لِلْكِرَاْمِ حَدِيْثُ اَلْغُلَاْمِ
اَلْحَمْدُ للهِ اَلْقَاْئِلِ: } لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ . } يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {. وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ هُوَ سُبْحَاْنَهُ، } هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ {، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ الْحِسَابِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
تَقْوَىْ اَللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لَكُمْ وِلِمَنْ كَاْنَ قَبْلَكُمْ ، فَهُوَ اَلْقَاْئِلُ U مِنْ قَاْئِلٍ : } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { فَاَتَّقُوْا اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ جَعَلَنِيْ اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
ذَكَرَ اَلْإِمَاْمُ مُسْلِمٌ ـ رَحِمَهُ اَللهُ ـ فِيْ صَحِيْحِهِ ، عَنْ عَبْدِ اَلْرَّحْمَنِ بْنِ أَبِيْ لَيْلَىْ ، عَنْ صُهَيْبٍ t ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ e قَالَ : (( كَاْنَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَاْنَ قَبْلَكُمْ ، وَكَاْنَ لَهُ سَاْحِرٌ ، فَلَمَّاْ كَبِرَ )) أَيْ اَلْسَّاْحِر ، (( قَالَ لِلْمَلِكِ : إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ ، فَاَبْعَثْ إِلَيَّ غُلَاْمًا أُعَلِّمْهُ اَلْسِّحْرَ )) . اَلْغُلَاْمُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ : اَلْصَّبِيُّ اَلْصَّغِيْرُ اَلَّذِيْ قَاْرَبَ سِنَّ اَلْبُلُوْغِ ، أَرَاْدَ تَعْلِيْمَهُ اَلْسَّحْرِ ، لِيَكُوْنَ سَاْحِرَاً لِلْمَلِكِ مِنْ بَعْدِهِ ، (( فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ ، فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ . فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ ، فَأَعْجَبَهُ . فَكَانَ إِذَا أَتَى اَلْسَّاحِرَ ، مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ ، فَإِذَا أَتَى اَلْسَّاحِرَ ضَرَبَهُ ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ ، فَقَالَ : إِذَا خَشِيتَ اَلْسَّاْحِرَ ، فَقُلْ : حَبَسَنِي أَهْلِي ، وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ : حَبَسَنِي اَلْسَّاحِرُ )) ، يَقُوْلُ اَلْنَّوَوُيُ ـ رَحِمَهُ اَللهُ ـ : وَفِيْهِ جَوَاْزُ اَلْكَذِبِ فِيْ اَلْحَرْبِ وَنَحْوِهَاْ ، وَفِيْ إِنْقَاْذِ اَلْنَّفْسِ مِنَ اَلْهَلَاْكِ . يَقُوْلُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ : (( فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ ، إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ ، فَقَالَ : الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ ؟ فَأَخَذَ حَجَرًا ، فَقَالَ : اللهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ ، حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا ، وَمَضَى النَّاسُ ، فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ : أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي ، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى ، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى ، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ . وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ ، وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ ، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ ، فَقَالَ : مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ ، إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي ، فَقَالَ : إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللهُ ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللهِ دَعَوْتُ اللهَ فَشَفَاكَ ، فَآمَنَ بِاللهِ فَشَفَاهُ اللهُ ، فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ ؟ قَالَ : رَبِّي ، قَالَ : وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي ؟ قَالَ : رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ ، فَجِيءَ بِالْغُلَامِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَيْ بُنَيَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ ، فَقَالَ : إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا ، إِنَّمَا يَشْفِيَ اللهُ ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ ، حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ ، فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ ، فَقِيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ ، فَأَبَى ، فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ ، فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ، ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ ، فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ، ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ ، فَأَبَى ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا ، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ )) أَيْ أَعْلَاْهُ ، (( فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ ، وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ ، فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ ، فَقَالَ : اللهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ ، فَرَجَفَ بِهِمِ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا ، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ ؟ قَالَ : كَفَانِيهِمُ اللهُ ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ )) اَلْقُرْقُوْرُ اَلْسَّفِيْنَةُ اَلْصَّغِيْرَةُ ، (( فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ ، فَذَهَبُوا بِهِ ، فَقَالَ : اللهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ ، فَانْكَفَأَتْ بِهِمِ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا ، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ ؟ قَالَ : كَفَانِيهِمُ اللهُ ، فَقَالَ لِلْمَلِكِ : إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ ، قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي ، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ، ثُمَّ قُلْ : بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلَامِ ، ثُمَّ ارْمِنِي ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي ، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ ، ثُمَّ قَالَ : بِاسْمِ اللهِ ، رَبِّ الْغُلَامِ ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ )) أَيْ بَيْنَ عَيْنِهِ وَأُذْنِهِ ، (( فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ ، فَقَالَ النَّاسُ : آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ . فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ : أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ ؟ قَدْ وَاللهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ ، فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ )) أَيْ أَمَرَ بِحَفْرِ حُفَرٍ فِيْ مَدَاْخِلِ اَلْطُّرُقِ ، (( فَخُدَّتْ ، وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ ، وَقَالَ : مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا ، أَوْ قِيلَ لَهُ : اقْتَحِمْ ، فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا )) تَرَاْجَعَتْ عَنِ اَلْوُقُوْعِ فِيْ اَلْنَّاْرِ خَوْفَاً عَلَىْ طِفْلِهَاْ اَلْرَّضِيْعِ . حَنَاْنُهَاْ عَلَىْ ثَمَرَةِ فُؤَاْدِهَاْ جَعَلَهَاْ تَتَرَدَّدُ ، فَأَنْطَقَهُ اَللهُ U وَهُوَ فِيْ مَهْدِهِ ، (( فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ : يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ )) . أَعُوْذُ بِاَللهِ مِنَ اَلْشَّيْطَاْنِ اَلْرَّجِيْمِ :
} إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ { .
بَاْرَكَ اَللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ فِيْهِ مِنَ اَلآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَأَنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلْرَّحِيمِ .
اَلْخُطْبَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ
اَلْحَمْدُ لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنَهُ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
إِنَّ فِيْ هَذِهِ اَلْقِصَّةِ اَلْعَظِيْمَةِ، اَلَّتِيْ ذَكَرَهَاْ اَلْنَّبِيُّ e لِأَصْحَاْبِهِ وَلِأُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ، عِبَرٌ كَثِيْرَةٌ ، وَفَوَاْئِدٌ جَمَّةٌ ، وَمَاْ ذِكْرُ اَلْنَّبِيِّ e لَهَاْ ، إِلَّاْ لِلْاِسْتِفَاْدَةِ مِنْهَاْ، وَأَخْذِ اَلْدُّرُوْسِ مِمَّاْ جَاْءَ فِيْهَاْ ، يَقُوْلُ U : } فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ { ، وَمِنْ هَذِهِ اَلْفَوَاْئِدِ اَلْعَظِيْمَةِ اَلْكَثِيْرَةِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ وَلَعَلَّنَاْ نَقْتَصِرُ عَلَىْ مَاْ يَحْتَاْجُهُ اَلْدُّعَاْةُ إِلَىْ اَللهُ تَعَاْلَىْ مِنْ اَلْفَوَاْئِدِ : أَهَمِّيَّةُ اَلْصَّبْرِ ، وَضَرَوْرَةُ وُجُوْدِهِ فِيْ حَيَاْةِ اَلْدُّعَاْةِ إِلَىْ اَللهِ تَعَاْلَىْ ، وَخَاْصَةً عِنْدَ وُجُوْدِ مَنْ يُشَكِّكَ فِيْ دَعْوَتِهِمْ ، أَوْ يُشَوِّهَ عَنْدَ اَلْمَخْدُوْعِيْنَ بِهِ صُوْرَتَهُمْ ، أَوْ يَكُوْنَ بَيْنَ اَلْجَهَلَةِ حَجَرَ عَثْرَةٍ فِيْ مَسِيْرَتِهِمْ ، وَأَقْصِدُ بِاَلْدُّعَاْةِ: اَلْدُّعَاْةَ اَلَّذِيْنَ لَمْ تُؤَثِّرْ بِهِمْ اَلْجَمَاْعَاْتُ اَلْمُنْحَرِفَةُ، وَلَاْ تُعْجِبُهُمْ اَلْمَنَاْهِجُ اَلْمُتَطَرِّفَةُ، اَلَّذِيْنَ يَسْتَعْمِلُ مَعَهُمْ اَلْخَوَاْرِجُ سِيَاْسَةَ اَلْإِقْصَاْءِ وَاَلْضَّرْبِ وَاَلْتَّنْفِيْرِ ، فَاَصْبِرُوْا فَقَدْ قَاْلَ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ: } وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ { ، فَمَنْ أُعْطِيَ اَلْصَّبْرِ وِاِلْيِقِيْنَ جَعَلَهُ اَللهُ إِمَاْمَاً فِيْ اَلْدِّيْنِ .
وَمِنَ اَلْفَوَاْئِدِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ مَعْرِفَةُ أَنَّ اَلْاِبْتِلَاْءَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ اَللهِ تَعَاْلَىْ } أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ { ، فَقَدْ يُبْتَلَىْ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ اَللهِ تَعَاْلَىْ فِيْ حَيَاْتِهِ ، بِحِرْمَاْنِهِ مِمَّاْ يَتَمَتَّعُ بِهِ غَيْرُهُ ، أَوْ بِتَنْفِيْرِ اَلْنَّاْسِ عَنْهُ ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّاْ يَبْتَلِيْ بِهِ اَللهُ U عِبَاْدَهُ ، فَلَاْ يَجِدْ أَثَرَاً فِيْ حَيَاْتِهِ لِدَعْوَتِهِ ، فَعَلَيْهِ أَنْ لَاْ يَنْظُرَ وَلَاْ يَتَأَثَّرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، إِنَّمَاْ يَسْتَمِرُ فِيْ دَعْوَتِهِ ، وَكَمَاْ قَاْلَ U ، } فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ { .
وَأَخِيْرَاً ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ مِنَ اَلْفَوَاْئِدِ : أَهَمِّيَّةُ اَلْدُّعَاْءِ وَاَلْلُجُوْءِ إِلَىْ اَللهِ تَعَاْلَىْ، فَعَلَىْ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ اَللهِ تَعَاْلَىْ ، أَنْ يَدْعُوَ اَللهَ U أَنْ يَكْفِيَهُ أَعْدَاْئَهُ وَأَعْدَاْءَ دِيْنِهِ وَدَعْوَتِهِ بِمَاْ شَاْءَ سُبْحَاْنَهُ.
أَسْأَلُ اَللهَ أَنْ يِكْفِيَنَاْ أَعْدَاْءَنَاْ وَأَعْدَاْءَ دِيْنِنَاْ وَأَعْدَاْءَ بِلَاْدِنَاْ بِمَاْ شَاْءَ ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ . أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاً: } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e: (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، فَاَلْلَّهُمَّ صَلِيْ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ اَلْإِسْلَاْمِ وَعِزَّ اَلْمُسْلِمِيْنَ، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ . اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى ، وَالْتُّقَىْ ، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا سُعَدَاءَ ، وَتُوَفَّنَا شُهَدَاء ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْأَتْقِيَاءِ يَاْرَبَّ الْعَالَمَيْن . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|