للكرام خطر فضول الكلام
} الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ، ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ { أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ ، وَحْدَهُ لَاشَرِيْكَ لَهُ : } وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ { .
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، } هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ { . صَلَى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُوْن .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى اللهِ U ، هِيَ خَيْرُ وَصِيَّةٍ يُوْصِي بِهَا اَلْمَرْءُ نَفْسَهُ وَإِخْوَانِهِ ، فَهِيَ وَصِيَّةُ اللهِ لِعِبَادِهِ ، فَهُوَ اَلْقَاْئِلُ فِيْ كِتَاْبِهِ : } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { ، فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَحِبَتِي فِي اللهِ - جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَادِهِ اَلْمُتَقِيْن .
أَيُّهَا الأِخْوَةُ اَلمُسْلِمُوْن :
مَنْ اَلظَّوَاهِرِ اَلسَّيِّئَةِ ، وَالعَادَاتِ القَبِيْحَةِ ، اَلَّتِي لَا تَلِيْقُ بِاْلْمُسْلِمِ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُوْجَدَ فِيْ قَامُوسِ حَيَاتِهِ ، وَفِيْهَا دَلِيْلٌ وَاضِحٌ ، عَلَى عَدَمِ خَوْفَهِ مِنْ خَطَرِ لِسَانِهِ : اَلْكَلَامُ فِيْمَا لَافَائِدَةَ فِيْهِ ، وَلَا مَنْفَعَةَ مِنْ وَرَائِهِ ، كَالسُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِ اَلنَّاسِ اَلخَاصَةِ ، وَاْستِجْوَابِهِم عَنْ أَمُوْرِهِم ، اَلمُتَعَلِقَةِ بِهِم ، وَالَّتِي لَا تُفِيْدُ السَّائِلَ لَا فِي دُنْيَاهُ وَلَا فِي آخِرَتِهِ ، إِنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ اَلفُضُولِ ، أَوْ مَا يُعْرَفُ عَنْدَ عَامَةِ النَّاسِ : بِالشِّفَايَةِ المَعْرُوْفَةِ ، وَالَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا كَثِيرٌ مِنْ أَفْرَادِ المُجْتَمَعِ .
وَلَعَلْنَا - أَيّهَا الأِخْوَةُ - نَذْكُرُ حَادِثَةً تُبَيِّنُ اَلْمَقْصُوْد ، وَتَخْتَصِرُ تَوْضِيْحَ مَا بُلِيَ بِهِ كَثِيْرٌ مِنْ النَّاسِ فِيْ مُجْتَمَعِنَا .
اَلْحَادِثَةُ - أَيَّهَا الأِخْوَةُ - هِيَ قِصَّةُ النَّبِيِ r ، مَعَ مُعَاذَ بِنِ جَبَلٍ t ، فَفِي الحَدِيْثِ الحَسَنِ الصَّحِيحِ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ t ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ r فِي سَفَرٍ ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ ، وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ ، قَالَ r : (( لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ : تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ ، وَتَحُجُّ البَيْتَ )) , ثُمَّ قَالَ r : (( أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ : الصَّوْمُ جُنَّةٌ ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ ، وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ )) قَالَ : ثُمَّ تَلاَ r قَولَ اللهِ تَعَالَى : } تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ، فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ { ثُمَّ قَالَ r : (( أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ )) يقول مُعَاذٌ t ، قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ r : (( رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ )) , ثُمَّ قَالَ r : (( أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ )) يقول مُعَاذٌ t : قُلْتُ : بَلَى يَا نَبِيَّ اللهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ r وقَالَ : (( كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا )) ، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ : (( ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ !! )) .
أَيُّهَا الأِخْوَةُ :
اَلشَّاهِدُ مِنْ هَذَا الحَدِيثِ العَظِيمِ ، قَولُهُ r لِمُعَاذٍ t : (( أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ )) أَيْ مَا تَمْلُكُ بِهِ كُلَّ ذَلِكَ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ r وقَالَ : (( كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا )) ، وَهَذَا يُبَيْنُ خَطَرَ اَلْلِسَان ، وَأَهمِّيَةَ حِفْظِهِ وَالاعْتِنَاءِ بِهِ ، يَقُوْلُ اَبْنُ عُثَيّمِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ - لَمَّاْ قَالَ النَّبِيُّ r هَذَا الكَلَام اقْتَنَعَ مُعَاذٌ t وَعَرَفَ أَنَّ مَلَاكَ الأَمْرِ كَفُّ اللسِانِ ، لَأَنَّ اللسَانَ قَدْ يَقُوْلُ الشِّرْكَ ، وَقَدْ يَقُوْلُ الكُفْرَ ، وَقَدْ يَقُوْلُ الْفَحْشَاءَ ، فَهُوَ لَيْسَ لَهُ حَدٌ .
فَاهْتِمَامُ المُسْلِمِ بِلِسَانِهِ - أَيَّهَا الأِخْوَة - وَكَفُّهُ وَمَنْعُهُ ، مَمَّا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُطْلِقَهُ فِيْهِ ، وَاجِبٌ عَظِيمٌ ، وَخُلُقٌ إِسْلَامِيٌ نَبِيلٌ ، بَلْ فِيْهِ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ إِيْمَانِ المَرءِ ، وَحُسْنِ إِسْلَامِهِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ r فِي الحَدِيْثِ الصَّحِيحِ : (( مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ)) فَإِذَا كُنْتَ أَخِي ، تَحْرُصُ وَتَسْعَى إِلَى مَا لَا يَعْنِيْكَ ، فَإِنَّكَ بِحَاجَةٍ لِمُجَاهَدَةِ نَفْسِكَ ، وَخَاصَّةً فَيْ مَجَالِ اللِسَان ، لِأَنَّهُ قّدْ يَكُبُّكَ عَلَى وَجْهِكَ أَوْ عَلَى مَنْخِرَكَ فِيْ النَّارِ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ r لِمُعَاذٍ : (( ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ !! )) . مَاذَا تَعْنِيْكَ مَعْرِفَةُ أَحْوَالِ النَّاسِ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ ؟ وَمَاذَا سَتَسْتَفِيدُ مِنْ مَعْرِفَةِ عَدَدِ أَبْنَائِهِمْ ؟ أَوْ مِقْدَارِ مَعَاشَاتِهِم ؟ أَوْ عَدَدَ زَوْجَاتِهِم ؟ أَوْ مُودِيلَاتِ سَيَّارَاتِهِم ؟ ، أو ما يأكلون ويشربون ؟ لا شك لا فائدة لك من وراء معرفة ذلك .
أَيُّهَا الأِخْوَةُ :
فَاسْتِعْمَالُ اللِسَانِ ، وَتَرْكُ الحَبْلِ عَلَى الغَارِبِ لَهُ ، لِيَتَكَلَّمَ فِيْ مَا لَا يَعْنِي الِإنْسَانَ ، جَرِيْمَةٌ خَطِيْرَةٌ ، وَكَبِيْرَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ ، لِأَنَّ اللهَ U أَمَرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، يَقُوْلُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : } مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ { فَكَلَامُكَ - أَخِي - فِيْمَا لَا يَعْنِيْكَ ، لَفْظٌ سَتَجِدَهُ فِيْ كِتَابٍ ، هُوَ كَمَا قَالَ U : } لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا { يَقُوْلُ اَبْنُ عَبَاسٍ - رضي الله عنهما - الصَّغِيرَةُ التَّبَسْمُ ، وَالْكَبِيْرَةُ الْقَهْقَه . فِإِذَا كَانَ تَبَسُّمُكَ سَتَجِدَهُ أَمَامَكَ ، فَكِيْفَ بِإِطْلَاقِ لِسَانِكَ فِي أَحْوَالِ النَّاسِ ، فَضْلاً عَنْ أَعْرَاضِهِم ! فضلا عن غيبتهم ، فضلا عن النميمة بينهم ، فضلا عن اسئلة لا تستفيد منها إلا معرفة أوضاعهم ، والاطلاع على أحوالهم ، التي قد تسؤهم معرفتك لشيئ منها !
تَأَمُرُ بِصَدَقَةٍ ، وَتَحُثُ عَلِيْهَا ، وَتَدعُوا غَيرَكَ لِلاهتِمَامِ بِهَا ، نَعَم ، أطلق لسانك . تَأَمُرُ بِمَعْرُوفٍ ، وَتَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ ، نَعَم ، أطلق لسانك . تُصلِحُ بَينَ النَّاسِ ، لِتُعِيدَ قُلُوبَهُمْ المُتَنَافِرَةِ ، وَتُؤلِفَ بَيْنَ نُفُوسِهِم المُتَنَاكِرَةِ ، نَعَم ، أطلق لسانك . تَذْكُرُ اللهَ U ، وَتُشْغِلُ لِسَانُكَ بِالتَّهْلِيْلِ وَالتَّسْبِيْحِ ، نَعَم ، اطلقه في ذلك . أَمَّا غَيرُ ذَلِكَ ، مِنْ قِيْلٍ وَقَال ، وَفُلَانٌ عِنْدَهُ كَذَا ، وَقَالَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ ، وَيَقُولُونَ أَنَّ فُلَانَاً قَالَ كَذَا وَفَعَلَ كَذَا ، فَوَاللهِ لَا خَيرَ فِي ذَلِكَ ، يَقُولُ U : } لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ { وَفِي الحَدِيْثِ الصَّحِيح عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ يَعْنِي رَجُلًا أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (( أَوَلَا تَدْرِي فَلَعَلَّهُ تَكَلَّمَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ أَوْ بَخِلَ بِمَا لَا يَنْقُصُهُ )) .
فَلنَتَقِ اللهَ - أَحِبَتِي فِي اللهِ - وَلْنَحْذَرَ هَذِهِ الظَّاهِرَة السّيِّئَة الخَطِيرَة ، وَكَمَا قَالَ النَّبيُّ r فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ : (( مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرا، أَوْ لِيَصْمُتْ )) ، وَ (( مَنْ صَمَتَ نَجَا )) كَمَا فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الآخَر .
أسألُ اللهَ لِي وَلَكُمْ عِلْمَاً نَافِعَاً ، وَعَمَلاً خَالِصَاً ، وَسَلَامَةً دَائِمَةً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيبٌ ، أَقُولُ قَولَي هَذَا وَأَسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيْم .
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ عَلى إحسَانِهِ ، والشُّكرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وامتِنَانِهِ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تعظِيماً لِشَأنِهِ ، وأشهدُ أنَّ مُحمَداً عبدُهُ ورسولُهُ الدَّاعِي إلى رضوانِهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلهِ وأصحابِهِ وسلّمَ تَسليماً كثيرا .
عِبَادَ اللهِ :
حَرِيٌّ بِالمُسْلِمِ أَنْ يَتَقِيَ اللهَ U وَيَحْفَظَ لِسَانَهُ ، وَلَا يَسْتَعْمِلَهُ إِلَا فِيْمَا يُرْضِيْ اللهَ سُبْحَانَهُ ، يَقُولُ U : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا { يَقُوْلُ ابنُ سِعْدِي فِي تَفْسِيرِهِ ، القَولُ السَّدِيدُ : هُوَ القَولُ المُوَافِقُ للصَّوابِ ، أَوْ المُقَارِبُ لَهُ ، عَنْدَ تَعَذُّرِ اليَقِينِ ، مِنْ قِرَاءةٍ ، وَذِكْرٍ ، وَأمرٍ بِمَعْرُوفٍ ، وَنَهيِ عَنْ مُنْكَرٍ ، وَتَعَلُّمِ عِلْمٍ وَتَعْلِيمِهِ.
وَحَريٌ بِالمُسْلِمِ الّذِي يُرِيدُ وَجهَ اللهِ والدَّارَ الآخِرةِ ، أَنْ لَا يَغْفَلُ ، وَ أَنْ لَا يَجْهَلُ خُطُورَةَ اللِسَان ، وَالنَّتَائِجَ السِّيئَةَ ، وَالثِّمَارَ المُرَةَ ، المُتَرَتِبَة عَلَى إِطْلَاقِهِ ، حَسَبَ مَا تَهْوَاهُ النَّفْسُ ، وَيَتَمَنَاهُ شَيَاطِينُ الجنِّ وَالأِنسِ ، بَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَضْبِطَ لِسَانَهُ بِضَوَابِطِ شَرْعِ رَبِّهِ ، وَهَذَا مَا يُمَيِّزُهُ عَنْ غَيرِهِ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ قَلْبَ المُؤمِنِ أَمَامَ لِسَانِهِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ تَدَبَّرَهُ بِقَلْبِهَ ثُمَّ أَمْضَاهُ ، وَإِنَّ لِسَانَ المُنَافِقِ أَمَامَ قَلْبِهِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَمَ بِكَلَامٍ ، تَكَلَمَ بِهِ ، وَلَمْ يَتَدَبّرْهُ بِقَلْبِهِ .
وَيَقُولُ عَبْدُاللهِ بنِ مَسْعُودٍ : وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ ، لَيْسَ شَيئٍ أَحْوَجُ إِلَى طُولِ سَجّنٍ مِنْ لِسَانٍ .
فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَحِبَتِي فِي اللهِ - وَإِذَا دَعَتْنَا أَنُفُسُنَا لِنِطلقَ العَنَانَ لِألسِنَتِنَا ، فَلنُذكِّرْهَا بِقُولِ النَّبيِّ r فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ : ((مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ؛ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ )) .
أَسألُ اللهَ أَنْ يَهْدِيْ ضَالَ المسلِمِين ، إنهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ ، اللهمَّ إِنَّا نَسألُكَ الهُدَى والتقَى والعفَافَ والغِنَى ، اللهم أَحيِّنَا سُعَدَاءَ وَتوفَّنَا شُهَدَاءَ ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمرَةِ الأَتقِيَاء ، بِرحمَتِكَ يَا أرحمَ الراحِمِين .
اللهمَّ وَفِّقْنَا لِلجُلسَاءِ الصَّالِحِين ، وَالأصدِقَاءِ النَّاصِحِين ، واجعلنا هداةً مهتدين ، لا ضالينَ ولا مُضلين ، اللهم اجعلنَا مَفاتيحَ للخيرِ ، مغاليقَ للشرِ ، واهدنا سواءَ السبيل ، وارزقنا البصيرةَ واليقين ، واجعلنا مِنْ أجلِكَ ولوجهِكَ مُتحابِينَ مُتآلِفِينَ مُتآخِين ، برحمتك وفضلك ومنك يا أرحم الرحمين .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عباد الله :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |