اَلْنِّقَمُ بِكُفْرِ اَلْنِّعَم
} اَلْحَمْدُ
لِلَّهِ ، اَلَّذِيْ لَهُ مَاْ فِيْ اَلْسَّمَاْوَاْتِ وَمَاْ فِيْ اَلْأَرْضِ ، وَلَهُ
اَلْحَمْدُ فِيْ اَلْآخِرَةِ ، وَهُوَ اَلْحَكِيْمُ اَلْخَبِيْرُ { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ
سُلْطَاْنِهِ ، } يَقْضِي بِالْحَقِّ ، وَالَّذِينَ
يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ {
. وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، } لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ { . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ
، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، اَلْبَشِيْرُ اَلْنَّذِيْرُ ، وَاَلْسِّرَاْجُ
اَلْمُنِيْرُ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ
اَلْدِّيْنِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ :
تَقْوَىْ اَللهِ U، وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ، يَقُوْلُ U
فِيْ كِتَاْبِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ
{ ، فَلْنَتَّقِ اَللهَ - أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ - جَعَلَنِيْ
اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
لَقَدْ أَنْعَمَ اَللهُ U،
عَلَيْنَاْ بِنَعَمٍ كَثِيْرَةٍ، لَاْ تُعَدُّ وَلَاْ تُحْصَىْ ، كَمَاْ قَاْلَ تَبَاْرَكَ
وَتَعَاْلَىْ: } وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اَللَّهِ لَاْ
تُحْصُوهَا {،
فَلَاْ أَحَدٌ يَسْتَطِيْعُ إِحْصَاْءَ نِعَمِ اَللهِ U، وَأَنَّاْ لَهُ ذَلِكَ ؛ وَاَللهُ U يَقُوْلُ: } وَمَاْ بِكُمْ مِنْ
نِعْمَةٍ فَمِنَ اَللَّهِ ، ثُمَّ إِذَاْ مَسَّكُمُ اَلْضُّرُّ فَإِلَيْهِ
تَجْأَرُونَ {،
وَمَاْ بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ! تَأَمَّلْ أَخِيْ ، كَمْ فِيْكَ مِنْ نِعَمِ اَللهِ U!
هَلْ تَسْتَطِيْعُ أَنْ تُحْصِيَ نِعَمَ اَللهِ عَلَيْكَ؟
كَلَّاْ . لَنْ تَسْتَطِيْعَ
ذلك . فَاَحْذَرْ أَنْ تَكُوْنَ مِنْ اَلْجَهَلَةِ اَلْأَغْبِيَاْءِ ، اَلَّذِيْنَ
لَاْ يُدْرِكُوْنَ نِعَمَ اَللهِ إِلَّاْ بَعْدَ فَقْدِهَاْ ، لَيْتَكَ أَخِيْ
تَسْأَلُ اَلْأَعْمَىْ عَنْ نِعْمَةِ اَلْبَصَرِ ، وَتَسْأَلُ اَلْأَصَمَّ عَنْ
نِعْمَةِ اَلْسَّمْعِ ، وَاَلْمُقْعَدَ عَنْ نِعْمَةِ اَلْحَرَكَةِ وَاَلْمَشِيْ ،
لِكَيْ تُدْرِكَ نِعَمَ اَللهِ U عَلَيْكَ .
