اعْتِبَارُ كَلَامِ النَّاسِ فِي الْأَعْرَاسِ
}الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ
يَعْدِلُونَ{
. أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ، وَعَظِيمِ
سُلْطَانِهِ. } لَهُ الْحَمْدُ فِي
الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ ، } اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ { . وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ } بِالْهُدَى وَدِينِ
الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُوْنَ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى اللهِ U
وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ
وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ {
فَاتَّقُوْا اللهَ -أَحِبَّتِي فِي اللهِ- جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ
الْمُتَّقِينَ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُوْنَ :
مِنَ الْقَضَايَا الِاجْتِمَاعِيَّةِ
الْخَطِيرَةِ، قَضِيَّةُ تَأْخِيرِ الزَّوَاجِ وَتَعْقِيدِهِ ، وَوَضْعِ الْعَرَاقِيلِ
فِي سَبِيلِ الْحُصُوْلِ عَلَيْهِ لِمَنْ هُمْ فِي حَاجَتِهِ . صَارَ الزَّوَاجُ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مِنَ الْأُمُوْرِ الَّتِي
يَصْعُبُ الْوُصُولُ إِلَيْهَا، وَمِنْ شِبْهِ الْمُسْتَحِيلَاتِ الَّتِي لَا
يَتِمُّ تَحْقِيقُهَا إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ، وَذَلِكَ أَدَّى إِلَى مَشَاكِلَ
اجْتِمَاعِيَّةٍ ، أَدْنَاهَا مَا حَذَّرَ مِنْهُ النَّبِيُّ e
فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُ وَابْنُ مَاجَهْ ،
وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e:
(( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ
تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ
فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ )) يَقُولُ أَحَدُ شُرَّاحِ الْحَدِيثِ :
(( فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ
وَفَسَادٌ عَرِيضٌ )) أَيْ: ذُو عَرْضٍ؛ أَيْ : كَثِيرٍ ، لِأَنَّكُمْ إِنْ
لَمْ تُزَوِّجُوهَا إِلَّا مِنْ ذِي مَالٍ أَوْ جَاهٍ، رُبَّمَا يَبْقَى أَكْثَرُ
نِسَائِكُمْ بِلَا أَزْوَاجٍ ، وَأَكْثَرُ رِجَالِكُمْ بِلَا نِسَاءٍ ، فَيَكْثُرُ
الِافْتِتَانُ بِالزِّنَا ، وَرُبَّمَا يَلْحَقُ الْأَوْلِيَاءَ عَارٌ ، فَتَهِيجُ
الْفِتَنُ وَالْفَسَادُ ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَطْعُ النَّسَبِ ، وَقِلَّةُ
الصَّلَاحِ وَالْعِفَّةِ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
وَمِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي
تَسَبَّبَتْ فِي تَعْقِيدِ قَضِيَّةِ الزَّوَاجِ، وَحِرْمَانِ كَثِيرٍ مِنَ الشَّبَابِ
-ذُكُوْرًا وَإِنَاثًا- مِنْهُ: اعْتِبَارُ مَا يَقُولُهُ النَّاسُ، وَالنَّظَرُ
لِمَا سَيَتَحَدَّثُونَ بِهِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ عَنْ وَاقِعَةِ الزَّوَاجِ،
حَتَّى صَدَقَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى : }يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً{ . فِي قَضِيَّةِ الزَّوَاجِ
، صَارَ أَكْثَرُ النَّاسِ يَخَافُونَ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِمْ ، وَمَاذَا
سَيَقُولُونَهُ عَنْهُمْ ، أَكْثَرَ مِنْ خَوْفِهِمْ مِنَ اللهِ U
. بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَدْفَعُهُ خَوْفُهُ مِنَ النَّاسِ إِلَى مَعْصِيَةِ
اللهِ U ، حَالُهُ كَحَالِ الَّذِينَ قَالَ U
عَنْهُمْ: } يَسْتَخْفُونَ مِنَ
النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ {، هَذِهِ حَقِيقَةٌ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ-
يَعْتَبِرُونَ كَلَامَ النَّاسِ فِي الْحَسَبِ وَالنَّسَبِ، وَفِي الْوَظِيفَةِ وَالرَّاتِبِ،
وَفِي الْمَظَاهِرِ الزَّائِفَةِ الَّتِي مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ
، لَا يَنْظُرُونَ إِلَى دِينٍ وَلَا إِلَى خُلُقٍ ، وَاللهِ لَوْ تَقَدَّمَ
لِأَحَدِهِمْ بِلَالُ بِنُ رَبَاحٍ أَوْ زَيْدُ بِنُ حَارِثَةَ يَخْطُبُ ابْنَتَهُ
لَرَفَضَهُ وَرَدَّهُ ، وَعَلَى اسْتِعْدَادٍ تَامٍّ أَنْ تَبْقَى بَنَاتُهُمْ
عَوَانِسَ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ، وَلَا يَتَزَوَّجْنَ مِمَّنْ لَا
يَرْضَوْنَ حَسَبَهُ وَنَسَبَهُ وَمَكَانَتَهُ فِي الْمُجْتَمَعِ.
وَمِنَ اللَّطَائِفِ الْمُضْحِكَةِ
الْمُبْكِيَةِ: أَنَّ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّاسِ مَنْ يَرْضَى بِالزَّوَاجِ مِنْ خَارِجِ
هَذِهِ الْبِلَادِ، وَلَا يَسْأَلُ عَنْ حَسَبٍ وَلَا نَسَبٍ ، بَلْ وَلَا عَنْ مَذْهَبٍ
وَدِينٍ، وَاللهِ مِنْهُمْ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الرَّافِضَةِ الَّذِينَ يَلْعَنُونَ
بَعْضَ الصَّحَابَةِ -وَالْعَيَاذُ بِاللهِ- فَمَا الَّذِي أَحَلَّ هُنَاكَ مَا حَرَّمَ
هُنَا ؟ كَلَامُ النَّاسِ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ .
أَمَّا الْمَظَاهِرُ الزَّائِفَةُ،
فَحَدِّثْ وَلَا حَرَجَ ، فَالْإِسْرَافُ فِي وَلِيمَةِ الزَّوَاجِ ، وَمَا اسْتَحْدَثَتْهُ
نَاقِصَاتُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ ، وَمَا يَحْظَى بِاهْتِمَامِهِنَّ لِلزَّوَاجِ ،
مِنْ حَلَوِيَّاتٍ وَعَصَائِرَ وَوُرُوْدٍ وَمَنَصَّاتٍ ، مِنْ أَجْلِ كَلَامِ النَّاسِ
وَمَدْحِهِمْ وَثَنَائِهِمْ ، بَلْ وَبَعْضُ الْمُحَرَّمَاتِ كَالْعُرْيِ وَالْاخْتِلَاطِ
وَالْغِنَاءِ وَالتَّصْوِيرِ، وَالسَّفَرِ لِلْخَارِجِ بِاسْمِ شَهْرِ الْعَسَلِ ،
وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْعَلُ مِنْ أَجْلِ النَّاسِ وَيَشُقُّ عَلَى الْأَزْوَاجِ،
حَتَّى وَلَوْ كَانَ لَا يُرْضِي وَلَا يُقَرِّبُ إِلَى اللهِ U
. مِمَّا عَقَّدَ قَضِيَّةَ الزَّوَاجِ ، وَصَارَ سَبَبًا لِجَعْلِهِ صَعْبَ الْمَنَالِ
، وَمَا هُوَ إِلَّا مِنْ بَابِ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: } يَخْشَوْنَ النَّاسَ
كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً {
، يَلْتَمِسُونَ إِرْضَاءَ النَّاسِ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَالْتِمَاسُ رِضَا النَّاسِ،
بِمَا لَا يُرْضِي اللهَ U لَهُ عَوَاقِبُ وَخِيمَةٌ ، يَقُولُ e
فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ:
(( مَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ اللَّهِ
بِسَخَطِ النَّاسِ ، كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ ، وَمَنِ الْتَمَسَ
رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ ، وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ )) ،
فَأَيُّ عَاقِبَةٍ أَضَرُّ وَأَخْطَرُ مِنْ تَخَلِّيِ اللهِ U
عَنِ الْعَبْدِ ، وَوَكْلِهِ إِلَى النَّاسِ الَّذِينَ صَارَ إِرْضَاؤُهُمْ
عِنْدَهُ أَهَمَّ مِنْ إِرْضَاءِ اللهِ U،
الَّذِي بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ سَعَادَةُ الْعَبْدِ وَشَقَاؤُهُ .
أَلَا تَرَوْنَ -أَيُّهَا
الْإِخْوَةُ- عَدَدَ الزَّوَاجَاتِ الْفَاشِلَةِ فِي الْمُجْتَمَعِ الَّتِي
تَنْتَهِي إِمَّا بِطَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ فَسْخٍ ، فَقَدْ بَلَغَتْ فِي عَاْمٍ
وَاْحِدٍ ، حَسَبَ إِحْصَائِيَةِ وَزَارَةِ الْعَدْلِ ، أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ
وَمِائَةِ حَالَةٍ فِي مَنْطِقَةِ حَائِلَ فَقَطْ ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ يَكُونُ
بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ أَمْرِ اللهِ U
، وَالْتِمَاسِ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِهِ سُبْحَانَهُ ، وَالدَّلِيلُ نَظْرَةُ النَّاسِ
إِلَى هَذَا الزَّوَاجِ الْفَاشِلِ ، وَخَاصَّةً الزَّوْجُ وَأَهْلُهُ وَأَقَارِبُهُ،
وَالزَّوْجَةُ وَأَهْلُهَا وَأَقَارِبُهَا ، حَيْثُ يَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا،
وَيَشْتُمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَسُبُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَتَّهِمُ
بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيُسَفِّهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَهْجُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وصدق e:
(( مَنِ التَمَسَ رِضَى اللهِ
بِسَخَطِ النَّاسِ ؛ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَى عَنْهُ النَّاسَ ، وَمَنِ
التَمَسَ رِضَى النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ ؛ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ
عَلَيْهِ النَّاسَ ))، نَعُوْذُ بِاللهِ أَنْ نَكُونَ مِمَّنْ يُرْضِي النَّاسَ
بِسَخَطِ اللهِ سُبْحَانَهُ .
أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ :
} فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ
فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي
وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ
لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى
إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ
أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ ،
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا
.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
إِنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ
لِمَا يُسْخِطُ اللهَ U بِسَبَبِ إِيثَارِ رِضَا النَّاسِ عَلَى
رِضَاهُ سُبْحَانَهُ: يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ إِيمَانِهِ وَيَقِينِهِ، وَخُلُوِّ
قَلْبِهِ مِنْ إِجْلَالِ اللهِ وَهَيْبَتِهِ وَتَعْظِيمِهِ، يَقُولُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
-رَحِمَهُ اللهُ-: فَإِذَا أَرْضَيْتَهُمْ بِسَخَطِ اللهِ ، لَمْ تَكُنْ مُوقِنًا
لَا بِوَعْدِهِ وَلَا بِرِزْقِهِ ـ
فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ
-أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- أَنْ يَعْمَلَ مَا يُرْضِى اللهَ U،
وَلَا يَأْبَهُ لِلنَّاسِ وَلَا لِكَلَامِهِمْ، وَلَا يَجْعَلُهُمْ مَانِعًا لَهُ
مِنْ فِعْلِ مَا يُقَرِّبُهُ مِنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَمَا يُبْعِدُهُ عَنْ
غَضَبِ خَالِقِهِ وَرَازِقِهِ وَمُحَاسِبِه، يَقُولُ U
: }فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ{
.
النَّاسُ أَخِي الْكَرِيمَ،
الَّذِينَ تَتْرُكُ مَا يُحِبُّهُ U مِنْ أَجْلِهِمْ ، وَتَرْتَكِبُ مَا
يُغْضِبُهُ سُبْحَانَهُ ؛ خَوْفًا مِنْ أَلْسِنَتِهِمْ ، لَنْ يَدْخُلُوْا مَعَكَ
فِي قَبْرِكَ، وَلَنْ يُثْقِلُوْا مِيزَانَ حَسَنَاتِكَ، وَلَنْ يُمْسِكُوا
بِيَدِكَ لِلْمُرُورِ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَاحْرِصْ عَلَى مَا
يَنْفَعُكَ ، وَدَعِ النَّاسَ وَكَلَامَهُمْ . لَا تَلْتَفِتْ إلَى تَخْذِيلِ حَاسِدٍ،
وَلَا إلَى شَمَاتَةِ هَامِزِ . الْتَمِسْ -أَخِي- مَا يُرْضِي رَبَّكَ، وَلَا
تَلْتَفِتْ لِلسُّفَهَاءِ الَّذِينَ وَظَّفُوا أَنْفُسَهُمْ رُقَبَاءَ عَلَى
غَيْرِهِمْ . وَتَذَكَّرْ أَنَّ النَّاسَ أَكْثَرُهُمْ كَمَا قَالَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى : } أَكْثَرَ النَّاسِ لَا
يَشْكُرُونَ {
وَ } أَكْثَرَ النَّاسِ لَا
يَعْلَمُونَ {
وَ } أَكْثَرَ النَّاسِ لَا
يُؤْمِنُونَ {
، }وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا
يَخْرُصُونَ{
.
أسْأَلُ اللهَ أَنْ
يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا جَمِيعًا مِنَ الْعَامِلِينَ
بِكِتَابِهِ ، الْمُتَمَسِّكِينَ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ ، السَّائِرِينَ عَلَى
مَنْهَجِ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ . اللَّهُمَّ إِنَّا
نَسْأَلُكَ الْهُدَى ، وَالتُّقَى ، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ، اللَّهُمَّ
أَحْيِنَا سُعَدَاءَ ، وَتُوَفَّنَا شُهَدَاء ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ
الْأَتْقِيَاءِ يَا رَبَّ الْعَالَمَيْن . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ رِضَاكَ
وَالْجَنَّةَ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ وَالنَّارِ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ مُضِلَّاتِ
الْفِتَنِ ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ غِنًى
يُطْغِينَا ، وَمِنْ فَقْرٍ يُنْسِينَا ، وَمِنْ مَرَضٍ يُؤْذِينَا ، وَمِنْ
بَلَاءٍ يُشْقِينَا ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ
أَوْزِعْنَا أَنْ نَشْكُرَ نِعَمَكَ الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ ، اللَّهُمَّ
اجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ ذَاكِرِينَ ، اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا أَمْنَنَا ،
وَوُلَاةَ أَمْرِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا أَوْ أَرَادَ بِلَادَنَا
بِسُوءٍ ، اللَّهُمَّ اشْغَلْهُ فِي نَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ ،
وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ سَبَبًا لِتَدْمِيرِهِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . }رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ
حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
.
عِبَادَ اللهِ : } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ
وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ
يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {
.
فَاذْكُرُوا
اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |