هكذا الافتخار وإلا النار
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ ذِيْ اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيْمِ ، اَلْسَّمِيْعِ اَلْعَلِيْمِ ، } لَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ { . أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، } لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ { . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُهُ وَخَلِيْلُهُ ، عَلِيْهِ أَفْضَلُ اَلْصَّلَاْةِ وَأَتَمُ اَلْتَّسْلِيْمِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَمَنْ سَاْرَ عَلَىْ نَهْجِهِ ، إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِيْنَ أُوتُوا الْكِتَاْبَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوْا اللَّهَ { ، فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
فِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ ، عَنْ جَابِرٍ بِنْ عَبْدِ اللهِ t ، قَاْلَ : كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ e فَأَقْبَلَ : سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ t ، فَقَالَ النَّبِيُّ e : (( هَذَا خَالِي ، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ )) ، لَا يُعْرَفُ أَنَّ النَّبِيَّ e بَاهَى بِخُؤْلَةِ أَحَدٍ إِلَّا سَعْدًا ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
فَالْنَّبِيُ e يَفْتَخِرُ وَيُبَاْهِيْ بِخُؤْلَةِ سَعْدِ بِنْ أَبِيْ وَقَّاْصٍ t ، وَهُوَ لَيْسَ بِأَخٍ لِأُمِّهِ . إِنَّمَاْ لِكُوْنِهِ مِنْ بَنِيْ زَهْرَةٍ , أَقَاْرِبَ آمِنَةَ , أُمَّ اَلْنَّبِيِ e . وَلَاْ شَكَّ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ أَنَّ مُبَاْهَاْتَهُ e وَافْتِخَاْرَهُ بِهِ ، لَمْ يَأْتِ مِنْ فَرَاْغٍ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَجْلِ حَسَبِهِ وَنَسَبِهِ ، وَلَاْ مِنْ أَجْلِ صَوْلَاْتِهِ وَجَوْلَاْتِهِ فِيْ جَاْهِلِيَتِهِ ، وَلَاْ مِنْ أَجْلِ نَهْبِهِ وَسَلْبِهِ ، وَظُلْمِهِ وَخِيَاْنَتِهِ ، وَلَاْ مِنْ أَجْلِ رِيَاْئِهِ وَسُمْعَتِهِ ، إِنَّمَاْ هُوَ لِمَكَاْنَتِهِ وَمَنْزِلِتِهِ ، وَإِيْمَاْنِهِ وَدِيْنِهِ ، وَسَبْقِهِ وَمُبَاْدَرِتِهِ ، فَقَدْ أَسْلَمَ t مَعَ أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ ، وَهُوَ اِبْنُ اَلْسَّاْبِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهِ ، يَقُوْلُ t : مَاْ أَسْلَمَ رَجُلٌ قَبْلِي ، إِلا رَجُلٌ أَسْلَمَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ . وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ يَوْمٌ وَإِنِّي لَثُلُثُ الإِسْلامِ ، يَعْنِيْ أَنَّهُ كَاْنَ ثَاْلِثُ أَوْلَ ثَلَاْثَةٍ سَاْرَعُوْا إِلَىْ اَلْإِسْلَاْمِ .
وَيَقُوْلُ t : كُنْتُ رَجُلَاً بَرًّا بِأُمِّي ، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ قَالَتْ : يَا سَعْدُ ، مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي قَدْ أَحْدَثْتَ ؟ لَتَدَعَنَّ دِينَكَ هَذَا ، أَوْ لا آكُلُ وَلا أَشْرَبُ حَتَّى أَمُوتَ فَتُعَيَّرَ بِي ، فَيُقَالَ : يَا قَاتِلَ أُمِّهِ ، قُلْتُ : لا تَفْعَلِي يَا أُمَّهْ ، إِنِّي لا أَدَعُ دِينِي هَذَا لِشَيْءٍ ، قَالَ : فَمَكَثَتْ يَوْمًا لا تَأْكُلُ وَلَيْلَةً ، فَأَصْبَحَتْ قَدْ جَهِدَتْ ، ثُمَّ مَكَثَتْ يَوْمًا آخَرَ وَلَيْلَةً لا تَأْكُلُ ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ ؛ قُلْتُ : تَعْلَمِينَ ، وَاللَّهِ يَا أُمَّهْ ، لَوْ كَانَتْ لَكَ مِائَةُ نَفْسٍ فَخَرَجَتْ نَفْسًا نَفْسًا مَا تَرَكْتُ دِينِي هَذَا لِشَيْءٍ فَكُلِي وَإِنْ شِئْتِ فَلا تَأْكُلِي ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ مِنِّي أَكَلَتْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهِ U قوله : } وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ { .
فَمُبَاْهَاْتُ اَلْنَّبِيِ e وَاَفْتِخَاْرُهُ بِخُؤْلَةِ سَعْدٍ t ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ لِأَنَّهُ أَهْلَاً لِذَلِكَ ، وَيَسْتَحِقُ مَنْ يَفْتَخِرُ وَيُبَاْهِيْ بِهِ ، يَكْفِيْ أَنَّهُ e ، عَلَىْ جَلَاْلَةِ قَدْرِهِ ، وَسُمُوْ مَكَاْنَتِهِ ، وَعُلُوْ مَنْزِلَتِهِ ، فَدَاْهُ بِأَبِيْهِ وَأُمِّهِ ، فَفِيْ صَحِيْحِ مُسْلِمٍ ، أَنَّ رَجُلَاً مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ ـ فِيْ غَزْوَةِ أُحُدٍ ـ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ e لِسَعْدٍ : (( ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي )) ، يَقول سعد t : فَنَزَعْتُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْلٌ ، فَأَصَبْتُ جَنْبَهُ ، فَوَقَعَ وَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ e حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى نَوَاجِذِهِ . فَفِدَاْءُ اَلْنَّبِيِ e لِسَعْدٍ بِأَبَوَيْهِ ، فِيْهِ دِلَاْلَةٌ عَلَىْ أَنَّهُ عَظِيْمَ اَلْمَنْزِلَةِ ، جَلِيْلَ اَلْقَدْرِ عِنْدَهُ e ، لِأَنَّ اَلْإِنْسَاْنَ لَاْ يَفْدِيْ إِلَّاْ مَنْ يُعَظِّمَهُ ، فَيُضَحِّيْ بِنَفْسِهِ أَوْ أَعَزِّ أَهْلِهِ لَهُ .
(( هَذَا خَالِي ، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ )) ، أَوْلُ مَنْ رَمَىْ بِسَهْمٍ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ ، وَأَحَدُ اَلْعَشَرَةِ اَلْمَشْهُوْدِ لَهُمْ بِاَلْجَنَّةِ ، وَأَحَدُ اَلْسِّتَةِ أَصْحَاْبِ اَلْشُّوْرَىْ اَلَّذِيْنَ تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اَللهِ e وَهُوَ عَنْهُمْ رَاْضٍ ، تَقُوْلُ عَاْئِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَرِقَ رَسُولُ اللَّهِ e ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَقَالَ : (( لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ )) ، قَالَتْ : وَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلَاحِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ e : (( مَنْ هَذَا ؟ )) ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، جِئْتُ أَحْرُسُكَ . وَفِي لَفْظٍ آخَرَ : وَقَعَ فِي نَفْسِي خَوْفٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ e فَجِئْتُ أَحْرُسُهُ ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ e ثُمَّ نَامَ . وفي رواية : فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ e حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ . اَلْغَطِيْطُ شِدَّةُ اَلْنَّوْمِ ، فَلَقَدْ حَظِيَ t ، بِهَذِهِ اَلْمَفْخَرَةِ اَلْعَظِيْمَةِ : حِرَاْسَةُ اَلْنَّبِيِ وَدُعَاْؤُهُ لَهُ e .
(( هَذَا خَالِي ، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ )) .
لَمْ تُشْغِلْهُ اَلْدُّنْيَاْ بِزَخَاْرِفِهَاْ ، وَلَمْ تَأْسِرْهُ بِمَلَذَّاْتِهَاْ وَشَهَوَاْتِهَاْ ، بَذَلَ نَفْسَهُ وَمَاْلَهُ وَجُهْدَهُ ، فِيْ سَبِيْلِ مَرْضَاْةِ رَبِّهِ U ، يَقُوْلُ t : مَرِضْتُ وَأَرْسَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ e ، فَأَتَانِي فَقُلْتُ : دَعْنِي أَقْسِمُ مَالِي حَيْثُ شِئْتُ ، فَأَبَى ، فَقُلْتُ : فَالنِّصْفُ ، فَأَبَى ، فَقُلْتُ : فَالثُّلُثُ ، فَسَكَتَ ، فَكَانَ يُعَدُّ الثُّلُثُ جَائِزًا ، قَالَ : وَأَتِيتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ فَقَالُوا : تَعَالَ نُطْعِمُكَ وَنسْقيكَ خَمْرًا ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ ، فَأَتَيْتُهُمْ فِي حَشٍّ - وَالْحَشُّ الْبُسْتَانُ - فَإِذَا رَأْسُ جَزُورٍ مَشْوِيٍّ عِنْدَهُمْ ، وَزِقٌّ مِنْ خَمْرٍ، قَالَ : فَأَكَلْتُ وَشَرِبْتُ مَعَهُمْ ، قَالَ : فَذَكَرْتُ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرِينَ فَقُلْتُ : الْمُهَاجِرُونَ خَيْرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ، قَالَ : فَأَخَذَ رَجُلٌ لَحْيَ الرَّأْسِ فَضَرَبَنِي بِهِ فَجَرَحَ بِأَنْفِي ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ e فَأَخْبَرْتُهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيَّ - يَعْنِي نَفْسَهُ - شَأْنَ الْخَمْرِ } إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ { .
فَهَذَاْ خَاْلُ اَلْنَّبِيِ e ، مِنْ اَلْسَّاْبِقِيْنَ لِلْإِسْلَاْمِ ، وَمِنْ اَلَّذِيْنَ أَنْزَلَ اَللهُ بِسَبَبِهِمْ قُرَّآنَاً يُتْلَىْ إِلَىْ يَوْمِ اَلْقِيَاْمَةِ ، وَمِنْ اَلَّذِيْنَ قَاْلَ U فِيْهِمْ : } مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ، لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا { مَاْتَ شَهِيْدَاً بِشَهَاْدَةِ اَلْنَّبِيِ e لَهُ بِاَلْشَّهَاْدَةِ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ e ، كَانَ عَلَى جَبَلِ حِرَاءٍ فَتَحَرَّكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ e : (( اسْكُنْ حِرَاءُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ ، أَوْ صِدِّيقٌ ، أَوْ شَهِيدٌ )) وَعَلَيْهِ النَّبِيُّ e ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَعُثْمَانُ ، وَعَلِيٌّ ، وَطَلْحَةُ ، وَالزُّبَيْرُ ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ .
تِلْكَ الْمَكَارِمُ لاَ قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ
شِيبَا بِمَاءٍ فَعَادَا بَعْدُ أَبْوَالاَ
أَسْأَلُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً وَعَمَلَاً خَاْلِصَاً وَسَلَاْمَةً دَاْئِمَةً ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ :
إِنَّ اِفْتِخَاْرَ اَلْنَّبِيِ e ، وَمُبَاْهَاْتَهُ بِرَجُلٍ مِنْ قَبِيْلَةِ أُمِّهِ ، فَيْهِ دَرْسٌ عَظِيْمٌ ، وَتَوْجِيْهٌ كَرِيْمٌ ، لِأَصْحَاْبِهِ وَلِأُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ، فَهُوَ e ، كَمَاْ قَاْلَ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ : } مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى { وَاَلْنَّبِيُ e ، اِفْتَخَرَ بِخُؤْلَةِ سَعْدٍ t ، بَيْنَ أَصْحَاْبِهِ ، وَفِيْهُمْ وَمِنْ بَيْنَهُمْ ، مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَعْدٍ وَقَبِيْلَتِهِ ، كَأَبِيْ بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَاْنَ وَعَلِي ـ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُمْ ، وَلَكِنَّهُ e ، تَبَاْهَىْ وَاِفْتَخَرَ بِخَاْلِهِ ، لِيَكُوْنَ ذَلِكَ مَنْهَجَاً وَقَاْعِدَةً وَدَرْسَاً ، لِكُلِ مَنْ تُسَوِّلُ لَهُ نَفْسُهُ ، أَوْ يُسَوِّغُ لَهُ شَيْطَاْنُهُ ، أَنْ يَتَعَاْلَىْ عَلَىْ غَيْرِهِ بِحَسَبِهِ وَنَسَبِهِ أَوْ بِخُؤْلَتِهِ ، وَخَاْصَةً أَنَّ هَذِهِ اَلْخُلَةِ مِنْ خِلَاْلِ اَلْجَاْهِلِيَةِ ، كَمَاْ فِيْ حَدِيْثِ اَلْنَّبِيِ e اَلْمَرْفُوْعِ : (( ثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْمَالِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُهُنَّ النَّاسُ : الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ ، وَالنِّيَاحَةُ ، وَقَوْلُهُمْ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا )) .
فَلْنَتَقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ وَنَحْذَرَ أَنْ يَأَتِيْ فِيْ أَنْفُسِنَاْ ، أَنَّ فُلَاْنَاً فُلَاْنٌ، مِنْ أَجْلِ حَسَبٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ قَبِيْلَةٍ أَوْ عَاْئِلَةٍ أَوْ أُسْرَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَكَمَاْ قَاْلَ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ )). فَهَكَذَاْ اَلْاِفْتِخَاْرُ وَإِلَّاْ اَلْنَّاْرُ .
أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَا : } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { ، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، فاللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وَبَارِكْ على عَبْدِك ورَسُوْلِك مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْن ، وَاَرْضَ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَأَذِلَّ اَلْشِّرْكَ وَاَلْمُشْرِكِيْنَ ، وَدَمِّرَ أَعْدَاْءَكَ أَعْدَاْءَ اَلْدِّيْنِ ، اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ جُنْدَنَاْ اَلْمُجَاْهِدِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَهُمْ ، وَاَحْفَظْ دِمَاْءَهُمْ ، وَاَرْبِطْ عَلَىْ قُلُوْبِهِمْ ، وَعَجِّلْ لَهُمْ بِاَلْنَّصْرِ وَاَلْتَّمْكِيْنِ ، يَاْرَبَّ اَلْعَاْلَمِيْنَ . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ: } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|