نصيحة إلى جماعة الإخوان المسلمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وآله وصحبه أجمعين, وبعد
فإن كثيرا من أصحاب الدعوات الإسلامية المعاصرة والذين خالفوا ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام, والصحابة رضوان الله عليهم, من عقيدة وعمل, وحرفوا مفاهيم الدين, كما وقع في ذلك اليهود والنصارى, أصابهم ما أصاب بني إسرائيل من الضياع, والتيه والحيره, قال تعالى: (فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ{26}المائدة
عقوبةً لهم بمخالفتهم منهاج الله, وشرعة, فلاهم أقاموا دينا, ولا ابقوا دنيا, بل صرفوا كثيرا من المسلمين عن الدين الحق, واستبدلوا ذلك بتصورات فكرية وسياسية, البسوها لبوس الإسلام, زوراً وبهتانا, حتى أنهم يسخرون من أتباع الأنبياء, الدعاة للتوحيد والسنة, بأنهم يعيشون في عصور بائده, فالتقوا بذلك مع العلمانيين بحجة أن الأمة, لا يمكن أن تنهض إلا بالتحرر من تراثها.
وادخلوا شباب المسلمين في مزاريب التكفير, واتون التفجير, والاستهانة بحرمات الله, على قاعدة مقولة الكافر الملحد: (الغاية تبرر الوسيلة).
وأنا اعرض في هذه المقالة بأمر عظيم حرفوه, وحاربوا من يدعو اليه, بمفهوم القرآن والسنة, وما كان عليه الصحابة, وعلماء الإسلام, ألا وهو التوحيد, حيث زعموا أن التوحيد هو توحيد الحاكمية, وما عداه فهو قشور وتعبداً بين العبد وربه, يعبده كيف شاء, والشرك عندهم هو الشرك السياسي, وقد ترتب على هذا مفاسد عظيمة, امتدت إلى جميع الشريعة,
فأقول وبالله التوفيق, مجيبا على هذا التحريف بمعنى التوحيد مبينا بطلانه من أوجه:
الوجه الأول: قال تعالى: ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{213}البقرة
أخرج ابن أبي حاتم, وابن يعلى, والطبراني في سند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً), قال: على الإسلام كلهم. (1)
وأخرج البزار, وابن جرير, وابن أبي حاتم, عن ابن عباس قال: (كان بين آدم ونوح عشرة قرون, كلهم على شريعة من الحق, واختلفوا فبعث الله النبيين). (2)
وأخرج ابن جرير, وابن أبي حاتم عن أبي ابن كعب رضي الله عنه في قوله تعالى: ((بغيا بينهم )) يقول: [ بغيا على الدنيا, وطلب ملكها, وزخرفها, أيهم يكون له الملك, والمهابة في الناس, فبغى بعضهم على بعض, فضرب بعضهم رقاب بعض. (3)
وقال: في قوله تعالى: (فهدى الله الذين امنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه), يقول فهداهم الله عند الاختلاف, أنهم أقاموا على ما جاءت به الرسل, قبل الاختلاف, أقاموا على الإخلاص لله وحده, وعبادته لا شريك له, وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, واعتزلوا الاختلاف, فكانوا شهداء على الناس يوم القيامة, على قوم نوح, وقوم هود, وقوم صالح, وقوم شعيب, وال فرعون, وان رسلهم بلغتهم, وأنهم كذبوا رسلهم ]. (4)
قلت: ومصداق ذلك قوله تبارك: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{143} البقرة
فمن أراد النصيحة للإسلام والمسلمين, فعليه أن يعود بهم إلى عقيدة الأمة الأولى ومنهاجها الذي أمر الله عز وجل به الخلق أجمعين الجن والإنس.
الوجه الثاني : أن منهاج الدعوة ثابتٌ لا يتغير، فالدعوة إلى الله عبادة، والعبادة لا بد فيها من الالتزام بشرع الله الوارد في كتابه وسنة رسوله- صلى الله عليه وآله وسلم- وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، على الرغم من اختلاف العصور وتعاقب الأمم.
الوجه الثالث: أن الله قد قص علينا في كتابه بعض قصص رسله- صلوات الله وسلامه عليهم- من نوحٍ إلى محمد، على اختلاف المكان والزمان وحضارة الأقوام الذين أرسلوا إليهم؛ فلم يتغيَّر أساس الرسالة، ولم تتغير نقطة البداية في الدعوة إلى الله ولو مرةً واحدة.
الوجه الرابع: أن جميع الرسالات، وجميع الرسل بدؤوا دعوتهم بإفراد الله بالعبادة ونفيها عما سواه، وهو معنى ومقصد لا إله إلا الله، قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25]، وأخبر- سبحانه وتعالى- على وجه التفصيل أن نوحًا وهودًا وصالحًا وشعيبًا كلًّا منهم قال لقومه: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} [الأعراف: 65]، وفهم المشركون أن مقصد الرسالة توحيد العبادة، فقال تعالى عن عاد: {أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا} [ الأعراف: 70]، وقال كفار مكة: {أجعل الآلهة إلها واحدا } [ص: 5]، وبين سبحانه أن التوحيد شَرْعُ الله لهذه الأمة، وهو ما وصَّى به نوحًا ومحمدًا وإبراهيم وموسى وعيسى- صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، فقال: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} [الشورى: 13]، وفي وحدة دعوة الأمة للتوحيد قال: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون} [البقرة: 136] .
الوجه الخامس: أن دعوة الأنبياء اتفقت في التوحيد واختلفت في الشرائع، قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} [المائدة: 48]، وقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم-: «نحنُ معاشرَ الأنبياءِ أبناءُ عَلَّاتٍ ودِينُنا واحدٌ (5). فيجوز في شريعةٍ ما لا يجوز في أخرى، فلا يصح حينئذٍ تفسير التوحيد بالحاكمية.
الوجه السادس : لو كانت الحاكمية هي التوحيد لما عمل الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم تحت ولاية رجل كافر فقد قال: (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ{38}يوسف.
الوجه السابع: أنه إذا كان الله تبارك وتعالى- خالقُ العباد، العليمُ بأحوالهم، الخبيرُ بما يصلح لهم في كل حال- قد اختار هذا المنهاج لجميع رسله ولجميع من أرسل إليهم؛ فليس لبشرٍ أن يغيِّر منهاج الله باختياره لنفسه أو لغيره طريقًا للهداية والإصلاح غير هذا الطريق وهذا المنهج.
الوجه الثامن: ليس لنا أن نسوغ الخروج عن سبيل الله وسبيل رسوله- صلى الله عليه وسلم- وطريق صحابته- رضي الله عنهم- في الدعوة إلى الله بحجة أن الظروف تغيرت، أو لأنَّ الناس قد ملُّوا التَّكرار، أو أنَّ الحكمة تقتضي تغيير مسار الدعوة لمواجهة قضايا العصر، أو أنَّ دعوتنا موجَّهَةٌ للمسلمين ولا وجود للشرك بينهم، ومثل هذا الجدل- مع حسن النية بالمجادل وأن هذا مبلغه من العلم- مشاقَّةٌ لله ولرسوله، وانحرافٌ عن سبيل المؤمنين، فتغيُّر الظروف بين نوحٍ ومحمد- صلى الله عليهم وسلم- ومَنْ بُعِثَ بينهما لم يغير نهج الرسالات في أصولها، وشبهة تغيير منهج الدعوة لمواجهة قضايا العصر بيّنة البطلان، فإنَّ أهم القضايا في هذا العصر وفي كل عصر ما خلق الله الجنَّ والإنس من أجله من العبادة الخالصة، والاستعداد لذلك المستقبل الوحيد الذي لاشك فيه؛ وهو الموت وسؤال القبر والجزاء والبعث والحساب.
الوجه التاسع: أنه لا يليق بمن يوظف نفسه في الدعوة إلى الله أن يظن أن المسلمين الصالحين في غير حاجةٍ للدعوة إلى توحيد العبادة، والتحذير من الشرك، فإن حياة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- انتهت بمثل ما بدأت به بعثته، فقد روى الشيخان عن أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- لما حضرته الوفاة جعل يلقي طرف خميصةٍ، فإذا اغتم كشفها عن وجهه وهو يقول: «لعنةُ اللهِ على اليهودِ والنَّصارى؛ اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجدَ» يحَذِّر ما صنعوا (6).
كانت هذه آخر وصايا النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- لأهل بيته وخلفائه وصحبه، وهم قدوة المسلمين إلى يوم القيامة.
الوجه العاشر: أنه لا يجوز لمسلمٍ أن يعتذر في استمرار فشو الشرك بين المسلمين بسبب حسن النيَّة، أو بالتقرُّب إلى الله، أو بالجهل، فإن الله ذم المشركين الأوائل بمثل هذه الأوصاف، فقال: {إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون} [الأعراف: 30]، وقال: {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر: 3]، وقال: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} [الكهف: 103، 104].
الوجه الحادي عشر: أنه لا بد من الاعتراف بتغلغل الشرك إلى حياة المسلم المعاصر وعبادته، وأن أكثر مسلمي هذا العصر بين مقرٍّ لهُ أو ساكتٍ عن التحذير منه، ومن بين هؤلاء أكثر الخطباء والوعاظ ومن يسمون بالمفكرين الإسلاميين، وهم بين جاهلٍ بحقيقة الأمر وخائفٍ على سمعته ومكانة حزبه بين المبتدعة، لأن الابتداع دين الغالبية في العصور المتأخرة، وهكذا عادت الوثنية إلى بلاد المسلمين باسم عبادة الله والتقرُّب إليه، وحُبِّه وحب الأنبياء والصالحين. ولكي يضمن الشيطان استساغة المسلم لذلك لم تسم أوثانًا ولا أصنامًا، وإنما سميت الأنصاب أضرحةً ومقاماتٍ ومشاهدَ ومزارات، يحصل عندها من الخشوع والخضوع ما لا يحصل في بيت من بيوت الله الخالصة من الشرك(7)
الوجه الثاني عشر: أنه إذا نظرت إلى دعوة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- للنصارى، وقد كانوا كلهم، أو أكثرهم، تحت دولة الروم صاحبة القوانين التي ما زالت مصدرًا من مصادر تشريعات الحكم الحديث المخالف لشرع الله؛ كان أكثر نقاش القرآن معهم في عقيدتهم في عيسى، ولم يتكلم معهم في البداية عن شرك الدولة السياسي، وقد كان شعارهم: دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر. وهو بعينه الفصل بين الدين والسياسة.
الوجه الثالث عشر: أنه إذا نظرت إلى حال السلف إلى هذه المسألة وجدته مطابقًا لما ذكرناه، وهو اهتمامهم بالدعوة إلى التوحيد، وجعلهم ذلك أول ما يدعون إليه.
فمن الذي قال: إن تجميع الجماهير بلا عقيدة عملٌ إسلامي؟ والله ليس لهذه المقولة مصدر إلا الأحزاب العلمانية، وإلا فليتقِ الله في أمة محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- من وقع في ذلك، ولا يجتالهم عن دينهم، ولا يصدهم عن سبيل نبيهم- صلى الله عليه وآله وسلم- وصحابته الكرام من أجل تصورٍ سياسيٍّ بشري.
الوجه الرابع عشر: أنه من أهم رسوخ هذا الفساد في العالم الإسلامي منذ قرون الجهل بالمعنى والمقصد من كلمة التوحيد، وقاعدة الدين الحق؛ لا إله إلا الله، فغالب عوام المسلمين يظنونها تعني أولًا وآخرًا وحدانية الله في الخلق والرزق، والإحياء والإماتة، والنفع والضر، أي توحيد الربوبية، ولو كان هذا حقًّا لما ردَّها المشركون من قريش، ولما قالوا: {أجعل الآلهة إله واحدا} [ص: 5].
الوجه الخامس عشر: أن غالب أصحاب الدعوات المعاصره يظنون أنها تعني أول ما تعني الإيمانَ بوحدانية الله في الحكم- الحاكمية-، ولو كان الأمر كذلك لما ردَّها كفار قريش، ولكان هذا أهون عليهم من عرض المال والملك على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في مقابل تنازله عن معنى لا إله إلا الله، ولا نازعهم ولا نازعوه في ملك ولا مال، ولكن من تدبر كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وآله وسلم- واستقرأ سيرته، لا يبقى له مجالٌ للشك في أن معنى لا إله إلا الله فوق كل أمرٍ ظنوه، ألا وهو إفراد الله بالعبادة ونفيها عما سواه، وأن أبا جهلٍ وغيره من مشركي قريش عقلوا هذا المعنى وردوا كلمة التوحيد؛ لأنها تهدم ما وجدوا عليه آباءهم من جمعٍ بين الخالق والمخلوق في العبادة.