مَاْ نِعْـمَةٌ فِــيْكَ
إِلَّاْ اَللهُ وَاْهِـبُهَـاْ
وَأَنـْعُمُ اَللهِ مَنْ فِيْ اَلْكَوْنِ يُحْــصِيْهَاْ
؟
مَنْ مَرَّ عَنْ نِعَمِ اَلْرَّحْمَنِ مُنْشَغِلَاً
فَسَوُفَ يَفْقِدُهَاْ يَوْمَاً ويَبْـكِـيْهَاْ
وَمَـنْ يَـمُـرُّ عَـلَـيْـهَـاْ شَــاْكـِرَاً
أَبَدَاً
سَـيَـشْـكُرُ اَللهُ ذَاْ شُـكْـرٍ وَيُبْقِـيْهَاْ
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
وَهَذِهِ اَلْنِّعَمُ اَلَّتِيْ
أَنْعَمَ اَللهُ U بِهَاْ عَلَيْنَاْ، دَوَاْمُهَاْ وَبَقَاْؤُهَاْ وَزِيَاْدَتُهَاْ،
ثَمَنُهُ شُكْرُ اَلْمُنْعِمِ بِهَاْ وَهُوَ اَللهُ سُبْحَاْنَهُ، يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ
وَتَعَاْلَىْ: } وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ، لَئِنْ
شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ، وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ { ، فَاَلْشُّكْرُ هُوَ سَبَبُ اَلْمَزِيْدِ وَاَلْبَقَاْءِ
لِهَذِهِ اَلْنِّعَمِ . أَمَّاْ إِنْ لَمْ تُشْكَرْ نِعَمَ اَللهِ ، فَإِنَّ مَصِيْرَهَاْ
لِلْفَنَاْءِ ، وَمَآلَهَاْ لِلْزَّوَاْلِ ! بَلْ لِلْعَذَاْبِ اَلْشَّدِيْدِ ، كَمَاْ
قَاْلَ تَعَاْلَىْ : } وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي
لَشَدِيدٌ {
.
نَعَمَ - أَيُّهَاْ
اَلْإِخْوَةُ - اَلَّذِيْنَ يَكْفُرُوْنَ بِنِعَمِ اَللهِ ، وَيُقَاْبِلُوْنَهَاْ بِعُصْيَاْنِهِ
وَعَدَمِ طَاْعَتِهِ، فَإِنَّ عَذَاْبَ اَللهِ شَدِيْدٌ ؛ وَمِنْهُ زَوَاْلُ تِلْكَ
اَلْنِّعَمِ، وَاَسْتِبْدَاْلُهَاْ بِنَقِيْضِهَاْ، فَإِنْ كَاْنَتْ غِنَىً ، أَصْبَحَتْ
فَقْرَاً, وَإِنْ كَاْنَتْ صِحَّةً أَضْحَتْ مَرَضَاً، وَإِنْ كَاْنَتْ أَمْنَاً صَاْرَتْ
خَوْفَاً، وَإِنْ كَاْنَتْ عِزَّةً صَاْرَتْ ذُلَاً، وَكَمَاْ قَاْلَ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ:
} وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً،
قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً، يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ
مَكَانٍ، فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ، فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ
وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ {، فَأَهْلُ هَذِهِ اَلْقَرْيَةِ ، كَاْنَ رِزْقُهُمْ يَأْتِيْهِمْ
رَغَدَاً - يَعْنِيْ هَنِيْئَاً سَهْلَاً - مِنْ كُلِّ مَكَاْنٍ تَأْتِيْهِمْ أَرْزَاْقُهُمْ
دُوْنَ عَنَاْءٍ .
وَاَللهِ لَيْسَ لِأَهْلِ هَذِهِ اَلْقَرْيَةِ ،
مِنْ نَاْحِيَةِ إِتْيَاْنِ اَلْرِّزْقِ شَبَه - فِيْ هَذَاْ اَلْزَّمَاْنِ - إِلَّاْ
هَذِهِ اَلْبِلَاْدِ ، فَنَحْنُ وَللهِ اَلْحَمْدُ ، يَأْتِيْنَاْ رِزْقُنَاْ رَغَدَاً
مِنْ كُلِّ مَكَاْنٍ ، فَطَعَاْمُنَاْ اَلَّذِيْ نَأْكُلُهُ ؛ كُلُّ نَوْعٍ مِنْهُ
يَأْتِيْ مِنْ دَوْلَةٍ. لِبَاْسُنَاْ اَلَّذِيْ نَلْبَسُهُ ؛ كُلُّ نَوْعِ مِنْهُ
يَأْتِيْ مِنْ دَوْلَةٍ ؛ بُيُوْتُنَاْ اَلَّتِيْ نَسْكُنُهَاْ، مَرَاْكِبُنَاْ اَلَّتِيْ
نَرْكَبُهَاْ ، يَأْتِيْنَاْ رِزْقُنَاْ رَغَدَاً مِنْ كُلِّ مَكَاْنٍ ، اَسْأَلُ
اَللهَ U أَنْ يُوْزِعَنَاْ شُكْرَ نِعَمِهِ .
فَتِلْكَ اَلْقَرْيَة -أَيُّهَاْ
اَلْإِخْوَةُ - اَلَّتِيْ ضَرَبَ اَللهُ لَنَاْ مَثَلَاً، مَاْذَاْ فَعَلَ أَهْلُهَاْ؟
كَفَرُوْا بِنِعَمِ اَللهِ. فَكَاْنَ عِقَاْبُهُمْ ؛ كَمَاْ جَاْءَ فِيْ اَلْآيَةِ
اَلْكَرِيْمَةِ: }فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا
كَانُوا يَصْنَعُونَ {،
يَقُوْلُ اِبْنُ كَثِيْرٍ عِنْدَ تَفْسِيْرِهِ لِهَذِهِ اَلْآيَةِ : أَكَلُوْا اَلْعِلْهِزَ،
وَهُوَ اَلْوَبَرُ اَلْمَخْلُوْطُ بِاَلْدَّمِ. يَعْنِيْ طَعَاْمُهُمْ شَعْرٌ
بِاَلْدَّمِ .
هَذَاْ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ-
جَزَاْءُ كُفْرِ اَلْنِّعَمِ. وَيَقُوْلُ اِبْنُ عُثَيْمِيْنْ - رَحِمَهُ اَللهُ -:
إِنَّ عَذَاْبَ اَللهِ U عَلَىْ كُفَرِ اَلْنِّعَمِ ، لَيْسَ بِأَنْ تَتْلُفَ اَلْنُّفُوْسُ
وَاَلْأَمْوَاْلُ ، وَلَاْ بِأَنْ تَنْقُصَ اَلْبُلْدَاْنُ وَاَلْأَسْوَاْقُ، وَلِكَنْ
مِنْ اَلْعُقُوْبَاْتِ: أَنْ تَقْسُوْ اَلْقُلُوْبُ، وَأَلَّاْ تُبَاْلِيْ بِمَعْصِيَةِ
عَلَّاْمِ اَلْغُيُوْبِ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
إِنَّ اَلْإِعْرَاْضَ عَنْ
عِبَاْدَةِ اَللهِ U، وَعَدَمَ شُكْرِهِ بِاَلْقَوْلِ وَاَلْعَمَلِ، سَبَبٌ مِنْ أَسْبَاْبِ
زَوَاْلِ اَلْنِّعَمِ، وَحُلُوْلِ اَلْنِّقَمِ ، يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ:
} لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي
مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ؛ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ، كُلُوا مِنْ رِزْقِ
رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ، بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ{ ،
سَبَأٌ فِيْ اَلْيَمَنِ ، أَنْعَمَ اَللهُ عَلَيْهِمْ بِاَلْنِّعَمِ اَلْكَثِيْرَةِ،
كَمَاْ فِيْ هَذِهِ اَلْآيَةِ: } جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ { جَنَّةٌ عَنْ يَمِيْنِ بَلْدَتِهِمْ، وَجَنَّةٌ أُخْرَىْ عَنْ شَمَاْلِهَاْ؛
يَقُوْلُ قَتَاْدَةُ: أَنَّ اَلْمَرْأَةَ كَاْنَتْ تَمْشِيْ تَحْتَ اَلْأَشْجَاْرِ،
وَعَلَىْ رَأْسِهَاْ مِكْتَلٌ أَوْ زَبِيْلٌ ، فَيَتَسَاْقَطُ مِنْ اَلْأَشْجَاْرِ
فِيْ ذَلِكَ مَاْ يَمْلَأُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاْجَ إِلَىْ كُلْفَةٍ وَلَاْ
قِطَاْفٍ لِكَثْرَتِهِ وَنُضْجِهِ وَاَسْتِوَاْئِهِ .
يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَى:
} فَأَعْرَضُوْا {، أَيْ عَنْ تَوْحِيْدِ اَللهِ وَعِبَاْدَتِهِ وَشُكْرِهِ . وَقَدْ
صَوَّرَ لَنَاْ اَلْهُدْهُدُ حَاْلَ هَؤُلَاْءِ حِيْنَمَاْ قَدِمَ إِلَىْ سُلَيْمَاْنَ
عَلَيْهِ اَلْسَّلَاْمُ ، يَقُوْلُ: } وَجِئْتُكَ
مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ، إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ ، وَأُوتِيَتْ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ، وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ
لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ
فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ { ، فَمَاْذَاْ كَاْنَ عِقَاْبُهُمْ؟ يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ:
} فَأَعْرَضُوا
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ، وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ
جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ،
ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ {. يَقُوْلُ اِبْنُ كَثِيْرٍ فِيْ تَفْسِيْرِهِ : هَذَاْ اَلَّذِيْ
صَاْرَ أَمْرُ تَيْنَكَ اَلْجَنَتِيْنِ إِلَيْهِ، بَعْدَ اَلْثِّمَاْرِ اَلْنَّضِيْجَةِ،
وَاَلْمَنَاْظِرِ اَلْحَسَنَةِ ، وَاَلْظِّلَاْلِ اَلْعَمِيْقَةِ، وَاَلْأَنْهَاْرِ
اَلْجَاْرِيَةِ ، تَبَدَلَتْ إِلَىْ شَجَرِ اَلْأَرَاْكَ وَاَلْطَّرْفَاْءِ، وَاَلْسِّدْرِ
ذِيْ اَلْشُّوْكِ اَلْكَثِيْرِ وَاَلْثَمَرِ اَلْقَلِيْلِ ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ وَتَكْذِيْبِهِمْ اَلْحَقَّ ، وَعُدُوْلِهِمْ
عَنْهُ إِلَىْ اَلْبَاْطِلِ .
نَعَمْ يَاْ عِبَاْدَ اَللهِ:
هِيَ سُنَّةُ اَللهِ فِيْ خَلْقِهِ، إِذَاْ كَفَرَ اَلْنَّاْسُ بِنِعَمِ اَللهِ ،
فَإِنَّ اَللهَ U يَغَاْرُ عَلَىْ نِعَمِهِ ، فَيَسْلُبُ تِلْكَ اَلْنِّعَمِ ، وَيُحِلُّ
مَكَاْنَهَاْ اَلْنِّقَمَ .
إِذَاْ كَفَرَ اَلْنَّاْسُ
بِنِعَمِ اَللهِ، تَغَيَّرَتْ أَحْوَاْلُهُمْ، وَتَبَدَلَتْ أَوْضَاْعُهُمْ ، وَصَدَقَ
اَللهُ : } ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ
مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا
بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ { .
بَاْرَكَ
اَللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ
فِيْهِ مِنْ اَلْآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ
اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمِ
.
اَلْخُطْبَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ
اَلْحَمْدُ
لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنَهُ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ
وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ
لَاْشَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً
عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ
عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
يُخْطِأُ بَعْضُ اَلْنَّاْسِ
بِكَيْفِيَةِ شُكْرِ اَللهِ U، فَيَظُنُّ بَعْضُهُمْ أَنَّ اَلْشُّكْرَ يَكُوْنُ بِاَلْلِسَاْنِ
فَقَط، بِأَنْ يَقُوْلَ بِلِسَاْنِهِ: اَلْحَمْدُ للهِ وَاَلْشُّكْرُ، وَلَكِنَّهُ
يَعْمَلُ أَعْمَاْلَاً تُنَاْفِيْ تَمَاْمَاً اَلْشُّكْرَ اَلْمَطْلُوْبَ .
وَاَلْشُّكْرُ ـ أَحِبَتِيْ
فِيْ اَللهِ ـ يَكُوْنُ بِاَلْقَوْلِ وَبِاَلْعَمَلِ ، يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ:
} اِعْمَلُوْا آلَ دَاْوُدَ
شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ { ، فَمَنْ أَرَاْدَ أَنْ يُحَاْفِظَ عَلَىْ نِعَمِ
اَللهِ عَلَيْهِ ، فَلَيْقُمْ بِطَاْعَةِ اَللهِ U ، وَيَفْعَلْ مَاْ أَمَرَهُ اَللهُ U بِهِ ، وَيَتْرُكْ مَاْ نَهَاْهُ اَللهُ U عَنْهُ ، وَيَحْذَرْ اَلْمَعَاْصِيْ بِأَشْكَاْلِهَاْ وَأَنْوَاْعِهَاْ
.
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
وَمِنْ أَهَمِّ اَلْأَعْمَاْلِ،
اَلَّتِيْ يَعْمَلُهَاْ اَلْإِنْسَاْنُ ، لِيَشْكُرَ اَللهَ عَلَىْ نِعَمِهِ، هَذِهِ
اَلْصَّلَاْةُ ، فَاللهَ .. اَللهَ . حَاْفِظُوْا عَلَيْهَاْ فِيْ أوْقَاْتِهَاْ،
وَفِيْ أَمَاْكِنِهَاْ اَلَّتِيْ شَرَعَ اَللهُ لَهَاْ، وَاَحْذَرُوْا أَنْ يُثَبِّطَكُمُ
اَلْشِّيْطَاْنُ عَنْهَاْ، أَوْ يُقْعِدَكُمْ عَنْ صُفُوْفِ أَهْلِهَاْ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ
عَنْ اَلْنَّبِيِّ e، حِيْنَمَاْ سَأَلَتْهُ عَاْئِشَةُ رضي الله عنها، عَنْ سَبَبِ كَثْرَةِ
صَلَاْتِهِ ، قَاْلَ e : (( أَفَلَاْ أَكُوْنُ
عَبْدَاً شَكُوْرَاً )).
أَسْأَلُ
اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاْ خَاْلِصَاً ، وَسَلَاْمَةً
دَاْئِمَةً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ شُكْرَ
نِعْمَتِكَ ، اَلْلَّهُمَّ اِجْعَلْنَاْ مِنْ عِبَاْدِكَ اَلْشَّاْكِرِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ
أَعِنَّاْ عَلَىْ ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَاْدَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ
.
اَلْلَّهُمَّ
إِنَّاْ نَسْأَلُكَ اَلْفِقْهَ فِيْ اَلْدِّيْنِ ، وَاَلْتَّمَسُّكَ بِاَلْكِتَاْبِ
اَلْمُبِيْنِ ، وَاَلْعَمَلَ بِسُنَّةِ خَاْتَمِ اَلْأَنْبِيَاْءِ وَإِمَاْمِ اَلْمُرْسَلِيْنَ
بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ. اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ
نَصْرَ اَلْإِسْلَاْمِ وَعِزَّ اَلْمُسْلِمِيْنَ، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ
اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ، وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ،
وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ.
اَلْلَّهُمَّ اَحْفَظْ لَنَاْ أَمْنَنَاْ، وَوُلَاْةَ أَمْرِنَاْ ،
وَعُلَمَاْءَنَاْ وَدُعَاْتَنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ جَنِّبْنَاْ اَلْفِتَنَ ، مَاْ
ظَهَرَ مِنْهَاْ وَمَاْ بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
اَلْلَّهُمَّ مَنْ أَرَاْدَنَاْ أَوْ
أَرَاْدَ بِلَاْدَنَاْ أَوْ شَبَاْبَنَاْ أَوْ نِسَاْءَنَاْ بِسُوْءٍ ،
اَلْلَّهُمَّ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاَجْعَلْ كَيْدَهُ فِيْ نَحْرِهِ ،
وَاَجْعَلْ تَدْبِيْرَهُ سَبَبَاً لِتَدْمِيْرِهِ يَاْقَوُيَّ يَاْ عَزِيْز .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
عِبَاْدَ
اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ
ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ،
يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { .
فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ
يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ
أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |