بداية العام
الحمد لله رب العالمين ، الحمد له حمداً وهو أهل الثناء والحمد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا له عبد .
الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه ، وأشهد أن نبينا محمداً رسول الله ، الذي بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ونصح الأمة ، وكشف الغمة ، وجاهد في الله حق جهاده .
هو الحجة والرسول المبين وهو النور المرسل من رب العالمين
أشرف النور في العوالم لما
|
|
بشرتها بأحمد الأنباءُ
|
جاء للناس والسرائر فوضى
|
|
لم يؤلف شتاتهن لواء
|
وحمى الله مستباح وشرعه
|
|
والحق والصواب وراء
|
ولجبريل جيئة وذهاب
|
|
وصعود من الثرى وارتقاء
|
تلك آي الفرقان أرسلها
|
|
الله ضيئاً يهدى بها من يشاء
|
نسخت سنة النبيين والرسل
|
|
كما ينسخ الضياء الضياء
|
اللهم صل على هذا النبي الأمين صلاة وسلاماً دائمين ما دامت السموات والأرض وارض اللهم عن صحابته أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما .
عباد الله :
إن من أعظم ما ينبغي لك أيها المسلم هو العناية بسنة رسول الله كيف لا فهي الدين والمنهاج وكذلك العناية بسيرته صلى الله عليه وسلم بسيرة أعظم رجل عرفه التاريخ
إنها سيرة عطرة سيرة نورانية ، سماوية علوية لا شرقية ولا غربية .
اقرءوا سيرته ديانة الله عز وجل واقتدوا به فقد أمركم الله بذلك .
فقال تبارك اسمه " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا "
أيها المسلمون :
لقد كانت هجرة رسول الله حدثاً من التاريخ عظيم ، بها عز الدين وظهر ، وصارت له مجلة ودولة ، وبها أرخ المسلمون حياتهم فعليها تضرب الآجال والمدر ، وعليها المعتمد .
عباد الله :
لقد كانت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم هجرة دينية لأجل نصرة دين الله وإعلاء كلمته .
لم يكن القصد منها الرفاهية والسياحة ، وراحة البدن والتنعم .
إن كثيراً من الناس اليوم لا يعرف عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنها ذكرى تمر في كل عام وتنتهي ، وتقام بمناسبتها الأعياد والاحتفالات ، والخطب والمحاضرات .
ثم لا يعد الأمر هذا ، فهم لا يتأثرون بما مضى وليسه له أثر في سلوكهم ولا تعاملهم .
إن ذكرى الهجرة ، يجب أن تكون على بال المسلم طوال العام ليس في أيام منصوصة وأوقات محدودة .
لقد كان السلف الصالح والتابعون لهم بإحسان يدرسون سيرة نبيهم صلى الله عليه وسلم ويعظمونها غير متقيدين بوقت مخصوص . ولم يجعلوها عيداً كما يفعل في هذه الأزمان .
والعجل كل العجب أن من يفعل هذا في وقت الهجرة من مطالع الأعوام الهجرية نجده من أبعد الناس عن السنة والجماعة وإقامة دين الله وسنة رسوله ولو كان يقيم السنة .
لعلم أنه لا عيد في الإسلام إلا عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد من الأسبوع وهو يومكم هذا .
عباد الله :
إن ما يفعل بهذه المناسبة من كثير من بلاد المسلمين من الاحتفالات وتلاوة المدائح والقصائد التي فيها ما الله به عليم من المغالاة والشرك .
إنه فعل لا يقره الشرع ، وأنا أسأل كل من فعل هذا وغيره من المحدثات ، أفعل هذا النبي صلى الله عليه وسلم أأقر به ، فإن قال . لا وهو الواقع ، فقد ابتدع وأحدث .
وإن قال هو من الدين ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فقد زعم هذا أن الدين ناقص ورمى النبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة كما قال الشافعي رحمه الله .
أيها المسلمون :
إن كل من ابتدع وأحدث قلنا له لو كان خيراً لسبقونا إليه .
عباد الله :
إن كل فعل للمسلم لا بد أن يكون على نهج الله وشريعته ، صلاته ، صيامه ، وقعوده وقيامه ، وفرحه وحزنه ، وقتاله وسلمه وعقيدته وفعله ، وظاهره وباطنه .
