الحث على الصدقة والْمشاركة في التبرعِّ عبر منصة ساهم لإخواننا في
غَزَّة إِنَّ الحَمدَ
للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا
وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ
فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. أمّا بعد، عبادَ الله: اتَّقُوا اللهَ تعالى،
وتَذَكَّرُوا قَوْلَ اللهِ تَعالى: ( آمِنُوا بِاللهِ
ورَسُولِهِ وِأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيه )،
يَقُولُ تَعالَى مادِحًا عبِادَه المُؤمِنين: ( والذينَ
فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ والْمَحْرُومِ ) والسَّائِلُ:
هُوَ الذي يَسْأَلُ الناسَ حاجَتَه وَيَطْلُبُها بِنَفْسِه. والْمَحْرُومُ:
هُوَ الْمُتَعَفِّفُ عَنْ سُؤَالِ الناسِ ولا يُظْهِرُ فاقَتَهُ إِلَيْهِم، قال
صلَّى اللهُ عليه وسلم: ( لَيْسَ المِسْكِينُ
بِالطَّوَّافِ الذي تَرُدُّهُ اللَّقْمَةُ واللُّقْمَتَانِ والتَّمْرَةُ
والتَّمْرَتانِ، ولَكِنَّ المِسكِينَ الذي لا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيه ولا يُفْطَنُ
لَه فيُتَصَدَّقُ عَلَيْه وَلا يَسْأَلُ الناسَ شَيْئًا )، كَمَا قالَ
تعالى: ( يَحْسَبُهُمْ الجاهِلُ أغْنِياءَ مِن
التَّعَفُّفِ )، فالْمُؤمِنُونَ الكُمَّلُ هُمْ الذين يَتَفَقَّدُونَ
الجَمِيعَ، فَيُعْطُونَ السائِلَ والمَحْرُومَ. عبادَ الله: إنَّ
مالَ العَبْدِ في الحَقِيقةِ هُو ما قَدَّمَه لِنَفْسِهِ لِيَكُونَ لَه ذُخْرًا
بَعْدَ مَوْتِه، وَلَيْسَ مالُه ما جَمَعَ، فاقْتَسَمَهُ الوَرَثَةُ بَعْدَه،
قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ( أَيُّكُمْ
مالُ وارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مالِه؟ ) قالُوا يا رسولَ اللهِ: مَا
مِنَّا أَحَدٌ إلا مَالُه أَحَبُّ إِلَيْه، قال: ( فإنَّ
مالَهُ ما قَدَّمَ، ومالُ وارِثِهِ ما أَخَّرَ ). وفي الترمذيِّ عَنْ
عائِشَةَ رضي اللهُ عَنْها أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شاةً فَتَصَدَّقُوا بِهَا إلا
كَتِفَها، فقالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: ( بَقِيَ
كُلُّها غَيْرَ كَتِفِها ). عبادَ الله: إِنَّ
الصَّدَقَةَ دَلِيلٌ على إيمانِ العَبْدِ، قال النبيُّ صلى اللهُ عليه
وسلم: ( وَالصَّدَقَةُ بُرْهانٌ )، أيْ
عَلامَةٌ على صِدْقِ الإيمان. وهِيَ
سَبَبٌ لِلشِّفَاءِ والسلامَةِ مِن الأَمْراضِ، لِمَا رُوِيَ عَن النبيِّ صلى الله
عليه وسلم أَنَّه قال: ( دَاوُوْا مَرْضاكُمْ
بِالصَّدَقَةِ ). وعِنْدَما يُحْشَرُ الناسُ حُفاةً عُراةً
غُرْلًا، وَتَدْنُو مِنْهُم الشمسُ وَيُلْجِمُهُم العَرَقُ، يَكُونُ الْمُسْلِمُ في ظِلِّ صَدَقَتِه، قالَ صلى
اللهُ عليه وسلم: ( كُلُّ امْرِئٍ في ظِلِّ
صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ الناسِ ). والصَّدَقَةُ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، قال
صلى اللهُ عليه وسلم: ( صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ
غَضَبَ الرَّبِّ ). وهِيَ
سَبَبٌ لِزِيادَةِ الرِّزْقِ ونُزُولِ البَرَكاتِ، قال الله تعالى: ( يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدقاتِ )،
وقال صلى اللهُ عليه وسلم: ( ما نَقَصَ مالٌ مِنْ
صَدَقَةٍ ). والصَّدَقَةُ
مِن أَعْظَمِ أبْوابِ البِرِّ والإيمانِ وذَوْقِ حَلاوَتِه، قال تعالى: ( لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ). والصَّدَقَةُ
الجارِيَةُ يَبْقَى ثَوابُها حَتَّى بَعْدَ المَوْتِ، قال صلى
اللهُ عليه وسلم: ( إذا ماتَ الإنسانُ انْقَطَعَ
عَمَلُهُ إلا مِنْ ثلاثِ: .. وذَكَرَ مِنْها: وَصَدَقَةٍ جارِية ). وهِيَ
سَبَبٌ لِإِطْفاءِ الخَطايَا وتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ قال صلى الله عليه وسلم: ( الصَّوْمُ جُنَّةٌ والصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا
يُطْفِئُ الماءُ النارَ ). وهِي
حِجابٌ عَن النارِ، قال صلى الله عليه وسلم: ( اتَّقُوا
النارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ). والصَّدَقَةُ
مِنْ أَفْضَلِ صَنائِعِ المَعْروفِ، قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ( صَنائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصارِعَ السُّوءِ ). فَيا لَها
مِنْ فَضائِلَ يَغْفَلُ عَنْها كَثِيرٌ مِن الناس. باركَ
اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه
مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ
لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيم. الخطبة الثانية الْحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِين، وَالعَاقِبةُ للمُتّقِين، وَلا
عُدوانَ إِلا عَلَى الظَّالِمين، وَأَشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَحدَهُ لا
شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهدُ أَنَّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَليْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلّمَ تَسلِيماً كَثِيراً. أما بعد: عبادَ الله: يَقُولُ النبيُّ صلى الله عليه
وسلم: ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ على العبادِ إلا
وَمَلَكانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُما: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا
خَلَفًا، ويَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ). والْمُرادُ بِالْمُمْسِكِ: مَنْ أَمْسَكَ عن
النَّفَقَةِ الواجِبَةِ. وكانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُنْفِقُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ
بِشَيءٍ يَسِيرٍ كَيْ يَنالَ بَرَكَةَ هذا الدعاءِ. وقالَ النبيُّ صلى اللهُ عليه
وسلم فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ( ابْنَ
آدَمَ: أَنْفِق، أُنْفِقْ عَلَيْكَ ). وهذانِ
الحديثانِ يَدُلَّانِ عَلَى فَضْلِ النَّفَقَةِ في أُمُورِ الخَيْرِ عُمُومًا وَلا
يَخْتَصَّانِ بالصَّدَقَةِ. ثُمَّ
اعْلَمُوا يا عِبادَ اللهِ، أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ
الصَّدَقاتِ والنَّفقاتِ، ما كانَ في سَبِيلِ اللهِ، وَما كانَ في الْمُواساتِ
وتَفْرِيجِ الكُرُباتِ وَنُصْرَةِ الْمُظْلُومِ. وَكُلُّ ذلكَ مُجْتَمِعٌ في
الوُقُوفِ مَعَ إخْوانِنا في فِلَسْطِينَ – في قِطاعِ غَزَةَ – وَقَدْ وَجَّهَ
وُلاةُ أمُورِنَا وَفَّقَهُمْ اللهُ، وَكَمَا هِيَ عادَتُهُمْ، وامْتِدادًا
لِمَواقِفِهِمْ التاريخِيّةِ، تُجاهَ القَضِيَّةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ، حَمْلَةً
شَعْبِيَّةً عَبْرَ مَنَصَّةِ ساهِمٍ، لِإِغاثَةِ الشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ
الشَّقِيقِ في قِطاعِ غَزَةَ. فَشارِكُوا رَحِمَكُمْ اللهُ بِما
تَسْتَطِيعُونَ واحْتَسِبُوا الأَجْرَ عَلَى اللهِ. وَأَضِيفُوا إلى ذلكَ: الدُعاءَ
بِأَنْ يَكْشِفَ اللهُ البَلاءَ عَنْهُمْ، وأَنْ يُمَكِّنَ لَهُمْ وَأَنْ
يُبَدِّلَ خَوْفَهُمْ أَمْنًا، وأَنْ يَنْصُرَهُمْ، وأَنْ يَرْحَمَ مَوْتاهُمْ،
وَيَتَقَبَّلَ شُهداءَهُمْ، وَيَشْفِيَ مَرْضاهُمْ، وَيُداوِيَ جَرْحاهُمْ،
وَيُذْهِبَ غَيْضَ قُلُوبِهِمْ، وَيَشْفِيَ صُدُورَهُمْ. اللهم
أَعِزَّ الإسْلامَ والمسلمينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِينَ، واجْمَعْ
كَلِمَةَ المُسْلِمِينَ عَلى التَّوْحِيدِ والسُّنَّةِ، وانْصُرْهُمْ عَلى
عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ يا قَوِيُّ يا عَزِيزُ. لا
إِلَهَ إِلَّا اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إله إلا اللهُ رَبُّ العَرْشِ
العَظِيمِ، لا إلَهَ الا اللهُ، رَبُّ السمواتِ ورَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ
الكَريمِ. اللهمَ
عَلَيْكَ بِاليَهُودِ وأَعْوانِهِمْ، الَّلهُمَّ طَهِّرَ الأَقَصَى وَفِلَسْطِينَ
وَسائِرَ بِلادِ المسلمينَ مِنْ دَنَسِهِم وَوُجُودِهِم. اللهم
اهْزِمهُمْ وَمَزِّقْهُمْ وفَرِّقْ كَلِمَتَهُمْ وَشَتّتْ شَمْلَهُمْ ومَكِنِ
المسلمينَ مِنْهُمْ، واجْعَلْهُمْ غَنِيمَةً للمؤمنين. اللهم
احْفَظْ بِلادَنا، واحْفَظْ دِينَها وأَمْنَها، واحْمِ حُدُودَها وانْصُرْ
جُنُودَها، وأَصْلِحْ أَهْلَها وَحُكَّامَها واجْمَعْ كَلِمَّتَهُم وَأَلِّفْ
بَيْنَ قُلُوبِهِم يا أرْحَمَ الراحِمِين. اللهُمَّ
اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، وَالمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ،
الأحْيَاءِ مِنْهُم وَالأمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) . وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ أحمد العتيق
تجدها هنا :
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=119
|