أسوأ
أنواع السرقات السرقة من الصلاة
الحمد لله الذي منّ علينا
بالإسلام ، ونوّر صدورنا بالإيمان ، وزيّنه في قلوبنا ، وكرّه إلينا الكفر والفسوق
والعصيان ، أحمدُهُ سبحانه على عظيم الفضل والامتنان، وأشكره وأثني عليه الخير
كله على نعمة الركوع والسجود والقرآن ، فوالله لولا الله ما اهتدينا ... ولا
تصدقنا ولا صلينا ولا ركعنا ولا سجدنا .
أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له ، وأشهد
أن محمداً عبده ورسوله ، خير من صلى وسجد وقام ، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه ،
وأصحابه الكرام ، وسلم تسليماً ..
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي
سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا
وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون
)) .. أما بعد :
أيها
الناس :
ما أقبح وأسوأ أنواع السرقات ؟؟؟
لو
وجهتُ لكم هذا السؤال يا عباد الله لجاءت إجاباتكم متنوعة ، ولتعددت أقوالكم
وآراؤكم .
ولكن رسول الله صلى الله عليه
وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ،، أجابنا الجواب الفاصل عن هذا السؤال ، وأفتانا عن
أسوأ السرقات عند الله
،
فعن النعمان بن مُرَّةَ رضي الله عنه أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ – قال : " ما تَرَوْنَ في الشارِب والزاني والسارقِ؟ " - وذلك
قبل أنْ تنزل فيهم الحدود - قالوا : الله ورسوله أعلم، قال: " هُنَّ فواحش،
وفيهنَّ عقوبةٌ ، وأسوأُ السرقةِ الذي يسرق صلاتَه" قالوا: وكيف يَسرقُ صلاتَه؟
قال: " لا يُتِمَّ ركوعَها ولا سجودَها " رواه مالك وصححه الألباني .
وفي
حديث آخر صحيح : (( " أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً ، الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ
صَلَاتِهِ "، قَالُوا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ ، وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ ؟ قَالَ : " لَا يُتِمُّ
رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا" ، أَوْ قَالَ: "لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ
فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ " )) [ رواه أحمد والدارمي ،
وابن حبان وابن خزيمة والحاكم وصححوه ] .
أيها
المسلمون :
أيعقل أن يسرق الإنسان نفسه ؟ ،، نعم يعقل ،، وذلك عندما يُمَكِّنُ الإنسانُ
عدوَّه المبينَ ، الشيطانَ الرجيمَ من سرقة صلاته بالاستجابة لوسوسته وصرفه له عن
إتمام صلاته وإقامتها .
فلقد
قال عليه الصلاة والسلام لما سئل عن الالتفات في الصلاة ، قال : (( اخْتِلَاسٌ
يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ )) رواه البخاري . والاختلاس هو
الخطف بسرعة ، فالشيطان يخطف من صلاتك كلما أتحت له فرصةً إما بسهو أو بشرود أو غفلة
أو عجلة أو نحو ذلك .
أيها
الناس : لماذا كانت السرقةُ من الصلاة أسوأَ السرقات ؟
ذلك
يا عباد الله لأن رأس مال الإنسان في دينه بعد توحيده لله ، هو صلاته ،
فصلاته هي أول ما يحاسب عليه يوم القيامة ، فصلاحها سبب لربحه ، وفسادها سبب
لخسارته ، بقبولها ينجو المرء ويُقْبَلُ سائر عمله ، وبردها يرد ،، ومن سرق من
الصلاة ، هانت عليه السرقة من غيرها
عباد الله : السرقة من الصلاة ،
فسرّها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها عدم إتمام الركوع والسجود ، وعدم إقامة
الصلب فيهما ، ويقاس عليهما الإخلال بسائر الأركان والواجبات في الصلاة .
فاعلموا
راعكم الله : أن إتمام الركوع والسجود وإتمام سائر الأركان يكون بالإتيان
بالقدر الواجب فيها الذي لا يتم الركن إلا به ، على الصفة المشروعة.
فأول ما
يفرض على المصلي : تكبيرة الإحرام ، وأداؤها قائماً معتدلاً مطمئناً ، ويفرض
عليه بعدها قراءة الفاتحة أيضاً قائماً معتدلاً مطمئناً .
وإتمام
الركوع
يحصل لك بأن تحني ظهرك الانحناء الذي يصدق عليك فيه أنك راكع ، فتصل يداك إلى
ركبتيك ، وتسكن وتطمئن على هذه الحال زمناً يمكنك فيه من قول سبحان ربي العظيم مرةً واحدةً ...
ويكْمُل
الركوع بتسوية الظهر وتسوية الرأس معه بعدم خفض الرأس ولا رفعه، وبقبض الركبتين
بالكفين ، والتسبيح ثلاثاً ، وكلما زدت أحسنت ، وزاد ثوابك .
وإذا
رفعت من الركوع يجب عليك أن تقيم صلبك حال القيام ، فتعتدل اعتدلاً تاماُ
قائماً ، وتسكن وتطمئن حال هذا القيام زمناً يمكنك فيه من قول ربنا ولك الحمد ..
ويكمله أمور مستحسنة مستحبة .
وإذا
سجدتّ
وجب عليك أن تسجد على أعضائك السبعة : الجبهة مع الأنف ، واليدين ، والركبتين ،
وأصابع القدمين ، وتسكن وتطمئن على هذه الحال زمنا يمكنك معه أن تقول : سبحان ربي
الأعلى مرة واحدة بترسل وتفهم لمعنى التسبيح ،،، ويكمله أمور مستحبة .
وإذا
رفعت من سجودك وجب عليك أن تجلس جلسة التواضع المشروعة وتعتدل في جلستك
هذه ، وتسكن وتطمئن حال هذا الاعتدال زمناً يمكنك قول رب اغفر لي مرة واحدة بترسل
واستشعار لطلب المغفرة ،، ويكمل هذه الجلسة
مستحبات .
وهكذا
الجلوس للتشهد الأخير ركن من أركان الصلاة يجب فيه الاعتدال
والطمأنينة والسكون بقدر ما يقول التحيات والتشهد والصلاة الإبراهيمية المفروضة
كاملة ، بأن تقول : ( التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ
عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ )).
فيا ربنا اجعلنا مقيمين للصلاة وذرياتنا ، على الوجه الذي يرضيك
عنا . واغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين
أجمعين إنك أنت الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الْحمدُ للهِ ربِّ العالَمِينَ الرّحمنِ الرّحيمِ مَالكِّ يَومَ
الدِّينِ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحق المبين، وأشهد أنَّ
محمدًا خاتم النبيّين وأفضل المرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين
وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين . أما بعد :
عباد
الله :
ألا ترون سُّرَّاق الصلاة في مساجدنا !! ألا ترون الذين يخلون بالركوع والسجود ،،
ألا ترون الذين يخلون بالطمأنينة والقيام والقعود ؟؟
أيها
الناس :
المخل بالطمأنينة والسكون وإتمام الركوع والسجود على خطر عظيم ،، فلقد حكم النبي
صلى الله عليه وسلم على صلاة المسيء في صلاته ، الذي لم يطمئن في أركانها حكم على
صلاته بالبطلان ، وقال له : (( ارجع فصلّ فإنك لم تصلً )) متفق عليه . فاعتبره
النبي صلى الله عليه وسلم كأنه لم يصلّ ، ثم علّمه صلى الله عليه وسلم فقال : ((
إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ , ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ معك مِنْ
الْقُرْآنِ , ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً , ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى
تَعْتَدِلَ قَائِماً , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً , ثُمَّ
ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، وَافْعَلْ
ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا )) متفق عليه ، وفي رواية لأبي داود : (( فإذا فعلتَ
ذلك ؛ فقد تَمَّتْ صلاتُك ، وإنِ انتقصتَ من هذا ؛ فإنما انتقصتَه من صلاتِكَ )) .
فيا
عباد الله .. يا كل مصلي ،، راجع نفسك لعلك أن تكون من سُّرَّاقِ الصلاة
وأنت لا تشعر ، حاسب نفسك ، فلعلك عودت نفسك على السرعة في الصلاة فأصبحت تسرق من
إتمامها وأنت تظن أنك تقيمها .
ويا
أئمة المساجد صلوا بالناس الصلاة التي تمكنهم من إتمام أركانها وواجباتها
بسكون وطمأنينة ، فأنتم مؤتمنون على صلاة عباد الله المؤمنين . فقد شاعت العجلة في
الصلاة ، ولا مبرر لها واقعي ولا شرعي صحيح .
واسمعوا
رحمكم الله إلى أقوال نبيكم صلى الله عليه وسلم مما يقرع القلوب عن عدم
إتمام الصلاة :
يقول
النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي سِتِّينَ سَنَةً ،
ومَا تُقْبَلُ لَهُ صَلاَةٌ ، لَعَلَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ ، وَلاَ يُتِمُّ
السُّجُودَ ، وَيُتِمُّ السُّجُودَ ، وَلاَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ )) حديث حسن .
وقال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عز وجل إِلَى صَلَاةِ
عَبْدٍ لَا يُقِيمُ فِيهَا صُلْبَهُ بَيْنَ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا )) حديث صحيح
رواه أحمد .
وعن
أبي عبد الله الأشعريّ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رأى رجلاً لا يُتِمُّ ركوعَه، وَينْقُرُ في سجودِه ، وهو يصلّي ، فقال
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لو مات هذا على حاله هذه؛ مات على
غيرِ مِلَّةِ محمدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )) ثم قال رسول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مثَل الذي لا يُتمُّ ركوعَه، ويَنْقرُ في سجودِهِ
مثَلُ الجائع؛ يأْكُلُ التمرةَ والتمرتين؛ لا يُغنِيان عنه شيئاً )) حسن ، رواه
الطبراني في "الكبير"، وأبو يعلى بإسناد حسن ، وابن خزيمة في
"صحيحه".
ويقول
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي
الصَّلَاةَ كَامِلَةً، وَمِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي النِّصْفَ، وَالثُّلُثَ،
وَالرُّبُعَ حَتَّى بَلَغَ الْعُشْرَ " حديث صحيح رواه أحمد
وغيره .
ويقول
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( الصلاةُ ثلاثةُ أثلاثٍ، الطُّهورُ ثلثٌ ،
والركوع ثُلثٌ، والسجود ثلثٌ، فمَن أدّاها بحقِّها قُبلَتْ منه، وقُبل منه سائرُ
عَمَلِه، ومَن رُدَّت عليه صلاتُه، رُدَّ عليه سائرُ عَمَلِه )) رواه
البزّار ، وقال الألباني : حسن صحيح .
ربنا اجعلنا ممن حافظ على
صلاته بشروطها وأركانها وواجباتها، اللهم ارزقنا صلاة خاشعة مقبولة ، ربنا اجعلنا
وذرياتنا ممن يقيمون الصلاة على الوجه الذي يرضيك عنا، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك
وحسن عبادتك،
اللهم إنا نستعينك
ونستهديك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك
ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق اللهم قاتل الظلمة المعتدين الذين يصدون
عن سبيلك ويقاتلون أولياءك، اللهم عليك بهم إنهم لا يعجزونك، اللهم أنزل بهم نقمتك
وأرنا فيهم عجائبك اللهم إنهم آذونا في بلادنا وفي إخواننا وفي أموالنا، اللهم
إنهم حاربوا دينك ومن تدين به ظاهراً وباطناً اللهم سلّط عليهم من يسومهم سوء
العذاب يا قوي يا متين، اللهم أنزل عليهم رجزك وعذابك إله الحق، يا رب العالمين، اللهم
ادحر الرافضة ورد كيدهم في نحورهم . اللهم خالف بين كلمتهم، اللهم افضح مكرمهم
وأبطله يا قوي يا متين.
اللهم إنا نسألك بأن لك
الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا
قيوم. اللهم انصر إخواننا أهل السنة في كل مكان ، اللهم انصر إخواننا أهل السنة في
كل مكان ، اللهم انصر إخواننا أهل السنة في كل مكان . اللهم أنجِ المستضعفين من
المؤمنين في كل مكان اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمين، اللهم فرج عن
إخواننا المؤمنين في كل مكان، اللهم ارحم ضعفهم وتولَّ أمرهم واجبر كسرهم وعجّل
بفرجهم ونفّس كربهم، اللهم أحقن دماءهم واستر عوراتهم وآمن روعاتهم اللهم وارحم
ميّتهم واشف مريضهم وأطعم جائعهم واكسِ عاريَهم واحمل فقيرهم وثبت أقدامهم وكن لهم
عوناً ونصيراً ومؤيداً يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين يا حيّ يا قيوم.
اللهم ربنا ظلمنا أنفسنا
ظلماً كثيراً وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لنا مغفرةً من عندك وارحمنا إنك
أنت الغفور الرحيم. لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.. اللهم إنا نسألك
بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا
يحي يا قيوم نسألك أن تغفر لنا وتغيثنا غيث الرحمة، اللهم أسقنا الغيث ولا تجعلنا
من القانطين ... اللهم يا من لا يملك إنزال الغيث غيره أسقنا وأغثنا .. اللهم
أغثنا غيثاً مغنياً سحاً غدقاً هنيئاً مريئاً نافعاً غير ضار اللهم سقيا رحمة...لا
سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق.. اللهم أغثنا اللهم أغثنا ، اللهم اسقنا وأغثنا غيثا
عاجلاً غير آجل تحيي به البلاد وتغيث به البلاد وتجعله بلاغاً للحاضر والباد،
اللهم أغث البلاد وانشر رحمتك على العباد واجعله بلاغاً للحاضر والباد يا حي يا
قيوم يا ذا الجلال والإكرام. اللهم لا تردنا خائبين ولا من رحمتك يائسين يا رحمن
يا رحيم . اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وللمزيد من
الخطب السابقة للشيخ صلاح العريفي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=121 |