الوجه السادس عشر: أن قضية الحاكمية بمعناها الشمولي يجب أن تشمل كل الأمور الدينية والدنيوية. والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر والدعوةُ إلى الله عملٌ تعبدي يجب أن يتوفر فيه الشرطان اللذان لا تقبل العبادة إلا بهما، وهما: الإخلاص والمتابعة، فإذا كان العمل مقصودًا به وجه الله سبحانه وتعالى ولم يكن على طريقة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فهو باطل؛ لقول النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: «مَن عَمِل عملًا ليس عليه أَمْرُنا فهو رَد»(8). واشتهر عن غير واحدٍ من الصحابة قوله: اقتصاد في سنة خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ.
فنحن نطالبهم بحكم الله في هذا الأمر وفي غيره، ونحن أولى من غيرنا بالتحاكم إلى الشرع، فلا يصح أن ندعو الناس إلى التحاكم إلى الشريعة ثم نتحاكم إلى التصورات الفكرية والسياسية،
وإلا كان عملنا باطلًا مهما كان إخلاصنا.
الوجه السابع عشر: لما كان الشيخ ((شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله)), في قاعة الترسيم دخل إلى عنده ثلاثة رهبان من الصعيد, فناظرهم وأقام عليهم الحجة بأنهم كفار وما هم على الذى كان عليه ابراهيم والمسيح,
فقالوا له, نحن نعمل مثل ما تعملون أنتم تقولون بالسيدة نفيسة, ونحن نقول بالسيدة مريم, وقد أجمعنا نحن وأنتم على أن المسيح ومريم أفضل من الحسين, ومن نفيسة, وأنتم تستغيثون بالصالحين الذين قبلكم ونحن كذلك, فقال لهم: وأى من فعل ذلك ففيه شبه منكم, وهذا ما هو دين إبراهيم الذي كان عليه, فإن الدين الذي كان عليه إبراهيم عليه السلام, أن لا نعبد إلا الله وحده لا شريك له, ولا ند له, ولا صاحبة له, ولا ولد له, ولا نشرك معه ملكا, ولا شمسا, ولا قمرا ولا كوكبا, ولا نشرك معه, نبيا من الأنبياء, ولا صالحا, (إن كل من في السماوات والأرض إلا آت الرحمن عبدا), وأن الأمور التي لا يقدر عليها غير الله, لا تطلب من غيره, مثل إنزال المطر, وإنبات النبات, وتفريج الكربات, والهدى من الضلالات, وغفران الذنوب, فإنه لا يقدر أحد من جميع الخلق على ذلك ولا يقدر عليه إلا الله, والأنبياء عليهم الصلاة والسلام نؤمن بهم ونعظمهم ونوقرهم ونتبعهم, ونصدقهم في جميع ما جاؤوا به, ونطيعهم كما قال نوح وصالح وهود وشعيب: (أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون), فجعلوا العبادة والتقوى لله وحده, والطاعة لهم, فإن طاعتهم من طاعة الله, فلو كفر أحد بنبي من الأنبياء, وآمن بالجميع ما ينفعه إيمانه حتى يؤمن بذلك النبي, وكذلك لو آمن بجميع الكتب, وكفر بكتاب كان كافرا حتى يؤمن بذلك الكتاب, وكذلك الملائكة واليوم الآخر, فلما سمعوا ذلك منه قالوا الدين الذي ذكرته خير من الدين الذي نحن, وهؤلاء عليه ثم إنصرفوا من عنده(9)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1_ اخرجه أبي يعلى في مسنده: (4/473), وانظر المطالب العالية: (14/514). 2_ اخرجه الحاكم في صحيحه: (2/480), وانظر تفسير ابن أبي حاتم: (8/2696).
3_ انظر تفسير ابن أبي حاتم: (2/377).
4_ انظر تفسير ابن أبي حاتم: (2/378).
5_ رواه البخاري كتاب الأنبياء (3258)، ومسلم كتاب الفضائل (6279)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه.
6_ رواه البخاري في كتاب الصلاة، أبواب المساجد (425)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (531) كلاهما من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
7_ انظر إلى رسالة الدعوة إلى الله في جزيرة العرب للشيخ العلامة سعد الحصين.
8_ رواه البخاري في كتاب الصلح (2550)، ومسلم في كتاب الأقضية (1718)، كلاهما من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
9_ انظر مجموع الفتاوى (1/370).
المصدر:-
http://www.obailan.net/articles.php?action=show&id=40
|