اَلْمُفِيْدُ لِلْأُضْحِيَةِ وَعَرَفَةَ وَاَلْعِيْدِ
}الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيمِ سُلطَانِهِ : } يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا { ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ، } خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا { ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، أَرْسَلَهُ : } شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا { ، صَلَىْ اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U، وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَاْبِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا { فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ جَعَلَنِيْ اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ الْمُؤْمِنُونَ :
اَلْأُضْحِيَةُ مِنَ اَلْسُّنَنِ اَلْثَّاْبِتَةِ عَنِ اَلْنَّبِيْ e، وَأَجْمَعَ اَلْمُسْلِمُوْنَ عَلَىْ مَشْرُوْعِيَّتِهَاْ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ، يَقُوْلُ أَنَسُ بِنُ مَاْلِكٍ t: (( ضَحَّى النَّبِيُّ e بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا ))، وَفِيْ حَدِيْثٍ حَسَنٍ ، يَقُوْلُ اِبْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: (( أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ e بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّى ))، وَفِيْ صَحِيْحِ اَلْبُخَاْرِي ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَسَمَ اَلْنَّبِيُّ e بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا ، فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ ، فَقُلْتُ : يَاْ رَسُولَ اَللَّهِ ! صَارَتْ لِي جَذَعَةٌ ! قَاْلَ e: (( ضَحِّ بِهَا )) .
فَقَدْ ضَحَّىْ اَلْنَّبِيُّ e -أَيُّهَاْ اَلإِخْوَةُ- وَضَحَّىْ أَصْحَاْبُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، فهي سنة مؤكدة أَجْمَعَ اَلْمُسْلِمُوْنَ عَلَىْ مَشْرَوْعِيَّتِهَاْ.
يَقُوْلُ اِبْنُ عُثَيْمِيْن - رَحِمَهُ اَللهُ - عَنِ اَلْأُضْحِيَةِ: هِيَ فِيْ كُلِّ مِلَّةٍ، لِقَوْلِهِ تَعَاْلَىْ: } وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ {، ومِنَ اَلْعُلَمَاْءِ مِنْ يَرَىْ أَنَّهَاْ وَاْجِبَةٌ ، يَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهَاْ وَهُوَ قَاْدِرٌ عَلَيْهَاْ ، لِأَنَّ اَللهَ U ذَكَرَهَاْ مَقْرُوْنَةً بِاَلْصَّلَاْةِ فِيْ قَوْلِهِ: } فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ {، وَفِيْ قَوْلِهِ: } قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ { .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
بَعْضُ اَلْنَّاْسِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ، يَجْعَلُوْنَ اَلْأُضْحِيَةَ لِأَمْوَاْتِهِمْ ، وَيَتْرُكُوْنَ أَنْفُسَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاْءَ، بِاِعْتِقَاْدِهِمْ أَنَّ اَلْأُضْحِيَةَ عَنِ اَلْأَمْوَاْتِ فَقَطْ ، وَهَذَاْ لَاْ شَكَّ مِنَ اَلْجَهْلِ فِيْ أَحْكَاْمِ اَلْدِّيْنِ عَاْمَّةً، وَاَلْأُضْحِيَةِ خَاْصَّةً، لِأَنَّ اَلْأُضْحِيَةَ مَشْرُوْعَةٌ عَنْ اَلْأَحْيَاْءِ، وَاَلْقِدْوَةُ فِيْ ذَلِكَ اَلْنَّبِيُ e، لِقَوْلِ اَللهِ تَعَاْلَىْ: } لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ { ، وَقَوْلُهُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: ((عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسَنَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي, تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ, وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )) ، يَقُولُ اِبْنُ عُثَيْمِيْنَ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَمْ يَرِدْ عَنْ النَّبِيِّ e وَلَاْ عَنْ اَلْصَّحَابَةِ فِيمَاْ أَعْلَمُ، أَنَّهُمْ ضَحَّوْا عَنْ الْأَمْوَاتِ اِسْتِقْلَالًا، فَإِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ e ، مَاْتَ لَهُ أَوْلَادٌ مِنْ بِنِينَ أَوْ بَنَاتٍ فِي حَيَاتِهِ ، وَمَاتَ لَهُ زَوْجَاتٌ وَأَقَارِبُ يُحِبَّهُمْ، وَلَمْ يُضَحِّ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَلَمْ يُضَحِّ عَنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ، وَلَا عَنْ زَوْجَتِهِ خَدِيجَةَ، وَلَا عَنْ زَوْجَتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ خُزُيْمَةَ، وَلَا عَنْ بَنَاتِهِ اَلْثَّلَاثِ، وَلَاْ عَنْ أَوْلَادِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ الْأُمُورِ الْمَشْرُوعَةِ، لِبَيِّنَهُ اَلْرَّسُوْلُ e فِيْ سُنَّتِهِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا ، وَإِنَّمَا يُضَحِّي الْإِنْسَانُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. وَأَمَّا إِدْخَالُ الْمَيِّتِ تَبَعًا فَهَذَا قَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِأَنَّ اَلْنَّبِيَّ e، ضَحَّى عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ يَشْمَلُ زَوْجَاتِهِ اَلْلَّاتِيْ مُتْنَ وَاَلْلَّاتِي عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
وَالْأُضْحِيَّةُ لَاْ تَجُوزُ إِلَّا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: } وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ { وَيُشْتَرَطُ فِيْ ذَلِكَ اَلْعُمْر، فَلَا يَجْزِي مِنْ الْإِبِلِ إِلَّا مَا بَلَغَ خَمْسَ سَنَوَاتٍ ، وَمِنْ الْبَقَرِ إِلَّا مَا بَلَغَ سَنَتَيْنِ، وَمِنْ الْغَنَمِ مَا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْ الضَّأْنِ وَسَنَةً مِنْ الْمَعِزِ، أَمَّا مَاْ قَلَّ عُمْرُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَلَا يُجْزِي كَأُضْحِيَّةٍ ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ لَحْمُهُ أَطْيَبَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ. وَمِنْ الشُّرُوطِ الْهَامَّةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ ، سَلَامَتُهَا مِنْ الْعُيُوبِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ e قال: (( أَرْبَعٌ لاَ تَجُوزُ ، الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا ، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلَعُهَا ، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِى لاَ تُنْقِى )) .
وَأَمَّا الْعُيُوبُ الَّتِي دُونَ ذَلِكَ ، فَيَقُولُ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْنَ -رَحِمَهُ اللَّهُ - لا تَمْنَعُ مِنْ اَلْإِجْزَاْءِ، فَتُجَزِّئُ اَلْأُضْحِيَّةُ بِمَقْطُوعَةِ الْأُذُنِ، وَبِمَشْقُوقَةِ اَلْأُذُنُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَتُجَزِّئُ الْأُضْحِيَّةُ بِمَكْسُورَةِ اَلْقَرْنِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَكُلَّمَا كَانَتِ اَلْأُضْحِيَّةُ أَكْمَلُ فِيْ ذَاْتِهَا وَصِفَاْتِهَا، وَأَحْسَنُ مَنْظِرًا فَهِيَ أَفْضَلُ .
وَلِلْأُضْحِيَّةِ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- وَقْتٌ مُعَيَّنٌ يَبْتَدِأُ مِنْ اِنْتِهَاءِ صَلَاةِ اَلْعِيْدِ، لِقَوْلِهِ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى ، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا ، فَلْيَذْبَحْ عَلَى اِسْمِ اللَّهِ )) وَيَنْتَهِي وَقْتُ ذَبْحِ اَلْأُضْحِيَّةِ، بِنِهَايَةِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ، فَأَيَّامُ الذَّبْحِ أَرْبَعَةٌ، يَوْمُ الْعِيدِ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُ النَّبِيِّ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ ))، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ هِيَ الْأَيَّامُ اَلْثَّلَاثَةِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ .
