْدَادُ لِلْأُضْحِيَةِ ، فَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ ، فَعَلَهَا النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَحَثَّ عَلَى فِعْلِهَا وَعَمِلَ بِذَلِكَ كُلُّ مَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِ وَتَمَسَّكَ بِسُنَّتِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهِيَ شَاةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ سُبْعُ بَقَرَةٍ عَنِ الرَّجُلِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ ، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى : ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ . وَلَا شَكَّ ـ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ـ أَنَّ التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – بِالْأُضْحِيَةِ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – وَمِمَّا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَمَا سَمِعْتُمْ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : « مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فإنَّما يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، ومَن ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ » . فَذَبْحُ الْأُضْحِيَةِ فِي وَقْتِهَا ، إِتْمَامٌ لِلنُّسُكِ وَإِصَابَةٌ لِلسُّنَّةِ ، وَهَنِيئًا لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ، يَقُولُ ابْنُ سِعْدِيٍّ فِي تَفْسِيرِهِ : ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ﴾ ؛ أَيْ : ذَبْحِي، وَذَلِكَ لِشَرَفِ هَاتَيْنِ الْعِبَادَتَيْنِ وَفَضْلِهِمَا، وَدَلَالَتِهِمَا عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَإِخْلَاصِ الدِّينِ لَهُ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَالْجَوَارِحِ وَبِالذَّبْحِ الَّذِي هُوَ بَذْلُ مَا تُحِبُّهُ النَّفْسُ مِنَ الْمَالِ، لِمَا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهَا وَهُوَ اللهُ تَعَالَى. فَالِاسْتِعْدَادُ وَعَقْدُ النِّيَّةِ وَالْعَزْمُ عَلَى التَّقَرُّبِ بِالْأُضْحِيَةِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُوضَعَ فِي الْحُسْبَانِ ، وَخَاصَّةً فِي مَا نَسْتَقْبِلُ مِنْ أَيَّامٍ ، وَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا مُنْذُ دُخُولِ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ ». فَاتَّقُوْا اَللهَ عِبَاْدَ اللهِ ، وَاحْرُصُوْا عَلَىْ مَاْيُقَرِّبُكُمْ مِنْ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ : ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ ، بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : وَفِي بِدَايَةِ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ ؛ تَكُونُ أَيَّامُ الْعَشْرِ ، الْأَيَّامُ الْفَاضِلَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ – الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِيهَا ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ « مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ » ، قَالُوا : وَلَا الْجِهَادُ؟ قَالَ : « وَلَا الْجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ » ، وَفِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ آخَرَ يَقُولُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : « مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمَ عِنْدَ اللهِ، وَلَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ؛ فَأَكثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ » . وَمِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ مَعَ كَثْرَةِ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ ؛ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، الْيَوْمِ التَّاسِعِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ ، صِيَامُهُ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ ، سَنَةً قَبْلَهُ وَأُخْرَى مِثْلَهَا بَعْدَهُ ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ » . وَآخِرُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَطِّطَ لَهُ الْمُسْلِمُ وَيَضَعَهُ بِحُسْبَانِهِ ، لِيَتَقَرَّبَ بِهِ إِلَى رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - يَوْمَ عِيدِ الْأَضْحَى ، الْيَوْمَ الْعَاشِرَ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، وَمِمَّا يُقَرِّبُ إِلَى اللهِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ : الْحِرْصُ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ ، وَحُضُورُهَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى : ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ . أَسْأَلُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يُعِينَنِي وَإِيَّاكُمْ عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ ، وَأَنْ يَشْرَحَ صُدُورَنَا لِطَاعَتِهِ ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا وِلَايَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ ، وَيَرْحَمَنَا بِوَاسِعِ رَحْمَتِهِ ، وَأَنْ يَجْمَعَنَا وَإِيَّاكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ ، كَمَا نسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا أَجْمَعِينَ ، وَوَالِدِينَا وَإِخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِهِ فَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْحَمَ مَوْتَانَا، وَتَشْفِيَ مَرْضَانَا، وَتُعَافِيَ مُبْتَلَانَا، وَتَجْعَلَ آخِرَتَنَا خَيْرًا مِنْ دُنْيَانَا، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾. عِبَادَ اللهِ : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا: http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|