لِلْكِرَامِ نِعْمَةُ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامِ
الْحَمْدُ للهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ الْخَبِيرِ، ] يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [ . أَحْمَدُهُ حَمْدًا
يَلِيقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ ، ] لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، ] لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ
[ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
اتَّقُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَتَقْوَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَصِيَّتُهُ
لِلْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ : ] وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [ ، أَسْأَلُهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنْ
عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ :
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ - رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى - أَنَّ
حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُ قَالَ
: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ
الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي،
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ ، فَجَاءَنَا
اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ ،
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( نَعَمْ ))
. قُلْتُ : فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( نَعَمْ ، وَفِيهِ دَخَنٌ ))
. فَقُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ : (( قَوْمٌ
يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ )) . قُلْتُ :
هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ : ((
نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا
قَذَفُوهُ فِيهَا )) . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا .
قَالَ : (( هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ
بِأَلْسِنَتِنَا )) . قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟
قَالَ : (( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ
وَإِمَامَهُمْ )) . قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟
قَالَ : (( فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا
وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ
كَذَلِكَ )) .
وَاَلْشَّاهِدُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ : قَوْلُ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اَللهُ
عَنْهُ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ : وَكُنْتُ
أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِهَايَةِ الْحَدِيثِ : (( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ )) .
إِذًا -أَيُّهَا اْلإِخْوَةُ- الشَّرُّ الَّذِي خَافَ مِنْهُ حُذَيْفَةُ ،
وَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَذِّرًا
وَمُوَجِّهًا لِحُذَيْفَةَ وَلِأُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ : هُوَ فِي إِطَارِ
تَفَرُّقِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَتَمَزُّقِ وَحْدَتِهِمْ ،
وَاخْتِلَافِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَوُجُودِ مَنْ لَا يَسْمَعُ وَلَا يُطِيعُ
لِإِمَامِهِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ))
، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ ، أَيْ : هُمْ جَمَاعَاتٌ
مُتَعَدِّدَةٌ ، وَأَحْزَابٌ مُتَنَوِّعَةٌ ، وَفِرَقٌ مُخْتَلِفَةٌ ، (( فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ
تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ كَذَلِكَ ))
.
إِنَّ الْحَيَاةَ لَا تَسْتَقِيمُ وَلَا تَصْلُحُ ــ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ــ وَلَا تَكُونُ حَيَاةً آمِنَةً مُسْتَقِرَّةً
مُطْمَئِنَّةً ، إِلَّا بِوُجُودِ جَمَاعَةٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الْأَهْوَاءِ ،
بَعِيدَةٍ عَنِ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ ، مُتَمَسِّكَةٍ بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ ، سَائِرَةٍ عَلَى هَدْيِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَلِذَلِكَ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ] وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [ ، وَقَالَ أَيْضًا : ] وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا
وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ
عَذَابٌ عَظِيمٌ [ ، وَقَالَ أَيْضًا : ] وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ
رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [ ، فَالِاجْتِمَاعُ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ ، لِأَهَمِّيَّتِهِ
وَضَرُورَةِ وُجُودِهِ ، وَلَنْ يَكُونَ اجْتِمَاعٌ إِلَّا بِإِمَامٍ ،
يَسْتَحِيلُ -أَيُّهَا اْلإِخْوَةُ- أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ وَلَا يَتَفَرَّقُوا
وَلَا يَخْتَلِفُوا بِدُونِ إِمَامٍ ،
وَلِذَلِكَ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لَا يَحِلُّ
لِثَلاثَةِ نَفَرٍ يَكُونُونَ بِأَرْضِ فَلاةٍ إِلاَّ أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ
أَحَدَهُمْ )) ، فَإِنْ كَانَ الثَّلَاثَةُ فِي السَّفَرِ، لَا يَحِلُّ لَهُمْ
إِلَّا تَأْمِيرُ أَحَدِهِمْ ، فَكَيْفَ بِدَوْلَةٍ مُتَّسِعَةِ الْأَرْجَاءِ ،
مُتَبَاعِدَةِ الْأَطْرَافِ ، وَفِيهَا مَلَايِينُ النَّاسِ ! فَلَا صَلَاحَ وَلَا
فَلَاحَ وَلَا سَلَامَةَ وَلَا نَجَاةَ ، إِلَّا بِوُجُودِ جَمَاعَةٍ ، وَلَا
جَمَاعَةَ بِلَا إِمَامٍ :
لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَا سَرَاةَ لَهُمْ
وَلَا سَرَاةَ إِذَا
جُهَّالُـــــــــــــــــــــهُمْ سَادُوا
وَالْبَيْتُ لَا يُبْتَنَى إِلَّا
لَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهُ عَمَدٌ
وَلَا عِمَادَ إِذَا
لَـــــــــــــــــــــــــــــــمْ تُرْسَ أَوْتَادُ
فَإِنْ تَجَمَّعَ أَوْتَادٌ
وَأَعْــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمِدَةٌ
يَوْمًا، فَقَدْ بَلَغُوا الْأَمْرَ الَّذي
كَادُوا
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ وُجُودِ الْإِمَامِ ــ أَيُّهَا
الإِخْوَةُ ـــ حِرْصُ الصَّحَابَةِ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، حَيْثُ بَايَعُوا أَبَا
بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُ ، قَبْلَ أَنْ يُجَهِّزُوا النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ إِمَامًا لَهُمْ ،
قَبْلَ أَنْ يَقُومُوا بِدَفْنِ نَبِيِّهِمْ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ الْوَاحِدَةَ
الَّتِي تَمْضِي عَلَى النَّاسِ وَهُمْ لَا إِمَامَ لَهُمْ ، لَهَا عَوَاقِبُ
وَخِيمَةٌ ، وَكَمَا قِيلَ : سِتُّونَ سَنَةً مِنْ إِمَامٍ جَائِرٍ أَصْلَحُ مِنْ
لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا سُلْطَانٍ ، وَالْوَاقِعُ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ-
أَكْبَرُ بُرْهَانٍ ، وَللهِ دَرُّ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، الْإِمَامِ
الزَّاهِدِ التَّقِيِّ الْعَابِدِ، فَقَدْ قَالَ :
اللهُ يَدْفَعُ بِالسُّلْطَانِ مُعْضِلَةً
عَنْ دِينِنَا، رَحْمَةً مِنْهُ وَرِضْوَانَا
لَوْلا الأَئِمَّةُ لَمْ يَأْمَنْ لَنَا سُبُلٌ
وَكَانَ أَضْعَفُنَا نَهْبًا
لأَقْــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوَانَا
فَوُجُودُ الْجَمَاعَةِ ، وَعَلَى رَأْسِهِمْ إِمَامٌ يُقِرُّونَ وَيَعْتَرِفُونَ
بِأَنَّهُ وَلِيُّ أَمْرٍ لَهُمْ ، وَيَتَعَبَّدُون اللهَ بِالسَّمْعِ
وَالطَّاعَةِ لَهُ ، نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ ، يُنْعِمُ بِهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى
مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ ، وَهِيَ النِّعْمَةُ الْكُبْرَى الَّتِي أَنْعَمَ
بِهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْبِلَادِ ، وَيَتَمَنَّاهَا
مَنْ ذَاقَ وَيْلَاتِ الْخُرُوجِ عَلَى الْحُكَّامِ ، وَوَقَعَ بِالشَّرِّ الَّذِي
حَذَّرَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُ وَأُمَّتَهُ
مِنْ بَعْدِهِ .
أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَ لَنَا أَمْنَنَا ، وَيُوَفِّقَ
وَلِيَّ أَمْرِنَا ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا
بَطَنَ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ
لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ
الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ
للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا
لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى
رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ
تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّاْ بَعْدُ ، أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ :
وَمِنْ بَابِ قَوْلِ حُذَيْفَةَ : وَكُنْتُ أَسْأَلُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ
أَنْ يُدْرِكَنِي ، أُذَكِّرُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْمَعَ
وَيُطِيعَ لِإِمَامِهِ ، مَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِمَعْصِيَةٍ ، لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ
كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ
تَأْوِيلًا [ ، فَطَاعَةُ وَلِيِّ الْأَمْرِ مِنْ أَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ ، مَهْمَا كَانَ
وَلِيُّ الْأَمْرِ ، يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا
فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ : (( اسْمَعُوا
وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِىٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ
زَبِيبَةٌ )) ، بَلْ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- يَجِبُ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ
لِلْإِمَامِ ، وَيَحْرُمُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ ، وَلَا يَجُوزُ تَنْظِيمُ
الْمُظَاهَرَاتِ وَالِاعْتِصَامَاتِ لِإِزَالَتِهِ ، حَتَّى وَإِنْ وَصَلَ
ضَرَرُهُ وَامْتَدَّ شَرُّهُ إِلَى الْإِنْسَانِ نَفْسِهِ ، بَلْ حَتَّى وَإِنْ
وَصَلَ بِهِ الْأَمْرُ إِلَى جَلْدِ ظَهْرِهِ وَأَخْذِ مَالِهِ ، لِقَوْلِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ : (( تَنْشَأُ دُعَاةُ الضَّلَالَةِ ، فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ
يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ ، جَلَدَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ
فَالْزَمْهُ ، وَإِلَّا فَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ )) .
فَلْنَتَّقِ اللهَ -أَحِبَّتِي فِي اللهِ- وَلْنَشْكُرِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى
مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَةِ ، وَلْيَكُنْ
هَمُّنَا دِينَنَا ، وَالتَّمُسُّكَ بِشَرْعِ رَبِّنَا ، وَلْيَكُنْ قُدْوَتُنَا
نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَرْجِعُنَا عُلَمَاءَنَا ،
وَلْنَتَذَكَّرْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : (( ثَلاَثَةٌ لاَ
يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) ،
وَذَكَرَ مِنْهُمْ : (( وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا
لاَ يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِلدُّنْيَا ، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإِنْ لَمْ
يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ لَهُ )) .
أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُصْلِحَ أَحْوَالَ
الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ ، لَا ضَالِّينَ وَلَا
مُضِلِّينَ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى
وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا سُعَدَاءَ،
وَتَوَفَّنَا شُهَدَاءَ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْأَتْقِيَاءِ، بِرَحْمَتِكَ
يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ
نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ
سَخَطِكَ. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا،
وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا
آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي
كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، بِرَحْمَتِكَ
يَا أَرْحَمَ الرَّحِمِينَ . ] رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[ .
عِبَادَ اللهِ:
] إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [ ، فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى
وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا
تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|