وَيُسْتَحِبُّ لِلْمُضَحِّي، أَنْ يَقسِمَ أُضْحِيَّتَهُ أَثْلَاثًا، فَيَأْكُلُ ثُلْثًا ، وَيُهْدِي ثُلْثًا، وَيَتَصَدَّقُ بِثُلْثٍ. يَقُولُ: } فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ { .
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
اَلْخُطْبَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ
اَلْحَمْدُ لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنَهُ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَا الْأُخُوَّةُ الْمُؤْمِنُونَ :
يَوْمُ اَلْأَحَد اَلْقَاْدِمِ، يُوَافِقُ اَلْيَوْمَ اَلْتَّاْسِعَ مِنْ شَهْرِ ذِيْ اَلْحِجَّةِ، وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ، صِيَامُهُ لِغَيْرِ الْحَاجِّ، مِنْ الْعِبَادَاتِ الْعَظِيمَةِ، الَّتِي يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ لَا يُفَرِّطَ بِهَا، لِأَنَّ النَّبِيَّ e أَخْبَرَ بِأَنَّ صِيَامَهُ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ كَاْمِلَتِيْنِ، اَلْسَّنَةُ الَّتِي قَبْلَهُ وَاَلْسَّنَةُ اَلَّتِيْ بَعْدَهُ ، فَفِيْ اَلْحَدِيثِ اَلْصَّحِيحِ اَلَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِيْ قَتَاْدَةَ t قَاْلَ: سُئِلَ رَسُوْلَ اَللهِ e عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فقَالَ: (( يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ )).
وَيَوْمُ اَلْاِثْنَيْنِ اَلْقَاْدِمِ سَيَكُوْنُ بِإِذْنِ اَللهِ: يَوْمَ عِيْدِ اَلْأَضْحَىْ ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُ e كَمَاْ فِيْ اَلْسُّنَنِ لِأَبِيْ دَاْوُد: (( إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ )) ، فَعَلِيْكَ ـ أَخِيْ اَلْمُسْلِمِ ـ أَنْ تَحْرِصَ عَلَىْ صَلَاْةِ اَلْعِيْدِ ، وَحُضُوْرِهَاْ مَعَ اَلْمُسْلِمِيْنَ، فَقَدْ رَجَّحَ بَعْضُ أَهْلِ اَلْعِلْمِ، وَمِنْهُمْ شَيْخُ اَلْإِسْلَاْمِ اِبْنُ تَيْمِيَةَ، بِأَنَّ صَلَاْةَ اَلْعِيْدِ وَاْجِبَةٌ، وَاسْتَدَلُّوْا بِقُوْلِهِ تَعَاْلَىْ: } فَصَلّ لِرَبّكَ وَٱنْحَرْ {، فَلَاْ تَسْقُطُ عَنْ أَحَدٍ إِلَّاْ بِعُذْرٍ شَرْعِيٍ حَتَىْ اَلْنِّسَاْءِ، عَلَيْهِنَّ أَنْ يُصَلِّيْنَ اَلْعِيْدَ، وَيَشْهَدْنَ صَلَاْةَ اَلْعِيْدِ مَعَ اَلْمُسْلِمِيْنَ، بَلْ حَتَّىْ اَلْحِيَّضِ مِنْهُنَّ، إِلَّاْ أَنَّ اَلْحِيَّضَ يَعْتِزِلْنَ اَلْمُصَلَّىْ. فَإِذَاْ كَاْنَتِ اَلْمَرَّأَةُ اَلْحَاْئِضُ، اَلَّتِيْ تُعْفَىْ مِنَ اِلْصِّيَاْمِ وَاَلْصَّلَاْةِ وَاَلْجِمَاْعِ وَمَسِّ اَلْمُصْحَفِ وَاَلْطَّوِاْفِ، يُسْتَحَبُّ لَهَاْ أَنْ تَخْرُجَ لِتَسْمَعَ مَوْعِظَةَ اَلْعِيْدِ ، فَكَيْفَ تَطُيْبُ نَفْسُ اَلْمُسْلِمِ ، أَنْ يَقْعُدَ فِي بَيْتِهِ أَوْ يَنَامَ فِيْ فِرَاْشِهِ وَيَتْرُكَ حُضُورَ صَلَاةِ اَلْعِيدِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ .
وَأَخِيرًا ـ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ـ وَنَحْنُ نَسْتَقْبِلُ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ الْعَظِيمَةِ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَخَلَّصَ مِنْ الشَّحْنَاءِ بَيْنَنَا، وَأَنْ نَتَصَالَحَ مَعَ إِخْوَانِنَا ، لِأَنَّ النِّزَاعَ وَالْخِصَامَ وَاَلْتَّهَاْجُرَ، يَتَسَبَّبُ فِي عَوَاقِبَ وَخِيمَةٍ، مِنْهَا الْحِرْمَانُ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ ، فَفِي صَحِيحِ اَلْبُخَارِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ اَلْصَّامِتِ t، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ ، فَتَلاحَىْ رَجُلَاْنِ مِنْ اَلْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ e: (( إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ فَرُفِعَتْ ))، وَفِيْ حَدِيْثٍ فِيْ صَحِيْحِ مُسْلِمٍ يَقُوْلُ e : (( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنَ وَيَوْمَ الخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً إلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيه شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ : اِنْظِرُوْا هَذَيْنِ حَتَّىْ يَصْطَلِحَا، اِنْظِرُوْا هَذَيْنِ حَتَّىْ يَصْطَلِحَا )).
فَاَتَّقُوْا اَللهَ -عِبَاْدَ اَللهِ- وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاً: } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e: (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، فَاَلْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن. اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ اَلْإِسْلَاْمِ وَعِزَّ اَلْمُسْلِمِيْنَ، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ، وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ. اَلْلَّهُمَّ مَنْ أَرَاْدَ بِلَاْدَنَاْ بِسُوْءٍ، اَلْلَّهُمَّ اَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَاَجْعَلْ كَيْدَهُ فِيْ نَحْرِهِ، وَاَجْعَلْ تَخْطِيْطَهُ وَتَدْبِيْرَهُ تَدْمِيْرَاً عَلَيْه. اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ جُنُوْدِنَاْ عَلَىْ حُدُوْدِنَاْ، اَلْلَّهُمَّ اُنْصُرْهُمْ نَصْرَاً مُؤَزَّرَاْ. اَلْلَّهُمَّ كُنْ لَهُمْ عُوْنَاً وَظَهِيْرَاً، وَوَلِيَّاً وَنَصِيْرَاً. اَلْلَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَهُمْ، وَاَرْبِطْ عَلَىْ قُلُوْبِهِمْ، وَقَوِّيْ عَزَاْئِمَهُمْ، وَاَحْفَظْ اَرْوَاْحَهُمْ، وَعَجِّلْ بِنَصْرِهِمْ، وَرُدَّهُمْ إِلَىْ أَهْلِيْهِمْ رَدَّاً جَمِيْلَاً ، عَاْجِلَاً غَيْرَ آجِل ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن. اَللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَىْ اَلْحُجَّاْجِ حَجَّهُمْ، وَاِجْعَلْ حَجَّهُمْ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبَهُمْ ذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيَهُمْ سَعْيًا مَشْكُورًا ، وَرُدَّهُمْ إِلَىْ أَهْلِيهِمْ سَاْلِمِينَ غَاْنِمِينَ يَاْرَبَّ اَلْعَاْلَمَيْنِ.
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة عن موسم الحج والأضحية تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=130 |