تمويل الإرهاب
الحمد لله الكريم الجواد ، اللطيف بالعباد ، يرزق من يشاء رزقه ليس له من نفاد.
أحمده حمدا يليق بكريم وجهه ، وبعظيم سلطانه ، يهدي من يشاء ، ويضل من يشاء : } وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ {
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم التناد .
أما بعد ، عباد الله :
اتقوا الله U ، } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ { ، } يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ { اسأله U أن يجعلني وإياكم من عباده المتقين .
أيها الأخوة المؤمنون :
روى الترمذي في سننه ، عن أبي برزة الأسلمي ، قال : قال رسول الله r : (( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه ، وعن علمه فيم فعل ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه )) فمن هذا الحديث وغيره ، من أدلة الكتاب والسنة ، يتضح لنا ـ أيها الأخوة ـ أن الإنسان يسأل يوم القيامة ، عن أشياء ، منها : عن ماله ، من أين اكتسبه ، أي من أين جمعه وتحصل عليه ، وفيما أنفقه ، أي أين صرفه ، وماذا اشترى به ، ومن أعطاه ، هل جمعه مما يرضي الله ، وأنفقه فيما يرضي الله ، أم غير ذلك !
وفي هذا دليل على خطورة المال جمعا وأنفاقا ، فيجب على المسلم أن يراعي الحلال في جمع ماله ، وأن يتحرى الوجه المشروع في إنفاقه .
أيها الأخوة المؤمنون :
ومن المجالات الخطيرة ، في باب إنفاق المال ، ويخشى من الوقوع بها : إعانة أهل الباطل ، وتموينهم لنشر باطلهم ، وعلى رأس هؤلاء ، أولائك الذين يستخدمون أموال المحسنين من المسلمين لإرهابهم ، وزعزعة أمنهم ، والجناية على أنفسهم وأموالهم ، وتخريب ممتلكاتهم الخاصة والعامة ، وقد رأيتم ـ أيها الأخوة ـ ومن لم ير فقد سمع ، ما يوجد في حوزة هؤلاء من أموال ، مئات الآلاف ، وهم أحداث كما وصفهم النبي r ، بل بعضهم من طلاب الجامعات ، التي لا تتجاوز مكافأة أحدهم مئات الريالات ، ولا شك ـ أيها الأخوة ـ أن تمويل أهل الفساد جريمة كبيرة ، وتعاون على الإثم والعدوان ، وإعانة على الإفساد في الأرض ، وهذه أمور محرمة في دين الإسلام ، لا يرضاها الله سبحانه ، يقول تبارك وتعالى : } وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ { ، وفي صحيح مسلم يقول النبي r : (( لعن الله من أوى محدثا )) واللعن ـ أيها الأخوة ـ هو الطرد والإبعاد من رحمة الله نسأل الله السلامة والعافية ، يقول ابن حجر : وفيه ـ أي في الحديث ـ أن المحدث والمؤوي للمحدث في الإثم سواء .
أيها الأخوة :
إننا في هذه البلاد ، من باب حبنا للدين ، ونفع المسلمين ، وحرص بعضنا على الصدقات ، ومساعدة المحتاجين ، ودعم الجهات الخيرية ، صرنا مطمعا لكثير من الناس ، فقد أخذت أموالنا بحجة الجهاد في أفغانستان ، حتى وصل الأمر بأن النساء يتبرعن بحليهن لمن يزعمون بأنهم مجاهدين ، فما هي النتيجة ؟
وكذلك بعضنا أخذت بعض أمواله ، بحجة نشر الدين ودعوة المسلمين ، وتفطير الصائمين ، وكفالة الأيتام ، وتحفيظ القرآن ، وحفر الآبار ، والأضاحي وكفارات الأيمان ، فصارت لشراء القنابل والأسلحة ، وتفخيخ السيارات ، ومعاذ الله ـ أيها الأخوة ـ أن نتهم جمعياتنا الخيرية ، أو مؤسساتنا الإنسانية ، ولكنها حقيقة لابد من قولها ، ليحذر المسلم ، وأن يتحرى الصادقين ، ويلتمس الأمناء ، لتصل صدقته ونفقته ، لما يرضي الله U ، ولما يعود نفعه عليه وعلى غيره .
أيها الأخوة المؤمنون :
إن من يستحل إراقة دماء المسلمين ، ويستبيح إزهاق أنفسهم ، لا يتورع أبدا ، عن الكذب عليهم وأخذ أموالهم ، واستعمالها ضدهم وضد أمنهم ، وقد سعت الدولة ـ وفقها الله ـ لقفل هذا الباب ، فوضعت الأنظمة ، وقطعت الطريق أمام هؤلاء ، فأنشأت الجمعيات الخيرية ، ونظمت جمع التبرعات ، وحذرت وأنذرت ، على ضوء حقائق ووقائع ، وحوادث وأحداث ، وأشياء ثابتة ، ووالله إنها لتستحق منا الثناء والدعاء ،
ومن واجبنا نحن ـ أيها الأخوة ـ أن نشكر الله U أولا أن وفق ولاة أمرنا إلى التصدي لهؤلاء الظلمة الكذبة المحتالين ، ثم نسأله التوفيق لولاة أمرنا الذين يعملون جاهدين على حفظ أموالنا ، والأخذ على أيدي سفهائنا ، والمجال ـ ولله الحمد ـ مفتوح أمامنا ، بل ومضمون ـ بإذن الله تعالى ـ لتصل نفقاتنا لمن يستحقها ، ولمن هو بحاجتها ، ونحمد الله سبحانه أن كشف هؤلاء ، وبين حقيقة نواياهم الباطلة .
فاتقوا الله ـ عباد الله ـ وتحروا في دفع أموالكم ، ووصول نفقاتكم عبر القنوات المصرح لها ، والمعروفة طرقها جمعا وتوزيعا ، وسدوا طرق الإرهاب ، وأفشلوا مخططاتهم ، وضيقوا الخناق على أصحاب الأفكار المنحرفة ، والمناهج الباطلة .
اسأل الله لي ولكم علما نافعا ، وعملا خالصا ، إنه سميع مجيب ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
أيها المسلمون :
رسالة أوجهها لهؤلاء الذين لا يتورعون عن الكذب على المسلمين ، والاحتيال عليهم لأخذ أموالهم ، لتكون وسيلة لتنفيذ خططهم ومخططاتهم ، التي لا ترضي الله U ، والتي تنافي تعاليم الدين وتوجيهاته ، فأوصيهم بأن يتقوا الله ، وأن يحذروا مغبة فعلهم المشين ، وعواقب عملهم السيئ ، فإن عليهم وزرهم وأوزار غيرهم ، يقول تبارك وتعالى : } وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ { فجمع أموال المسلمين ، لنسف مساكنهم ، وتخريب مدارسهم ، وتدمير مصانعهم ، ونسف جسورهم ، واختطاف طائراتهم ، وتفجير أنابيب نفطهم ، من الفساد في الأرض ، الذي نهى الله عنه : يقول تعالى : } وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا { .
وأخيرا ـ أيها الأخوة ـ على من استأمنه الناس ، ووثقوا به ، ليكون نائبا عنهم في توصيل نفقاتهم وتوزيع زكوا تهم ، عليه أن يتحرى من يضع بين يديه هذه الأموال وليتذكر سؤال الله له عنها .
اسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يفقهنا جميعا في هذا الدين ، إنه سميع مجيب .
اللهم يا حنان يا منان ، يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار ، اللهم ارزقنا طاعتك ومحبتك وكل عمل يقربنا لرضاك برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إنا نسألك جنتك ونعوذ بك من نارك ، اللهم أحينا سعداء وتوفنا شهداء واحشرنا في زمرة الأتقياء يا رب العالمين .
اللهم منّ علينا بصلاح أبنائنا ، اللهم أقر عيوننا بهدايتهم وصلاحهم واستقامتهم ، اللهم اجعلهم هداة مهتدين ، لا ضالين ولا مضلين ، اللهم وفقهم لهداك ، واجعل عملهم برضاك ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر اللهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر برحمتك يا أرحم الراحمين .اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا ، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا ، هنيئًا مرئيًا ، سحًا مجللاً ، عامًا نافعًا غير ضار، عاجلاً غير آجل ، اللهم تُسقي به البلاد ، وتغيث به العباد ، وتجعله بلاغًا للحاضر والباد ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق ، اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك ، وانشر رحمتك ، وأحي بلدك الميت . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
عباد الله : } إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فاذكروا الله العظيم يذكركم ، واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
|