ركعات رباعية فاضلة في أوقات أربعة
6 / شوال / 1438 هجرية
إِنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ
من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا
هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً
عَبدُهُ ورسولُهُ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا
اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيبًا )) (( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا
عَظِيمًا )) .
أما بعد: فإن خير الكلام
كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل
محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .
عباد الله
: الصالحات
تثمر الصالحات ، والحسنات تجلب الحسنات ، لأن الإيمان يزداد بالطاعات ، والطاعات تزداد
بازدياد الإيمان .
وهذا
هو الذي تحقق لنا في رمضان ازداد الإيمان وازدادت الطاعات ، فلنحافظ عباد الله على
أثر رمضان وما تحقق لنا فيه من التقوى ، وذلك بالمداومة على الأعمال الصالحات ، فالله
تعالى يحب المداومة عليها ( فأحب العمل إلى الله وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
، الدائم ،، أدومه وإن قل ) ، ( ولا يزال العبد يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه
) ، فإذا أحبه الله فلا تسل عن نعيم الروح وحلاوة الإيمان وآثار ولاية الله له (( ألا
إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون )) .
أيها الناس
: كل الفرائض
لها من جنسها نوافل تكملها، وتزيد صاحبها أجراً وقرباً من ربه .
ففريضة
الصيام مثلاً ، من جنسها نافلة صيام الست من شوال ، (( فمن صام رمضان ثم أتبعه ستاً
من شوال كان كصيام الدهر )) رواه مسلم في صحيحه ، وصيام أيام البيض ، والاثنين والخميس
وغيرها لها فضائل معلومة .
أيها المسلمون : ولفريضة
الصلاة من جنسها أنواع من النوافل ، أذكركم بركعات رباعية فاضلة ، في أربعة أوقات
:
أولها : أربع ركعات في الضحى
.
فعَنْ
نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (( ابْنَ آدَمَ صَلِّ لِي أَرْبَعَ
رَكَعَاتٍ أَوَّلَ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ )) وفي رواية : (( ابْنَ آدَمَ لَا
تَعْجِزْ عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ أَوَّلَ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ )) [
حديث صحيح رواه أحمد وابن حبان والنسائي والدارمي ] .
وقد جاء
صح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (( لَا يُحَافِظُ عَلَى
صَلَاةِ الضُّحَى إِلَّا أَوَّابٌ )) وقَالَ
فيها: (( وَهِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ ))
وصح عنه
صلى الله عليه وسلم أن ركعتين في الضحى تعدل ستين وثلاثمائة صدقة .. فإن جعلتهن أربعاً
صار لهن من الفضل إضافة لذلك: أنهن سبباً لكفاية الرب لك بقية يومك ، ولك أن تتخيل
ما يدخل في كفاية القوي الغني الكريم القادر من الخيرات ، حيث أطلق الكفاية .
ثانيها : أربع ركعات بعد
أن تزول الشمس وقبل صلاة الظهر :
فَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بَعْدَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قَبْلَ
الظُّهْرِ، وَقَال: (( إِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَأُحِبُّ
أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ )) [ حديث
صحيح أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما ] ..
وهذه
الركعاتُ الأربعُ هن السنة الراتبة القبلية لصلاة الظهر .. فهي في هذا الوقت الفاضل.. وقد صح عن الأسود بن يزيد النخعي وهو من أئمة التابعين وكبارهم ، أنه قال في الساعة
التي بعد الزوال : " إن هذه ساعةٌ كنا نشبهها بصلاة الليل " [ رواه ابن أبي
شيبة ] .
فإذا
أضفت لهذه الأربع التي قبل الظهر ،، أربع ركعات بعد صلاة الظهر نلت فضلاً عظيماً،
وهو أن يحرمك الله على النار ، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا ، حَرَّمَهُ اللَّهُ
عَلَى النَّارِ )) [
حديث صحيح رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه ] .
ثالثها : أربع ركعات قبل
صلاة العصر :
فعَن
عبد الله بْن عُمَرَ رضي الله عنهما ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : (( رَحِمَ اللهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا )) [
حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن خزيمة وابن حبان ]
. فاسلك نفسك في المرحومين بصلاة هذه الركعات الأربع .
اللهم رحمتك نرجو وبرحمتك
نستغيث فأصلح لنا شأننا كله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أرسل
رسوله ودين الحق ليظهره على الدين كله
وكفى بالله شهيداً ، وأشهد أن لا إله لا
الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً
، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً، أما بعد:
عباد الله : رابع الركعات
الأربع الفاضلة : أربع ركعات بعد صلاة العشاء
فقد ثبتت
هذه الركعات الأربع من فعله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري وغيره من حديث عبدالله
بن عباس رضي الله عنهما .
وصح في
فضلها آثار عن الصحابة والتابعين مما يدل على عمل السلف بهذه السنة، وانتشارها فيهم؛ وهي من قيام الليل الوارد فضله في الكتاب والسنة في عشرات الأدلة .
فما الفضل الوارد فيها ؟
إنه فضل عظيم يا عباد الله .
صح عن
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت : ( أَرْبَعٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ يَعْدِلْنَ
بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) رواه ابن أبي شيبة.
وصح عن
عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال : ( مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ
كُنَّ كَقَدْرِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْر ) رواه ابن أبي شيبة ، وصح مثله عن عبدالله
بن مسعود رضي الله عنه وجاء نحوه عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ، وصح نحوه أيضا
عن مجاهد وعبدالرحمن بن الأسود من التابعين ، قال الألباني رحمه الله تعالى بعد ذكره
لهذه الآثار: "وهي وإن كانت آثار موقوفة عليهم ؛ فلها حكم الرفع إلى النبي صلى
الله عليه وسلم ؛ لأنها لا تقال بالرأي كما هو ظاهر" سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم/5060
فيا عباد
الله: إنكم
حديثو عهد برمضان، وقد تعودت نفوسكم على الصلاة بعد صلاة العشاء بمداومتكم على صلاة
التراويح ، فاغتنموا هذا الاعتياد بالاستمرار على هذه الركعات الأربع بعد صلاة العشاء
راجين مؤملين هذا الفضل العظيم .
ومن أوتر
بعد هذه الأربع بواحدة فنام على وتر فقد عمل بالحزم وأخذ بوصية رسول الله صلى الله
عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه .
فاللهم قو عزائمنا على طاعتك ، وارزقنا المداومة عليها يا ذا
الجلال والإكرام. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إنا نسألك رحمة
تصلح بها قلوبنا وتفرج بها كروبنا وتيسر بها أمورنا وتشفي بها مرضانا ، وترحم بها
موتانا يا أرحم الراحمين . اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله
ولا تكلنا أنفسنا طرفة عين، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمت أمرنا وأصلح لنا
دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الدنيا زيادة
لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، ووفق
اللهم إمامنا بتوفيقك ، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك وهيئ له البطانة
الصالحة الناصحة التي تعينه على الخير وتدله عليه يا رب العالمين
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك ويُهدى فيه أهل
معصيتك ويُؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر يا ذ الجلال والإكرام ، اللهم اكفنا
واكف بلادنا شر الأشرار وكيد الفجار يا عزيز يا جبار ، اللهم من أرادنا وديننا
بسوءٍ فعليك به اللهم اشغله بنفسه واجعل كيده في نحره وتدبيره في تدميره يا قوي يا
عزيز اللهم من حمل علينا السلاح فاقتله بسلاحه واكف المسلمين شره بما شئت إنك أنت
السميع العليم .
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم
والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات .
اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين وآخر دعوانا
الحمد لله رب العالمين.
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ صلاح العريفي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catsmktba-121.html
|