أيها المسلمون :
من نظر للتاريخ المسلمين نظر المعتبر ، تبين له أن سبب كل فتنة وفرقة وابتداع في الدين هو البعد عن كتاب الله والبعد عن هدى خير المرسلين .
وحب الظهور والزعامات ، والعلو على الناس في المقامات ، كما يفعل المبطلين من الصوفية ، الذين يضلون الناس بغير علم ويخرجونهم من النور إلى الظلمات ألا ساء ما يزرون .
من نظر للتاريخ نظرة تأمل عرف حق المعرفة ما أعداء الله من اليهود الحاقدين والنصارى الضالين والمجوس الملحدين والوثنيين .
عرف كيف دخلوا على المسلمين بشتى الطرق ليضلونهم ويهدموا الدين .
واليوم ، وما أدراك ما اليوم ، اليوم دخلوا على المسلمين من كل مكان وأتوا إليهم من كل سبيل ، ليبتزوا أموالهم ، ويفسدوا عقولهم ، ويشككوهم في دينهم ، ويطلعوا على عوراتهم ويضربون بعضهم بالبعض .
أيها المسلمون :
إن من أعظم البلايا والفتن ، والتي ينشر فيها الفساد ما ظهر منه وما بطن وأفسدت عقول الناس وأمزجتهم بل ودينهم .
هذه الهوائيات الضالة المضللة إلا ما رحم ربي من بعض القنوات التي تطل على كثير من بيوت المسلمين كأنها رؤوس الشياطين .
التي صار فيها المنكر معروفاً والمعروف منكراً والحق باطلاً والباطل حقاً والذئب نعجة والنعجة ذيبا . إنها تدار بأيد ظالمة لا تعرف للخير طريقاً .
أيها المسلمون ، ألا هل من عودة إلى الله ورسوله وإتباع سبيله ،
عباد الله عظموا كتاب ربكم فأتم عنه تسألون وعظموا سنة نبيه فأنتم عنها محاسبون " وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس .
فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير "
اللهم فرج كروبنا واستر عيوبنا ذنوبنا يا ربنا ، عباد الله استغفروا ربكم وتوبوا إليه إنه سميع قريب .
الثانية
الحمد لله رب العالمين ، شرع الهجرة إلى يوم الدين وتوعد المهاجرين أجراً عظيماً " ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً " .
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً رسول الله قال ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها )
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه .
أما بعد : أيها المسلمون
لقد أخبرني من اتق به ، أن خطيباً من خطباء المسلمين قد خطب خطبة كاملة وأرغى فيها وأزبد على أهل التوحيد الخالص والسنة ، وطفق يتلوا على مسامع الناس أقوالاً وأدلة يقنعهم بأن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واسطة ، وأن يتوسلوا بشخصه الشريف إلى الله تعالى .
وقال لهم إن السموات والأرضين وكل الكون ما خلق إلا لتوحيد الله لا إنما خلق كل هذا لمحمد صلى الله عليه وسلم .
عباد الله :
إن من البلاء أن يتكلم مثل هذا ، أيها المسلمون إن الوسيلة هي القربة والحاجة
فالخلق يتوسلون إلى الله به وبأسمائه وصفاته ويتوسلون بصالح أعمالهم ويتوسلون بدعاء الصالحين ورأس الصالحين هو محمد صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) وقال صلى الله عليه وسلم عن النفر الثلاثة الذين أطبق الغار عليهم بأنهم قالوا " لن ينجيكم اليوم إلا التوسل إلى الله بأعمالكم الصالحة "
فالتوسل بالله وبأسمائه مشروع وهو المسنون وهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل بالعمل الصالح والبر مشروع ومسنون .
والتوسل بدعاء الصالحين مشروع ومسنون ( قال عمر رضي الله عنه اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك ( أي بدعائه كان حياً فوق الأرض ) فتسقينا واليوم نتوسل إليك بعم نبينا قم يا عباس فدع الله لنا )
فبان بهذا أن التوسل الذي ذكره عمر رضي الله عنه إنما هو توسل بالدعاء .
قال قم يا عباس فادع الله لنا .
ولو كان يقول أهل التوسل البدعي أن المقصود أنه توسل بشخصه لما طلب من العباس الدعاء .
ولذهب للقبر الشريف وقال يا رسول الله أن نتوسل بك إلى الله . بل طلب الدعاء من الحي المخالط لهم .
يا عبد الله إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وصلي على رسول الله وقل اللهم شفقة مني
( عباد الله إن ( يا ) هذه لله فكيف يعقل لمن دينه دين التوحيد ومن قال للناس ( ادعوا ربكم )
بل وفر من كل تعظيم ومن كل ما يدعوا للغلو فيه وجعله بين الله وبين الناس واسطة .
أتاه صلى الله عليه وسلم وفد من العرب فسجدوا له وقبلوا رجليه وقالوا يا سيدنا فقال صلى الله عليه وسلم ما هذا أيها الناس قولوا ببعض قولكم إنما أنا عبد الله ورسوله ) لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها .
قال المعترض المفتون : ألم تعلموا أنه ورد في الحديث " اسألوا الله بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم "
قلت أهذا الكلام في البخاري أفي مسلم هو أو في صحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علماء الحديث بل هو كذب موضوع لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم .
أفتترك أيها المفتون صحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتبع كلاماً موضوعاً وتزعم بأن رسول الله قاله
سبحانه هذا بهتان عظيم .
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وارنا الباطل وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل .
ثم قال هذا المفتون : بأن السموات والأرضين إنما خلقت لمحمد صلى الله عليه وسلم .
قلت سبحان الله : أقال هذا رب السموات والأرض أثبت أن النبي قاله والله ثم والله ما قاله رب محمد ولا محمد .
؟؟؟؟؟ يقل الله عز وجل " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدوني " ألم تعلم أن خلق البشر إنما هو لعباده الله هذا البشر الذي خلق الكون لخدمته وسخر له .
إننا أيها المسلمون لنعلم علم اليقين بأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو سيد ولد آدم أجمعين وهو صاحب اللواء وصاحب الشفاعة العظمى والحوض المورود ولكننا لا نألهه ولا نغلو فيه كما غلت النصارى في ابن مريم حتى قالوا أنه ابن الله وأنه هو الذي يحاسب الناس ويجازيهم بأعمالهم .
عباد الله :
إن هذا القول والذي تقول به غلاة الصوفية الذين أخذوا من كل دين ونحلة .
لهو قول بشع منكر تنكره الفطرة السليمة التي خلق الله الناس عليها وكذب الله ولم يقل به نبي من أنبياء الله عليهم السلام ، ويترك كل هذا .
ويتبع قول فلان وفلان من المبطلين الذين لا علم لهم بكتاب رب العالمين ولا سنة سيد المرسلين .
اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ولا تعذبنا فأنت علينا قادر وألطف بنا فيما جرت به المقادير .
اللهم رد المسلمين إلى الإسلام رداً جميلاً اللهم ردهم إلى كتابك الذي هو أحسن قيلا
اللهم فقهنا في دين سيد الأنبياء ، اللهم قنا الضلالة واجنبنا الغواية اللهم احشرنا في زمرة نبينا وتحت لواء خليلنا اللهم أوردنا حوضه ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، اللهم أصلح ما فسد في أمتنا اللهم أصلح شبابنا وبناتنا وجميع أمورنا ، اللهم إنا نعوذ بك من الذلة والقلة اللهم أصلح شأننا كله، اللهم يا حي يا قيوم احفظنا بحفظك وأكلنا برعايتك، اللهم اجعل بلدنا آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم احفظ بلاد الحرمين من كل سوء اللهم من أراد بلادنا وقادتنا وأمننا بشر فأشغله بنفسه واجعل الدائرة عليه، اللهم أصلح قادة المسلمين وحكام المسلمين واجعلهم رحمة على المسلمين، اللهم خصّ بذلك خادم الحرمين اللهم وفقه بتوفيقك وأيده بتأييدك واجعله رحمة على الناس اللهم أصلح بطانته ووزراءه اللهم اجعلهم وزراء خير إن نسي ذكروه وإن ذكر أعانوه إنك على كل شيء قدير، اللهم إنا نسألك التقى والعفاف والغنى والهدى يا سميع الدعاء.
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . |